ما هي حقيقة الحرية
هل يمتلك أحد في هذا العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه أن يقول أنا الذي أعطي وأمنح الحرية أو أسمح بها لمن أريد ، ولا أسمح بها لمن أريد؟!... لو وجهنا هذا السؤال لأي شخص في العالم عاقل أو مجنون حاكم أو محكوم سوف يكون الرد من جميع الناس أن هذه الحرية هي من عند الله لجميع البشر في كل زمان ومكان، وليس لأحد فضل على احد في هذه الحرية، حتى أن حرية العقيدة هي عطاء ومنحة وهبه من الله جل وعلا لكل الناس، وطالما أن الأمر هكذا وأن جميع البشر يؤمنون بذلك فإن حريتهم هي من عند الله، بمعنى أن الإنسان لم يأت بهذه الحرية من عنده هو لكي يعطيها لغيره من الناس، هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، ومع الأسف الشديد أن أغلبية البشر لا تفهم ذلك وما يحدث منذ قرون في جميع أنحاء العالم بالمطالبة بالحرية وما دفع من أجلها على مر العصور شيء مخزي لجميع شعوب العالم حكام ومحكومين، كيف نطلب الحرية من أي شخص وهو لا يملك هذه الحرية أصلاً، وأعتقد أن سقف الحرية ليس له حدود إذا التزم الإنسان بها، بمعنى لم يعتدي أي إنسان على حقوق الناس، وينطبق هذا على الفرد والدولة، أي لا أحد يمن على أحد بالحرية، لا بد أن يفهم الناس في كل مكان من العالم هذا الأمر، أن الحرية ليس لها سقف طالما أنني لم أعتدي على أحد ولم أخرب أي شيء لا يخص الآخرين أو يخص المجتمع ، طالما أنني لم أقوم بأخذ أي شيء لا يخصني من أحد إذن أنا حر في كل شيء طالما أنني لم أضر الناس أو الدولة، الحرية ملك لكل الناس، ويجب أيضاً عدم المطالبة من أي جهة بهذه الحرية، فالحرية لم تنزل من السماء على فئة معينة من الناس دون غيرهم حتى يقومون هم بتوزيعها على الآخرين، هذا الشيء لا بد أن ينتهي، وقد يقول قائل لا بد أن يكون هناك حاكم ومحكوم، نعم هذا صحيح لا بد من وجود حاكم ومحكوم، ولكن إن الحرية التي أعطاها الله لكل البشر لم تفرق بين حاكم ومحكوم، وأن الله لم يخلق أشخاص أحرار وأشخاص غير أحرار، وما يحدث الآن في معظم دول العالم من مصادرة حقوق الناس وحرياتهم الممنوحة من الله إليهم وخاصة في العالم العربي تعد مهزلة بكل المقاييس ويجب على الشعوب العربية أن تفهم وتعلم أن مفهوم الحرية ليس هبه من الحكام وزبانيتهم للشعوب وأنهم مثل الشعوب في هذا الأمر، لا فرق بين حاكم ولا محكوم ولا فرق بين غني ولا فقير، وأعتقد أن مجرد المطالبة بحرية الشعوب من هؤلاء وأعوانهم المتسلطين على هذه الدول هذا يعطي هؤلاء الشرعية أنهم هم من يوزعون الحرية على الناس أو يسمحون بها، أن تقول كذا ولا تقول كذا، أي يجب على مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان في الدول العربية أن تشعر الشعوب أن حريتهم ليست في أيدي الحكام ولا من حق الحكام أن يتحدثون في هذا الأمر الخاص لكل الناس، والتركيز من هذه المنظمات حتى يعلم الحكام أنفسهم أنهم مثل أي مواطن فيما يخص الحرية، وربما يعترض البعض على هذا الكلام ويقول أن هيبة الدول أو الدولة سوف تتأثر إذا أصبحت حرية المواطن مثل حرية الحاكم، أقول لا يؤثر على هيبة الدولة غير السكوت على الفساد والمفسدين، هيبة الدولة لا تتأثر إلا بالتفرقة في محاسبة المخطئون في حق المجتمع، هيبة الدولة لا تتأثر إلا بنهب ثروات الشعوب وفقر الناس وتجويعهم واستبداد حقوقهم وليس بسبب الحرية، والتي كما قلت ليست هبة من أي شخص لشخص آخر، الحرية التي وهبها الله لكل البشر ولا يجب الحديث عنها من الناس مطلقا، الحرية التي منحها الله لجميع الناس مثل الرزق والحياة وجميع المقومات التي يحتاجها الإنسان مثل الماء والأكسجين، هل يملك أحد أن يتحكم في الأكسجين أو يمنعه عن أحد؟!.. كذلك الحرية، يجب أن يفهم الناس هذا بما فيهم الحكام، وفي النهاية نقول هل منح أحد توكيل من الله بالحرية ليقوم بتوزيعها على الناس.؟.