بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الزندانى وعلم الغيب .
رحم الله شهداء الثورات العربية الحديثة فى تونس ومصر وليبيا والبحرين وسورية واليمن والأردن والجزائر والمغرب ،لو كانوا يعلمون ما أسفرت عنه من ظهور مُكثف مُخيف من الإخوان والسلفين وأصحاب تيار الإسلام السياسى على سطح الأرض بعد ان كانوا فى الجحور،ورفعهم لراية الغزو والجهاد ضد شعوبهم وأوطانهم ،وإستماتهم فى تحقيق حلمهم فى ركوب ظهور شعوبهم ،ما قاموا بها ولتركونا مع الفراعين فهم أخف وطأة فى نظر الكثيرين من جلوسنا على خازوق الوهابيين ، ونحر رقابنا بفتوى لإبن عثيمين فى ولاية (إبن خزيمة الطماوى ) أو فى إمارة (إبن حسان أو إبن شومان السقفى ).
ومن الذين إرتفعت أصواتهم وصاحت حناجرهم منادية بعودة الخلافة مرة أخرى (الشيخ الزندانى ) . والشيخ الزندانى –يمنى ،. سافر لدراسة الصيدلة بمصر ،ولكنه فشل فشلاً ذريعا فى السنة الإعدادية (وهى السنة التمهيدية قبل البدأ فى دراسة الصيدلة ) ،ورفت منها ،ويقال أنه تحول إلى دراسة الشريعة ،ولكنه لم يُتأكد أنه أنهى دراسته النظامية لها بالأزهر . وعاد مرة أخرى لليمن ، والغريب أنه عُين مدرسا لمادة (الأحياء) رغم فشله فى دراسة الأحياء والكيمياء فى السنة التمهيدية بكلية الصيدلة !!!!!... ثم تحول للعمل بمكتب الإرشاد التابع للإخوان المسلمين باليمن ، ثم جاءته الأوامر بالسفر للسعودية والعمل بها ،ثم قام بتأسيس( الهيئة العلمية للإعجاز العلمى للقرآن والسنة ) على اساس كتاب (الطب النبوى ) الشهير ، رغم عدم معرفته الفرق بين الذرة والجزىء والمُركب (لفشله فى الدراسة العلمية الجامعية ) كما قلنا سابقاً!!!!!!. ثم قام بجمع ملايين الريالات تحت زعم دعم المجاهدين الأفغان ،ثم عاد لليمن وأسس وإفتتح جامعته (جامعة الإيمان الشرعية ) . ومن أطرف عجائبه ونظرا لثقافته المبنية على (الطب النبوى ) ،وللتغلب على فشله المُريع فى دراسة الصيدلة ،خرج على العالم بإفتراء عجيب وهو ، انه إخترع علاجاً لمرض نقص المناعة (الإيدز) . ولكى تكون قصة الدواء أكثر تشويقا ،قال أنه أول من جُرب عليه الدواء كانت إمرأة مسيحية (وطبعا أسلمت بعد الدواء ) !!!! .. المهم أنه رفض رفضاً تاما الإفصاح عن سر الدواء أو الموافقة على إخضاعه للتحاليل العلمية والطبية بحجة الخوف من سرقة سر تركيبته (الجهنمية ) ونسبتها لأحد غيره !!!!!! وطبعا طبيعة ذاك الدواء المزعوم هى نفس طبيعة العلاج بالرقية والحجامة وضرب العفاريت بالنبوت ...
بعد هذه المُقدمة والتعريف بالشيخ الزندانى ، نعود لموضوعنا وهو خُطبة مُتلفزة للشيخ بعد نجاح ثورتى تونس ومصر يُبشر فيها بقرب قدوم (دولة الخلافة الإسلامية الثانية ) . فقال الشيخ مُستندا على رواية لأحمد بن حنبل فى مسنده عن النعمان بن بشير عن النبى عليه الصلاة والسلام (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ).
فقال الشيخ أن الرسول عليه الصلاة والسلام حدد مُدة الخلافة على منهاج النبوة بثلاثين عاما طبقا لرواية أخرى تقول ( أمتى ثلاثون عاما ثم ملك بعد ذلك ، ثم يؤتى الله الملك لمن يشاء) .وبذلك حسبوا الخلافة (سنتان لأبى بكر ،وعشرة لعمر وإثنتىا عشرة لعثمان وست لعلى بن أبى طالب ) فالإجمالى ثلاثون سنة ..ثم جاءوا بحكم بنى أمية وهى مرحلة المُلك العضوض حتى سقوط الدولة العثمانية وأوائل القرن العشرين . الغريب ايضا أنهم أخرجوا خلافة عبدالله بن الزبير ،وعمر بن عبدالعزيز من الملك العضوض لأنهما من قريش ( والذين يلون أمر هذه الأمة من قريش ) ، وهل بنو أمية وبنو العباس ليسوا من قريش؟؟ ثم يستطرد قائلا ثم جاء بعد الحكم العثمانى الحكم الجبرى الذى حكم الناس بالحديد والنارٍ.
ومن بعدها ستأتى مرحلة الخلافة على منهاج النبوة مرة أخرى والتى يُبشر السلفيون بها (وهنا مربط الفرس) فيقول أن قيام الثورات وسقوط الطواغيت هى تهيئة ربانية لها ،ولابد من تحضير وتضحية من أجلها ،وإتباع منهج السلف الصالح .وسيكون الدين فيها غريبا كما بدأ غريبا فى مكة . ثم يدعون إلى البيعة من الآن لدولة الخلافة وذلك لرواية (من مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة الجاهلين ) ،ثم قال الزندانى –على كل مسلم السعى لإعادة الخلافة بجد لكيلا يقع تحت طائلة الحديث المذكور .ثم يقول بعد هذا التفصيل يتبين أن نجم الخلافة الثانية على منهاج النبوة قد لاح بالأفق.
التعليق على الشيخ وروايته :
-هل كان الرسول محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام يعلم الغيب ليُبشر بما سيحدث له ولمن بعده؟؟
وفى الإجابة على هذه السؤال نقول لا ،(وسُنفصل هذا فيما بعد) . ولكن الزندانى ومن على شاكلته من مشايخ الوهابين والإخوان والسلفين وغيرهم يقولون (نعم يعلم الغيب )، وهنا نسألهم لماذا لم يترك لنا (عليه السلام ) سجلاً مدونا فيه أسماء ونسب وتواريخ وتسلسل مجىء الخلفاء والأمراء والملوك والسلاطين والرؤساء الذين سيأتون إلى سُدة الحكم من بعده .وهل محمد بن عبدالله الذى أُرسل رحمة للعالمين ،تحول إلى إلى صانع الغاز وقنابل موقوتة فى حياة الشعوب ؟؟؟ بمعنى (هل كان غاوى يحط فى حياتنا مشاكل ،وعايز يسيبنا نضرب أخماس فى اسداس وفى تقاتل مُستمر على كُرسى الحكم وهو يعلم من سيحكم ومن سيُقتل فى سبيل توصيل (فلان بن فلان ) لكرسى الحُكم ؟؟؟ وإذا كان على حد زعمكم يعلم الغيب فلماذا لم يمنع تقاتل صحابته (عليه السلام ) من بعده على كرسى الحكم بدءا من بيعة السقيفة حتى مقتل على بن أبى طالب ،بأن كتب لهم وصية بترتيب ولايتهم للحُكم واحداً تلو الآخر ؟؟؟
إذأً نحن أمام كذبة عقلية وتاريخية كُبرى بقولكم بأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعلم الغيب ،وخاصة غيب الخلافة والإمارة وكرسى الحكم من بعده (موضوع بحثنا اليوم )...
ثم لنذهب إلى خير الكلم وأحسن الحديث (حديث الله فى القرآن) لنرى قوله جل جلاله عن الغيب ،وعن الغيب فى حياة رسوله ومُصطفاه محمد بن عبدالله –عليه الصلاة والسلام .
-قرر القرآن الكريم حقيقة قرآنية واضحة بينة جلية فى قوله تعالى (قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون ايان يبعثون ) النمل 65- وفى قوله سبحانه (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) الرعد -9
وهى أن المولى عزّ وجل هو وحده لا شريك له علام الغيوب ، فلا مُحمد ولا غير محمد يعلم الغيب ،وإذا تقّول أحد على الله غير ذلك فقد أدخل شريكا لله فى صفة من صفاته وجعله شريكا له فى حُكمه ،ودخل عن عمد أو بغير قصد فى توزيع دور الألوهية لالهته المزعومة التى أشرك بها مع الله فى حكمه .
ثم يأمُر ربنا سبحانه وتعالى عبده ورسوله محمد أن يقول لهم بالقرآن (قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول لكم اني ملك ان اتبع الا ما يوحى الي قل هل يستوي الاعمى والبصير افلا تتفكرون ) الأنعام 50
وهنا يقوم محمد عليه السلام بنفى علم غيب الماضى والحاضر والمُستقبل عنه، وأنه يتعلم ويعرف عن الغيب مثلما تعرفون من خلال ما ينزل به الوحى القرآنى عليه فيتلوه عليكم ويتبعه هو وأنتم على السواء .
وفى إشارة أخرى لنفى علم الغيب عنه ،ولو انه كان يعلم الغيب لجلب لنفسه النفع ولدفع عن نفسه الضرر ولأستكثر من الخير حماية وعونا له على على مصائب ونوبات الدهر يقول المولى عزّوجلّ (قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ان انا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون) الأعراف 188
وعندما طلبوا منه مُعجزة وآية حسية تصديقاً لرسالته جاءه الأمر من السماء أن يقول لهم (ويقولون لولا انزل عليه اية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظروا اني معكم من المنتظرين ) يونس 20 .إذاً حتى الإجابات عن علمه بالغيب من عدمه لم يك مسموحاً له أن يجيب بها من تلقاء نفسه ،ولكن بالوحى القرآنى ، لأنه هُنا يتحدث عن صفة من صفات الواحد الأحد ،ولا يمكن له أن يُجيب بها من عند نفسه ،ولكن الكبير المتعال علام الغيوب وحده سبحانه هو الذى يجيب ويقرها للمؤمنين بها فى كتابه على انها صفة إيمانية لهم به ضمن قوله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ). البقرة -3
فبعد كل هذا لو جاءنا الزندانى أو الفكهانى أو الألبانى أو البخارى أو أى حد من بتوع آه يانى وقال لنا أن النبى مُحمد عليه الصلاة والسلام كان يعلم الغيب ،وقال كذا وكذا فى أمور الخلافة وكرسى الحُكم وعليكم أن تُصدقوه وتطيعوا قوله . فيجب أن يكون ردنا عليه، إذهب يا هذا ، فكلامكم يخالف كتاب الله جملة وتفصيلاً . ولا يمكن ان يكون مُحمد بن عبدالله تلى على الناس كلام الله الذى نفى عنه علم الغيب صباحاً ،ثم قال عكسه وأخبرهم بأنه عالم لغيب الماضى والحاضر والمُستقبل مساءا ،وإلا فسيكون مُكذبا بما أُمر بأن يُبلغه للناس من كلام رب العالمين ،وهذا ما نفاه عنه الحق وأعدل العادلين فى مُحكم التنزيل ،بل وبشره بأنه من ورثة جنة النعيم ..
ومن هُنا نقول للزندانى ومن معه إلعبوا غيرها ، ولتنزلوا الميدان ولتباروا العلمانيين والليبرالين أمام الناس فى ساحة السياسين ،بعيدا عن إستغلال دين رب العالمين ...هدانا وهداكم الله أجمعين .
.