ماذا لو لم تنجح ثورة 25 يناير؟

حمدى البصير في الأحد ٢٠ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا لو لم تنجح ثورة 25 يناير ؟!

حمدى البصير

ثلاث قضايا أساسية تشغلنى الأن وتكاد تستغرق معظم  تفكيرى بعد نجاح ثورة 25 يناير ، وتنحى الرئيس مبارك . وسقوط نظامه تبعا كقطع الشطرنج .

القضية الأولى هى الكشف المستمر عن الفساد وسقوط كبار رجال الدولة الذين كونوا ثروات طائلة  وبالمليارات على حساب قوت الشعب المصرى.

والقضية الثانية هى البطء فى تنفيذ مطالب الثوار والتى هى فى حقيقتها قضايا شعبية مؤج&alde;ؤجلة على مدى أكثر من نصف قرن ، ولاسيما أن فلول النظام السابق مازلت تقبض على أماكن حيوية سواء على المستوى

الإ قتصادى أو فى دائرة صنع القرار ، أى أن زواج المال بالسلطة مازال زواجا شرعيا ، وإن كان يعتريه بعض الخلافات والتى لاتعدو سوى كونها

خلافات " زوجية " عادية فرضتها ظروف الثورة وأليات التغيير ، ولم يحدث بين "الزوجين " طلاقا أو خلعا أو حتى إنفصالا مؤقتا .

أما القضية الثالثة والتى لاتنفك عن القضيتين السابقتين ، هى وجود رجال الإعلام فى أماكنهم  أى مازالوا فى مناصبهم سواء كرؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف الحكومية أو القومية ،أو فى التلفزيون المصرى بإستثناء رحيل أنس الفقى وزير الإعلام  .

أى إن النظام السابق مازال يحكم مصر ، ممثلا فى رئيس الحكومة ، ووزراء الحزب الوطنى ،ورؤساء الشركات العامة والبنوك وحتى النقابات العمالية ،وبالطبع رؤساء تحرير الصحف ، والذين يعدون بوق النظام السابق والذى إختارتهم لجنة السياسات " المنحلة " بعناية فائقة ،وكانت مؤهلات إختيارهم هى الولاء الشديد للنظام والطاعة العمياء والدفاع عن النظام وأسرة رأس النظام سواء بالحق أو بالباطل ، وتجريس المعارضين والتشهير بهم وفرش الملاءات لهم لو تطلب الامر ، كل ذلك فى مقابل مزايا مالية ضخمة ومعنوية أضخم تتلخص فى رواتب بالملايين ،وجلوسهم على كراسى رئاسة التحرير فى الصحف الشبه قومية ، متخطين بذلك مئات الكفاءات الصحفية ، وقيم صحقية أصيلة معمول بها كالخبرة والأقدمية والنزاهة والمهنية والإستقلالية .

والغريب إنه بعد نجاح الثورة تحول رؤساء وقيادات معظم الصحف القومية ، وتلونوا بسرعة البرق وبزاوية 360 درجة  ، واصبحوا هم الداعمون الأساسيون لثورة الشباب والمتحدثين بإسمهم أحيانا ،وبدأوا ينشرون كل كبيرة وصغيرة عن الثورة، ونضال كل فئات الشعب فى  ميدان التحرير، وتضحيات أبطال الثورة من الشباب المثقف الواعى المسالم والمخلص والغيور على وطنه ، بل وأذرفوا الدموع على شهداء الثورة ، وتعاطفوا مع المصابين ، وصبوا جام غضبهم على الشرطة والبلطجية وفلول النظام السابق المنتفعين والإنتهازيين ، بل وشهروا برموزالفساد فى العهد البائد ، ووصفوهم بأقذع الألفاظ ولم يستثتى من ذلك الرئيس وأسرته وباقى الطغمة الحاكمة ، وبرر هؤلاء مواقفهم السابقة ضد المعارضين بل والشعب  بالضغوط الوظيفية التى كانت تمارس عليهم ، وخوفهم من جبروت الأمن ، ولكن الشعب عامة والشباب خاصة الذين فجروا تلك الثورة المباركة لم ينخدعوا بدموع التماسيح وتبريرات الخائنين والمتحولين والمتلونين والمنافقين ، وكان لسان حاله هو" إذا لم تستح فافعل ماشئت " .

ولكن ماذا لو لم تنجح الثورة ولم يتنح الرئيس مبارك ، أو إنه تنحى بالفعل وفى نفس الوقت خرجت مجاميع مأجورة إلى الشوارع ،يضمون موظفى بعض الوزارات والعاملون فى شركات البترول ،وقادة الجمال والخيول والبغال والحمير ، وبلطجية النظام الذى أعدهم للأيام الصعبة فى الإنتخابات وخلافه ،ومرشدى المباحث والمخبرين ورجال أمن الدولة  الذين لا يعرفهم أحد ،واللصوص وأولاد الشوارع والمساجيين والمضارين من المظاهرات ووقف الحال ، والحاقدين على شباب التحرير ،أو حتى مؤيدين مضللين للرئيس ومؤيدين حقيقين ؟.

وماذا لو إتجه بعض من هؤلاء وإستخدموا القوة المفرطة ضد الشباب فى ميدان التحرير ، ونجحوا فى ترويعهم ، ولاسيما إن أكثر من نصف أسلحة اقسام الشرطة والسجون مازات مفقودة ، وبعضها مازال فى أيدى مجرمين وأرباب سوابق ؟.

وماالموقف إذا نجح الغوغاء والجهلة والمرتزقة والمغيبون والمجرمون ،وبدعم من أصحاب المصالح ، والراغبين فى إستمرار هذا النظام ، ليس حبا وولاء له ولكن للحفاظ على مصالحهم ومكاسبهم وكراسيهم ، فى طرد الشباب من الميدان بعد معركة دموية ،وإجهاض الثورة ،والسير فى الشوارع قائلين " أ أ.....لاتتنحى لاتتنحى " مثلما حدث مع الرئيس الاسبق عبد الناصر بعد هزيمةحرب يونيو67 ؟.

وماذا لو تدخل الجيش بحجة وقف الفوضى والحفاظ على البلاد من المخاطر الخارجية وإنحاز للنظام السابق على حساب الشعب ، وتم سٍحق الثورة مع الوعد بإصلاحات شكلية ، ستؤدى فى النهاية إلى تكريس السلطة فى يد الرئيس أو نقلها بسلاسة إلى إبنه بموافقة قيادات الحزب الوطنى واعضاء مجلسى الشعب والشورى والملايين من أعضاء الحزب الوطنى أصحاب الفكر الجديد ورجال الاعمال ، وبدعم أمريكى إسرائيلى للحفاظ على الإستقرار وتجنب الفوضى ، وحتى لاتذهب السلطة إلى الإخوان المسلمين ومن أجل المزيد من الاستقرار لجذب الأستثمارات والحفاظ على الوطن من المؤامرات خاصة من إيران وشيعة حزب الله وخطرحماس وحتى مؤامرات المعارضين المصريين ، العملاء والحاقدين ؟ .

بالطبع سيفرد التلفزيون ساعات طويلة للإستماع إلى مداخلات تندد باعداء الشعب والمخربين ، وسينقل على الهواء جموع المؤيدين من الموظفين والعمال والذين يحملون لافتات التأييد والرغبة فى الأستقرار والحفاظ على الأنجازات.

وأيضا ستخرج علينا الصحف الحكومية – القومية سابقا – بمانشيتات ساخنة منها :

" وإنكشفت المؤامرة .. الشعب فضح الخونة  "

 "إيران كانت تسعى إلى أنقلاب أبيض مستغلة جهل الشباب لتصدير ثورتها إلى مصر"

 " القبض على مئات المنتمين إلى حزب الله ومصادرة كميات ضخمة من الأسلحة "

عناصر المحظورة نسقوا مع أعضاء حماس الذين تسللوا من أنفاق غزة لإقامة الدولة الإسلامية "

" عملاء الغرب فى حزب الوفد ركبوا الموجة وأرادوها دولة ليبرالية تابعة للغرب وأمريكا على حساب كرامتنا الوطنية "

" يقظة رجال الأمن حالت دون وقوع حمامات دم ، والقبض على مئات المتأمرين من الشباب الصغير "

"الشباب إستغلوا إنجازات الحكومة الزكية ،وإستخدوا الأنترنيت من أجل تخريب وطنهم "

"حكمة الرئيس  منعت تحول مصر إلى لبنان أو صومال أخرى ، بسبب بعد نظره السياسى "

"المتأمرون يتساقطون .. القبض على البرادعى وصباحى وبديع والعريان وقنديل وبكرى ونور وعمرو موسى وأحمد زويل وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة "

"إغلاق مقرات أحزاب الوفد والتجمع والجبهة والناصرى ، وضرب مقارات الإخوان بالمدفعية الثقيلة "

"طرد سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا وقطر وإغلاق سفاراتهم "

" عاش الرئيس مبارك .. ويسقط شعب مصر ناكر الجميل "!!!

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

                                                                                         

اجمالي القراءات 11530