يقول أحد مشايخ الصوفية : " لو بصقت على النار لأطفأتها " , ويقول آخر: " أعطاني الله التصريف في الخلق " , ويقول ثالث : "سبحاني ما أعظم شأني " , ويقول آخر: " إن بطشي أشد من بطش الله " . وفي التربية الصوفية يُطلب من المريد استحضار صورة شيخه عند الذِّكر ويطلب منه ربط روحه بروح الرسول الذي يزعمون أنه يفيض العلوم والأسرار على قلوب شيوخ الصوفية . والشيخ في الخلية الصوفية هو حجر الأساس , ويدور المريد في فلكه , وهو شبه مقدس . يقول الرفاعي : " من تَمشْيَخ عليكم فتتلمذوا له &ie ، فإنْ مد يده لكم لتقبِّلوها فقبلوا رِجله , ومن تقدم عليكم فقدموه وكونوا آخر شعرة في الذنَب ، فإن الضربة الأولى تقع في الرأس" . ولا يجوز الإنكار على شيوخ التصوف أبداً ولو مع المنكِر دليل .
ولم يقتصر الأمر على طاعة الشيخ فيما لا فائدة منه , بل يتعداه إلى الاعتقاد أن للشيخ شريعته الخاصة ودينه المستقل فله أن يشرب الخمر، أو يزني , وليس لمريده أن يسأل عن شيء من ذلك . يقول السلجماسي : " قال ابن عربي (رضي الله عنه) !! ومن شروط المريد أن يعتقد في شيخه أنه على شريعة من ربه ونبيه , وقد تصدر من الشيخ صورة مذمومة في الظاهر وهي محمودة في الباطن , وكم من رجل كأس خمر بيده ورفعه إلى فمه وقلَبه الله في فمه عسلاً والناظر يراه شرب خمراً وهو ما شرب إلا عسلاً " [
ولما كان الأمر على ما وصفنا من التخييل للناس أن الشيخ دوما على صواب مهما غاير ظاهره ذلك , وتقبل الناس هذا الهراء دون معارضة , جاءهم من يبصق على عقولهم بصقا فيقول لهم : " كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين .
ولا يجوز للمريد أن يتصرف في نفسه أو ماله أو زوجته أو سفره أو إقامته إلا بإذن شيخه ، ولا يجوز أن يجلس في مجلسه إلا بإذنه , أو يرفع صوته في حضرته ، أو يسأله لأن الشيخ أعلم بما في نفس مريده فلا يجوز أن يبدأ بالسؤال ، وإنما ينتظر في كل ذلك ما يجود به شيخه لأنه في - زعمهم - أعلم بحاله . وإن لم تكن هذه هي العبودية فما في الدنيا عبودية .ومن آداب المريد مع شيخه أن لا يجلس بحضرته متربعاً ، ولا مظهراً رجلاً له . ولا يجوز له أن يلبس لباس الشيوخ إلا إذا انتهى من مقام التربية . وهذه حقوق أُعطيت للشيخ لم يجعلها الله لرسوله فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة أن لا يلبسوا لباسه , أو يتشبهوا به في عمامته أو قلنسوته أو يجلسوا متربعين في حضرته صلى الله عليه وسلم , بل كانوا يجلسون بحضرة النبي متربعين ومضطجعين , ولم يكن له صلى الله عليه وسلم زي خاص ولا مجلس خاص . وليس للمريد أن يحجب شيئاً من أسراره عن شيخه فإن كانت أسرارا مشينة تحمَّل شيخه عنه وزرها لدى الاعتراف بها . ولا يجوز للمريد إفشاء سر من الأسرار إلا أن يأمره الشيخ .
ويزعمون مناصرة الأخلاق الحميدة بينما يفسقون بالنساء والمردان, فيوصي أحدهم أتباعه قائلا: لا تنظروا في وجوه المُرد - أي الشبان الصغار لم يراهقوا بعد- مخافة الشذوذ الجنسي , أي يطلب من أتباعه " الأطهار" أصحاب مكارم الأخلاق أن يغضوا أبصارهم ولا ينظروا إذا كان في حضرتهم صبية صغار, ومن لا يردعه دينُه وعقله فالشيطان وليه . .