لقد كان للمرأة المصرية مكانة عظيمة في عصور ريادة الدولة الفرعونية لدرجة أنها كانت تصل إلى أعلى السلطات في الدولة وجميعنا يعلم من هن الملكات "حتشبسوت و كليو باترا و نفرتيتي و نفرتاري" و نعلم عن إيزيس الأسطورة ، حتى بعد الفتح الإسلامي ظهرت قيادات نسائية مثل "شجرة الدر" و حكايتها ، و في القرن الماضي جميعنا يذكر صفية زغلول و هدى شعراوي و من منا لا يذكر الفنانة الكبيرة أم كلثوم و التي ظلت تغني حتى سن الــ 75 عاماً و كان لها روادها و جمهورها ، و هي إمرأة ليست بالجميلة و ليس لديها أي إغراء أو شباب و لكن كان لديها عطاء في مجال آخر له إحترامه بين الناس اللذين كانوا يقدرونها ، إن المرأة المصرية مرت بمراحل عديدة كانت سماتها القيادية تختفي في فترات و تعود في فترات أخرى .
و أجد نفسي أعود بذاكرتي إلى الوراء و أذكر عندما كنت طفلاً في بداية الثمانينات من القرن الماضي كنت أعيش مع أهلي خارج مصر و لم أكن أزور مصر إلا شهر أو شهرين في السنة الواحده ، و أتذكر جيداً بلدتي مدينة المحلة الكبرى ، و أذكر المرأة المصرية في ذلك الوقت ، و لا حظوا أني أتحدث عن المرأة في أقليم المحلة الكبرى و ليس القاهرة ، لقد كانت النساء في غاية الجمال فتيات كانوا أو متزوجات ، كانت المرأة في الأقاليم مهتمة بجمالها لدرجة رائعة ، و كانت نسبة الحجاب نادرة و قليلة ، و أنا هنا لست ضد الحجاب و لكني أرصد الواقع في تلك الفترة حيث كانت النساء تهتم بشكلها العام إلى أقصى درجة ، و لم تكن المرأة تستهلك وقتاً كثيراً حتى تهتم بنفسها فمن فرط تعودها على إهتمامها بنفسها أصبحت تستغرق وقتاً قصيراً و ليس طويلاً .
و أذكر أنني كنت فخوراً و أنا صغير بالمرأة المصرية جداً فقد كانت مثال مشرف جميل ، إلا أن المرأة فيما بعد بدأت في التغير شيئاً فشيئاً ، و أذكر جامعة القاهرة منذ 11 عاماً مضت كانت الطالبات في الجامعة في غاية الروعة و الجمال و كان منظر الطالبات يسر العين و مدعاة للتفاخر سواء كانت الفتيات محجبات أو غير محجبات إلا أنهن جميعاً كانوا في غاية الروعة و الجمال .
و جامعة القاهرة التي أتحدث عنها من 11 عاماً فقط ليست هي جامعة القاهرة الموجودة الآن ! فالفرق شاسع فكافة الفتيات قد إرتدين الحجاب و أهملوا أنفسهن و جمالهن و حتى الفتيات الغير محجبات أصبحن لا يهتمون بالجمال مطلقاً أو إظهاره ، و هذه ظاهرة جديدة أعتقد أنها جديدة على المرأة المصرية ، فقد إنتهى عصر فاتن حمامة و ماجدة و دخلت المرأة في عصر جديد أصبحت متوسطات الجمال فيه هن الجميلات في حين أنهن متواضعات جداً في الجمال حتى السينما المصرية أصبحت تعرف نجوماً من النساء متواضعات جداً في جمالهن و أصبح الرجال يتغزلون في جمالهن و لكن .. ليس لأنهن جميلات و لكن لأنهن أفضل النساء الموجودة!
إنني عندما أتحدث عن المرأة و جمالها فأنا لا أتخطى الخطوط الحمراء أو أدخل في المحظور ، و لكن أبحث في المسألة لإرتباطها بشكل مباشر بالصورة العامة للدولة ، فأنت تستطيع أن تعرف مدى تقدم الدول من خلال الشكل العام للمرأة ، فلو أنك ذهبت إلى أمريكا أو أوربا ستجد أن النساء جميعهن جميلات حتى و إن لم يكن جميلات إلا أن إهتمامهن بأنفسهن يظهر جمالهن حتى و إن كان جمال متواضع إلا أن خصوصية كل إمرأة في الجمال تظهر على السطح ، و المرأة التي تهتم بجمالها هي الأكثر إنجازاً للعمل بينما العكس صحيح لذلك نجد تلك المجتمعات ناجحة في كل شيئ و تسبقتنا بمئات السنين .
أما مصر الآن .. نجد أن وضع المرأة فيها قد أصبح مؤسفاً جداً فلو ذهب أي شخص إلى أي مصلحة حكومية فسيجد نساء سمينات لدرجة مخيفة و يرتدين ملابس مهلهلة و ستجد معهن طعام في شكل خبز و جبن و خضروات بشكل قد يصيبك بالغثيان و الطامة الكبرى إذا ما شاهدتهن و هن يأكلن الطعام ، دون خوف من السمنة أو الرشاقة أو حتى خوف من أن يتسببن في إصابة من يشاهدهن بالغثيان .. إنه حقاً منظر مؤسف !
و دعونا الآن نتساءل لماذا إنقلب حال المرأة المصرية إلى هذه الدرجة الدونية ؟
إن لكل ظاهرة أسبابها و دعونا نطرح هموم المرأة المصرية فقد نصل إلى حل أو إجابة و بداية نبدأ بمشاكل الفتيات بعد مرحلة الثانوية :
- يسيطر على الفتيات خوف من المستقبل بسبب يأس و خوف من مجهول قد يجعلها لا تتزوج .
- ترى الفتيات مغريات حولها من كل جانب ثير بداخلها الغريزة الجنسية في ظل غياب رقابة مجتمعية أو أسرية ، و سبب غياب الرقابة الأسرية هو محاولة الأسرة تجميع المال من أجل تأمين مستقبل أولادهم ، و سبب غياب الرقابة المجتمعية هو فساد النظام الحاكم و إنشغاله بمحاولات البقاء في الحكم ، و بالتالي إنتشرت ظاهرة الزواج العرفي و العلاقات الغرامية و التي من الممكن أن تتسبب في الإساءة لسمعة الفتيات و بالتالي تؤثر على زواجهن في المستقبل .
- تتسبب بعض العلاقات الغرامية في أن تفقد العديد من الفتيات عذريتهن ، و بعضهن يلجأن إلى الحلول الطبية ، إلا أن مثل هذه الحلول تفتح باب الكذب بين الفتاة و زوجها و يظل الكذب ملازم العلاقة الزوجية ، و الكذب في النهاية يتسبب في إنهيار العديد من الأسر .
إن الأسباب التي تسببت في إنهيار نفسية المرأة و تحطيمها كثيرة و لكن أين يكمن الحل و هل لنا من سبيل حتى تستعيد المرأة المصرية سابق عهدها ، و أنا أقول في هذا الصدد نعم تستطيع المرأة أن تعيد سابق عهدها فقط إن أرادت هي ذلك و من وجهة نظري الآتي :
- على الفتاة التي هي في مقتبل الزواج أن تتخلى عن الشروط و العقبات التي يضعها أهلها لإتمام زواجها و لا يقدر عليها من يريد الزواج بها ، على الفتيات أن يرفعن أصواتهن و يطالبن بحقهن في الزواج الشرعي أمام الجميع و أن لا تعتبر عسر الحال أو ضيق اليد عاراً .
- على الفتيات أن يضعن في إعتبارهن أنهن شريكات لأزواجهن ، و الشراكة و المساواة تقتضي أن تعمل كما يعمل الرجل ، و أن تعلم أن الزوج شريك لبناء بيتها الذي حلمت به و تبعد عن أفكار ضرورة التأمين من الزوج مثلما تفعل بعض الفتيات أو أهلهن بأن يقوموا بأخذ توقيعات الأزواج على أوراق على بياض أو إيصالات أمانة .
- على الفتيات أن تعلم أن تأخرها في الزواج لا يعني أنها لن تتزوج و عليهن أن لا يضعن أوقاتهن دون محاولة البحث عن مواضع الإبداع فيهن ، فلكل إنسان مواطن إبداع لو بحث عنها سيجدها و لو وجدها و أخرجها فإن مواهبه ستظهر و بالتالي يكون له مريدين .
- يجب على كل فتاة أن تنظر إلى نفسها في المرآة و تعلم أن الله قد خلقها جميلة بدليل أنها تختلف عن مثيلاتها ، و عليها أن تظهر مواطن الجمال فيها ، أما و أنها يبث البعض في أذنيها أن إظهار الجمال حرام و أن الرجل يحب المرأة المتدينة ، فهو كلام خاطئ فالرجل قبل أن يقدم على الزواج ينظر إلى الشكل و المظهر أولاً .
- على النساء المتزوجات أن تهتم بأنفسهن مثلما كن يفعلن في فترة خطوبتهن بل و أكثر ، و أول شيئ يجب على المرأة أن تراعيه هو جمال جسدها ، فالرشاقة مطلوبة و لا تنفر الرجال ، فأكثر ما ينفر الرجل من المرأة هو أنها تأكل كثيراً .
لقد كتبت مقالي هذا بعد رؤية تجارب عملية أمامي إصطدمت بها قي عملي كمحام و كم وجدت أن الأزواج يصرون على الحفاظ على زوجاتهم حتى و إن طلبن هن منهم الطلاق ، لا يفرط الرجال في المرأة الجميلة أو المرأة التي تستطيع أن تظهر ما لديها من جمال أو إجمالاً المرأة التي تهتم بنفسها لأنها تكون عزيزة جداً على زوجها ، أما المرأة التي لا تهتم بنفسها فإن زوجها لا يبالي ببقاءها أو طلاقها !
إن للمرأة المصرية هموم أهمها أنها تعيش في مجتمع ذكوري و لكن عليها أن تعلم أنها لن تتخلص من همومها إلا إذا كسرت ما حولها من قيود مجتمعية متخلفة إنتهت بها إلى الهاوية ، قيود تدعو إلى الأخلاق في حين أنها تدعو إلى الكذب و الإنحلال ، فالغريزة الجنسية موجودة لدى المرأة كما هي موجودة لدى الرجل و بحث أحدهما عنها لا يعد عاراً ، و لو كانت عاراً ما خلقها الله إلا أنها يجب أن تكون في إطار شرعي و في النور من أجل أبناء هم ثمرة العلاقة بين الرجل و المرأة .
أقول قولي هذا و أستغر الله لي و لكم
شادي طلعت