المجلس العسكرى والبلطجة السياسية

حمدى البصير في الأربعاء ٠٨ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

هجوم غير مبرر يقوم به بعض المثقفين والإعلاميين وقلة من ناشطى حقوق الإنسان والمدونين ، على الجيش المصرى ، أو على المجلس العسكرى الحاكم ، بسبب الزعم بوجود إنتهاكات ضد المدنين ، مثل إحالة البعض منهم إلى القضاء العسكرى بدلا من المحاكم المدنية ، وقيام الشرطة العسكرية بإعمال قمعية ضد بعض الناشطين معتادى التظاهر ، بالإضافة الى إنتهاكات لحقوق الأنسان ، يقوم بها أفراد من الجيش ضد بعض المعارضين لقرارات وأسلوب عمل المجلس العسكرى .

وبالطبع أنا ضد أى انتهاكات لحقوق الأنسان يقوم بها أى فرد مهما كانت سلطاته ، أو أى جهة رسمية حتى لوكانت مخولة بذلك قانونا ، ولها شرعية ثورية أو دستورية تجيز لها إستخدام القوة أو الإكراه المادى أو المعنوى ، للحفاظ على امن هذا الوطن ومصالحه العليا ، لإن حجة النظام البائد ، الذى إرتكب فظائع ضد حقوق الإنسان - بموجب قانون الطوارىء أحيانا ، والسلطات المخولة لرئيس الجمهورية أحيانا أخرى - كانت الحفاظ على أمن الوطن وإستقراره ، وتحجيم وإقصاء وتعذيب وإعدام أعداء الوطن ، وهم فى الحقيقة كانوا يحافظون على النظام ، ورئيس الدولة ، ومنظومة الفساد التى كانت أهم سمات حكم مبارك المخلوع .

فماذا يفعل المجلس العسكرى مع متظاهرين مجهولين فى ميدان التحرير قاموا بتمزيق ملابس مراسلة لإحدى القنوات والتحرش بها والعبث بجسدها ، بحجة أنها إسرائيلة رغم إستغاثتها باللغة العربية ، وعندما يقوم ضابط شرطة بإنقاذها والدفاع عنها يقومون بالإعتداء عليه وإصابته ووضع التراب فى فمه ؟

لو تعامل الجيش بتراخى ، نتهمه بالتقصير ، وأذا استخدم الحزم مع الخارجين على القانون والبلطجية ، نتهمه ب

غنتهاك حقوق الانسان ونترحم على ايام مبارك والعادلى .!

وبالطبع ليس من المقبول إطلاقا، بعد ثورة يناير المباركة ، أن تمارس أى سلطة مهما كانت ، أى إنتهاكات لحقوق الأنسان ، أو أى ممارسات قمعية ضد مواطنين مصريين ، حتى ولو كنا نحكم بواسطة مجلس عسكرى حازم ورادع بطبيعته ، مادام هنا قوانين تنظم أنشطتنا اليومية، وهناك إعلان دستورى نحتكم إليه فى كل مناحى الحياة ببلدنا.

وقد أدى الموقف الرائع للجيش المصرى أثناء الثورة وعدم تصويب سلاحه لصدور المتظاهرين ، إلى نجاحها ،بل وحمايتها بعد تنحى مبارك ، لأن القوات المسلحة إنحازت من البداية إلى الشعب وأيدت مطالبه ، وكانت فى خدمته لافى خدمة النظام السابق ، وقد قوبل الجيش بترحاب وورود من الثوار ، ورد المجلس العسكرى التحية بأحسن منها ، وكان صبورا إلى أقصى درجة مع المتحمسين والمتشددين ،واصحاب المطالب الفئوية ، مراعيا فى ذلك مكوث الشعب على مدى عقود طويلة ، خاصة فى ظل عهد الرئيس المخلوع ، مكبوتا ومهمشا ، وكان هامش الحرية الضئيل الذى منحه مبارك بطريقة القطرة قطرة ، لايكفى لتذوق طعم الديمقراطية .

ولكن بعد الثورة إستمر الإنفلات الأمنى ، وإستفحل الأنفلات السياسى ، وأصبحت المظاهرات المليونية والوقفات الإحتجاجية تجرى لأتفه الأسباب ، بل طل شبح الفتنة الطائفيه القبيح من جحره ، كى يحرق الأخضر واليابس ، ويهدد أمن الوطن الجريح المثخن بالجراح ، بل ويهدد أبنائه الذين يعانون إقتصاديا ، ولاسيما فى ظل تعثر بعض القطاعات الإقتصادية .

وكان على المجلس العسكرى التدخل بقوة ، كى يتحمل مسؤلياته ، ويحمى الوطن الذى أصبح أمانة فى عنقه ، وكان تدخله وفقا للقانون ، وممارساته العنيفة أحيانا تحكمها شرفه العسكرى وكونه درع هذه الامة والمحافظ على كيانها ، والمخول له قانونا تسليم مقاديرها إلى رئيس منتخب ، وسلطة تشريعية ستتشكل بإرادة الناخبين . وفى ظل عدم تواجد الشرطة بكامل طاقتها فى الشارع لحفظ الأمن ، كان على المجلس العسكرى التدخل بقوة ، لفرض سلطة القانون وتحقيق الامن والأمان ، ومحاربة البلطجية ، وتحويلهم إلى محاكمات عسكرية ، من أجل ردعهم ، لتحقيق عنصر العدالة الناجزة ، وفرض عقوبات سريعة على الخارجين على القانون، وهذا أقل مايفعله الجيش مع البلطجية الذين يروعون المواطنين ، ويحاولون كسر هيبة الدولة وتهديد أمنها وكيانها الإجتماعى.

وماذا كان للجيش أن يفعل مع البلطجة السياسية وتهديد أمن الدولة ، تحت مسمى النضال الزائف ، والإسراع فى تحقيق المطالب ، وتنظيم المظاهرات التى أصبحت تقام فى بعض الأوقات لصالح عناصر الثورة المضادة ، وتضم بين صفوفها أحبانا مرتزقة ومدعو النضال وراكبو موجة الثورة وبقايا وفلول الحزب الوطنى المنحل التى عفا على أفكارهم الزمن ، ويبحثون الأن عن دور ، حتى ولو كان على أنقاض هذا الوطن .

حمدى البصير

elbasser@hotmail.com

اجمالي القراءات 10550