الإيمان والإسلام

عثمان عمران في الأحد ٢٤ - أبريل - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

ألإيمان والإسلام

كثيرا ما تستخدم  اللفظتين كمترادفين يحل أحدهما مكان الآخر والأمر ليس كذلك سواءً كان ذلك من المنطلق اللغوي ام كان من واقع استخدام القرآن الكريم للفظتين – وبما اننا ليس بصدد اللغة فسوف نعرض فقط  للمفهوم والاستخدام القرآني للفظتين

إذا تدبرنا استخدم القرآن للفظتين فسنجد ان لكل من الفظتين معنيان – كذلك يتبين لنا ان الإيمان سابق للإسلام في معناه الأول ولاحق له في مفهومه الثاني –

المفهوم أو المعني القرآني الأوáig;ل لكلمة " إيمان" هو التصديق ليس إلا ! التصديق بمعني التيقن والاقتناع

" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَأَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(260) البقرة -  بلي بمعني أجل أو نعم  آمنت مما يعني ان هذا الإيمان الذي أقر به لا يشمل طمئنينة القلب التي كان ينشدها " وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي "والسؤال يكون " أولم تصدق ؟ والإجابة بلي صدقت " التصديق بماذا ؟ بالله واليوم الآخر- ولكن لم يطمئن قلبه بعد رغم تصديقه ويقينه بوجود الله واليوم الآخر-

مثال آخر " قَالَتِ الْأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْوَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14) الحجرات "

قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا   : أي ان الله سبحانه وتعالي قد نفي عنهم صفة الإيمان وهنا المعني الذي نفاه الله سبحانه عنهم هو الإيمان بمعناه الثاني الإيمان الذي كان ينشده سيدنا إبرآهيم عليه السلام – الإيمان الذي يطمئن القلوب وليس إيمان التصديق وهو لا تتوفر فيه طمئنينة القلب : " الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِأَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28) الرعد " لذلك ورغم عدم توفر الإيمان بمعناه الثاني (الطمئنينة)  لديهم فقد  ثبت لهم الله إسلامهم  " وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا "   -  " وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُلَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا " وهي الطاعة برغم عدم توفر الطمئنينة والقناعة التامة بالشئ – أي الرضوخ والإستسلام – وهذا يسمي بالسلام كرهاً– " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًاوَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(15) الرعد " –

" أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًاوَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83) آل عمرآن

ويأتي الإسلام كرهاً (التسليم المطلق دون وجود الطمئنينة) بعد التصديق واليقين بوجود الله واليوم الآخر (أي الإيمان الأول بمعني التصديق بالشئ فقط) – وهنذه المرحلة تكون فيها الطاعة واداء العبادات دون رضاء وطمئنينة ولكن خوفا من العذاب وكرها –

والذي يظل علي إيمانه الأول  هذا (التصديق بالله واليوم الآخر) ولا يرتاب يهده الله الي الإيمان الثاني وهو الطمئنينة أو الإسلام طوعاً - :

"فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِوَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(125) الأنعام "

الإسلام له تكاليف وتبعات – فإذا اسلمت (إستسلمت) وجب عليك ألإلتزام بتكاليف الإسلام وهذا أمر صعب ويخالف طبيعة البشر والنفس الأمارة بالسوء فتجاهد نفسك الأمارة بالسوء لكي تلتزم – وفي مقابل هذا الجهاد والإلتزام تشملنا إرادة الله فيهدنا – كيف ؟- بأن يشرح صدورنا للإسلام (ألإستسلام) فنتقبل التكاليف بصدور رحبة – وأما من تردد في إيمانه ولم يثبت قلبه علي الإيمان (التصديق) فيجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء – وإرادة الله سبحانه هنا مسببة وتتوقف علي مدي إيمان العبد (تصديقه بالله واليوم الآخر) فيجعل الرجس علي الذين لا يؤمنون بان يجعل صدورهم تضيق بالإسلام بعكس حال المؤمنين فهم يهديهم الله ويشرح صدورهم لتكاليف الإسلام -:

" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواوَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(15) الحجرات فالثبات علي التصديق وعدم التردد لازم لكي نستحق الهداية من الله -

 يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(17) الحجرات "  إن كنتم صادقين فيما تزعمون من انكم أسلمتم – وهنا الحديث عن الإسلام طوعا وهو الذي فيه يشرح الله سبحانه الصدور للإسلام وتكاليفه – والإسلام طوعا هو الإيمان الثاني الذي تطمإن فيه القلوب بذكر الله – وهو لا يتأتى إلا بالهداية من الله والتي هي مشروطة بالثبات علي الإيمان الأول (التصديق المستمر دون ارتياب) – فإن كنتم صادقين في زعمكم فالله يمن عليكم ان هداكم لهذا الإسلام طوعاً بأن شرح صدوركم للإسلام فقبلتموه طوعاً –

" الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِأَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28) الرعد"

فالإيمان الثاني تلازمه الطمأنينة بذكر الله – وهي طمأنينة القلب التي كان ينشده سيدنا إبرآهيم عليه السلام –

فمن أسماءه سبحانه " المؤمن " وبالتأكيد هنا "ألمؤمن" لا تعني التصديق إنما هي متعلقة مصدرياً " بأمن  فهو آمن" وتعني المؤمن الذي يوفر لك الأمان –

وفقنا الله وإياكم

 

 

اجمالي القراءات 11713