أول من طبق الدين لله والوطن للجميع
في الفترة الأخيرة كثر الحديث عن المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر وفي كثير من الدول العربية، الأخوان المسلمين يطالبون بذلك والسلفية والصوفية وأنصار السنة والجهاد، والسؤال هنا لهؤلاء جميعاً هم على أي شرع الآن وعلى أي مذهب سوف يتفقون على تطبيقه؟!.. وكما نعلم عن هذه الجماعات أن لكل جماعة مذهب، وكل جماعة من تلك الجماعات لها فكرها الخاص ومعتقدها الخاص، وهم أحرار فيما يعتقدون جميعا، فهل سوف يقبل الأخوان تطبيق فكر السلفية عليهم والعكس، وماذا عن موقف الصوفية وباقي الجماعات الإسلامية الأخرى التي تريد تطبيق الإسلام من منطلق معتقداتهم؟!.. أعتقد أنهم سوف يدخلون في صدام أو في قتال مع بعضهم البعض، وفي النهاية سوف يحتكمون لموقف الأغلبية، ونحن الآن أمام واقع على الأرض، على سبيل المثال الأغلبية في مصر ألان من مسلمين لا ينتمون لتك الجماعات، ومع ذلك لا يفرضون آراءهم ومعتقداتهم على هذه الجماعات التي لا تمثل غير الأقلية في مصر، وما هو المانع أن يتعايش الجميع على أن يكون الدين لله والوطن للجميع حتى لا ندمر مصر بسبب الاختلاف في الفكر أو المعتقد؟!.. نرجو أن يتعقل كل مصري يريد الخير لمصر والمصريين، أن يقبل كل منا الآخر دون الدخول في معتقدات أو الدخول في تنوع الديانات، حتى لا نعمر شيء ونخرب كل شيء آخر، ولا ننسى أن الرسول عليه السلام طلب منه أن يساعد حتى المشركين، يقول تعالى:
((وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ)) سورة التوبة آية 6.
يتبين من هذه الآية الكريمة أنه لا بد أن يكون كل مسلم متسامح مع غير المسلمين وأن يكون غير مقصر في مساعدة الناس حتى ولو كانوا مشركين، هكذا فهمت من كلام الله، ثم أن هذه الآية الكريمة توضح أيضاً أنه لا يمكن أن يستنجد بك إنسان إلا إذا كان يسكن بجوارك في المكان، وهذا دليل على أن الرسول هو أول من طبق الدين لله والوطن للجميع، ثم أن الله قد أمر الرسول أن يقول للناس ويعلن لهم أن هناك حرية في الأيمان والكفر، يقول تعالى:
((وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً)) سورة الكهف أية 29.
وأعتقد أنه يجب على كل مسلم يؤمن بكلام الله ويؤمن برسول الله أن لا ينزعج ممن حوله من الناس ولا ينزعج بما يعتقدون ويفكر في نفسه قبل الآخرين، يؤمنوا أو لا يؤمنوا بما يعتقد، هذا ليس من اختصاص أي شخص تجاه الآخرين كانوا مسلمين أو غير مسلمين، كل إنسان حر فما يختار لنفسه، ونترك هذا الأمر لصاحب الأمر يوم القيامة، الله، هو الذي سوف يحكم بين الناس جميعاً، يقول تعالى:
((إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)) سورة السجدة آية 25.
أي أن الناس جميعاً ليس مطلوب منهم أن يفصلوا في هذا الشأن في الحياة الدنيا وكما قال الله تعالى لجميع البشر أن ينتظروا يوم الفصل:
((هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ)) سورة المرسلات آية 38.
وما على الناس إلا أن يتعايشوا بأمن وسلام وأن يترك كل إنسان لأخيه الإنسان علاقة العبد بربه وأن الجميع يعلم أنه لا أحد سوف يحاسب مكان أحد فلا داعي للقلق.