هل القصد إقامة دولة إسلامية أم السيطرة
اعتقد أنه لا يمكن إقامة دولة إسلامية في أي مكان في العالم لمن يحلمون بذلك، أولا لأن معظم الجماعات الإسلامية باختلاف معتقداتهم هم مختلفين مع بعضهم البعض وأن كان هذا الخلاف ليس مهم بالدرجة الأولى ولكن المهم هو حين تسعى أي جماعة لإقامة دولة إسلامية لم يفكروا أن الدولة الإسلامية لا يمكن أن تقوم إلا بالأخلاق والتضحية من أجل الآخرين، وليس السيطرة على الآخرين باسم الدين، وهل هؤلاء الذين يدعون لدولة إسلامية هل يستطيعون أن يتحلوا ويتمسكوا بأخلاق الأنبياء وحوار الأنبياء؟!.. هل هؤلاء على استعداد أن يتبرعوا بما يمتلكون لكي يكونوا قدوة للآخرين؟!.. هل هؤلاء على استعداد أن يتحاوروا مع الناس بمنطق الإنسانية الحقيقية وليس التعالي؟!.. ودون تهديد ودون تكفير؟!..
إن هذه الجماعات أثبتت لأنفسها وللعالم على مر التاريخ أن صراعهم إما على السلطة أو من أجل المادة أو صراع السيطرة على الناس متخذين الدين غطاء، وعلى سبيل المثال هل من يطالبون بإقامة دولة إسلامية مثل بن لأدن وأتباعه ومن يشاركهم الفكر، لماذا يختبئون في الجبال؟!.. لماذا يقومون بقتل الأبرياء والمسالمين من الناس بغض النظر عن عقائدهم؟!.. هل إقامة دولة إسلامية تحتاج لخطف الناس كرهائن؟!.. هل إقامة دولة إسلامية تحتاج لأن تهدد الناس من وقت لآخر؟!.. إن هذه الأفعال والأعمال لا يمكن في يوم من الأيام أن تأتي بنتيجة من مفادها إقامة دولة إسلامية في أي مكان من العالم، وماذا لو أنفق بن لأدن هو وأمثاله الملايين أو المليارات على التعليم الصحيح ومساعدة الفقراء من المسلمين وغير المسلمين في بلاد المسلمين؟!.. هذه هي مثل الإسلام وأقرب شيء إلى إقامة دولة إسلامية، هذه هي التضحية من أجل الآخرين، أن تكون قدوه للناس في فعل الخير، أن تكون قدوه في الأخلاق وقدوه في التسامح، وأن يكون هذا بين الناس وليس في الجبال، وأعتقد أن من يطالبون بإقامة دولة أسلامية من الممكن أن يحققوا ذلك على أرض الواقع، ولكن أولاً يجب أن يكونوا في بيوتهم ومع أقاربهم ومع المجاورين لهم متسامحين في كل شيء، من هنا يبدأ التسابق والتقليد في فعل الخير بلغة الأخلاق، والتعايش مع الناس دون تخويفهم ودون السيطرة عليهم تحت أي مسمى، وللتذكير فقط نذكر الذين يسعون لإقامة دولة إسلامية أن الرسول لم يقيم الدولة الإسلامية على أساس تهديد الناس، وأن الرسول لم يبعث انتحاريين لكفار مكة حتى يدعوهم للإسلام ولم يرسل الرسول أشخاصاً ليقوموا بخطف الناس، وقبل أن يدعو أي إنسان أو جماعة لإقامة دولة أسلامية يجب أولاً أن يتخلصوا من الكذب والتربح وأكل ثروات الشعوب وحقوق الناس باسم الدين، وأن البعض من هؤلاء الذين صدعوا أدمغتنا بإقامة دولة أسلامية يأكلون حقوق أخوتهم في الميراث، حتى أن الدولة السعودية التي تدعي أنها هي الدولة التي تطبق شرع الإسلام في الدول الإسلامية مع الأسف هي من أكثر الدول استبداداً وإرهاباً للناس باسم الإسلام، وأعتقد أن من يعتنق الإسلام أو يتكلم عن الإسلام وهو فاقد للأخلاق والتسامح والتضحية من أجل الآخرين إذا كان يستطيع ذلك ولم يفعل هذا هو في الحقيقة يسيء للإسلام والمسلمين معاً، ومن العيب على أي إنسان يطالب بإقامة دولة إسلامية وهو فاقد للشيء الكثير من الأخلاق والآداب والمعاملات الإسلامية، بمعنى لمن يطالب بهذه الدولة؟!..