منتظري.. "القروي الساذج" الذي أنهك النظام الإيراني
في
الثلاثاء ٢٢ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
شارك في صنع الثورة وانقلب على حكومتها
منتظري.. "القروي الساذج" الذي أنهك النظام الإيراني
حسين علي منتظري
طهران، القاهرة - وكالات
وفاة حسين علي منتظري.. هكذا أعلن رسميا في إيران عن نبأ رحيله مجردا من لقب "آية الله العظمى" الذي كان في وقت ما أقوى المرشحين لخلافة مؤسس الجمهورية الإسلامية (الخميني) عام 1979، ثم أصبح من أشد المنتقدين للنظام منذ عزله في 1989، حتى عده البعض مؤخرا مصدر إلهام لدعاة حقوق الإنسان والجماعات المنادية بالإصلاح. (شاهد تشييع جنازة منتظري بالفيديو)
منتظري – الذي توفي في 19 ديسمبر/ كانون الأول عن عمر يناهز 87 عاما جراء المرض والخرف كما ذكر التليفزيون المحلي - كان أعرب صراحة عن دعمه للمعارضة الإيرانية التي تضم العديد من الطلاب في رفضها لإعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للبلاد مرة ثانية في يونيو/ حزيران 2009، منتقدا سياسته الداخلية والخارجية بما في ذلك موقفه من الأزمة بين إيران والغرب بسبب البرنامج النووي.
وبدعوته إلى محادثات مباشرة بين طهران وواشنطن لتجنب حدوث نزاع بشأن عمليات تخصيب اليورانيوم التي تقوم بها بلاده، أثار منتظري جدلا واسعا في إيران.
ومن مواقفه أيضا، أنه معارضته تركيز السلطة في أيدي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، داعيا إلى تغيير الدستور - الذي ساعد هو نفسه في وضعه عقب الثورة الإسلامية الإيرانية – للحد من سلطات المرشد الأعلى.
كما طالب رجال الدين البارزين بالخروج عن صمتهم حيال انتهاكات حقوق الإنسان، خلال حملة التي شنتها الحكومة ضد أنصار المعارضة في الاحتجاجات التي أعقبت فوز نجاد في الانتخابات الرئاسية.
ومنذ العام 1979 ولمنتظري تصريحات يعدها بعض الإيرانيين صادمة، ومنها وصفه حصار السفارة الأمريكية في طهران في 1979 بأنه "خطأ" رغم أنه اعترف بدعمه لهذه الخطوة في ذلك الوقت.
حسين علي منتظري – وهو أحد مهندسي الجمهورية الإسلامية – كان طالبا وحليفا مقربا من الخميني وكان من المقرر أن يخلفه، إلا أنه أثار غضب النظام في أواخر الثمانينيات بعد أن أصبح منتقدا علنيا للقيود السياسية والثقافية، وخاصة بشأن معاملة إيران للمعتقلين السياسيين وجماعات المعارضة.
وفي عام 1989، استقال منتظري قبل وفاة الخميني بأشهر قليلة، وأمره الخميني بالابتعاد عن السياسة والتركيز بدلا من ذلك على التعليم في مدينة قم، ولكنه واصل اعتراضاته العلنية على النظام.
وشكك منتظري بالمؤهلات الدينية للمرشد الأعلى الحالي آية الله علي خامنئي، مما اعتبر خيانة أدت إلى فرض الإقامة الجبرية عليه في عام 1997.
ثم رفع عنه ذلك بعد 5 أعوام لأسباب صحية خلال رئاسة الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، وتعهد منتظري بمواصلة الدفاع عن الحرية والعدالة.
وفي 16 ديسمبر/ كانون الأول 2009 دان "موت الناس الأبرياء" و"توقيف المطالبين بالحرية" و"المحاكمات الصورية غير الشرعية" للمعارضين – حسب وصفه - وقال "إذا واصلت السلطات نهجها هذا فمن الواضح أن الشعب سيبتعد تماما عن النظام وأن الأزمة الحالية ستشتد".
ورغم أن تصريحاته نادرا ما كانت تنشر في الصحف الإيرانية, إلا أن آراءه والمقابلات التي كانت تجري معه كانت تنشر على موقعه الرسمي على الإنترنت، وفي وسائل الإعلام الأجنبية، والإعلام المتحدث باللغة الفارسية خارج إيران.
و في السيرة الموجزة التي أعدتها وكالة الأنباء الإيرانية في نقلها خبر وفاته، اكتفت بالقول إن منتظري كان "شخصية دينية محركة لمثيري الشغب في الحوادث التي أعقبت الانتخابات، ورحبت وسائل الإعلام المعادية للثورة بتصريحاته التي لا أساس لها".
وكما بدت حياته متناقضة، من وضعه كمهندس الثورة الإسلامية الإيرانية ونائب مؤسس الجمهورية (الخميني) وخليفته والمشارك في وضع الدستور إلى وضعه كأشد المعارضين للنظام الإيراني المحافظ وأبرز المنتقدين للدستور والداعي إلى الإصلاح، أيضا بدا وصفه لدى الإيرانيين متضادا.
أوساط شيعية داخل إيران وصفت منتظري بأنه عالم دين يحظى بالاحترام وأنه أحد الشخصيات الشيعية التقدمية، وقال محلل إيراني "سنتذكره دائما على أنه الرجل الذي ضحى بمنصبه السياسي من أجل مبادئه"، واصفه بأنه كان ملهما لرجال دين آخرين مؤيدين للإصلاح، بينما وصفته حكومات الخميني وخامنئي بـ"القروي الساذج". وفي إشارة إلى الخلاف الذي وقع بين منتظري والخميني، قال خامنئي إنه دعا الله أن يغفر لمنتظري مضيفا أنه "فشل في الامتحان الصعب والحرج الذي واجهه قرب نهاية حياة الخميني".