الحنث بالقسم

آحمد صبحي منصور في الخميس ١١ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ارجو منكم اجابتي عن استفساري لضروره ، حيث انني قمت بحلف يمين على المصحف بأن لا اكلم انسان معين لمدة شهرين ....ولكنني قمت بمحادثته بطرق غير مباشره.... وبعدها احسست بتأنيب الضمير بأنني اتلاعب بيمني .... سؤالي سيدي الكريم ما كفارة الحلف على المصحف ولانني اشعر بأنني سأقوم بمحادثته مباشره...ارجو منكم سيدي ان تعطيني الفتوه ..... وهل الكفاره تكون بصيام 3 ايام او اطعام عشر مساكين .... او ان الحلفان على المصحف يختلف؟؟؟؟؟؟ شكرا جزيلا سيدي الفاضل .... وارجو من حضرتكم التكرم بالرد على استفساري بالسرعه الممكنه.... وشكرا جزيلا
آحمد صبحي منصور

اهلا وسهلا وكل عام وانتم بخير

من القرآن الكريم نفهم الآتى :

1 ـ أن القسم ينبغى أن يكون بالله جل وعلا . وقد تعود الناس القسم بالمصحف على أنه كتاب الله . وكتاب الله أو كلام الله يأخذ الحلف به نفس حكم القسم بالله جل وعلا .

2 ـ المؤمنون حق الايمان يقدسون اسم الله وكتاب الله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)(الانفال 2  ) أما المنافقون فعلى النقيض ، يقعون فى الاستهزاء بالقرآن وباسم الله جل وعلا دون مراعاة لتقديسه جل وعلا :(يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ) ( التوبة 64 : 66 ). ولذا فإن المؤمن منهى عن تعوّد الحلف بالله جل وعلا ـ او بكتابه ـ  على أى شىء ، حتى يتعود لسانه وقلبه على توقير رب العزة وتقديس إسمه وقرآنه . يقول جل وعلا : (  وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ). أى لا يكون القسم برب العزة إلا عند الأمور الجدية وذات الأهمية عندما يتخذ الانسان قرارا يعقد عليه قلبه ، أو بالتعبير القرآنى :(لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) ( البقرة  224 :225).

3 ـ المنافق أو الكافر أو المشرك يتعود على القسم بالله جل وعلا ويتعود أيضا على الحنث باسم الله جل وعلا ، وهو هنا يهلك نفسه ، يقول جل وعلا عن المنافقين فى احد مواقفهم فى عهد النبى محمد عليه السلام : (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ   ) ( التوبة 42 ).

أما المؤمن فقد يقسم يمينا عقد عليه قلبه ثم يضطر الى الحنث لسبب من الأسباب ، وعندها يشعر بالاثم والندم . والله جل وعلا يجعل له مخرجا هو دفع الكفارة : ( لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( المائدة 89 ). أى عليه أن يختار بين : إطعام عشرة مساكين من نفس ما يأكل منه أى بنفس مستواه الاقتصادى إن كان فقيرا أو غنيا ، أو كسوتهم بنفس المستوى الذى يعيش به ، أو صيام ثلاثة أيام . وطبعا انتهى عهد الرقيق (إلا فى موريتانيا ).

اللافت للنظر هنا أن تطبيق هذا التشريع هو تعامل خاص بين المؤمن وربه جل وعلا ، تتجلى فيه التقوى ، ولا تتدخل فيه سلطة الدولة . ومعظم تشريعات الاسلام ليس فيها إلزام من السلطة البشرية الزمنية (أى الدولة ) ولكن المؤمن هو الذى يلزم نفسه ابتغاء مرضاة الله جل وعلا ، رغبة ورهبة .

اجمالي القراءات 18358