سورة الصف
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة صفا بقوله "إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا ".
"بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض وهو العزيز الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد أطاع الله الذى فى السموات والذى فى الأرض عدا من كفر وهو الناصر القاضى ،يبين الله للمؤمنين أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافÚedil;فع المفيد هو أن ما أى الذى فى السموات وما أى والذى فى الأرض سبح لله أى سجد أى أسلم لله عدا من كفر فحق عليه العذاب مصداق لقوله بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب "وهو العزيز الحكيم والمراد وهو الناصر لمسبحيه القاضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"المعنى يا أيها الذين صدقوا لماذا تزعمون الذى لا تعملون عظم عند الرب أن تزعموا الذى لا تفعلون ،يخاطب الله الذين آمنوا سائلا :لم تقولون ما لا تفعلون والمراد ما السبب فى أنكم تتحدثون بالذى لا تصنعون؟وهذا يعنى أن كل واحد منهم يزعم أنه سيعمل كذا وكذا من وجوه الخير ولا ينفذ كلامه ويبين الله لهم غرضه من السؤال بقوله كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون والمراد عظم فى كتاب الرب أن تتحدثوا بالذى لا تصنعوا وهذا يعنى حرمة أن نقول سنفعل ونحن لا نفعل .
"إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص "المعنى إن الرب يرحم الذين يحاربون لنصره وحدة كأنهم بيت مشيد ،يبين الله للمؤمنين أنه يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا والمراد أن الرب يثيب أى يرحم أى ينصر الذين يجاهدون لنصر دينه وحدة واحدة وهذا يعنى أن يكون المؤمنون معتصمين بحبل الله غير متفرقين فيه ويشبههم بأنهم بنيان مرصوص والمراد بيت متماسك الأجزاء لا يقدر أحد على هدمه أو إلحاق الأذى به والخطاب للمؤمنين.
"وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين "المعنى وقد قال موسى (ص)لشعبه يا شعبى لماذا تضروننى وقد تعرفون أنى مبعوث الرب لكم ؟فلما ضلوا أضل الله نفوسهم والرب لا يرحم الناس الكافرين،يبين الله أن موسى(ص)قال لبنى لقومه وهم بنى إسرائيل :لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم والمراد لماذا تضروننى وأنتم تعرفون أنى مبعوث الرب لكم ؟وهذا يعنى أنهم يعرفون أنه مبعوث الله ومع هذا يضرونه ،وقد زاغوا أى ضلوا عن الحق فأزاغ الله قلوبهم والمراد أى أضل الله نفوسهم عن الحق فى نفس وقت ضلالهم عنه والله لا يهدى القوم الفاسقين والمراد والرب لا يرحم أى لا يحب الناس الظالمين مصداق لقوله بسورة آل عمران "والله لا يحب الظالمين"والخطاب للنبى (ص)والمؤمنين ومنه للناس وما بعده .
"وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين "المعنى وقد قال عيسى ولد مريم (ص)يا أولاد يعقوب إنى مبعوث الرب لكم مؤمنا بما أمامى من التوراة ومخبرا بنبى يجىء من بعدى اسمه محمد(ص)فلما أتاهم بالبراهين قالوا هذا خداع واضح ،يبين الله أن عيسى ابن مريم (ص)قال لقومه:يا بنى إسرائيل والمراد يا أولاد يعقوب :إنى رسول الله إليكم والمراد إنى مبعوث الرب لكم مصدقا لما بين يدى من التوراة والمراد مؤمنا لما عندى من التوراة وهذا يعنى أنه يصدق بالتوراة ،وقال ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد والمراد ومخبرا بنبى يجىء من بعد وفاتى اسمه محمد(ص)وهذا يعنى أنه أخبرهم ببعث محمد (ص)فى المستقبل بعد وفاته والسبب أن يؤمنوا به ،فلما جاءهم بالبينات والمراد فلما أتاهم عيسى (ص)بالبراهين وهى المعجزات والأحكام قالوا عنها :هذا سحر مبين والمراد هذا خداع كبير .
"ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدى القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم ولو كره الكافرون "المعنى ومن أضل من الذى نسب إلى الرب باطلا وهو ينادى إلى الحق والرب لا يرحم الناس الفاسقين يحبون أن يزيلوا دين الله بكلماتهم والرب مكمل دينه ولو بغض المكذبون ،يبين الله للمؤمنين أن من أظلم أى "ومن أضل"كما قال بسورة الأحقاف والمراد أن الكافر هو من افترى على الله الكذب والمراد من نسب إلى الرب الباطل الذى لم يقله وهو يدعى إلى الإسلام والمراد وهو ينادى لطاعة الحق والله لا يهدى القوم الظالمين والمراد والرب لا يحب أى لا يرحم الناس الكافرين والكفار يريدون أى يحبون أن يطفئوا نور الله والمراد أن يزيلوا حكم الله وهو الوحى من الوجود ويبين لهم أنه متم نوره والمراد مكمل دينه مصداق لقوله بسورة المائدة "أكملت لكم دينكم "ولو كره الكافرون أى"ولو كره المشركون"أى ولو بغض المكذبون للدين إكماله .
"هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"المعنى هو الذى بعث نبيه (ص)بالحق أى حكم العدل لينصره على الحكم كله ولو بغض الكافرون،يبين الله للمؤمنين أن الله هو الذى أرسل رسوله بالهدى والمراد هو الذى بعث نبيه (ص)بالحق وفسره بأنه دين الحق أى حكم العدل والسبب ليظهره على الدين كله والمراد لينصره على الأديان وهى الأحكام الباطلة كلها ولو كره المشركون أى "ولو كره الكافرون "كما قال بنفس السورة والمراد ولو بغض المكذبون له النصر والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله
بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعملون "يا أيها الذين صدقوا هل أرشدكم إلى عمل ينقذكم من عقاب شديد تصدقون بحكم الله ونبيه(ص)وتحاربون فى نصر الرب بأملاككم وذواتكم ذلكم أفضل لكم إن كنتم تعرفون،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم والمراد هل أعلمكم ببيع ينقذكم من عقاب مهين ؟ويجيب الله على السؤال لأن المؤمنين أرادوا العلم فقال تؤمنون بالله ورسوله (ص)والمراد تصدقون بحكم الله المنزل على نبيه (ص)وتجاهدوا فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم والمراد وتعملون لنصر دين الله بأملاككم وذواتكم ذلكم وهو الإيمان والجهاد هو خير لكم إن كنتم تعلمون" "يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب "المعنى يكفر لكم سيئاتكم أى يسكنكم حدائق تسير من أسفلها العيون أى بيوت كريمة فى حدائق الخلود ذلك النصر الكبير وأخرى تريدونها رحمة من الرب أى غزو واقع وأفرح المصدقين ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن اتبعوا التجارة الرابحة فهو يغفر لهم ذنوبهم والمراد يكفر عنهم سيئاتهم مصداق لقوله بسورة التحريم "ويكفر عنكم سيئاتكم"والمراد ويترك عقابكم على جرائمكم وفسر هذا بأنه يدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد يسكنهم الرحمات وهى حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وفسر هذا بأنه يدخلهم مساكن طيبة فى جنات عدن والمراد بيوت حسنة فى حدائق النعيم وذلك وهو دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير ".
"يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين "المعنى يا أيها الذين صدقوا أصبحوا أولياء لله كما قال عيسى ولد مريم (ص)للمؤمنين من أوليائى فى الله ؟قال المؤمنون :نحن أولياء الله فصدقت جماعة من أولاد يعقوب وكذبت جماعة فنصرنا الذين صدقوا على كارههم فأصبحوا غالبين ،يخاطب الله الذين آمنوا فيقول :كونوا أنصار الله والمراد أصبحوا أولياء الله وهذا يعنى أن يكونوا مطيعى دين الله كما قال عيسى ابن مريم (ص)للحواريين وهم المؤمنين به :من أنصارى إلى الله والمراد من مطيعى فى دين الله ؟فقال الحواريون وهم المصدقون برسالة عيسى (ص)نحن أنصار أى أولياء أى مطيعى حكم الله ،فكانت النتيجة أن آمنت طائفة من بنى إسرائيل والمراد أن صدقت جماعة من أولاد يعقوب(ص)بدين الله وكفرت طائفة والمراد وكذبت جماعة أخرى فكانت النتيجة أن أيدنا الذين آمنوا على عدوهم والمراد أن نصرنا الذين صدقوا على باغضهم فأصبحوا ظاهرين أى غالبين والمراد حاكمين للبلاد بالعدل والخطاب للمؤمنين .