في
الثلاثاء ١٢ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
|
اخبار اشرف
انتفاضة عاشوراء وأشرف
1/9/2010
09/01/2010
الشرق الاوسط- سيد أحمد غزالي: الانتفاضة الإيرانية ضد النظام الحاكم بدأت في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي ومضت عليها ستة أشهر. خلال هذه الفترة مرت هذه الحركة الشعبية بمنعطفات هامة لكنها وعلى الرغم من القمع الذي مورس ضدها استمرت حتى اليوم. ليس هذا فقط بل دخلت منعطفا حادا يوم عاشوراء. وشهد العالم في اليوم العاشر من شهر محرم، يوم عاشوراء، أن الشعب الإيراني دخل في انتفاضته مرحلة نوعية جديدة.
ما سمات عاشوراء؟ أولا لهذا اليوم أهمية خاصة، لأنه يُعتبر أهم يوم للشيعة على مدار السنة. كما أن مصير حكم الشاه في إيران تم تحديده يوم عاشوراء من عام 1978، أي يوم اندلعت أكبر المظاهرات ضد حكم الشاه في العام الأخير منه.
فالسمة الأولى لهذا اليوم هي السمة الدينية والعقَديّة. ولكن هناك سمات أخرى أيضا:
- هذه المرة كان التصدي والهجوم المضاد من قِبل المواطنين الوجه المميز للمظاهرات: إحراق سيارات قوات الأمن ودراجاتهم، إضرام النيران في بعض المباني الخاصة بقوات القمع، والقيام بضرب القوات التي تقمع أبناء الشعب و...
- تراجع عديد من قوات الأمن في التصدي للمتظاهرين وخروجهم من الساحة منحلين.
- حجم المظاهرات في مختلف المدن الإيرانية الكبيرة مثل: أصفهان ومشهد وتبريز وشيراز وكذلك المدن الصغيرة التي تعد عشرات المدن، فضلا عن طهران العاصمة.
خلال الأيام القليلة الماضية تصفحت عشرات الصحف العالمية في أوروبا وأميركا ووجدت أن أكثر من مائة مقال نزلت في هذا المجال وجميعها تقريبا تتحدث عن أن ظاهرة انتفاضة عاشوراء تشير إلى أن إيران دخلت مرحلة جديدة وأن هذا النظام لن يستطيع الاستمرار في الحكم.
بعد هذا الواقع ماذا فعل النظام الإيراني؟ النظام الإيراني أعلن على لسان أغلب كبار مسؤوليه أن هذه المظاهرة كانت وراء تنظيمها وتسييرها منظمة «مجاهدين خلق». حتى جاءوا ببعض الناس ليقولوا إنهم كانوا في أشرف وقد تدربوا هناك من أجل إقامة المظاهرات والتصدي لقوات الأمن وإحراق السيارات، أو قالوا إن أعضاء «مجاهدين خلق» اتصلوا بهم من أوروبا وطلبوا منهم المشاركة في المظاهرات والاشتباك مع قوات الأمن.
لا أريد أن أقول إن هذا الكلام صحيح أو غير صحيح وما عندي إمكانية إثبات هذا الواقع أو نفيه. لكنني على علم بأن لهذا الموقف مدلولا. ومدلول هذا الكلام هو أن النظام الإيراني يقول إن ما يخلق له مشكلات داخل إيران يأتي من المعارضة الرئيسية لهذا النظام. كما أنه يريد بذلك التركيز على أشرف وتمرير خطة أخرى إذا استطاع.
لكن السؤال هو: ماذا يجري في أشرف؟
المهم أن قضية أشرف والهجوم عليه جاء بالضبط بعد اندلاع شعلة الانتفاضة في طهران والمدن الإيرانية. حيث إن الانتفاضة بدأت في نهاية شهر يونيو والهجوم على أشرف تم في نهاية شهر يوليو (تمموز). فإذا نظرنا نظرة عميقة إلى ما حدث في أشرف لوجدنا أن النظام الحاكم في إيران قام بالثأر من أشرف وصب جام غضبه على هذا المركز الرئيسي لاستلهام أبناء الشعب. أو بمعنى آخر لأن خامنئي فشل في إخماد الانتفاضة الشعبية في داخل إيران فأراد أن ينتقم من «مجاهدين خلق» الذين كانوا ولا يزالون محصورين في معسكر أشرف.
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يدّخر النظام الإيراني والأطراف العراقية الموالية له أي جهد لتشتيت هذه المجموعة التي لا تعمل سوى من أجل بلدها في إيران.
والمنعطف في أشرف جاء يوم الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) لأن الحكومة العراقية كانت قد أعلنت أنها ستقوم في هذا اليوم بنقل أفراد معسكر أشرف إلى مكان آخر في العراق. لكن لأن لديها أولا تجربة الهجوم السابق، وثانيا واجه معارضة دولية قوية من قِبل منظمات حقوق الإنسان وأعضاء البرلمانات ورجال القانون، فتراجعت وأعلنت أنها لن تجبر أحدا على مغادرة أشرف قسرا. فجاء بعشرات السيارات ومئات القوات ومكبرات الصوت لتنادي سكان أشرف بأن من يُرِد مغادرة هذا المعسكر فباستطاعته أن يرافقهم. إنهم وزعوا بيانات ضد «مجاهدين خلق» في شوارع ومناطق المعسكر. لكن أحدا من ثلاثة آلاف وأربعمائة من سكان أشرف لم يلبِّ النداء. فخرجوا من المعسكر فاشلين.
لكن اليوم وبعد وقائع عاشوراء والهجوم الدعائي الذي شنه النظام على «مجاهدين خلق» وعلى أشرف فلا يبشّر الأمر بالخير. بالعكس يبدو أن النظام الإيراني يتأبط شرًّا لهم.
وفي خضمّ هذا المعترك شاهدنا أن موظفا باسم سفير العراق في بلجيكا والاتحاد الأوروبي كتب مقالا في صحيفة «الشرق الأوسط». والمقال مليء بالمغالطات ضد «مجاهدين خلق»، سكان أشرف.
وبصفتي المسؤول عن اللجنة العربية والإسلامية للدفاع عن أشرف لا يسعني إلا أن أوضّح لقرّاء الصحيفة أن المقال المذكور لا يرقى إلا إلى أن يكون بيانا خطابيا لوزارة المخابرات الإيرانية ضد معارضة النظام. لأن كل ما جاء بقلم سعادة السفير كان بعيدا كل البعد عن الواقع. مثلا انه أشار إلى أن دماء العراقيين أهدرت على أيدي «مجاهدين خلق»! لكنني على علم بأن هذا الكلام غير صحيح، حيث أن عددا من الشخصيات الرسمية العراقية من أمثال هوشيار زيباري وزير الخارجية والسيد أياد جمال الدين والدكتور صالح المطلق وغيرهم وكذلك عديد من التيارات السياسية كالاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الكردية الأخرى والانتفاضة الشيعية والشخصيات والتيارات الشيعية الأخرى نفت هذا الادعاء. كما انه يقول إن «مجاهدين خلق» يتحالفون مع التنظيمات الإرهابية الطائفية في الوقت الحالي. ويقول هذا الكلام وهو يعرف بأن «مجاهدين خلق» يعانون منذ عام تحت الحصار التام ولا يستطيعون التحرك من مكانهم ولا أحد يستطيع أن يزورهم. حتى الأطباء والمحامين والصحافيين وعوائل السكان ممنوعون من دخول أشرف.
ولا أريد أن اطيل في تفنيد هذا المقال ولكن أضيف ثلاث نقاط:
اولا: يمكنني أن أؤكد أن كاتب المقال لا يمثل الشعب العراقي والمصالح العراقية العليا، لأنه إذا كان متمسكا بمصالح العراق لكان يعرف أن «مجاهدين خلق» هم أفضل أصدقاء العراق والشعب العراقي. وبعكس ما كتبه تماما فإن المأساة التي حلّت بالعراق هي أن الأميركيين أعطوا العراق على صينية من فضة للنظام الإيراني وأصبح العراق على كف عفريت هذا النظام. ويكفينا أن نسأل الكاتب: أين أنت واستيلاء الملالي على آبار النفط العراقية في منطقة فكة؟
ثانيا: نتعجب من طلب الكاتب للقراء أن يراجعوا موقعا تابعا لوزارة المخابرات الإيرانية لمعرفة «مجاهدين خلق» وسكان أشرف.
ثالثا: لا معنى لهذا المقال سوى التمهيد لمؤامرة أخرى للنظام الإيراني للهجوم مرة أخرى على سكان أشرف العزل المسالمين، وذلك إما بشكل مباشر وإما من خلال المتعاونين مع هذا النظام في العراق.
* رئيس وزراء الجزائر الأسبق.. رئيس اللجنة العربية الإسلامية للدفاع عن أشرف
|
|