من المعبود على أرض الواقع؟
الجزء الثانى
محتويات الجزء الثانى:
* المهمة الأساسية للرسول محمد
قبل الدخول على الجزء الثانى يجب على القارئ أن يستوعب ما قيل فى الجزء الأول ثم يربط ما إنتهينا عليه فى الجزء الأول ثم يتابع مع الجزء الثانى.
تابع المهمة الأساسية للرسول محمد: فى سياق التقريع على قرار اتخذه الرسول من دون أن يؤذن له.
إنتهى الجزء الأول بهذه الآية الكريمة :
" لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ " 2:272
فى سياق التقريع على قرار إتخذه الرسول من دون أن يؤذن له به فى الوحى فنزلت هذه الآية التى نحن بصددها لتنهى الرسول عن منع الصدقة عن المحتاجين من المشركين ما لم يعتنقوا الإسلام. ليس عليك يا محمد هدى المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوع ولا تعطيهم منها ليدخلوا فى الإسلام ولكن اللـــه هو يهدى من يشاء من خلقه إلى الإسلام فيوفقهم له فلا تمنعهم الصدقة.
وفى تخطئة الرسول على قرار بادر إلى إتخاذه من دون مرجعية من الوحى، نزلت الآية من سورة الأنفال رقم 67 : " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ".
وقع فى أيدى المسلمين فى يوم بدر عدد كبير من الأسرى وفيهم عدد من قرابة الرسول، فلما جيئ بالأسرى قال الرسول:" ما تقولون فى هؤلاء الأسرى؟ فقال أبو بكر: يا رسول اللـــه قومك وأهلك، إستبقهم لعل اللــه أن يتوب عليهم. وقال عمر يا رسول اللــه كذبوك وأخرجوك قدِّمهم فاضرب أعناقهم." فوافق الرسول على ما قاله ابوبكر وأخذ منهم الفداء بل إنه أطلق سراح ختنه بلا فداء. فنزلت الآية تعيب على الرسول أخذ الفداء من أسارى بدر قبل أن يؤمر به. وتلومه على أنه بإيثاره رأى ابى بكر فى الفداء على رأى عمر فى القتل، قد قدم متاع الدنيا على متاع الآخرة.
هذه المحاباه التى أبداها الرسول نحو قرابته فى قضية أسرى بدر والتى ناله من تأنيب ولوم ، يكرر التقريع الإلهى مرة ثانية فى قضية سرقة ابن أبيرق، فقد مال الرسول إلى تبرئة هذا الأخير لأنه من الأنصار الذين إنضموا تحت رايته وإعتنقوا الإسلام ليثبت تهمة السرقة على رجل يهودى بريئ. والقصة معروفة لا داعى لتكرارها، فسألوا الرسول أن يدافع عن صاحبهم (من الأنصار) ، فهم رسول اللــه أن يفعل حتى أنزل اللـــه تعالى : " إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " النساء 106 و105
والواضح من هذه النصوص أن الرسول لم يكن خاصم عن الخائن ولكن قد هم بذلك فأمره اللــه سبحانه بالإستغفار مما هم به من ذلك.
والمتدبر فى آيات اللـــه الكريمات وفى البُنية اللغوية للقرءآن الكريم يلاحظ أن فى جميع الآيات التى يكون فيها المخاطب هو الرسول، يلاحظ أنها من الناحية اللغوية انها أوامر ونواهى فالرسول على طول الخط إما مأمور أو منهى عن... وإليكم بعض الآيات التى جاءت الصيغة اللغوية بصيغة الأمر:
" أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا " النساء 63
" فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ " الحجر 94
" يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ " المدثر
أوامر ونواهى، وأن النص القرءآنى يحرص على تذكير الرسول بأنه مأمور " فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ .... " الشورى 15
وإن الرسول يحرص بدوره على التنويه بأنه مأمور وأن يعلن ذلك:
" ........ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ .... " الأنعام 14
" قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ " الزمر11
" ....... وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ ... " الشورى 15
ومن الآيات التى جاءت بصيغة النهى كثيرة، ومنها على سبيل المثال:
" فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)القلم
" وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ... " التوبة 84
والآية قوية الدلالة على أن الرسول مسيرا تحت إمرة الوحى فى حياته الخاصة كما فى حياته العامة، فلنقرأ فى سورة التحريم : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "1
فهنا يُلام النبى لا على كونه حلل لنفسه شيئا محرما بل كونه حرَّم على نفسه ما أحله اللــه له.
وعلى ضوء ما تقدم حتى الآن نجد الآية التى تكررت مرتين فى القرءآن فى سورة الكهف وسورة فصلت، تعطى المصداقية فى بشرية الرسول الكريم " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ ..... " الكهف 110
فالرسول بشر لا يميزه عن سائر البشر إلا كونه يوحى إليه. وكما يكون قبل الوحى بشرا كذلك يبقى بعد الوحى بشرا. ومن حيث أنه بشر وأيضا عبد للـــه فلا يصح أن نرفعه زورا وبهتانا عن ما قرر له اللــه من مكانة وحدد له معالم الرسالة وما له وما عليه. وعندما ينزل الوحى، قد حُسم الأمر، فالأمر أولا وأخيرا للوحى المامور به الرسول وأيضا على المؤمنين والمؤمنات.
وهذا التمييز بين البشر الذى فيه والبشر الذى يوحى إليه، بين البشر الذى يرجع الأمر إليه والبشر الذى تعود إمرته إلى ربه، وكما يُقال، بين البشر الذى يتكلم من عنده والبشر الذى يتكلم من عند اللـــه سبحانه.
آيات تأمر بإطاعة الرسول، وهل هذا يغير من مفهوم الآيات السابق سردها؟
بعد هذا السرد للآيات التى تقصر وظيفة الرسول على التبليغ، والآيات التى تحذر الرسول من أن يسبق الوحى، وآيات التى يعلق الرسول الحكم فيها بإنتظار الوحى، وآيات التى تردع الرسول عن أية مبادرة من دون مرجع من الوحى وأيضا الآيات التى تتدخل فى الحياة الخاصة بالرسول وتحدد له ما هو مباح أو محرم.
بعد كل هذا السرد والايات كثيرة لم أذكرها كلها لعدم الإطالة، هل هذا يغير من الموقف شيئ....
نلاحظ فى تدبرنا لآيات اللـــه الكريمات أن الآيات التى جاءت فيها الإطاعة ، جاءت جميعها وبدون إسثناء بصفته كرسول، ولم تأتى آية واحدة بصفته كنبى أو كشخص محمد. وإليكم بعض هذه الآيات على سبيل المثال لا الحصر:
الأنفال "........وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ( الأنفال 20
" وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (ألنفال 46
" أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13
جميع الايات التى جاءت تأمر الناس بإطاعة الرسول وهى إثنى عشر آية، تأمرهم بالإطاعة مقرونة بإطاعة اللـــه سبحانه أولا وهذا يدل على أن مفهوم الإطاعة فى هذه الايات والأمر " أطيعوا" أى صدقوا وآمنوا بالرسالة التى جاءت مع الرسول الذى نحن مأمورون بإطاعته. وأن آيات الإطاعة نزل بعض منه تخاطب المشركين وأخر تخاطب المؤمنين، فإن كانت تخاطب المشركين فدلالتها التصديق بالرسالة التى جاء بها الرسول. أما الآيات التى جاءت تخاطب المؤمنين فلا تأمرهم إلا فى أمور الحرب وقسمة الغنائم والفيئ.
ففى وقت الحرب نقرأ فى سورة آل عمران الآية 132: " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " فى وقت معركة أُحد. ونرى آية أخرى فى وقت الحرب أيضا فى سورة الأنفال 46: " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "
وفى الغنائم نقرأ فى سورة الأنفال آية رقم 1: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " .
وعلى نفس النمط، هناك آية طالما إحتج بها الفقهاء ليبرروا تحويل مهمة الرسول من التبليغ إلى التشريع:
" مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" الحشر 7
لو تدبرنا هذه الآية الكريمة مع سياق الآية التى قبلها والتى بعدها نجد أن ما ذهبوا إليه الفقهاء هو بالتأكيد باطل. فهنا إختلاف فى التوزيع عن موضوع الخمس للــه وللرسول والأربعة أخماس للمقاتلة، والفيئ هو ما يُغنم بدون قتال، بل إختصه بنفسه وبآل بيته والمستضعفين من الناس والقول بأنها قانون عام ينطبق على كل ما قاله وفعله واقره الرسول، فهذا ينقضه القرءآن الكريم من أوله إلى آخره.
وفى سورة النساء الآية 59 دليل آخر على أن الأمر بالإطاعة لا يُعد تخويلا بسلطة تشريعية للرسول:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ....... " فالإطاعة هنا أيض فى سياق الحرب ، وأن ذكر إطاعة اولى الأمر أيا كانوا، والمطلوب إطاعتهم ليس هذا معناه أن يكونوا مشرعين وإلا لأصبحوا شركاء للـــه الشارع الذى لا شارع سواه.
إن أمر الناس بإطاعة الرسول لا تعنى تخويله سلطة تشريعية والتى هى من حق اللـــه تعالى وحده، بل تعنى إطاعته فى ما يدعوهم إليه من الإيمان بما أنزل إليه ربه، تعنى الإيمان وإتباع الرسالة التى مأمور بتبليغها للناس، ولهذا وعدهم سبحانه بالجنة مكافأة لو أطاعوا اللـــه وأطاعوه: "... وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ .... " النساء 13
وأختم هذه الفقرة " المهمة الرئيسية للرسول " بالكلمات التالية:
نستخلص مما تقدم، ان الرسول وككل رسول ليس له من مهمة غير تبليغ الرسالة، من دون أن يكون له حق التصرف أو التأويل. وفى كل مرة يقول شيئا أو يفعل من عنده أو حتى يتمنى فى نفسه، فيخرج عن دائرة كرسول ويعود بشرا يسرى عليه قانون البشر فيصيب ويخطئ كغيره من البشر بل يضلُّ بكل تأكيد بالنظر إلى أنه مكلف بتبليغ الرسالة وهم غير مكلفين: " قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ " سبأ 50
وبصفته كرسول فليس له أن يكون مشرعا ولكن العكس تماما فالرسول مشرَّعا له فلنقرأ فى سورة الجاثية الآية ، 18 وهى الاية الوحيدة التىذكر فيها كلمة " شريعة " يقول سبحانه:
" ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)
وما يقال على الشريعة يُقال على ما يسمونه السُنة، فالرسول مسنون له وليس له الحق فى سن أى قوانين، فالسنة هى حصرا سنة اللــــه، وفى الوقت التى تتكرر فيه عبارة سُنَّة اللـــه فى القرءآن ثمانى مرات، نجد ست مرات منها تتوجه بالخطاب إلى الرسول مباشرة فى ما يشبه الإنذار، فلنقرا فى سورة فاطر:
" اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)
إليكم القول الفصل فى المهمة الرئيسية للرسول عليه السلام، فلنقرأ فى سورة الأحزاب من الآية 45 إلى الآية 48 والتى توضح بدون أدنى شك أو تأويل هذه المهمة الملقاة على عاتق الرسول الكريم بعيداعن أهواء الذين ظلموا وكذبوا بآيات اللـــه الكريمات.
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا "
فالرسول شاهد على هذه البشرية التي أرسل إليها , يشهد أنه بلغها ما أمر به , وأنها استقبلته بما استقبلته , وأنه كان منها المؤمنون , ومنها الكافرون , ومنها المنافقون . وكان منها المصلحون ومنها المفسدون . فيؤدي الشهادة كما أدى الرسالة . وهو مبشر بالخير والمغفرة والرضى وحسن الجزاء للمؤمنين الطائعين , ونذير بسوء المنقلب والغضب واللعنة والعقاب للكافرين والمنافقين والعصاة والمفسدين . . يكشف لهم عن الغاية المرجوة لهم من الرسالة . إنها الإيمان بالله ورسوله , ثم النهوض بتكاليف الإيمان , فينصرون الله بنصرة منهجه وشريعته , ويوقرونه في نفوسهم بالشعور بجلاله ; وينزهونه بالتسبيح والتحميد طرفي النهار في البكور والأصيل , وهي كناية عن اليوم كله , لأن طرفي النهار يضمان ما بينهما من آونة . والغرض هو اتصال القلب بالله في كل آن . فهذه هي ثمرة الإيمان المرجوة للمؤمنين من إرسال الرسول شاهدا ومبشرا ونذيرا.
بعد أن سردنا بعض الحقائق والدلالات القرءآنية وبعد إنتهاء الجزء الأول ونحن هنا فى نهاية الجزء الثانى، وما زال السؤال قائما: من المعبود على أرض الواقع؟
لنا لقاء فى الجزء الثالث مع:
هل هناك نذير وبشير بعد موت الرسول؟*
* الغلو فى الدين
* جعلوا للـــه أندادا
* من كتبهم نرد عليهم