الناس كلها تريد ممارسة الحرية و الديمقراطية و هذا بلا شك حق أصيل للكل، ولكن الغائب عن الوعى العام، إن ممارسة الحرية و الديمقراطية هى ثقافة لها قواعد و آليات و مناخ، أما المناخ فقد أتيح و فرض بالثورة، ولكن ثقافة و قواعد و آليات الممارسة مفقودة و لم يتم إرساؤها و تفعيلها بعد فى الدولة لضبط ممارسات الحرية و الديمقراطية بين المخدوم و الخادم، المخدوم و يمثله الشعب (و هو صاحب إرادات متعددة) و بين الخادم و يمثله الحاكم (و هو صاحب سلطة تنفيذية)
و فى غياب الثقافة و القواعد و الآليات التى تضبط حقوق و واجبات كل طرف فى طرفه، و كذلك بين أى من طرفى المعادلة تجاه الآخر عند الممارسة للحرية و الديمقراطية على أرض الواقع الحالى و تجعلها غير متوازنة
و هذا فى حد ذاته يسبب حاليا تخبط فى دور الخادم (منفذ إرادة المخدوم و صاحب السلطة عليه) وكذلك فى دور المخدوم (صاحب الإرادة و تمارس عليه السلطة) و هذا يخلق حالة من التناقض و التخبط و التردد العام التى تسبب الفوضى حاليا على أرض الواقع
و المأزق الحالى لمصر خادم و مخدوم، هو نتيجة مفاجئة الثورة لطرفين غير مؤهلين بثقافة ممارسة الحرية و الديمقراطية أو مسلحين بقواعد و آليات، و بالتالى لم يستطيع أو يقدر أى منهما ممارسة واجباته و حقوقه فى داخله أولا و تجاه الطرف الآخر ثانيا
و المستقبل القريب لمصر بدون ثقافة ممارسة الحرية و الديمقراطية، سوف يُرسم و يُسير بالقواعد و الآليات التى سوف يفرزها الصراع الحالى متعدد الرؤوس و المصالح بين كل الأطراف، و هنا تكون القوة بأى شكل من أشكالها (الأعلى صوتا، الأكثر تنظيما، الأقوى سلاحا) هى التى تسود و ليس فطنة الوعى وتصريف العقل