إستطاعت أمريكا أن تسود العالم عن طريق القوة التي إستمدتها من تمسكها بمادئ الحريات و إستقطاب العلماء المضهدين في بلادهم ، و نشر الثقافة و العلم بين جميع أفراد شعبها و كانت النتيجة أنها أصبحت صاحبة أكبر قوة عسكرية في العالم و عن طريق القنبلة النووية سادت العالم بعد الحرب العالمية الثانية .
و على الطرف الآخر تحاول دول أوربا بسط نفوذها عن طريق تحالفهم المعروف بالإتحاد الأوربي و هو إتحاد يسعى للوقوف ضد الهيمنة الأمريكية على العالم .. و من الشرق الأقصى تأتي الصين هي الأخرى محاولة بكل إستبسال أن تخرج من تحت يدي الهيمنة الأمريكية ، إلا أن محاولتها حتى تاريخنا هذا قد باءت بالفشل ، و لا ننسى اليابان التي حاولت و لا زالت أن تكون قوة إقتصادية و سياسية و عسكرية و لكن قوى الطبيعة و إرادة الله لا تريد لها أن تكون في وضع القوة فالأمطار و السيول و الأعاصير أقوى من قوى البشر .
و لكن على الجانب العربي خرجت علينا دولة قطر الصغيرة جداً في تعدادها السكاني بطموحات كبيرة تفوق حجمها العربي و الدولي ، إلا أنها دولة صاحبة إرادة حقيقية ، دولة مفعمة بالأمل و اليقين و الثقة بالنفس ، دولة إستطاعت تحقيق مالم تستطع أي دولة عربية تحقيقه ، لقد غزت قطر العالم عن طريق قناتها ((الجزيرة)) و إستطاعت أن تجبر العالم على أن يعرف إسمها بل و ترديده ! فالعالم كله الآن كما يعرف شبكة ((سي إن إن)) يعرف أيضاً ((الجزيرة)) في حين أن قطر قد طرقت باب الإعلام حديثاً جداً بعد مصر و السعودية ، و لكن كتب لها النجاح و كتب لمصر و حليفتها السعودية الفشل ، فلماذا؟
إن الإجابة تكمن في أن قطر عندما قررت أن تغزو ساحة الإعلام فإنها قررت أن تمهد الطريق جيداً و أن تزيل كافة الحواجز و العوائق قررت أن يكون طريقها بدون مطبات صناعية أو طبيعية ، لقد قررت قطر أن تبدأ أولى خطواتها الإعلامية بالصدق و تقديم الحقيقة مهما كلفها الأمر ، فالديمقراطية الإعلامية التي إتبعتها تلك الدولة الصغيرة جعلتها توضع في مصاف الدول العظمى إعلامياً ، ثم بدأت مرحلة ثانية لعبها الإعلام القطري و قد إتضحت خطورته إبان الثورة المصرية ثورة 25 يناير 2011 ، فالحقيقة تقول أن قناة الجزيرة كان لها دور كبير في نجاح الثورة المصرية ، و نجاح الثورة المصرية نتائجه ليست على المستوى المحلي فقط بل إن آثاره تكون على المحيط الدولي نظراً لما لمصر من مكانة تاريخية و جغرافية و أهمية عالمية على المحيط السياسي و الإقتصادي ، لقد إنتقلت عدوى التغيير إلى باقي الشعوب العربية مثل ليبيا و اليمن و الجزائر و للجزيرة أيضاً دور في هذه الثورات العربية .
إن أمريكا قد تمتلك القنبلة النووية ، و لكن قطر أيضاً تملك قنبلة نووية قد تكون أشد فتكاً ، لأنها قناة ((الجزيرة)) التي نالت إحترام العالم كله و خاصة الشعوب العربية ، إنها قنبلة لا تؤذي الشعوب بل تسعى إلى مصلحة الشعوب ، بينما القنبلة النووية تفني الشعوب ! قد لا تربطني بقناة الجزيرة أي مصالح من قريب أو من بعيد و لكن يربطني بها أنني أحد مشاهديها لأنها تقول الحقيقة دون رياء أو كذب .. أتمنى أن تستمر الجزيرة في ريادتها العربية على نفس النهج الذي عرفناها عليه ، و هنيئاً للشعوب العربية قناة الجزيرة.