حكام العالم وأعوانهم يستحقوا العلاج
يقول المثل (من زرع حصد) هكذا يقال أو هكذا يتحدث الناس عن أشياء كثيرة، وأول شيء تقصده الناس عن موضوع من زرع حصد هو الزراعة في الأرض، أي لا يمكن أن تحصد ألا إذا زرعت واهتممت بما زرعته في الأرض، وعلى مر التاريخ البشري ومنذ أن أراد الله وجود آدم وأولاده وظهورهم على الأرض في المستوى المادي ينقسم البشر إلى قسمان، قسم من الناس يسعى لكي يكتسب رزقه من الحلال سواء في الزراعة أو في أي عمل آخر غير الزراعة وقسم ضئيل من الناس على مر التاريخ يسعى لكي يكتسب رزقه باستغلال واستعباد الناس دون وجهة حق، وهنا يتبين لنا نوعية الإمراض عند البشر، فالذي يمرض مرض بدني من الممكن أن يشفى منه إذا تشخص المرض لديه مبكراً، أما الذي يمرض مرض نفسي بمعنى يصبح ظالم أو مستبد منتهز للفرص ومستغل للناس دون أن يفكر في العلاج ولو لمرة لا يمكن أن يشفى من المرض أو يتخلص الناس من مرضه المزمن وهو الظلم، إلا عند الموت، كما فعل فرعون من قبل ظل مريضاً طوال عمره يظلم في الناس ويستبد فيهم ويقتل فيهم ولم يعترف أنه كان مريض نفسي إلا عند الموت.
وما فعله فرعون ما زال البعض من الناس في كل مكان يتمسك به، لم يختلف الفعل غير أن الزمان فقط هو الذي اختلف، وهذا يحدث تقريبا في جميع دول العالم، لم يتغير شيء، القتل هو هو، الاستبداد والظلم هو هو، ولكن بنسب متفاوتة، وان كان مرض فرعون وظلمه واستبداده يعد أقل ظلماً من المرضى والمستبدين في هذا العصر، لأنه كان كافر، لا يؤمن بالله ولا بوجود الله، أما المشكلة الآن من المستبدين والظالمين أنهم جميعهم يقولون نحن نؤمن بالله، ومع ذلك لم يتوقفوا عن ظلم واستغلال الناس، ومن المتفق عليه بين الناس أنه لا يمكن أن تحصد شيء إلا إذا قمت بالزراعة، لكي تحصد ما زرعته.
إن الله قد جعل الأرض والبحار هبه للناس كافة، ولا ينكر أحد ذلك، ولكن مع مرور الوقت والفساد والظلم والاستبداد انقسم العالم إلى دول ومجموعات من الناس وقسموا الأرض والبحار على حسب أهواءهم، بعض الناس في هذا العالم تحصد وتنهب دون أن تزرع أي شيء، على سبيل المثال البترول وجميع المعادن التي تخرج من باطن الأرض دون أي مجهود غير المعدات، والتي قام بدفع ثمن تلك المعدات الناس من جمع الضرائب وخلافه، ومن ثم تحتكر هذه الثروات الهائلة مجموعة من المرضى النفسيين الذين لم يعترفوا أنهم مرضى، والذين لم يقبلوا أي نوع من العلاج، وهذا ليس من حقهم أن يحتكروا تلك الثروات لأنفسهم، هذا ما يجب أن يتفهمه الناس في كل مكان من العالم، أن كل شيء في باطن الأرض وفي البحار هو حق لكل الناس وليس حق لفئة دون أخرى، هذا أمر غير مقبول أن تكون ثروات العالم في أيدي أشخاص لم يزرعوا ولم يقلعوا شيء ومن ثم يغتصبون حقوق الناس بمرضهم النفسي، ذلك عار، على جميع شعوب العالم أن لا يصمتوا عن حقوقهم المغتصبة، وأن هؤلاء المرضى في كل مكان من العالم لم يأتي لهم كتاب من السماء لكي يورثهم ما في باطن الأرض، وما في البحار من بترول وخلافة، لم يأتِ لهم هذا، وكل ما استولى عليه حكام العالم منذ بدايات التاريخ البشري وحتى الآن، ما استولوا عليه إلا بالظلم والاستبداد والمرض، ويجب على جميع شعوب العالم حتى تأخذ حقوقها أن تداوي مرضاها من الحكام وأعوانهم المرضى، ومن غير المنطقي ونحن في هذا العصر، عصر القرية الكونية كما يقولون، وفي ظل هذا التقدم البشري الغير مسبوق، والإنفاق على التسلح وعلى العلم دون حساب ويهمل الإنسان في أبسط حقوقه وهو الأهم من كل ذلك، هذا يعد عار على البشرية في كل مكان، أي بدون حقوق الإنسان لن يستمر التقدم ولا العلم، ولا ننسى أن اندثار الحضارات والتقدم في الماضي كان بسبب الظلم والاستبداد لا بشيء أخر غير الظلم، أي من الممكن حدوث ما حدث في الماضي وهو أن ينتهي كل هذا التقدم والعلم بسبب قله ضئيلة في العالم تستحوذ حتى على الثروات التي تخرج من باطن الأرض ويوجد ملايين من البشر في كل مكان لا يملكون قوت يومهم، هذه سوف تكون بداية النهاية، وبتجاهل هؤلاء المرضى وأعوانهم عن العلاج وبتجاهلهم عن حقوق الشعوب هذا يعني اقتراب الخراب والدمار في العالم، لا محال من ذلك إلا بتوزيع ثروات الشعوب على الشعوب أما إذا بقي الحال كما هو من سيء إلى أسوأ سوف يأتي اليوم الذي يختفي فيه كل هذا العلم والتقدم مثل ما حدث في الأمم السابقة، وتبدأ الأجيال القادمة من الصفر، هذا إذا تعرفوا على الصفر أصلاً.