متى نطيع أولي الأمر
متى نطيع أولي الأمر

رمضان عبد الرحمن في الخميس ٠٩ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

متى نطيع أولي الأمر

 

 

في البداية وقبل أن نطيع أولي الأمر لابد آن نطيع الله، ومن ثم أن نطيع أولي الأمر، في إطاعة الله يلزم شروط خاصة على أولي الأمر حتى نطيعهم، أن يكونوا من الصديقين، وان يكونوا عنوان في الأمانة بكل ما تحمله الكلمة من معاني وأخلاق، والتعامل مع الناس والحفاظ على حقوقهم في كل شيء، ومراعاة حق الفقراء في المجتمع، وعدم التآمر على الناس وعدم كتمان الحق الذي بسببه ; تضيع حقوق الناس، إذا أصبح أولي الأمر بهذا الشكل يجب على الناس أو المجتمع أن يطيع أولي الأمر، أما إذا فعلوا العكس ووضعوا أنفسهم فوق الناس، فلا حوار معهم ولا نقاش معهم، لأنهم أصبحوا كمن يأكل حقوق الناس ويتآمر على حقوق الأغلبية من أجل مصالحهم الشخصية وعلى حساب المجتمع، هنا يجب على الناس أن لا يطيعوا هؤلاء إذا كانوا بهذا الشكل، وأن أولي الأمر في القرآن لهم شروط، يقول تعالى:

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) سورة النساء آية 59.

 

هنا يتبين أنه إذا حدث أي خلاف بين الناس بما يخص الدين لا يمكن أن يتفقوا إلا إذا احتكموا إلى كتاب الله ودون أن يتذمر شخص على الأخر من الممكن أن تحل جميع الأمور بين الناس بكل هدوء، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، يقول تعالى:

((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) سورة آل عمران آية 159.

 

أي أن الرسول نفسه المرسل من عند الله لم يستمد قوته وسلطته إلا بالأخلاق والرحمة وعدم التعالي على الناس، والشعور بالفقراء من الناس والإنفاق عليهم وهذا ما جعل الرسول بعد ذلك تتسابق الناس من أغنياء وفقراء على حمايته ونصرته ومصاحبته لأنه عليه السلام تفوق على الجميع بالأخلاق والمثل العالي مع الفقير قبل الغني والضعيف قبل القوي، لم يتفوق الرسول عليهم ببناء القصور وجمع الأموال ولكن تفوق عليهم بالعطاء دون مقابل، فهل يجوز في هذا العصر أن نتبع أولي الأمر أو نطيعهم؟!.. سواء أكانوا رجال دين أو سياسة كما يقولون عن أنفسهم، ونحن نعلم  أنهم يأكلون أموال الشعوب ويستبدون الناس في كل شيء وحين يموت أي فرد من هؤلاء ينكشف ستره بما كان يمتلك من ملايين أو مليارات من دم الغلابى والمساكين، الأغرب من كل ذلك أن من هؤلاء رجال دين يقومون بخداع الناس من أجل حاكم ظالم، يقولون للناس أن الرسول كان يساعد الفقراء من اليهود وغير اليهود، وهم الآن يبخلون بمساعدة الفقراء من المسلمين، بل يشتركون في أكل حقوقهم، فهل يجوز أن نقول عن هؤلاء أولي الأمر؟!.. أم نقول عنهم وبكل فخر أنهم أولي النهب؟!.. ونحن هنا لا نتهم أحد بعينه ولكن حين يصبح المجتمع بهذا الشكل وتصبح هناك فروق  فظيعة بين أبناء المجتمع الواحد، فقراء في قاع المحيط، وأثرياء ثراء فاحش، وكلا الصنفين من المسلمين أو من المتمسلمين كما يقولون، وبذلك أصبح هؤلاء ليسوا أولي أمر بل عبارة عن لصوص وحتى نطيع أولي الأمر لا بد أن يكون قدوة في الأخلاق والأمانة، قدوة في الإنفاق على الفقراء، أي أن هناك فرق شاسع لا نستطيع تحديده بين أولي الأمر الذي أشار القرآن إليهم أن نطيعهم وبين من يمثلون على الناس في هذا العصر.

اجمالي القراءات 10950