عن التبني
زواج النبي وابطال التبنّي ــ نظرة في آية التبني

وداد وطني في الإثنين ٠٩ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نظرة في آية التبنّي

زواج النّبي وابطال التبنّي

 

بعد اطلاعي على مقال "والتبني حرام قطعيا" للدكتور احمد صبحي منصور، تذكّرتُ حواراً دار بيني وبين الدكتور قبل مدة، حول مسئلة التبني. حيث وجّهتُ اليه سؤاليْن عن طريق بريدي الالكتروني، وطلبتُ منه الإجابة على ذيْنِك السؤاليْن. وكانا يخصّان آية القردة والخنازير وآية التبنّي في القرءان الكريم, وكيف انّ التفاسير الموروثة فيها الكثير من الخلط المسيء لكتاب الله تعالى..

أحببت أن أنشر في صفحتي ما جرى من الحوار والتعقيب على موضوع "التبني" لتعم الفائدة..

ــــــــــــــــ

ولمشاغل الدكتور, كان جوابه على عجل:

(أخى العزيز،

عذراً فاننى مسافر خارج أمريكا وبعيد عن الانترنت معظم الوقت.

وحين تستقر الأمور سأجيب عن أسئلتك، فأرجو ألا تقلق.

خالص مودتى

أحمد)

ــــــــــــــ

وبعد أيام جاء ردّه، حول نظام "التبني" قائلاً:

(تلك الروايات كاذبة.

واللوم فى الآيات الكريمة للنبى محمد هائل لأنه خاف من أن يتهمه المنافقون بالميل لزوجة زيد. وهو مثل ما اتهمه أهل السنة  فيما بعد. وهنا دليل على عداوتهم للنبى من خلال تلك الروايات المصنوعة.(باختصار شديد..

ــــــــــــــــــــ

وأعْقبتُ كلام الدكتور بهذا التعليق:

(((بخصوص زواج النبي بالسيدة زينب وابطال "التبني" فكما قلتم: الروايات كاذبة وفيها من تناقضات لا تنتهي, وتنسف أصل القضية من أساسها, وتظهر يد الوضع في هذه القصص وتلكم الرويات المختلقة..

وعندما تقول: "واللوم فى الآيات الكريمة للنبي محمد هائل لأنه خاف من أن يتهمه المنافقون بالميل لزوجة زيد". فاذا كان الله تعالى هو القائل: (زوجناكها!), هذا يعني: أنه أمر لا خيار له فيه. ثم صرحت الآيات: بأن ذلك أمر الهي جازم حيث قال تعالى: ((وكان أمر الله مفعولا)), ثم قال: ((ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له)). فقد دلت الآيات: على أنّ النبي لم يزد على أن امتثل أمر الله سبحانه..

وهذا يعني انّ الأمر مفروضٌ على رسول الله..

فاتضح: أن هذه الآيات المباركات ليس فقط لا تتضمن ذماً ولا ــ لوما هائلاً كما تفضلتم ــ لرسول الله, وانما هي تعلن بمدحه, وسمو مقامه, وهي تبرّئه مما قد ينسبه اليه الذين في قلوبهم مرض..

نعم, لقد زعم المنافقون: أن النبيّ قد أعجب بزينب وأحبها, بعد أن رآها.

فـ (من الذي أخبر الناس بأنه عليه السلام قد أعجب بزينب, أو وقع في هواها, أو هويها, أو عشقها, أو نحو ذلك من تعابير؟ فان هذا أمر قلبي لا يمكن لأحد الاطلاع عليه, الاّ أن يطلعه النبي "عليه السلام" نفسه على ذلك.. والله سبحانه وتعالى, وإن كان قد صرح بأنه قد أخفى أمرا اعتلج في نفسه, ولكنه لم يصرح بحقيقة هذا الامر, بل جاءت الروايات والقرائن من الآيات لتدلنا على أن الذي أخفاه عليه السلام هو القضاء الالهي بأن تكون زينب من أزواجه عليه السلام.

فهل اطلع هؤلاء الرواة – دون كل أحد – على غيب الله سبحانه؟ فانّ النبي عليه السلام قد أسرّ اليهم بهذا الامر فلماذا؟ وكيف؟ ومتى أسرّ اليهم بهذا الامر الذي أخفاه عن سواهم. وهذا مما يبطل الروايات لأنها جميعها مرسلة ناهيك انها قائمة على الظنون الفارغة والرجم بالغيب!) ما بين الهلالين كلام مقتبس ومنقول لأحد علماء الشيعة..

ثم ما الذي يخفيه النبي "عليه السلام" في نفسه؟!

لقد زعمت تلك الروايات: ان الذي كان يخفيه النبي في نفسه هو حب زينب, واعجابه بها. وهذا الكلام لا يمكن أن يصح, وأن ما كان يخفيه النبي في نفسه لم يكن هو حب زينب والاعجاب بها, بل هو ما أخبره الله تعالى به من أنها ستكون زوجة له في يوم ما..

اذاً فالله تعالى أعلم رسوله عليه السلام أنه يبدي ما أخفاه, ولم يظهر غير التزويج, فقال: (زوجناكها). فلو كان الذي أضمره محبتها, أو إرادة طلاقها لأظهر الله تعالى ذلك, مع وعده بأن يبديه. ثم بيّنت الآية سبب هذا الاخفاء, وهو: ((لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم)) فقد كان الناس يعتبرون الإبن بالتبني بمثابة الابن الصلبي في الاحكام. فكان عليه السلام يخشى من أن ينخدع ضعفاء النفوس بأقاويل المنافقين, ومن لفّ لفهم, وأن لا يبقى لكلامه ذلك الأثر المطلوب في هدايتهم, مع ملاحظة: أنه لم يكن هناك أمر الهي له بإظهار ما كان يخفيه, من أن الله تعالى قد أعلمه بأنها ستصير زوجته, فكان أن تولى الله سبحانه إظهار ذلك, لأنّ الاظهار منه تعالى أعظم أثرا في ابطال كيد المنافقين..

ـ الأمر مفروض على رسول الله:

فاذا كان الله تعالى هو الذي زوجه زينب: (زوجناكها), فهذا يعني: أنه أمر لا خيار له فيه. ثم صرحت اللآيات: بأن ذلك أمر الهي جازم حيث قال تعالى: ((وكان أمر الله مفعولا)), ثم قال: ((ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له)). فقد دلت الآيات: على أنّ النبي لم يزد على أن امتثل أمر الله سبحانه..

فاتضح: أن هذه الآيات المباركات ليس فقط لا تتضمن ذماً ولا لوما لرسول الله, وانما هي تعلن بمدحه, وسمو مقامه, وهي تبرّئه مما قد ينسبه اليه الذين في قلوبهم مرض.

ويزيد الأمر تعقيدا, حين يقول له هذا الطامع بتلك الزوجة!, والمعجب بها, والمحب لها: (أمسك عليك زوجك!!)

ثم ان العشق لزوجة الغير أمر قبيح ذاتا فكيف بالانبياء عليهم السلام؟؟ انّ عشق الانبياء لمن ليس يحل لهم من النساء منفر عنهم, وحاطٌ من رتبتهم ومنزلتهم. وهذا مما لا شبهة فيه. اذن كيف يذهب على عاقل: ان عشق الرجل زوجة غيره منفر عنه, معدود في جملة معائبه, ومثالبه؟!

قال القاضي عياض وغيره عن زعمهم: ان النبي عليه السلام أحب زينب, وهي في حبالة زيد: ولو كان ذلك لكان فيه أعظم الجرح, وما لا يليق به, من مدّ عينيه الى ما نهي عنه من زهرة الحياة الدنيا.

وقال القاضي ايضا: كيف يقال: يراها فأعجبته, وهي ابنة عمته, ولم يزل يراها منذ ولدت. ولا كان النساء يحتجبن منه عليه السلام وهو الذي زوجها لزيد؟ فكيف يخفى عليه جمال زينب كل هذه المدة الطويلة, وهي بمرأى منه ومسمع؟!

وبعد/ فقد كان النبي عليه السلام في تلك الفترة يقترب في عمره من الستين, وهو سن الشيخوخة. وقد كان شبابه قد ولى, والناس في هذه السن ينصرفون عادة عن التفكير بالنساء, وينأون بأنفسهم عن الحب وعن قضايا الجنس, خصوصا بالنسبة للمحصنات من النساء.

واذا اضفنا الى ذلك: أنه اذا كان عليه السلام ــ كما يزعمون ــ يرى جميع النساء, ويطلع على ما هن عليه من الجمال, فقد كان لدى كثيرين من صحابته بنات, وكذلك زوجات, يتجاوز عددهن المئات والألوف, وكان فيهن الكثيرات ممن لهن حظ وافر من الجمال.. وكان يراهن بحسب زعمهم. فلماذا لا يعشق غير زينب, ولا يفكر بغيرها من الفتيات الابكار, اللواتي كأنهن الأقمار, أو كالشموس في رابعة النهار؟!)))

ــــــــــــــــ

وقد أدلى الاستاذ الفاضل سامر اسلامبولي، بدلوه عن هذا الموضوع وتحريم التبني قائلاً: (كلمة "وطرا" تدل على الحرج والمعاناة، فلما قضى زيد منها شدة ومعاناة وحرج وضيق ولم يعد يتحمل أذاها وعانى الأمرين منها طلقها.

وهذا الأمر أوحى به الله لنبيه بأن زيداً مآله أن يطلق زينب ، وإذا حصل ذلك فسوف تتزوجها أنت لتبطل مفهوم تحريم الزواج من الأدعياء والأولاد بالتبني لأن التحريم متعلق بالنسب فقط. فكان النبي يخفي ذلك في نفسه ويحاول ما استطاع أن يؤخر طلاق زينب من خلال حض زيد على إمساكها وعسى أن يصلح حالها، وذلك تجنباً من الصدام مع الرأي السائد حينئذ.

هذا جواب على عجالة والله الموفق)

انتهى كلام الدكتور سامر.

 

ومن هنا اقترح على كُتّاب الموقع وقرّائه بحث الموضوع, والتعليق عليه، من عدة زوايا طالبا النقاش لتعمّ الفائدة..

مع الشكر الجزيل لعصف الدكتور الفكري المستنير وأبحاثه الفذّة التي تنير درب الطلاب والأجيال القادمة..

ولمزيد من الاستفادة انظروا قسم الفتاوى للدكتور صبحي منصور تجدون الاجابة على ذيْنِك السؤالين اللذيْن كانا يدلان على عمق تفكير وإرادة طاهرة في البحث عن الحقيقة من خلال العنوانين ــ  

قردة خاسئين  ــ  روايات كاذبة ..

اخوكم/ وداد وطني

اجمالي القراءات 26587