التركة الضائعة للاخوان المسلمين ..فى ذمة الله

في الثلاثاء ٠١ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

التركة الضائعة للإخوان المسلمين.. في ذمة الله

 

التركة الضائعة للإخوان المسلمين.. في ذمة الله
تسببت الوسيلة التي لجأت اليها الجماعة للحفاظ علي أموالها من المصادرة والملاحقة الأمنية، في أزمة تكاد تعصف باستقرار الجماعة، كما تشوه صورة القادة التاريخيين للجماعة لدي أعضائها الذين اكتشفوا فجأة أن القبور التي تحتفظ بأجساد مؤسسي الجماعة تضم أموال الجماعة وتبرعات الأعضاء الذين استقطعوها من أموال أولادهم ويتمتع بها ورثة القادة الراحلين، الذين اعتبروا الملايين التي حصل عليها آباؤهم لحمايتها مجرد مكافأة نهاية الخدمة، لذا بدأت في حماية أموالها بالحصول علي "اوراق ضد" لتأمين الأموال.

كانت الجماعة قد فكرت منذ سنوات سابقة في استثمار أموالها لدي عدد من قيادات الجماعة دون أن يفكر أحد في لحظة أن يتم توثيق حقوق الجماعة مع هذه القيادات التي لا يرقي اليها الشك في ذمتها المالية أو في حرصهم علي حفظ حقوق الجماعة بوصية لورثتهم. ثم فوجئت الجماعة بأن يد الموت طالت عددا من قادتها كما طالت أموال الجماعة التي تمسك الورثة بأنها أموال آبائهم، وتحولت الجنائز التي حضرها عدد من أبرز قادة الجماعة الي مشاهد مأساوية، خاصة أن هذه القيادات لم تنتظر أن يواري التراب الآباء حتي طالبوا الأبناء بالأموال، فقد فوجئ أعضاء الجماعة الذين حضروا جنازة محمد هلال عضو مكتب الإرشاد ببناته يصرخن في وجه محمد حبيب نائب المرشد العام للجماعة " حسبنا الله ونعم الوكيل " وتبين للأعضاء أن حبيب فتح مع الأبناء موضوع تركة والدهن ودخل في عملية تهديد مبطن بوعود للبنات ببقاء جزء كاف من التركة تحت تصرفهن ولكن البنات تمسكن بموقفهن خاصة أنهن متأكدن أن الجماعة لا تملك أية أوراق تثبت شراكتها من خلال أعضاء فيها في أموال هلال كما لا يمكن لأحد غير الراحل أن يحدد حصة الجماعة التي حصلت علي نهر متجدد من الأموال في صورة تبرعات كما لا يمكن للجماعة أن تجاهر بالموضوع خوفاً من ملاحقتها بتهمة غسيل الأموال.

وبذلك فلم يعد أمام الجماعة خوفا من الفضيحة وحفاظا علي هيبتها إلا أن تصمت علي ضياع أموالها عند ورثة هلال كما سبق أن ضاعت ملايينها لدي أبناء غيره من قادة الجماعة من قبل.

ففي محاولة متأخرة لوقف نزيف أموال الجماعة التي ضاعت لدي قياداتها الذين فاجأهم الموت، بدأت الجماعة خلال الأسابيع الماضية حملة استعانت بها بمجموعة من أبرز محاميها لتأمين نفسها وأخذ أوراق ضد من مجموعة القيادات الإخوانية التي تملك النصيب الأكبر من الشركات والأموال.. وكانت البداية مع جمعة أمين المرشح لخلافة محمد مهدي عاكف المرشد العام الحالي للجماعة والذي تدور بينه وبين الجماعة مفاوضات شاقة للحصول علي نصيبها من ثروته بعد أن لاحظ بقية شركائه أنه يتصرف في الأموال وكأنها ملك خاص له حين اكتشفوا اختفاء نصف مليون جنيه من أرباح مدارس المدينة المنورة الخاصة بمنطقة السيوف بالإسكندرية والتي أنشأها سنة 1987 بمشاركة خالد داود القيادي بالجماعة وصاحب شركات المدينة المنورة للمشروعات العقارية ومحمود شكري رئيس مكتب الإسكندرية السابق والتي تبلغ قيمتها مايزيد علي 50 مليون جنيه.

وعقب وفاة محمد هلال طلبت الجماعة من الملاك الثلاثة لمدارس المدينة المنورة عن طريق محام إخواني شهير في الإسكندرية بالتوقيع علي توكيلات وأوراق ضد ملكيتهم للمدارس بحيث تستطيع الجماعة حماية حقوقها..وهنا حدثت الازمة.ففي الوقت الذي وافق فيه محمود شكري وخالد داود علي طلب الجماعة بالتوقيع علي أوراق الضد رفض جمعة أمين هذا الحل رفضا باتا لتدخل الجماعة معه في سلسلة طويلة من المفاوضات باءت جميعها بالفشل حتي عرض جمعة أمين منذ أيام قليلة شرطه الوحيد للموافقة علي طلب الجماعة وهو أن تقوم الجماعة في حالة توقيعه علي ورق الضد باستقطاع جزء من نصيبه في المدارس كوقف مدي الحياة يتم دفع مرتبات شهرية منه لأبنائه الثلاثة من بعده وهو الشرط الذي رفضته الجماعة بشكل قاطع لتبدأ بذلك رحلة جديدة من المفاوضات مع جمعة أمين لإقناعه بالموافقة للتوقيع علي التوكيلات وأوراق الضد.

ليست مدارس المدينة المنورة هي المشكلة الوحيدة بين الجماعة وجمعة أمين فهناك أيضا دار الدعوة للطباعة والنشر الذي يملكها جمعة أمين بمشاركة أحمد خالد ابن محمود شكري شريكه في مدرسة المدينة المنورة والذي كان قد تعرض لضغوط بالغة من الجماعة للتنازل عن نصيبه في دار النشر لجمعة أمين بالكامل بعد أن أصبح عضوا بمكتب الإرشاد 1995إلا أنه رفض بشدة.

وتمتد المفاوضات إلي شقة جمعة أمين الفخمة في برج الأشراف الشهير بحي رشدي في الإسكندرية التي انتقل إليها بعد شقته في فليمنج، ويمتلك جمعة أمين أيضا شاليها في مرسي مطروح وهي الممتلكات المتوقع أن تمثل المراحل القادمة في خلافه مع الجماعة حول تسجيلها بتوكيلات وأوراق ضد.

وأيا ماكانت النتيجة التي سيسفر عنها الخلاف الحالي بين جمعة أمين و الجماعة فإن شيئا واحدا تجزم به الأوضاع الداخلية الآن في الجماعة وهو أن قرارها الأخير لحماية ملايينها التي تضيع لصالح ورثة قادة الإخوان هو قرار لارجعة فيه خاصة أن فضيحة هلال الأخيرة لم تكن هي الصدمة الوحيدة التي شهدتها الجماعة من هذا النوع بل سبقتها صدمات أخري مع قادة لا يقلون عن وزن محمد هلال.

وأولهم إبراهيم شرف القيادي التاريخي داخل الجماعة الذي كان يشغل موقع الأمين لعام للجماعة وسكرتيرا تاريخيا لمكتب الإرشاد علي مدار عدة مرشدين للجماعة.كان شرف مستودعا لأموال الجماعة وأموال أعضائها الخاصة أيضا الذين كانوا يسجلون أموالهم باسمه في شركات توظيف الأموال في التسعينيات وتصب في خزانته إيجار أراض يتم تسديدها للجماعة ومتعلقات مالية أخري لاحصر لها وهو الدور الذي قام به شرف علي أكمل وجه إلي أن حدثت الأزمة المفاجئة بوفاته بعد رحلة علاجية في لندن لتبدأ أزمة الجماعة مع أبنائه الستة "محمد وأمير ومهند وجهاد وحنان وأماني" الذين أنجبهم من زوجته مكارم الديري أستاذ الأدب العربي بجامعة الأزهر والمرشحة الشهيرة للجماعة في انتخابات برلمان 2005.

كان رد فعل أسرة إبراهيم شرف صادما بالنسبة للجماعة، فقد رفض أبناؤه رد أي من الممتلكات التي كتبتها الجماعة باسم والدهم أو تسليم أي من الأموال السائلة التي كانت بحوزته وباءت كل محاولات الوسطاء بينهم وبين الجماعة بالفشل بعد أن كانت مكارم الديري قد وافقت علي رد الأموال إلي الجماعة أعلنت موقفها النهائي بأنها لن تستطيع إجبار أبنائها علي التنازل عن ميراثهم المثبت في أوراق رسمية من والدهم وأن علي الجماعة أن تعتبر الأموال والممتلكات التي كانت مسجلة باسم إبراهيم شرف هي مكافأة نهاية خدمته للجماعة طوال سنوات عمره.

تجيء بعدها حالة عباس السيسي عضو مكتب الإرشاد السابق والقيادي الإخواني الشهير في الإسكندرية وصاحب المؤلفات الإخوانية الشهيرة والشعبية الطاغية بين الإخوان بكافة أطيافهم حتي أطلقوا عليه لقب "حواري الإمام" بسبب طول مرافقته لحسن البنا مرشدهم الأول والذي شهد كافة الاعتقالات التاريخية لأبناء الجماعة والذي اعتبره الإخوان باعث دعوتهم في السبعينيات حيث أعاد بناء تنظيم إخوان إسكندرية من جديد وضم إليه أبرز رموز جيل السبعينيات من إخوان الإسكندرية أمثال إبراهيم الزعفراني وخالد داود.

بعد خروجه من السجن سنة 1974 بدأ عباس السيسي تأسيس تجارته الكبري في رشيد مشاركا يوسف ندا في البداية، حيث نجح في أن يكون مؤسسا لصناعة وتجارة الألبان في رشيد لمايزيد علي عشرين عاما، بعدها قام السيسي بإنشاء دار القبس للنشر في الإسكندرية وكذلك إنشاء مصنع آخر للنسيج.خلال هذه الفترة كان عبدالمنعم السيسي الابن الأكبر لعباس وهو من يساعده في إدارة دار النشر والمصنعين ويستعد معه لإنشاء مصنع جديد للمشروبات الغازية "سيسي كولا " بينما كان مجدي ومني يحصلان علي حصة شهرية من الأرباح في الوقت الذي كان فيه الابن الرابع معاذ الذي يعمل ويقيم في الإمارات بعيدا عن الحكاية برمتها.

وظلت الأمور هادئة إلي أن بدأت رحلة عباس السيسي مع المرض فبدأ عبدالمنعم بالاستحواذ علي الثروة بمفرده وهو الأمرالذي أدي إلي نشوب الصراع بين الأشقاء الأربعة والذي انحاز فيه عباس السيسي نفسه إلي ابنه معاذ، إلا أن الصراع الذي وصل إلي قمته في النهاية اضطر عباس السيسي الذي كان وقتها رئيسا لإخوان الإسكندرية والبحيرة لتحكيم لجنة من حكماء إخوان رشيد لحل أزمة الثروة التي هي ملك للجماعة في الأساس وبينما نجحت الجماعة بالفعل في حل الأزمة إلا أن ماحدث بين أبناء السيسي كان ناقوس خطر بالنسبة لها تحقق بالفعل حيث دخلت الجماعة مع أبناء السيسي عقب وفاته في سلسلة من المعارك الطاحنة لم تسفرعن حصول الجماعة علي مليم واحد من ملايينها التي تم تسجيلها باسم عباس السيسي.

ملياردير آخر من أشهر ملياديرات الإخوان هو محمد شاكر الحاصل علي الجنسية الألمانية وصاحب مجموعة شركات الحجاز للمقاولات ومواد البناء والسياحة أيضا التي يعمل بها عاكف الابن الأكبر للمرشد. فقد حاول شاكر أن يتفادي مايحدث من استيلاء الورثة علي أموال الجماعة ففضل تقسيم ثروته بالفعل بين الجماعة وورثته فور شعوره بتدهور حالته حيث أصيب مؤخرا بالسرطان ، فقام محمد شاكر بتسليم الجماعة جميع مستحقاتها في ثروته طبقا لحسابات مالية وافقت الجماعة نفسها عليها لتفادي ما قد يحدث بينها وبين ورثة شاكر بعد وفاته، إلا أن الجلسة الأخيرة بين شاكر والمرشد محمد مهدي عاكف في فيللا شاكر حملت المفاجأة الأكبر للجماعة حيث قال شاكر لعاكف أنه قد قرر التبرع بـ100مليون جنيه من تركته للجماعة في صورة أرض بمدينة الشروق يتم عليها بناء مدرسة خاصة ومسجد ومستشفي خاص علي نفقته لصالح أبناء الجماعة من الإخوان المسلمين وأنه حصل علي موافقة عائلته بذلك وأنه سيقوم خلال أيام بتسجيل المبلغ بأوراق رسمية. إلا أن الرياح التي أتت بما لاتشتهي سفينة الجماعة عجلت بوفاة محمد شاكر قبل تسجيل تبرعه لأحد أعضاء الجماعة بشكل موثق وهو الخبر الذي كان أشبه بالصدمة فرغم من أن مريم الابنة الوحيدة لمحمد شاكر التي تدير شركاته وزوجته الألمانية مارجريت أصرتا علي تنفيذ وصية شاكر إلا أن باقي الورثة من إخوته وأبنائهم أصروا علي رفض تنفيذ الوصية التي سبق أن وافقوا عليها في حياته بل ووصل الأمر إلي تهديد مريم برفع دعوي قضائية ضدها وهي المعركة التي لم تسفر إلا عن خاسر واحد فقط هو جماعة الإخوان

اجمالي القراءات 6121