قبطى عظيم فى عصر خليفة لئيم

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٥ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 أغلب فقرات التسامح في تاريخنا العربي توجد في مصر.وإذا كانت العصور الوسطي المظلمة هي في الأغلب قرون التعصب الديني، فان تاريخ مصر وقتها كان في اغلبه تسامحا، والسبب في طبيعة المصريين أنفسهم، خصوصا الأقباط المشهورين بالصبر والتحمل .

وعموما فان التعصب أصبح سياسة رسمية للدولة العباسية في عهد الخليفة المتوكل على الله ، الذي حكم فيما بين عام 232 هـ إلى مقتله عام 247 هـ . ومن غريب الاتفاق أنني عثرت على حادثة تاريخية تقابل تعصب المتوكل بأسمى درجات التسامح , بطلها قبطي مجهول , من حقه علينا أن نحتفل به وبمثاليته . وقد أورد هذه القصة أبو جعفر احمد بن يوسف في كتابه " المكافأة " . ولان المؤلف كان من كتاب احمد بن طولون المشهور بحزمه وسطوته , فان المؤلف ذكر قصص عصره دون التصريح بأسماء أبطالها , الذين كانوا يعيشون وقتها ,ومنهم القبطي المثالي بطل قصتنا , والآخر الكاتب العباسي الذي اختفى لديه .

وموجز القصة انه ببعض ريف مصر كان يعيش قبطي كثير المال كثير الكرم تصل عطاياه لأهل الفسطاط من المسلمين المستورين , وحدث أن هرب من الخليفة المتوكل فى بغداد احد كبار الدولة لأنه كان يميل إلى المنتصر ابن الخليفة المتوكل والذي كان على شقاق مع أبيه , وتخفى ذلك الرجل وجاء للفسطاط وخاف أن يتعرف عليه أهلها من العراقيين , فدخل إلى الريف وذهب إلى ذلك النصراني الكريم فاستضافه النصراني , وعمل لديه ذلك الرجل فى ضيعته ، وتوثقت بينهما الصداقة . ولم يصرح الرجل للنصراني بحقيقته , ولم يتحرّ القبطى المصرى عن حقيقة هذا الرجل الغريب الذى يعمل عنده. بل منحه حرية التصرف فأصبح الرجل متصرفا في ضياع صديقه. ثم جاء صاحب الجباية إلى القبطي يخبره بمقتل الخليفة المتوكل وتولى ابنه المنتصر , وان المنتصر أرسل إلى مصر بالبحث عن صديقه الهارب وان يبعثوه إليه بكل تكريم . وعندها اعترف الرجل لصديقه القبطي بأنه الرجل المقصود, وصمم القبطي على إكرام صديقه عند سفره , وأوصى الرجل موظفي الدولة بالفسطاط بإكرام صديقه القبطي , ثم ذهب إلى بغداد ومستقبله السياسي هناك .ثم حدث أن جاء لمصر وال شديد أوقع مظالم بأهلها ومنهم القبطي ، فسافر القبطى إلى بغداد يشكو إلى صديقه فيها , فرآه في جاهه وسلطانه , واستقبله صديقه أعظم استقبال , ورفع الظلم عنه, وظل القبطي مقيما لديه عاما في أعظم حال, وعند عودته أعلن القبطي تنازله عن كل ضياعه لصديقه المسئول الكبير في بغداد, فرفض الأخير, إلا أن القبطي حين جاء للفسطاط جدد تنازله عن ضياعه لصديقه, ولكن صديقه البغدادي رفض ذلك, وتركها لأهل القبطي بعد موت القبطي .

ولم يذكر الكاتب أبو جعفر احمد بن يوسف في كتابه " المكافأة " من أسماء أبطال تلك الرواية إلا اثنين كانا قد ماتا وهما المتوكل وابنه المنتصر. والواضح أن زمن أحداث الرواية هو قبيل وفاة المتوكل اى سنة 246هـ إلى سنة 264هـ , وفقا لما انتهى إليه بحثنا في تحقيق الأسماء الحقيقية للقصة وأبطالها . ونبدأ بالتوقف مع الخليفة المتوكل, الشخصية السلبية في القصة, بل وفى تاريخنا من عصره , وحتى الآن .

المتوكل :

ويمكن إيجاز تاريخ المتوكل في كلمتين هما المجون والتعصب.

عن المجون اشتهر بالخمر التي صاحبته حتى نهاية عمره ومقتله, أما عن النساء فقد اشتهر بغرامه المجنون بمحظيته " قبيحة " التي كانت أجمل نساء عصرها, وهى أم ابنه المعتز, وقد أوسع لنفوذها في خلافته فكانت سببا في مقتله, كما كانت سببا في قتل ابنها وفشله في خلافته أيضا, إلا أنه مع حبه - أي الخليفة المتوكل - لمحظيته قبيحة ونفوذها السياسي, لم يكن مخلصا لها، فقد ذكر المسعودى أنه كان للمتوكل ثلاثة آلاف جارية ،وأنه نام مع كل واحدة منهن.

وقد اشتهر المتوكل أيضا بالتعصب ...تعصب للغلمان الأتراك , وفى سبيلهم أقصى الفرس والعرب من الجيش . وكانت النتيجة أن لقي حتفه على أيدي الغلمان الأتراك, ثم اعتاد الأتراك قتل الخلفاء اللاحقين, المنتصر, المستعين, المعتز, المهتدى ... الخ ._ وتعصب لابنه المعتز من حبيبته قبيحة ضد ابنه الأكبر المنتصر, فأراد تقديم المعتز على المنتصر, واضطهد أصدقاء المنتصر داخل البلاط , ومنهم بطل قصتنا , الذي هرب إلى منه إلى الفسطاط متنكرا, وعمل لدى القبطي الكريم . وبالغ المتوكل في إهانة ابنه المنتصر حتى يجبره على التنازل عن ولاية العهد لأخيه المعتز فكانت النتيجة أن تآمر المنتصر مع الأتراك على قتل أبيه المتوكل . وقتله, ثم تولى بعده ، ثم مات المنتصر في العام التالي مسموما بيد الأتراك .

- وتعصب لأهل الحديث والفقهاء ( وكان يطلق عليهم الحشوية اى الذين يحشون عقولهم بأقوال منسوبة للنبي دون دليل) . وفى سبيل هذا التعصب اضطهد المعتزلة أهل العقل والنظر فأفناهم ، كما اضطهد الصوفية والشيعة , وهدم ضريح الحسين فى كربلاء ، واضطهد أهل الكتاب من المسيحيين و اليهود ، وفى عهده أصدر المتوكل أول القرارات بإلزام (أهل الذمة ) بلبس الأغلال ومنعهم من ركوب الخيل سنة 235 هـ , كما أمر بهدم ضريح الحسين في كربلاء سنة 237هـ , كما حاكم شيوخ التصرف فيما يعرف بفتنة " سمنون " , واضطر الجنيد لان يعلن ارتباطه بالكتاب والسنة ويمتنع من تدريس التصوف وعقائده.

وقد عاش في عصر المتوكل أئمة الحديث مثل ابن حنبل والبخاري ومسلم وابن راهويه والشاذكونى والمدينى والقواريرى , ويحيى بن معين, وقد أرسل المتوكل أئمة الحديث إلى الآفاق للتبشير بآرائهم المخالفة للمعتزلة والصوفية والشيعة . وكان ذلك منذ عام 234هـ , وتعاظم في نفوذهم من وقتها الى أن سيطر الحنابلة على الشارع العباسى يضطهدون من يخالفهم فى الرأى ، فأوقعوا المحنة بالامام الطبرى فى أواخر أيامه ، وتحكموا فى حياة الناس بشعار ( من رأى منكم منكرا فليغيره ) وهو الحديث الذى اخترعوه ليؤكدوا به سلطانهم و استطالتهم على الآخرين . وأدى ذلك إلى بداية التراجع في العقلية والفكر , إذ تسيد الفكر السلفي ( اى أصبح سيدا ) وانحصر الصراع بينه وبين الفكر الصوفي والشيعي وانهزمت المرجعية العقلية الناقدة للمعتزلة و اندثرت بالتدريج الحركة العلمية الفلسفية التى أنجبت الكندى وجابر بن حيان و البيرونى وابن سينا و الرازى والفارابى , وحل محلها مرجعية كهنوتية , تنسب آراءها الى النبى وتجعلها احاديث نبوية ووحيا سماويا معصوما من النقاش والنقد ، مما رسّخ الكهنوت السّنى مقابل الكنوت الشيعى ـ وأدى بعدئذ الى ترسخ الكهنوت الصوفى وزعمه بالعلم اللدنى . وبهذا أقيمت المتاريس أمام حركة العقل . تلك المتاريس التي أعيدت في عصرنا الراهن مع صحوة السلفية والتعصب الذي أرساه ذلك الخليفة المتوكل.

الحسن بن مخلد :

ولكن من ذلك الضحية الهارب الذي لم يصرح به كاتب الرواية؟ ولماذا لم يصرح باسمه ؟

من الطبيعي انه لم يصرح به لأنه كان يعيش في دولة ابن طولون التي كان المؤلف كاتبا فيها , ومن خلال البحث عرفنا شخصيته , انه الحسن ابن مخلد. فمن الحسن بن مخلد هذا؟

نتعرف على شخصيته من خلال تاريخ الطبري وسيرة ابن طولون للكاتب الطولوني عبد الله بن محمد البلوى .

 لقد ذكره الطبري لأول مرة في أحداث سنة 243هـ كأحد أتباع عبد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل وقد تولى الحسن بن مخلد ديوان الضياع , خلفا لإبراهيم بن العباس . وبعدها انقطع الطبري عن ذكر الحسن بن مخلد من سنة 248هـ , وهى السنوات التي اختفى فيها في مصر في ضيعة القبطي النبيل وفيها قتل المتوكل ثم قتل ابنه , ثم تولى المستعين وظهر الحسن بن مخلد كأحد كبار الكتاب في دولته , وانشغل في صراعات مع القواد الأتراك , خصوصا صالح ابن وصيف , وتعرض للسجن مع رفيقيه أبى نوح واحمد بن إسرائيل , وكان الثلاثة اكبر الكتاب الوزراء المسيطرين على مالية الدولة العباسية , وقد قتل الأتراك احمد بن إسرائيل وأبا نوح واستبقوا الحسن بن مخلد في السجن إلى أن أطلق سراحه وشهد مقتل خصمه صالح بن وصيف. وبالمناسبة فصالح بن وصيف هذا هو غريم الخليفة المعتز وهو الذي أوقع بأم المعتز "قبيحة" ( التي أضاعت ابنها كما أضاعت أباه المتوكل من قبل ) وكانت نهايتها أن أصبحت بعد مقتل ابنها الخليفة المعتز أسيرة لدى خصمها التركي صالح بن وصيف , فاغتصبها وأذلها , وانتقم منها .

ونعود إلى صاحبنا الحسن بن مخلد وقد تآمر على الخليفة التالي المهتدى إلى أن قتله الأتراك سنة 256هـ , ثم عمل وزيرا للخليفة التالي المعتمد على الله سنة 264هـ , ثم اختلف معه وهرب. وكان للحسن بن مخلد أفضال على احمد بن طولون , لذلك فان أخبار الحسن حين انقطعت في تاريخ الطبري نجدها تظهر في سيرة ابن طولون لابن البلوى وكلاهما الطبري وابن البلوى عاشا عصر الحسن بن مخلد , فيذكر البلوى أن الحسن بن مخلد أعان احمد بن طولون في صراعه مع ابن المدبر , وحين طورد الحسن بن مخلد للمرة الثانية في بغداد في خلافة المعتمد هرب ثانيا إلى مصر حيث استضافه ابن طولون .

والواضح أن الحسن بن مخلد ( وكان مقاربا للمنتصر بن المتوكل في السن ويعيش معه في القصر ) حين اختفى تلك السنوات , كان هو القائد الخطير الشأن الذي هرب إلى مصر واختفى في ضيعة القبطي النبيل . ثم عاد إلى سطور الطبري حين وصل إلى أوج نفوذه , ثم اسقط الطبري ذكره منذ سنة 264 هجريا , ليظهر في شخصيته الحقيقية في مصر بين سطور سيرة ابن طولون , وبسبب شهرته فقد تحاشى الكاتب الطولوني صاحب كتاب " المكافأة" أن يذكر اسمه . وان أشار في نهاية قصته إلى رفض الحسن بن مخلد - للمرة الثانية – أن يأخذ ضيعة القبطي , وأبقاها في يد ورثته بعد وفاته , اى رجع الحسن بن مخلد إلى مصر .

ابن طولون وعهده :

ونعود إلى القصة الأصلية , ونحاول أن نتعرف على الوالي الذي ظلم القبطي وجعله يسافر إلى بغداد ليستنجد بالحسن بن مخلد. وهنا نرجع إلى " خطط المقريزى " , وهو يتحدث عن ولاة مصر في تلك الفترة . فقد تولى مصر وقتها يزيد بن عبد الله بن دينار عشر سنوات ( 242-252 هجريا) , ثم تولى القائد التركي مزاحم بن خاقان ابن عرطوج لمدة عام , ثم مات وتولى ابنه احمد شهرين ومات هو الآخر, فتولى صاحب الشرطة أراجوز بن أولغ بن طرخان ,فظل خمسة اشهر وعزل سنة 254هجريا , وتولى مكانه احمد بن طولون لتبدأ مصر في عهده عصرا جديدا . ويذكر المقريزى أن القائد التركي مزاحم كان غليظا في معاملته للمصريين والعرب المقيمين فيها , سواء في الفيوم أم في الحوف الشرقي أو الجيزة أو عند الإسكندرية , وانه اضطهد ليس فقط أهل الكتاب , بل أيضا المسلمين والفقهاء في الفسطاط , وفق التشدد السلفي , وكان ذلك على يد أراجوز صاحب الشرطة . فمنع النساء من الحمامات والمقابر, وسجن النائحات في الجنازات ، ومنع الجهر بالبسملة في جامع عمرو في رجب سنة 253 هجرية , وأخذ أهل الجامع بتمام الصفوف , وعين لذلك رجلا يقوم بالسوط على المصلين في نهاية المسجد ,ومنع من إقامة الحلقات للدراسة , وأمر أهل الحلقات بالتحول إلى القبلة , وصادر المساند التي يتكئون عليها والحصر التي يجلسون عليها .. وأكثر من العقوبات عليهم . ومن الواضح أن تلك العقوبات كان مقصودا بها أحد الفقهاء المستنيرين المعارضين . فإذا كان يفعل ذلك بأهل القبلة , فكيف كان يتصرف مع غير المسلمين ؟

ومن هنا نفهم ما أشار إليه صاحب كتاب "المكافأة" من اضطهاد القبطي النبيل ولجوئه إلى صديقه الحسن بن مخلد حتى يرفع عنه الظلم .

المتوكل العنصري !

ونصل إلى شخصية أخيرة لم تظهر بين سطور الرواية , ولكنها تتراءى في الخيال الدرامي . فلو تخيلنا أن الحسن بن مخلد بعد أن خرج من بغداد خائفا يترقب ودخل الفسطاط على حين غفلة من أهلها , متنكرا في رداء صوفي خشن , يخشى أن يتعرف عليه بعض البغداديين القادمين للفسطاط .. لو تخيلنا ذلك فان المتوقع أن نراه وقد ذهب إلى جامع عمرو بالفسطاط , حيث كان فقيه الفسطاط في عصره ينتقد الأحوال ويحظى بكراهية الحكام , وهو الشيخ محمد بن الحسن اليماني . ونتوقع أن يكون الحسن , الباحث عن ملجأ يختبئ فيه ,قد سمع من الشيخ الثائر انتقادا لأوامر المتوكل بتحقير أهل الكتاب , وكان ابن الحسن اليماني زاهدا فقيرا , والمتوقع أن صدقات القبطي النبيل التي تصل للمساتير من أهل الفسطاط كانت تصل إليه , والمتوقع أيضا أن صدور قرارات المتوكل بتحقير أهل الكتاب في الزى , جعلت صاحبنا القبطي النبيل يمتنع عن المجئ للفسطاط , احتراما لنفسه , مما جعل الشيخ اليماني يبالغ في انتقاده لسياسة المتوكل التي تخالف عهد الذمة وسماحة الإسلام , وباعدت بين ذلك القبطي النبيل وأصدقائه في الفسطاط , ومن المتوقع أيضا أن يستمع الحسن بن مخلد لطرف من حديث الشيخ ,ولذلك نراه يتجه رأسا إلى القبطي النبيل في مزرعته الريف ليختبئ عنده ويعمل لديه . وهذه التوقعات لا مجال لها في البحث التاريخي , ولكن مجالها في الخيال الدرامي الذي يملأ الفجوات بين أحداث الرواية التاريخية بمنطق العصر وثقافته .

وإذن فقد تعرفنا على شخصيات الرواية سواء من ذكرهم الراوي بالاسم مثل المتوكل وابنه المنتصر أو من ذكرهم بالوصف مثل الوالي مزاحم , أو من لم يذكرهم ونتوقع وجودهم مثل الفقيه المجهول الزاهد محمد بن الحسن اليماني .

ولكن بقيت الشخصية الأساسية وهى القبطي النبيل الذي لم نعثر على اسمه . وعذرنا أن التعصب في العصور الوسطي هو الذي منع المؤرخين ومنهم مؤلف كتاب "المكافأة" من ذكر اسم ذلك القبطي الكريم , واكتفى بأن ذكر عنوان الرواية كالآتي " نصراني ومستتر " وهكذا أتاح المؤرخون للخليفة الماجن المتوكل على الله أن يتجول بين سطور التاريخ وأهملوا عظماء من الناس كان من بينهم ذلك القبطي النبيل المجهول . ولذلك اجتهدنا في هذا البحث لنقدم تحية له , ولعله يكون أحد أجدادك عزيزي القارئ المصري ...

ملاحظة

قمت بعد اعداد بحث تاريخى حول هذه القصة وتحديد أبطالها التاريخيين ، بتحويل القصة الى سيناريو أنتجه مركز ابن خلدون ضمن برنامجه( اصلاح التعليم فى مصر:أو التعليم والتسامح ). ونكرر ونؤكد أن الدراما التاريخية الموثقة من اسرع الطرق فى إصلاح المسلمين وإنقاذهم من خطر السلفية التى نشرها الخليفة المتوكل .. السكير الماجن المتعصب..

وفى النهاية نرجو من أقباط مصر أن يرتفعوا الى عظمة هذا القبطى المجهول ، كما نتمنى من سلفية مصر أن يتحرروا من ذلك الدين الشرير الكاذب الذى نشره المتوكل العباسى.

اجمالي القراءات 6088