العلمانيون الأقباط يطالبون البابا شنودة بالتوقف عن تصريحاته المؤيدة للتوريث
في
السبت ٢٤ - أكتوبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
حث التيار العلماني البابا شنودة الثالث والقيادات الكنسية على عدم الانزلاق إلى معترك السياسة، لتبقى الكنيسة بمنأى عن المهاترات والصراعات التي تأتى خصمًا من مهمتها الروحية والرعوية والتي تتطلب جهدًا مضاعفًا ومضنيًا فى مناخ ملتهب لا يحتمل المزيد، داعيًا الكنيسة إلى العودة إلى مربعها الروحي والرعوي.
ورأى العلمانيون أن القيادة الكنسية تم استدراجها إلى معركة مختلقة لا أساس لها فيما يروج لها بتوريث الحكم فى مصر بإعلانها التأكيد على تأييد اختيار جمال مبارك كرئيس مقبل لمصر واعتبار هذا موقفاً لأقباط مصر.
يأتي ذلك في أعقاب الجدل الذي أثاره البابا شنودة بتصريحاته المتكررة المؤيدة لسيناريو التوريث في مصر، وبعدما أبدى في تصريحات تلفزيونية مؤخرًا تأييده لوصول جمال مبارك للسلطة خلفًا لوالده الرئيس الحالي حسني مبارك، فيما اعتبره منتقدون يتنافى مع الدور الروحي للكنيسة، ومحاولة لفرض الوصاية على أتباعها.
وجاء في البيان الذي حصلت "المصريون" على نسخة منه: "تتوالى علينا هذه الأيام العديد من التصريحات والمواقف السياسية المنسوبة لقداسة البابا شنودة الثالث، ولكونها تصريحات ومواقف سياسية فهي تحتمل الاختلاف والاتفاق حولها، وتثير العديد من النقاشات والجدل فى عصر السموات المفتوحة وثورة الاتصالات، ولما كنا فى مجتمع يمر بمرحلة تراجع ثقافي وفكري وروحي حدت به أن يوحد بين الشخص والكيان فيحسب رأى قداسة البابا وإن كان سياسيًا هو رأى الكنيسة بالمخالفة لطبيعة الأمور".
وأضاف البيان: "لذلك طالبنا مرارا الكنيسة ممثلة فى قداسة البابا والمجمع المقدس بعدم الخوض فى السياسة، وليس ذلك حجرا على حقه كمواطن مصري مهموم بشأن الوطن وإنما لسمو موقعه الذي يتجاوز الدخول فى معارك خلافية سياسية تعرضه للمؤاخذة وللتجريح الأمر الذي يحسب عند قاعدة عريضة تجريحاً للكنيسة" على حد وصف البيان.
وحمل البيان توقيع أعضاء اللجنة التأسيسية للتيار العلماني، وهم: إسحق حنا وأكرم حبيب والدكتور رائيف مرقص يني والدكتور جرجس كامل يوسف وكمال بولس باسيلى وكمال زاخر موسى وماجد الراهب ومدحت بشاي والدكتور ناجى فوزي ونشأت عدلي عجايبي ويوسف سعد.
ورأى الموقعون على البيان أنه بمطالبهم هذه لم يتجاوزوا القواعد القانونية التي تمنع أفراد الهيئات ذات الصفة الحيادية والحساسة من العمل بالسياسة، أو أبداء رأي أو اتخاذ موقف سياسي مثل الشرطة والقوات المسلحة والقضاء، لوجوب تمتعها بعدم الانحياز أو تبني رأي فصيل سياسي دون آخر، إذ اعتبروا أن الكنيسة كمنظومة روحية ترعى أبنائها بغير النظر إلى أطيافهم وخياراتهم السياسية والحزبية هي واحدة من هذه الهيئات.
وفي تعليقه على تصريحاته المؤيدة لانتخاب جمال مبارك رئيسًا للجمهورية، قال الدكتور عبد الحليم قنديل، المنسق العام لحركة "كفاية"، إن البابا شنودة وقع في "خطيئة سياسية" فادحة بسبب إعلان التأييد التام لترشيح نجل الرئيس رئيسًا لمصر، وأضاف: البابا رجل دين، ليس له أن يتحدث في السياسية، وتصريحاته معناها أنه يغادر مقتضيات واجبه الديني، ويحول الكنيسة إلى حزب يرأسه البابا ويؤيد النظام "الديكتاتوري".
وأوضح "تيار العلمانيين الأقباط" أن الالتباس يحدث عندما تتبنى قيادة الكنيسة رؤية سياسية وموقفا سياسيا لفصيل أو تيار منهم قد يتعارض مع رؤية بقية التيارات، مشيرا إلى أن السؤال يصبح إذا اختلف البعض مع هذه الرؤية هل يحسب اختلافه خطيئة تستوجب التوبة؟ ضاربا مثالاً بقرار البابا بمنع الأقباط الأرثوذكس من زيارة الأماكن المقدسة بمدينة القدس، والتي يحسب من يخالفه خاطئا يمنع من التناول من الأسرار المقدسة في تساوي مع المهرطق والمجدف.
وأبدى التيار ملاحظات على تصريحات البابا شنودة بخصوص التوريث؛ ومنها أن الدستور وفقا للتعديلات الأخيرة أقر تعدد المرشحين للرئاسة وفق معايير محددة تتطلب وجود أكثر من مرشح، وأنه من حق جمال مبارك الترشح لهذا الموقع فى إطار منافسة حرة وفق معايير وضوابط ديمقراطية وانتخابات شفافة ومحايدة ويبقى الحكم لصندوق الاقتراع، وثالثها أن تصريحات الرئيس حسنى مبارك تؤكد أن التوريث فرية لا أساس لها من الصحة وأنها لم تطرح للحوار أو النقاش على أي مستوى من المستويات.
ورأى البيان أن تصريحات الرموز القيادية الكنسية بهذا الشأن تكشف عن حالة تضارب بين رجال الاكليروس مرة فى صفوف التأييد، وأخرى في صفوف المعارضة، وثالثة في صفوف المكابرة ويتحمل تداعيات التناقض الشارع القبطي، مؤكدا أنه لا يمكن اختزال الموقف القبطي ككل فى تصريح للقيادة الكنسية، "لأن فى هذا افتئات على الحرية الشخصية فى الاختيار التي كفلها الدستور لكل المواطنين والأقباط موزعون بين الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة وربما المتخالفة بعيدا عن الهوية الدينية أو المذهبية"، مضيفين: "كم عانينا ونعانى من ثقافة اختزال الكل في واحد".