النطق والقول
النطق والقول

محمد العتله في الأربعاء ١٩ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)الاسراء(105)

 

القران الكريم دقيق دقة مطلقة في الفاظه ومعانيه لانه صفة من صفات الله جل وعلى الاوهي انه كلام الله ومن اجل ذلك جاء الامر بتدبر هذا القران العظيم (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (82)النساء  (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (24)محمد—وهو المعجزة الخالدة والكبرى والوحيدة لمحمد صلى الله عليه وسلم  (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) (59)الاسراء

 

من الامور التي تلفت الانتباه لموضوع الوحي الالهي من الله سبحانه وتعالى كلمة( ينطق) في الاية الكريمة التالية

 

(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) (3)النجم. اذا فمن الموئكد ان لها دلاله –وفي الاية التاليه لها  ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (4)النجم                                            فيه حصر للوحي الالهي بكلمة (ينطق) وليس كلمة(يقول) مثلا وانه عندما يتطرق القران لموضوع كلام محمد صلى الله عليه وسلم فانه يعبر عنها بكلمة( يقول) فمثلا (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ) (44)الحاقة. فلم يقول لو نطق بل قال لو تقول

 

 

 

نستنتج من هذا ان هنالك فرق في المعنى بين كلمة ينطق وبين كلمة يقول فمعنى كلمة )ينطق (المشتقة من الجذر اللغوي نطق هي كلام بغير ارادة من المتكلم  بل هي بامر من الله تعالى

 

ودليل اخر قوله تعالى: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(21)فصلت. فهنا تتكلم جلودهم بغير ارادة منها او منهم بل بامر من الله تعالى ووصف كلامها بصفة النطق

 

وان معنى كلمة (تقول) المشتقة من الجذر اللغوي (قال) هي كلام المتكلم بملء ارادته

 

ودليل اخرقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (93)الانعام. فهنا يحدد المعنى بالظلم والافتراء ويربطه بكلمة( قال ) وان سبب استحقاق الظالمون العذاب انما هو لكلامهم الذي تكلمو به بملء الارادة (تقولون) وبقصد الافتراء.

 

وفي ذلك هل كان كلام النبي  صلى الله تعالى عليه وسلم( اي قوله) وحي اذا علمنا ان الوحي مخصوصبنطقه عليه السلام فقط اي بغير ارادة منه مسبقة للتكلم به حال تلقيه من الوحي الالهي ,وطبعا لم يتقول النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ابدا على الله .

 

ويتضح من هذه الايات انه ليس كل ما تكلم به محمد صلى الله عليه وسلم وحي او شريعة وانه كنبي كان يخطئ وكان الله يووجهه عن طريق الوحي ويأمره باتباع الوحي والادلة على ذلك كثيرة جدا من القران الكريم

 

اجعلنا يا الله ممن يقولون الحق

 

والحقيقة ان الاشارات كثيرة ومعجزه بما يخص لفظي القول والنطق حيث انها تبين بارتباطها مع باقي الكلمات  اشياء واشياء ولكن يظل المعنى الفارق بينهما واضح جدا من حيث الارادة في القول وعدم الارادة في النطق

 

والقران الكريم هو قول الله اي هو كلام الله وارادته (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا122(  النساء. بما ان القران كذلك اذا فالقران ناطق بأمر الله وعلمه سبحانه وتعالى عما يشركون فكلام الله وقوله هو الوحي  وانه حينما اوحاه الله لمحمد صلى الله عليه وسلم كان القول من الله على لسان النبي بصفة النطق (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (4)الاحزاب

 

 

 

ومحمد صلى الله عليه وسلم رسول الله ونبيه وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم-- القران هو الرسول وهو الصراط المستقيم قال تعالى  (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (101)ال عمران

 

ومن مشتقات كلمة نطق هنالك كلمة منطف كما في الاية( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (16)النمل. وهي تعني ايضا الكلام بغير الارادة من الطير اي فطرة الله وسنته في خلق الطير وهذه اي مناطق المخلوقات ثابتة لا تتغير وهي حق وعلم يمكن الاخذ باسبابه فيكون الله هو الذي علم سليمان لانه سبحانه وتعالى جعل لها منطقا معينا وانطقها بأرادته جل وعلى  وعلمه هذا المنطق ثم عمل سليمان واجتهد للاخذ باسبابه فأوتي من كل شيء

 

فنحن مع اننا مكلفون الا اننا في علم الله في الخلق كل  ما نفعله مرتبط بالضرورة بنواميس هذا الكون المنشور الذي قال عنه الله تعالى في كتابه( الكون المقروء)حيث قال  :  ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) 89 النحل .   وقد حصل كل شيء بالنسبة لعلم الله تعالى لذلك قال الله تعالى:( فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) (23)الذاريات

 

اي اننا وكوننا كوحدة واحدة ننطق بما يريده الله

اجمالي القراءات 41875