نهاية الأرب في نصح ثورات العرب

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٧ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

مقدمة

 1 ـ مرّ تاريخ العرب الحديث والمعاصر بمرحلتين :ـ عصر التحرر من الإستعمار الأوربي والخلافة العثمانية وبعث الفكر السلفي من خلال السعودية . وفي هذه المرحلة تم  رسم الجغرافيا السياسية وظهور دول جديدة في الشام والعراق والجزيرة العربية وشمال افريقيا .

ثم عصر الإستبداد المحلي حيث تدعم حكم الملكيات في الخليج والأردن والمغرب ، وجاءت الانقلابات وثورات التحرير بنظم جمهورية أقامت استبدادا بالغ القسوة والفساد في مصر والعراق &al;ق وسوريا ولبيبا والسودان وتونس والجزائر وموريتانيا واليمن .

الآن بدأ عصر تحرير الفرد العربي والشعوب العربية من الإستبداد والإحتلال المحلي بثورتي تونس ومصر، وتنتشر توابعها في بلاد العرب من البحرين إلى المغرب ومن اليمن إلى الجزائر ومن سوريا إلى السودان ومن الأردن إلى ليبيا .. وحتى العراق المثقل بالاحزان والدماء .

2 ـ تميزت تلك الثورات بطابع مختلف ، ليس انقلاباً عسكرياً يطمح للسلطة ولكن بثورة شبابية شعبية يجري الأعداد لها ومتابعتها من خلال الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة ، وتعتمد على حشد الجماهير التي طال تحملها للظلم وطال تطلعها للعدل والأمن والكرامة .

وقد اتضحت الطبيعة السلمية لمظاهرات ثورة اللوتس المصرية ، وتحمل المتظاهرون وحشية بوليس مبارك وسقط منهم المئات من القتلى والآلاف من الجرحى فأضيف إلى معالم الثورة تعاطف العالم الذي يشهد أحداثها دقيقة بدقيقة ، ولم يتحمل وحشية مبارك في التعامل مع متظاهرين مسالمين يطلبون حقوقهم المشروعة ، فكان أن سقط مبارك مغضوبا عليه .

سقوط مبارك انعش آمال الشعوب العربية فانتقلت توابع الثورة إلى الشارع العربي لتبدأ مرحلة جديدة تتكون ملامحها الآن لتسود بقية هذا القرن حيث سيعاد رسم الخريطة السياسية للوطن العربي .

أولاً : وحرصاً على نجاح الثورات العربية وبأقل قدر ممكن من الخسائر والتضحيات انصح أن تكون الثورات العربية : ـ

1ـ حقوقية وليست طائفية دينية أومذهبية أو عرقية : ـ يعتمد المستبد العربي على التفرقة بين ابناء الوطن الواحد وشغلهم بالنزاعات الدينية والطائفية حتى لا يتفقوا ويتحدوا ضده ، وبالتالي لابد من نسيان الإنقسام المذهبي والديني والانصهار خلف مبادئ العدل والحرية ، وتحت شعارات محددة هي اسقاط النظام القائم واقامة نظام حقوقي ديمقراطي مكانه .

2 ـ سلمية : لأن اللجوء للسلاح سيفقد الثورة التعاطف الذى تحتاجه ، وسيصل بها الى واحد من طريقين أحلاهما مرّ علقم :

إن انتصر الثوار بالسلاح فستنتهى الى ثورة حمراء وربما حرب أهلية يتناقش فيها أرباب الطوائف بالسلاح و التفجيرات والقتل العشوائى ، وربما يقام ديكور ديمقراطى فى العاصمة و لكن تسقط الدولة تماما كما فى الصومال ، أو تسقط جزئيا وتفقد سيطرتها على أطراف الوطن كما فى العراق و افغانستان .

أمّا إن أنتصر النظام ـ وهذا هو الأرجح لأنه الأقوى تسليحا ـ فسيعود المستبد أكثر ضراوة ووحشية .

لذا فإن خيار التظاهر السلمى هو الأنجح ، ويستلزم الاستعداد للموت والصبر والتصميم على بلوغ الهدف مهما بلغت التضحيات ، . وسيتضاعف عدد المنضمين للمظاهرات عندما يتزايد سقوط الضحايا . سقوط الضحايا لن يخيف الثوار بل على العكس سيشجع على قهر الخوف ويثبت الرغبة فى الثأر والانتقام بنفس الطريق وهو التظاهر . وفى النهاية سيتوقف البوليس عاجزا ويسقط المستبد. إنّ قبضة القائمين على الأمن ستتراخى حين يواجهون متظاهرين مسالمين من العار قتالهم أو قتلهم فى سبيل شخص مستبد يعطيهم الفتات ، ثم إن أولئك المتظاهرين في نهاية الأمر اخوة لهم في الوطن، يريدون الاصلاح وعزة الوطن.

3 ـ تسامحية :  الإلتزام بالطابع السلمي وحده لا يكفي . الأفضل ان يقترن بالعزم على الصفح والغفران لنترك مجالاً للتراجع أمام الخصم ، فهو يدرك أن عصره آيل للسقوط ، وأن بقاءه في السلطة مستحيل وأن زواله مسألة وقت .. والذي يؤرقه هو المصير الذي ينتظره ، ولو تاأد أن مصيره القتل أو الملاحقة فسيستميت دفاعاً عن وجوده ، أما إذا تم فتح باب الخروج الآمن له فإن قبضته ستتراخى ، ويسقط .. السلام والغفران يتطلبان أيضاً التمسك بالهدف المعلن وهو اسقاط النظام ، سواء كان رئيساً او ملكاً ..

ونعيد التأكيد على أن الإصرار على الهدف يعني الإستعداد للموت في سبيله . وهو المقصود بتغيير ما في النفس من خوف ورضى بالذل إلى عزة واستعداد للموت في سبيل حياة حرة كريمة للوطن والمواطنين .

4 ـ ثورة الغفران الأكفان : وهذا الإستعداد للموت يمكن التعبير عنه بارتداء الأكفان لتكون ثورة الغفران الأكفان .. ولنتخيل مظاهرات بمئات الألوف كل منهم يرتدي كفنه ، ويحمل شعارات ترحب بالموت في سبيل حياة كريمة ومطلب إسقاط النظام سلمياً الذى لا رجعة عنه.

ولنتخيل أن الملايين من كل شعب عربي شاركت في هذه المظاهرات بحيث تغلب كثرتهم فرق الأمن ، وتسجل عيون العالم وأعلامه هذا المشهد وتسجل جرائم الأمن لو اعتدى ، ولا بد من إطلاق الرصاص والقنابل وسقوط الضحايا ، وذلك هو عربون النصر وثمن الحرية ، الى أن يتراجع الأمن ، ويسقط المستبد العربي ..

5 ـ ثورة منظمة بقيادة وإطار سياسى حقوقى : ومنعاً للوقوع في الفوضى ، وحتى لا يقوم المحترفون في الفترة الأنتقالية بركوب الموجة وسرقة الانتصار فلابد من تكوين واجهة سياسية تقود مظاهرات الثورة في الداخل والخارج وتتحدث مع الاعلام العربى والدولى ، وبعد سقوط الطاغية تتحاور مع بقايا النظام المنهار في كيفية ملء الفراغ وتسيير الفترة الأنتقالية ، ثم تدخل بشعبها إلى تكوين نظام جمهوري حقوقي يحفظ للفرد حقوقه الإنسانية والسياسية ..

أخيرا:

الآن نعيش بكل فخر قوله جل وعلا:(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)(الرعد 11).

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 13916