هالني عنوان فى احد المواقع يقول أن الله هو الذي يفتي وليس " صبحي منصور ".
وأقول ردا على الكاتب :
بعض من كان يكتب على موقع أهل القرآن كانوا يعارضون دكتور أحمد صبحي منصور ويجادلونه فإذا رد عليهم بالقرآن ودعاهم لقراءة ما سبق أن كتبه ظلوا معاندين مستكبرين .. وفي النهاية تركوا الموقع وانشأوا موقعا آخرirc;ر ، ولكنهم لم ينسوا عادتهم في التعريض للدكتور منصور ، وهو مشغول عنهم بكتاباته وابحاثه ومسؤلياته ..
وإن كنت ألوم على الدكتور أحمد في أنه يعطي ثقته ووقته لبعض الهواة فهم يكتبون ويصحح لهم أخطائهم الإملائية والقرآنية والتاريخية .
ومن الممكن عدم الرد على ما يقولون لولا أن كتابتهم السطحية تحجب حقائق القرآن وتخدع بعض البسطاء من القراء لذلك أتوقف بالرد عليهم حرصا على القرآن وتدبر القرآن ..
أولا :
أحد الأساتذة كتب في تعليق : أن الله هو الذي يفتي وليس " صبحي منصور " واستشهد بقوله تعالى ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )النساء 176 .
وارد عليه بالآتى
1 سبق وأن تعرض الدكتور احمد صبحي في كتابه" القرآن وكفى " لهذه القضية وشرح أن النبي كانوا يسألونه ويستفتونه فلا يجيب عليهم وينتظر الاجابة من الوحي القرآني ويقول له مثلا " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول " الأنفال 1 وتكرر هذا كثيرا ونعطي هذه الأمثلة على سبيل المثال وليس الحصر في سورة البقرة (189، 215 ، 217 ، 219 ، 220 ، 222 ) فليس للنبي في أمور الشرع أن يجتهد لأن الشرع حق لله تعالى جل وعلا وحده والرسول مبلغ للوحي والتشريع ، ولأن للدين مصدرا واحدا وهو القرآن الكريم وبعد نزول القرآن الكريم بكماله وأكتماله لم يعد لأحد أن يزعم أنه يضيف إلى الإسلام !!!
ولكن يكتب كل مثقف وكل عالم برأيه وفتواه يعبر فيها عن نفسه وليس عن الإسلام ، ولذلك فإن دكتور منصور يؤكد هذا بإن يعرض فتاويه للنقاش ، ولو ظهر رأي أصح من فتواه يرجع عن رأيه ويعترف بالراي الجديد...
وهذا معناه ان الدكتور منصور طالما يفتح باب التعليق على إجتهاداته القرآنية والتاريخية والعلمية والإجتماعية فهذا ليس له إلا معنى واحد ..!! وهو أنه يعترف بإن ما يقوله يحتمل الخطا والصواب .. وينتظر التصويب .. ولكن المخزي ان يكون الرد على اجتهاداته يكون بهذا الإسفاف والرد السطحي وللتدليل على هذا الإسفاف والرد السطحي سأبحث معكم ما أعتبره اصحاب الفهم السطحي خطأ وقع فيه الدكتور منصور .. وهو كون الدكتور أحمد صبحي يسمى آراءه فتاوى ..
آية" يستفتونك قل الله يفتيكم "تأتي في سياق سؤال النبي وأنتظاره للإجابة من رب العزة . ولا تعني تحريم ومنع استفتاء الآخرين وسؤالهم ، لأن الآخرين يعبرون عن رايهم وليس عن الدين ..
2ـ السؤال والإستفتاء بمعنى واحد ، وهما يطلبان إجابة ..
وعندما رجعت للقرآن الكريم وجدت أن السؤال والإستفتاء بمعنى واحد ، ولأن الاستفتاء من البشر جائز فقد تردد هذا في القرآن الكريم ..ففي قصة يوسف استفتى الملك اعوانه في الرؤيا فعجزوا عن تفسيرها ،وجاء رسولهم إلى يوسف يستفتيه " يا ايها الملأ أفتوني فى رؤياي.. " " يوسف ايها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان .." ( يوسف 43 ، 46 ) وحين فسر يوسف وهو في السجن منام صاحبه قال لهما " قضى الأمر الذي فيه تستفيان " يوسف 41 .."
وفي قصة ملكة سبأ استشارت الملأ فقالت " يا ايها الملأ افتوني في أمري ..""النمل 32 ..)
ولأن السؤال بين البشر مشروع في الامور الدينية فقد اكد رب العزة على ذلك . فقد تكرر مرتين في القرآن الكريم قوله جلا وعلا " فسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " النحل 43 ، الأنبياء 7 " .
بل اكثر من ذلك فالله جلا وعلا يأمر خاتم النبيين بسؤال علماء اهل الكتاب فيقول له " فاسأل الذين يقراون الكتاب من قبلك : يونس 94 " ويقول له " سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة " البقرة 211 "
3 – اذن فالفهم السطحي للقرآن الكريم ، وهو عدم علم بالسياق القرآني الذي تردد فيه مفهوم الفتوى والسؤال ، وهناك سبب آخر لهذا الفهم السطحي وهو عدم معرفة أساليب اللغة العربية والقرآنية ...
ومع أن الدكتور منصور كان قد نبه على هذا من قبل ، ولكن نفس الكاتب كان قد احتج على دكتور منصور في موضوع " الهداية والاضلال " واستشهد بقوله جلا وعلا " ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله .." وفهم منها أنه جلا وعلا هو وحده الذي يعلم الضالين وليس أحد من البشر يعلم ، وقد رد عليه دكتور منصور بإن الاسلوب هنا أسلوب تفضيل بمعنى أن الله تعالى يعلم اكثر من البشر ، وهذا لا ينفي معرفة البشر ، وقد شرح بامثلة قرآنية الفارق بين اسلوب التفضيل الذي يعترف للآخر ببعض العلم واسلوب القصر الذي ينفي عن الآخر الصفة ويثبتها لله جل وعلا وحده ..فلو كان العلم بمن يضل عن سبيل الله بأسلوب القصر والحصر لقال الله جلا وعلا ( إن ربك هو وحده أعلم يعلم بمن يضل عن سبيله ) واوضح أنواع أسلوب القصر والحصر وموضعها فيما يخص العقيدة مثل القصر ( بإنما ) : إنما الغيب لله " :( يونس 20) وبالنفي والاستثناء " قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ( النمل 65 ) ..
وهنا يقع نفس الكاتب في نفس الخطأ ، فهو يرى أن قوله تعالى " قل الله يفتيكم " يعني تحريم ومنع الفتوى على غير الله سبحانه وتعالى هذا مع أن الآية لا تحوي تفضيلا مثل الموضوع السابق " إن ربك أعلم بمن هو ضل عن سبيله " فالآية " قل الله يفتيكم " لا تحتوي هذا التفضيل ولو كانت تمنع الافتاء للآخرين لجاءت بأسلوب القصر والحصر مثل " إنما الفتوى لله " أو " قل لا يفتي بالدين غير الله "..
والصحيح أن الفتوى الدينية التي تعبر عن الإسلام هي ما جاء في القرآن الكريم فقط ولكن باب الفتوى مفتوح بإعتبارها رأيا بشريا يحق لكل مؤهل لها أن يفتي ويجيب وهو يعبر عن رأيه وليس عن دين الله عز وجل ...
ثانيا
وهناك حالة أخرى من الفهم السطحي للكتاب العزيز ..
فأثناء حركة الجدال على الموقع كثر الجدال حول أتيان الزوجة من الدبر ، وامتنع الدكتور منصور عن الدخول في هذا الجدال ، وقد سألته وقتها فقال انه أوضح رأيه من قبل في منهج التحريم في القرآن الكريم .. ولكنهم لا يقرأون ..
ورجعت لما كتب الدكتور منصور في شرح المنهج القرآني في الحرام والحلال : فالمحرمات استثناء ، والأصل هو الاباحة والحلال ، وتكلم عن هذا في موضوع الطعام والزواج ، وجاء بالتفصيل في سلسلة " الحلال والحرام " في تشريع الطعام في الإسلام .. ومن هنا جاء رده على من تشتكي من زوجها شذوذه في الجنس معها بإن قال أن من حق الزوج أن يستمتع بزوجته كيف يشاء دون إكراه لها فإن أكرهها فهو آثم ..
قام صاحبنا بالتشنيع على الدكتور منصور بإنه يحلل إتيان الزوجة من دبرها ..
والحقيقة طبقا لمنهج القرآن الكريم في التشريع أنه لو كان هذا محرما لجاء تحريمه بالنص الصريح في القرآن الكريم ... وحتى القاعدة الفقهية تقول أنه لا تحريم بدون نص قرآني " والتحريم جاء فقط عن المباشرة في المحيض .. وبعدها فكل شيئ حلال في تمتع الزوجين ببعضهما والله تعالى يقول " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين : المؤمنون 4 .."
أما من يقوم بتحريم الحلال المباح فهو إجتراء على الله .. ولنتذكر قول الله جلا وعلا لخاتم المرسلين " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ..!! ( التحريم 1 )..
وفي النهاية فإن المعضلة تكمن في كون البعض لا يدري إلى الآن أن الدكتور احمد له منهج واضح وصريح في التحريم وهو ربطه بوجود نص قرآني .. ولكن هناك من لا يزال يرقص على السلالم فهو يرفع راية القرآن وكفى ولكن يحور آيات القرآن لكي تتفق مع هواه ، وسبق أن وصفهم د. منصور بأنهم (أهل الهوى ) ، وهو وصف مضحك وصادق أيضا.