الفأر الذي هز العالم !
آخر الإنجازات الجينية
الفأر الذي هز العالم !
: إنه فأر يمكنه أن يجري لمسافة 20 متر في الدقيقة دون أن يتعب و يعيش حياة أطول من حياة الفئران العادية ويستمتع بالجنس أكثر ويأكل كثيرا دون أن يصاب بالسمنة. هل يستطيع العلم الذي استولد هذا الفأر أن يحقق ذلك في البشر؟ لقد اندهش العلماء من ذلك النوع المهجن من الفئران القوية والتي لها صفات جسدية غير عادية مقارنة بأداء أفضل الرياضيين وقد أحيا ذلك الأمل في إحداث مثل تلك التغييرات في قدرات بني البشر يوما ما.
إن هذا الفأر يمكنه أن يجري حتى مسافة ستة كيلومترات (3.7 ميل) بسرعة 20 متر في الدقيقة لمدة خمس ساعات أو أكثر دون توقف. ويقول العلماء أن تلك السرعة تشبه سرعة شخص يقود دراجته صاعدا أحد جبال الألب دون توقف. وعلى الرغم من أنه يأكل أكثر من الفأر العادي بنسبة 60 في المائة إلا أنه لا يصاب بأية زيادة في وزنه. كما أنه يعيش حياة أطول ويستمتع بممارسة الجنس بكفاءة حتى عندما يتقدم في العمر حيث يكون قادرا على ممارسة الجنس بطاقة تفوق قدرته على ذلك في أوج عمره ثلاث مرات.
إن العلماء الأمريكيين الذين استولدوا ذلك النوع من الفئران لديهم الآن مستعمرة من تلك الفئران تحتوي على 500 فأر من ذلك النوع ويقول أولئك العلماء بأن تلك الفئران تدهشهم بقدراتها وبخاصة أن تلك الفئران كانت نتيجة تعديل جين ورائي لديها خاص بعملية التمثيل الغذائي والذي يوجد نظير له عند البشر.
ويؤكد العلماء أن هدف البحث لم يكن الوصول إلى طريقة لتقوية الجينات الوراثية لدى البشر. ومع ذلك فهم يقبلون حقيقة أنه ربما من الممكن أن يستخدموا النتائج التي توصلوا إليها لتطوير عقاقير أو أدوية يمكن أن تستخدم يوما ما لتقوية القدرات الطبيعية لدى الرياضيين.
ويقول "ريتشارد هانسون" أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة "ويسترن ريزرف" في كليفيلاند في ولاية أوهايو بأن الأداء الجسمي لهذا الفأر المهجن يمكن أن يقارن فقط بقدرات الرياضيين المتفوقين مثل قائد الدراجات اللاعب"أرمسترونج" الذي فاز بسباق فرنسا للدراجات سبع مرات متتالية من عام 1999 إلى عام 2005 .
إن عملية التغيير الجيني التي حدثت للجين المسؤول عن تمثيل وهضم مادة الجلوكوز يبدو أنها قد حفزت عملية حرق الدهون في الجسم بكفاءة عالية من أجل إنتاج الطاقة. وفي نفس الوقت فإن الفأر لا يعاني من زيادة في كمية حمض اللبنيك والذي يسبب تشنج في العضلات وهي تلك الخاصية التي توجد لدى الرياضيين القادرين على التحمل الشديد.
وقد قال البروفيسور "هانسون"... " لقد كانت تلك الفئران متشابهة من ناحية وظيفة التمثيل الغذائي مع سائق الدراجات اللاعب "أرمسترونج" كما أن تلك الفئران تستغل بكفاءة الأحماض الدهنية للحصول على الطاقة وإنتاج القليل من حمض اللبنيك. وحتى عندما يمنع عنها الأكل والشراب يمكنها أن تجري لمدة أربع أو خمس ساعات. إنها تفوق الفئران العادية عشر مرات في نشاطها وحركتها داخل أقفاصها. إضافة إلى أنها تعيش حياة أطول من الفئران العادية والتي تصل إلى ثلاث سنوات وتستمر قدرتها على التناسل لمدة الثلاث سنوات تقريبا. وباختصار فإنها حيوانات جديرة بالملاحظة، وعندما تم تقليل وجبات طعامها إلى مرتين نقص وزنها إلى النصف وأصبحت عدوانية جدا. ونحن لا نعرف بشكل مؤكد السبب الكامن وراء ذلك"
أما البروفيسور "هانسون" الذي قاد فريق قوي من الباحثين يضم 15 باحثا فقد قال بأن أول فأر مهجن تم توليده كان منذ أربع سنوات مضت بواسطة حقنه بجين عالي التركيز يحتوي على إنزيم يسمي phosphonenolpyruvat carboxykinase (PEPCK-C) وذلك عندما كان الفأر في مرحلة الجنين. ولقد نشرت نتائج الدراسات التي أجريت على الفأر لأول مرة اليوم في صحيفة الكيمياء الحيوية.
ويقول البروفيسور "هانسون" :" إن ذلك الجين يوجد لدينا نحن البشر. ولكن ذلك الشيء لا يمكن أن تفعله مع البشر. لأنه شيء خاطئ بالمرة أن تفعل ذلك. فنحن لا نعتقد أن ذلك النموذج من الفئران هو نموذج مناسب لاستخدام العلاج الجيني مع البشر. وليس ممكنا في الوقت الحالي أن نقوم بوضع جينات وراثية في العضلات الهيكلية للبشر ولن يكون ذلك العمل أخلاقيا على الإطلاق."
ومع ذلك فقد يكون ممكنا لشركات الأدوية أن تستخدم تلك النتائج لتطوير أدوية جديدة تقوي الأداء العضلي لدى مرضى معينين. وقد وافق البروفيسور "هانسون" على أنه قد يحاول الرياضيون استغلال العقاقير التي تنتج بنفس الطريقة استغلالا سيئا.
كما أضاف... " من الممكن جدا أن يحدث ذلك. ولكن الاتجاه إلى وضع ذلك الجين في البشر يعد عملا مختلفا تماما. فلا يمكنني أن أفعل ذلك إلا في حالة مساعدة شخص يعاني من اضطرابات مثل تليف مرضي. لقد كان الهدف من البحث هو الحصول على فهم كامل لإنزيم PEPCK-C والذي يوجد بصفة أساسية في الكبد والكليتين. ونتيجة هذا التعديل في الجينات الوراثية, زاد تركيز ذلك الإنزيم في عضلات الفأر بما يساوي 100 مرة من تركيز نفس الإنزيم في الفئران العادية.
كما قال البروفيسور "هانسون"... " الغرض من تجربتنا كان دراسة طاقة التمثيل الغذائي لدى الفئران و الدور الذي يمكن أن يلعبه ذلك الإنزيم الحيوي في عملية التمثيل الغذائي في الأنسجة التي لا يوجد فيها ذلك الإنزيم بمستويات عالية."
ولقد كانت التغيرات الجسدية والسلوكية عند الفأر المعدل غير متوقعة تماما. وقد اعتاد العلماء على القيام بعملية قياس لضغط الدم لكي يروا إذا كان هناك أية آثار جانبية لعملية تغيير الجينات ولكنهم وجدوا أن تلك الفئران مختلفة في تلك القياسات بشكل ملحوظ في بداية أعمارها.
وقال البروفيسور "هانسون" ... " يمكننا وضعهم تحت الملاحظة لمدة أسابيع قليلة فقط بعد ولادتهم. فهم يتحركون بسرعة غريبة داخل أقفاصهم كما لو كانوا يقفون على نيران تلسعهم. فلقد وجدنا أن نشاطهم يزداد عن نشاط الفئران العادية بمعدل عشر مرات."
وهناك دراسات أخرى على الفئران يمكنها أن تلقي الضوء على العلاقة بين الوجبات الغذائية التي تحتوي على سعرات حرارية عالية ومرض السرطان والعلاقة بين الوجبات الغذائية التي تحتوي على سعرات حرارية منخفضة وطول العمر. كما قال البروفيسور... " إن تلك الفئران المعدلة تعيش عمرا أطول من الفئران العادية – وهذا يعد نموذجا يجب دراسته."
تجارب خطيرة: المحاولات السابقة لعملية التعديل الجيني
إن عملية التعديل الجيني هي تكنولوجيا قديمة يرجع عمرها إلى 30 عاما مضت حيث كانت تستخدم بشكل مكثف على العديد من الحيوانات في البحوث العلمية ومن أجل المنتجات الزراعية والصناعات الدوائية. وهي تقوم على تزويد الكائن بكمية إضافية من جين معين أو تعديل تركيب الجين الموجود في الحامض النووي DNA للحيوان. ومن الأمثلة المشهورة لعملية التعديل الجيني GM على الحيوانات ما يلي:
- تجربة خنزير Beltsville: وهي تجربة أولى تضمنت إدخال جين هرمون النمو البشري إلى أجسام الخنازير من أجل التعجيل بعملية نموها. وقد كانت النتيجة أن تلك الخنازير عانت من مضاعفات في العظام والمفاصل ولم تستطع السير بشكل صحيح دون الشعور بالألم.
- تجربة فأر الأونكو: قام بتلك التجربة علماء في هارفارد. وكان هدف التجربة خلق خلايا سرطانية كنموذج لهذا المرض في أجسام الفئران. وقد كانت واحدة من أولى التطبيقات على الحيوانات.
- تجربة الفأر الطليق: ربما تكون واحدة من أكثر استخدامات طريقة التعديل الجيني على الحيوانات. حيث كان يتم تعديل جين أو تحطيمه لدى الفأر ثم يقوم العلماء بدراسة النتائج. وقد ساعدت تلك التجربة على حدوث تطور في فهم الجينات الوراثية لدى الحيوانات الثديية.
- تجربة الحرير العنكبوتي لدى الماعز:حيث كان يتم إدخال جين البروتين العنكبوتي إلى أجسام الماعز من أجل استخلاص مادة الحرير من ألبانها. وقد تم التوصل إلى نوع من الحرير أقوى من الصلب يمكن استخدامه في الصناعة.
- تجربة خنازير السبانخ:لقد استطاع العلماء اليابانيون أن يقوموا بتهجين نوع من الخنازير من خلال إضافة جين معين مستخلص من نبات السبانخ إلى أجسام الخنازير. ويقولون بأن هذا الجين يقلل الدهون ويجعل الخنازير في صحة جيدة ويزيد شهيتها للطعام.
- تجربة المواشي البشرية:لقد حاولت الكثير من التجارب أن تدخل جينات بشرية إلى أجسام المواشي حيث يمكن بعد ذلك استخلاص البروتينات الدوائية من ألبانها.
- تجربة الخنزير الأخضر:يحاول العلماء إدخال جين بكتيري إلى أجسام الخنازير يمكنه أن يجعل روثها أقل سمية ويقلل من عملية التلوث الزراعي الذي يحدثه روث الخنازير.