محكمة ثورة " لمحاسبة الفاسدين وفلول " الوطنى"

حمدى البصير في السبت ٠٩ - أبريل - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

حمدى البصير   

أول أمس الجمعة نظمت مظاهرة مليونية فى ميدان التحرير حملت عنوان " المحاكمة والتطهير " من أجل سرعة محاكمة رموز النظام السابق ، والذى يعتبر المطلب الأساسى لثورة 25يناير ، وبعد أن إستشعر قطاع عريض من المصريين أن هناك تباطؤ فى ملاحقة الفاسدين وإسترداد الاموال المنهوبة فى الداخل والخارج ، وعدم المساس برئيس النظام السابق حتى الأن ووجوده فى قصر منيف بشرم الشيخ دون سؤال حتى الأن ، بالإضافة إلى بطء التحقيقات  الجاريةe;ة وأيضا إجراءات التقاضى .

وأيضا هناك غضب شعبى من عدم تقديم الجناة فى جمعة الغضب وموقعة الجمل  إلى محكمة عسكرية ،ولاسيما إن  معظم الجناة من رجال الشرطة ، ومن الطبيعى أن يحالوا  عنما يرتكبون جرائم وحشية إلى القضاء العسكري ، خاصة إن هناك مجرمون وبلطجية ومتظاهرون  - أحيانا –  يحالون للمحاكمات العسكرية ، وتصدر عليهم أحكاما قياسية خلال 48 ساعة ، ومن باب أولى أن يحال وزير الداخلية الاسبق العادلى وكبار مساعديه وباقى المجرمين الذين قتلوا وأصابوا المتظاهرين ، إلى محاكمة عسكرية ، كى ينالوا عقوبات سريعة ورادعة ، من أجل تهدئة الرأى العام ، خاصة أقارب الشهداء ، وقبل أن تبرد دمائهم الزكية .

وهناك إتهام مستترة للحكومة بسبب بطء عملية التطهير ، وهناك أيضا  " همهمات مكتومة " تنتقد المجلس العسكرى بعدم حماسه فى قطع رقاب الفاسدين وتقديم الرئيس السابق والقائد الأعلى للقوات المسلحة سابقا للمحاكمة .

ولكن حقيقة الامر إن حجم الفساد الذى فوجىء به الجيش بعد سقوط النظام الفاسد ، كان اكبر من توقعاته ، ولإننا بالفعل دولة مؤسسات ، فكان لابد من التحقيق الوافى فى كل قضية ، وللأسف هناك قضايا فرعية تخرج من القضايا الأساسية ، بل هناك عشرات البلاغات التى تقدم يوميا ضد فاسدين ، وهذا يتطلب فرق تحقيقات ضخمة وندب مئات المحققين من إجل إتمام التحقيقات فى تلك القضايا ،وإحالة الجناة إلى المحاكمة ،

وبالتالى يثور التساؤل : هل نحن نحتاج إلى محكمة ثورة على غرار محمكة الثورة التى تشكلت عقب ثورة 23 يوليو 1952 والتى أستمدت مرجعيتها من الشرعية الثورية ، وذلك  لمحاكمة من أفسدوا الحياة السياسية قبل ثورة يوليو ، والتى حكمت على بعض السياسيين – منهم رئيس حزب الوفد وقتئذ المرحوم فؤاد سراج الدين -  بالعزل السياسى والحرمان من مباشرة الحقوق السياسية .

من وجهة نظرى نحن نحتاج الأن إلى محكمة ثورة ولكن بتشكيل جديد ، وأليات جديدة ومنهج جديد يواكب المرحلة الحالية ، فنحن على سبيل المثال لسنا فى حالة إحتلال ، كما لم تكن لدينا حياة حزبية شبيهة بالتى كانت قبل ثورة يوليو 1952 .

ومحكمة الثورة الجديدة والتى لابد أن تتوافق مع أهداف ومطالب  ثورة 25 يناير 2011 ضرورة من أجل سرعة البت فى قضايا الفساد وجرائم النظام السابق ، بل الحكم على رموزه بتهمة الإفساد السياسى خاصة كبار المسؤلين فيه وبعض كبار رجال الأعمال الذين كانواالسبب فى زواج المال بالسلطة ، وبعض قيادات الحزب الوطنى ، بالإضافة إلى سرعة الفصل فى قضايا الفساد المالى وإستغلال النفوذ ، والفصل أيضا وبسرعة فى كل من تيبب فى إهانة هذا الشعب وتطيل مسيرته الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ، حتى تتحقق العدالة السريعة ، وتنفيذ أجكامها بحسم وقوة .

ورغم إن الحكومة إستبقت جمعة التطهير وقبضت على زكريا عزمى أقوى رجال السلطة فى مصر ، ليلة المظاهرة المليونية الخاصة بالتطهير ومحاكمة الفاسدين وأعلنت بدء التحقيق مع جمال مبارك وصفوت الشريف خلال الأسبوع الحالى ، إلا أن هناك تجاوزات حدثت فى ميدان التحرير ،

 وإنتهت جمعةالتطهير مساء اول  أمس بسقوط قتيلين  ومصابين ، والضحايا كانوا من بين مجموعة معتصمين أصروا على البقاء فى ميدان التحرير ، دون مبرر قوى وكأن وجودهم فى الميدان سيكون ضمانة لتنفيذ مطالب  عديدة منها حل المجالس المحلية وعزل رؤساء الجامعات والتعجيل بمحاسبة باقى المسؤلين الفاسدين ، بل وإقالة النائب العام ،بالإضافة إلى حل الحزب الوطنى والإستيلاء على مقراته .

والمفاجأة كانت فى أن أغلب المعتصمين والذين تحدوا حظر التجول وحاولوا الوقيعة بين الجيش والشعب كانوا من فلول الحزب الوطنى .

فقد اصدرالمجلس الأعلى للقوات المسلحة البيان رقم 34 في صفحته الرسمية على الفيس بوك  امس وأمر فيه بضبط وإحضار رجل الأعمال واحد قيادات الحزب الوطنى إبراهيم كامل،  بل والذى وصفه البيان بأنه أحد فلول الحزب الوطني ، والذي وردت معلومات تؤكد تورطه في القيام بأعمال تحريض من بعض أتباعه وإثارة الجماهير فى ميدان التحريرليلة أول أمس الجمعة.

 

كما أمر المجلس الأعلى بضبط وإحضار وائل أبو الليل، مدير مكتب " كامل "، وكلا من خالد محمد إسماعيل وطارق سليمان وهم من أتباع رجل الأعمال إبراهيم كامل والذين كانوا متواجدين بميدان التحريرأول أمس وقت حظر التجول يقومون بأعمال البلطجة وترويع للمواطنين.

 

ووقد أكد المجلس وفى لهجة حازمة بأنه سوف يستمر بكل حسم وقوة وراء فلول النظام السابق والحزب الوطنى ، ويؤكد أيضا أن القوات المسلحة سوف تظل دوما ودائما درعاً قويا متماسكا يحمى ويذود عن البلاد وضامنا لأمن واستقرار وسلام وطموحات شعب مصر العظيم.

بالطبع سيظهر المجلس العسكرى وجها مغايرا لفول النظام السابق بعد ذلك ، ليس فقط لإن بيانه هذا فيه لهجة تحدى لقيادات الثورة المضادة ، الذى يشكل أغلبهم رموز وقيادات الحزب الوطنى " المحروق " ولكن لإن الجيش إستشعر خطر بقايا أعضاء تنظيم " زواج المال بالسلطة " أى الذين يمتلكون اموالا وشركات و لديهم بلطجية عاملين ولهم ولاءات للنظام السابق ،ومصالح يحاولون الحفاظ عليها حتى الرمق الأخير .

لقد تعامل الجيش بحسم وقوة مع المعتصمين الذين قرروا البيات فى الميدان دون مبرر ، ومع أسفى الشديد لسقوط ضحايا ، قتلى وجرحى بين مصريين وبرصاص مصرى ، إلا أن المشهد فى ميدان التحرير كان مختلفا ، وكان من الممكن أن يؤدى إلى فتنة بين المصريين ، ولاسيما أنه كانت هناك مطالبات بسقوط " المشير " ومشاركة مجموعة عسكرية "منشقة " فى جمعة التطهير لم نعرف هويتها حتى الأن .

المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من الحزم مع قادة الثورة المضادة خاصة فلول  " الوطنى " ، وقد بدأت المواجهة الجادة بالقبض على  زكريا عزمى أول أمس ، كما أن اليوم الاحد سيتم التحقيق مع جمال مبارك ومن بعده صفوت الشريف ، وكل المطلوب هو الصبر على المجلس العسكرى ، ولا داعى لأثارة الفتن تحت مسمى سرعة ملاحقة الفاسدين ، لأنها كلمة حق يراد بها باطل

حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com.

 

اجمالي القراءات 9779