تتغير معانى اللغة العربية وتكتسب الفاظا ومفردات جديدة وتندثر منها الفاظ ، والقواميس اللغوية خير شاهد على هذا ، وهى ترصد تطور اللغة عبر الزمان والمكان ، وهذا ينطبق على كل اللغات ، وعلى اللغة العربية على الأخص لأنها أقدم لغة حية يمتد عمرها من الآن الى نحو عشرين قرنا قبل نزول القرآن الكريم.
ولكن لغة القرآن ـ مع أنها لغة عربية كلاسيكية ـ إلا أنها لغة فريدة فى بساطتها وفى عمقها وفى احتوائها على تفسيرات ألفاظها من داخل القرآن نفسه . وأهم من ذلك هو ثبات معانيها وعدم تغيرها . ولهذا فلا يمكن فهم القرآن إلا من خلال القرآن نفسه . والبحث فى القرآن الكريم يستلزم ـ مع الموضوعية وطلب الهداية باخلاص ـ أن يحدد الباحث مفاهيم القرآن من داخل القرآن نفسه ، دون الاستعانة بالقواميس اللغوية. أى فى بحث الشفاعة مثلا يجمع كل المفردات القرآنية وسياقاتها التى جاء فيها لفظ الشفاعة ومشتقاته ، ويجمع كل ما يقترب من مفهوم الشفاعة . وبعد جمع كل الآيات وسياقاتها الخاصة المباشرة ( اللفظية ) وسياقاتها العامة التى تدور حول الشفاعة ـ يقوم الباحث بتحليل الموضوع دون رأى مسبق يريد فرضه على البحث .
بدون ذلك يقع الباحث فى الخطأ. ومن هنا فالقرآن الكريم يعطى فرصة الهداية لمن أراد أن يهتدى به ، وفيه أيضا فرصة لمن يريد الاضلال و الضلال حين يلوى الآيات وينتقى منها ما يتوهم انه يتفق مع رأيه ويتجاهل بقية الايات .
وفى كل الأحوال فالقرآن الكريم معانيه هى هى ، تتغير معانى ألفاظ اللغة العربية وتتطور وتأنى وتستجد مصطلحات ولكن تبقى مفاهيم القرآن كما هى.