قالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية إن إعلان الرئيس حسني مبارك عن إطلاق البرنامج النووي السلمي يحمل في طياته هدفين: الأول هو إصلاح سياسة الطاقة لدعم النمو الاقتصادي، والثاني هو دعم ابنه جمال، الذي أكد علي الحاجة للطاقة النووية، مشيرة إلي أن المحللين يرون هذه الخطوة مقدمة لخلافة جمال لوالده.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها أمس تحت عنوان: «مصر تخطط لإنشاء محطات نووية»: «إعلان مبارك يبدو في جزء منه خطوة لمواجهة الحاجات الاقتصادية، وفي الجزء الآخر دعما لأعمال ابنه». وقالت: «إن مصر الدولة التي تخلت عن طموحاتها النووية عقب انفجار مفاعل تشرنوبل في أوكرانيا، لم تقم بتخصيب اليورانيوم حتي الآن، وهو المكون الأساسي في البرنامج النووي، ومن المعتقد أن يكون أمامها عشر سنوات علي الأقل، للبدء في تشغيل المفاعل النووي».
وتابعت في التقرير الذي كتبه جيفري فيلشمان: «إن الاقتصاد المصري حقق معدلات نمو في السنوات الأخيرة من ٥ إلي ٧%، وتعمل الحكومة علي إصلاح القوانين الاقتصادية، رغبة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وأن تكون أكثر تنافسية في المنطقة في مواجهة الفقر، قياساً بنجاحات بعض الدول الأخري، مثل الإمارات»، مشيرة إلي أن المسؤولين عن الطاقة يؤكدون أن معدلات الإنتاج الحالية ستستنفد احتياطي النفط والغاز في مصر، خلال أقل من ٥٠ سنة.
وأضافت أن إعلان مبارك يأتي قبل أيام من انعقاد مؤتمر الحزب الوطني، الذي دعا ابنه جمال رجال الأعمال من خلاله العام الماضي إلي إحياء البرنامج النووي المصري، وتابعت: «إن جمال مبارك الذي يظهر في وسائل الإعلام عادة للتأكيد علي تطوير الاقتصاد، ينظر إليه علي نطاق واسع بأنه يتم إعداده للرئاسة علي الرغم من إنكاره ووالده هذا الأمر».
وأشارت الصحيفة إلي عدم معارضة واشنطن البرنامج النووي المصري، واستعدادها لدعم خطتها. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية توم كاسي: «أي دولة تلتزم بشروط هيئة الطاقة الذرية سيحظي برنامجها بقبولنا».
في السياق نفسه، قالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية إن مصر لديها حساسية عالية من حقيقة نوايا إيران في فتح مفاعل بوشهر العام المقبل. ونقلت عن محمد عبدالسلام، مدير برنامج الأمن الإقليمي في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، قوله: «دور إيران الإقليمي واستخدامها السياسي للمسألة النووية زاد من حساسية مصر، كما أن إعلان دول عربية أخري مؤخرا عن برامج نووية وضع ضغوطا متزايدة علي مصر بعدم تأخير برنامجها أكثر من ذلك».
من جانبها، قالت محطة «فوربس نيوز» الأمريكية: «إن ذكر كلمتي (النووي) و(الشرق الأوسط) في الوقت نفسه يستدعي للأذهان صورا عن إيران وإسرائيل، وينشر السحب حول نظريات التدمير المتبادل، ولكن بالنسبة لمصر، فإنه يمكن أن يعني أعمالا تجارية كبيرة».
وأشارت المحطة في تقرير أعده ليونيل لورانت أمس تحت عنوان: «مصر تصبح نووية» إلي إعلان الرئيس حسني مبارك أمس الأول استعداده لبدء برنامج نووي وطني، مشيرة إلي أن مصر دولة حليفة للولايات المتحدة وإسرائيل، وتمتعت بازدهار الاستثمارات الأجنبية، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلي القبضة القوية للرئيس حسني مبارك، الذي يعتقد علي نطاق واسع أنه يعد ابنه جمال لرئاسة الجمهورية.
وقالت إنه في حال سار البرنامج النووي المصري بشكل جيد فمن المرجح زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية، خاصة من جانب صانعي المعدات مثل «أريفا» في فرنسا، و«سيمنس» في ألمانيا.
ونقلت المحطة عن المحلل الاقتصادي أرسينا أكا قوله: «نظرا لعلاقات مصر التاريخية الوثيقة مع أوروبا، فمن المرجح أن تكون فرنسا جزءاً من المشروع»، مشيراً إلي أن شركة أريفا وقعت في الآونة الأخيرة اتفاقات مع كل من ليبيا والمغرب لتطوير قطاع الطاقة النووية.
وأضاف أن الولايات المتحدة أعلنت استعدادها للتعاون، وأن ألمانيا يمكن أن تشترك أيضا في ذلك، كما ستكون هناك فوائد اقتصادية مباشرة لمصر، إضافة إلي زيادة إمدادات الطاقة وزيادة في السياحة والمرافق الأخري، وقال: «إذا مضت مصر في البرنامج، وكان سلميا، فأعتقد أن هذا سيساعد الاقتصاد المصري».