-1-
أهلاً بالثورة في سوريا ضد الطغيان والاستبداد والفساد، رغم أنها جاءت متأخرة ليست أياماً، أو شهوراً، بل سنوات. فإذا كان هناك جزء من العالم العربي بحاجة إلى ثورة شاملة وليس مجرد انتفاضة، ربما أقوى من كل ثورات التاريخ البشري بما فيها الثورة الفرنسية، والثورة الانجليزية، والثورة الأمريكية، والثورة الروسية، وغيرها من ثورات التاريخ المهمة، فهو سوريا التي ترزح منذ أكثر من أربعين عاماً (1970-2011) تحت حكم طاغ ومستبد ودßuml;كتاتوري رجيم، من الأب إلى الابن.
فسوريا قلب بلاد الشام، وهي قلب المشرق العربي أيضاً. وإن صلُح النظام السياسي في سوريا، صلُح في كل الأقطار المحيطة بها كالعراق، ولبنان، والأردن، والفتات الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة.
-2-
ففي سوريا – كما يقول بيار صادق في بحثه المهم "الصعاليك الجُدد في سوريا " - فساد وظلم وطغيان لا تكفيه الكتب. فهو تاريخ مافيوي. فمن زعيم مافيا البترول السوري وسارق أموال البنك العقاري السوري محمد مخلوف (أبو رامي)، وآل مخلوف جميعاً (أخوال بشار الأسد) الذين سرقوا سوريا، كما سرقها آل الطرابلسي في تونس، وآل الياسين (عائلة الملكة رانيا) في الأردن.. وكذلك كل "آل" في كل الدول العربية، إلى المحافظ السوري السابق (وليد عثمان) لدرعا - التي ثارت في الأمس في "جمعة الغضب" - ومحافظ اللاذقية ولص المدينة الرياضية في اللاذقية أثناء وجوده في قيادة فرع اللاذقية للحزب، إلى شركاء آل مخلوف (عماد غريواتي، هيثم جواد، وطريف الأخرس) في شركتين قابضتين ضخمتين هما: "شام القابضة" و"سوريا". ومن المعروف أن ابن خال بشَّار (رامي مخلوف) هو الذي يملك معظم الشركات المهمة في سوريا منها شركة الهاتف الخلوي (سيرياتيل)، التي فازت بعقد تأهيل مطار المزَّة العسكري، وتحويله إلى مطار مدني لخدمة التاكسي الجوي الذي سيربط دمشق بعمان وبيروت، إضافة إلى ربطها بمدن اللاذقية، وحلب، ودير الزور، والحسكة.
ومن أجل عيون رامي مخلوف ألغت سوريا وكالة سيارات مرسيدس، ومنعت قطع غيارها من دخول البلاد، لأن الشركة الألمانية رفضت إعطاء رامي مخلوف الوكالة، وسحبها من وكلائها السابقين، كما يخبرنا بيار صادق في بحثه عن "الصعاليك الجُدد في سوريا".
-3-
وهؤلاء جميعاً هم من أطلق عليهم المفكر السوري المعارض عبد الرزاق عيد بـ "الأراذل".
ولكن مصير هؤلاء اللصوص الفاسدين، هو كمصير لصوص مصر الفاسدين الآن؛ السجن، ثم المحاكمة، ومصادرة سرقاتهم واحتكاراتهم، وإعادتها للشعب السوري، الذي يشكو الفقر، والقلِّة، والجوع.
فتقدموا يا أحرار سوريا، وحَطِموا سجون الدكتاتورية العاتية، وأطلقوا سراح كافة المساجين، والمعتقلين السياسيين، وقادة المعارضة في سوريا، الذين رماهم الحكم الدكتاتوري في غياهب السجون منذ سنوات.
-4-
الصديق الشاعر هوشنك بروكا، كتب مقالاً جميلاً بعنوان: "لماذا لا يسمع الأسد ولا يقرأ؟"، ولكن الزميل هوشنك، فاته أن الدكتاتوريين كحافظ الأسد يربون أولادهم على (الطَرَش) لكي لا يسمعوا غير المديح، والتبجيل المجاني. أما صوت الشعب، فلا يُسمع من قبل هؤلاء. كذلك فإن الدكتاتوريين العتاة، كالأسد والقذافي، وصالح، وغيرهم لا يعلِّمون أولادهم القراءة والكتابة، لكي لا يقرءوا، ولكي لا يكتبوا، ففي ذلك هلاكهم، وغياب نهارهم. تلك هي تربية (فراريج) الدكتاتورية من أمثال أحمد، ومحمد، وسيف الباطل، ودمَّار، وغيرهم من ينتظر.
-5-
مثل زهرة النرجس الرقيقة التي تخترق صلابة الصخر الأصم، وتخرج من بين شقوقه، لتصافح وجه الشمس، وتسعى نحو النور، يخرج الشعب السوري اليوم من صحراء الصمت السورية، لكي يُسمعوا صوتهم الجديد للعالم الحر.
مثل شهاب لامع في ظلام دامس، يبرق صوت الأحرار السوريين، في انتفاضتهم الجديدة التي يريدون من ورائها قول كلمة الحقيقة للناس، لحماية الناس وصون حياتهم.
من جمهورية صمت القبور والزنازين، يخرج نور جديد، يبشر بأمل جديد، وغد جديد، ورياح جديدة، تتمثل في هذه الكوكبة من الشباب السوري الذي قام بانتفاضته من كافة الأعراق السورية، ومن كافة الطوائف، ومن كافة الأديان، من أجل أن تعود سوريا إلى عصبة العالم وإلى الرابطة الإنسانية، لتؤدي دورها المُفتقد.
السلام عليكم.