لكل نفس بشرية جسدان ( 5 ): الكون : تنظيم ثم تدمير ثم بعث

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١١ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

خلق الانسان وموته وبعثه مرتبط بخلق وموت وبعث الكون ، كلها تفصيلات فى خريطة البداية و النهاية التى أنشأها وفطرها الخالق جل وعلا، وقد تعرضنا فى الحلقة السابقة الى ميلاد الكون بالانفجار الكبير الأول ، وتوقف العلم الحديث عند اكتشاف الكون والكون النقيض بينما يستمر عطاء القرآن الكريم متحدثا عن السماوات والأرض من البداية الى النهاية حين يصطدم الكون والكون النقيض فيحدث الانفجار الثانى ـ انفجار الوفاة .

اعتمدنا علي الآ&iacc;يات التالية:

فى الانفجار الأول أى ميلاد الكون(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا )( الأنبياء 30 ).

فى اتساع الكون وقيامه على أساس الزوجية أو الكون والكون النقيض :(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(الذاريات  47 : 49 ).

فى  تدمير العالم كله حينما يلتقى الكونان النقيضان فيحدث الانفجار الثانى ، ويتدمر الكونان ويعودان الى نقطة الصفر الأولى:( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)(الأنبياء 104 ). ويتلوه مولد اليوم الآخر أو الزمن الخالد بسماء خالدة وارض خالدة ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ  ) ( الأنبياء 104 : 105 )، وهذا العالم الخالد الجديد هو الذى يتحمل مجىء الواحد القهار:(يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار ) ( ابراهيم 48 ).  

 ونحاول الاجابة فى هذا المقال عما لم يصل اليه العلم عن  مظاهر يوم القيامة الفعلية حين يلتقى الكون بكل مجراته وسماواته بالكون النقيض المماثل له فيفنى كل منهما الآخر وتقوم الساعة .

 أولا :الحساب الدقيق أو(التقدير) فى الخلق والبعث :

يشمل هذا التقدير المحسوب خلق الكون وإعادة خلقه ، أو بعثه ، وهما عمليات محسوبة بدقة متناهية ومرتبطة ببعضها، يقول جل وعلا : (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)( الروم 11)، فكما حدث انفجار الميلاد الايجابى يحدث انفجار عكسى سلبى بالوفاة ، ويعاد خلق وبعث الكون الميت وفق حسابات تنتظم الخلق الأول وتدميره ثم بعثه ،( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ) ( الأنبياء 104 ).

عن حياتنا الدنيا بما فيها من عوالم الغيب  والشهادة المرئية يقول جل وعلا :( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)( الفرقان 2 ).وهذا التقدير المحكم الذى يسرى على كل شىء فى هذا العالم الدنيوى هو موصول بالآخرة وقيام الساعة :(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍوَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) ( القمر 49 ).

إن عوامل الفناء تكمن داخل عوامل الحياة والبقاء والبعث ، وهى عمليات متصلة تجرى فينا نحن البشر كما تجرى حولنا فى الحشرات وفى النجوم على السواء كارهاصات لما يحدث فى الكون كله من ميلاد ووفاة وبعث. ونرى التنظيم فى أدق الأشياء وأكبرها ، دوران الاليكترون حول النواة ودوران الكواكب حول النجوم ، ونرى نفس الدورة من حياة وموت وبعث فى أطوارالحشرات كالذبابة والنحل والنمل ، وفى النجوم حيث يبدأ النجم صغيرا ويشتد عوده ثم يشيخ ويهرم ثم يموت وينفجر ويتحول الى ثقب أسود أو ثقب ابيض ،أى شبح من الطاقة يلتهم من يقترب منه من النجوم .

ثانيا : خلق الكون وتنظيمه

الخالق جل وعلا الذى يحفظ الاليكترون فى دورانه حول نواة الذرة هو الذى يحفظ الكواكب السيارة فى مداراتها حول نجومها ، ويحفظ المجرات فى مداراتها حول مركزها . ويفسر العلماء هذا التوازن فى الكون المرئى بوجود قوتين نقيضتين متعادلتين هما الجاذبية وقوة الطرد المركزية.

وقبلهم جاء التعبير القرآنى فى حفظ مدارات الأجرام السماوية بعبارات بسيطة موحية بتفصيلات متنوعة .

ونأخذ أمثلة :

1 ـ يقول جل وعلا : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) ( الذاريات 7 )أى محكمة محبوكة ممسوكة .

2 ـ وليس فيها قصور: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ ) ( الملك 3 )، اى إن الكون مبنى على حسابات ومعادلات دقيقة وصحيحة وسارية الى أن يشاء الخالق جل وعلا .

3ـ وليس فيها فروج أو ثغرات ( أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَاوَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ)( ق 6 ).

4 ـ ، وقد تكرر وصف السماء بالبناء كثيرا،يقول جل وعلا :(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَابِأَيْدٍ ) (الذاريات  47) أى بناها جل وعلا بقوة ، (وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا) ( الشمس 5) (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء)(البقرة 22 )(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)(غافر 64). وبنظرنا القاصر نتطلع الى السماء فنتخيله فراغا ، بل نسميه فضاء ، ولكنه بناء راسخ محكم.

5 ـ وهذا البناء السماوى كله سقف مرفوع محفوظ:( وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا)(الأنبياء 32 ) ، وكونه كله سقفا مرفوعا يعنى أنه لا شىء بعد هذا السقف ، أى كل طبقات السماوات هى كلها سقف مرفوع :( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) ( نوح 15 )

6 ـ وهذا السقف المرفوع هو محفوظ بدون أعمدة مرئية لنا :(اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) ( الرعد 2 ). ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) ( لقمان 10 )

7 ـ وبالتعبير القرآنى فإن الله جل وعلا هو الذى يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا حين يأذن بقيام الساعة وتدمير الكون:(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولاوَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) ( فاطر 41 )(وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) ( الحج 65 )

8ـ وهذا الكون فى انضباطه يؤكد قيامه على حسابات ومعادلات ، إكتشف الانسان بعضها فى القدم فيما يعرف بالحساب الفلكى ، فالشمس والقمرحركتهما محسوبة:(فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًاذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )( الأنعام 96 )(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)( يونس 5 ).وعلى المعادلات الرياضية يتم اكتشاف الأجرام السماوية وبها تولدت نظرية النسبية وصدقت تنبؤاتها الحسابية .أى إن هناك ميزانا دقيقا يضبط حركة الكون الى أن يصل الى أجله المحتوم (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍوَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) ( الرحمن 5: 7 ) ولنتأمل قوله جل وعلا : (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)( يس 36 : 40 ).

9 ـ ويصل التوازن والحساب الدقيق الى الأرض ، فهى مثل ثمرة برتقالة ، القشرة فيها تغطى جوفا ملتهبا ، وقد تم تثبيت تلك القشرة الخارجية بأوتاد هى الجبال ، ولمعادلة الضغوط الداخلية تتحرك القشرة فتحدث الزلازل ، أو تجد السوائل الملتهبة طريقا لها عبر البراكين ، وكله محسوب ومقدّر بدقة .

وعن دور الجبال كأوتاد للقشرة الأرضية ورواسى لها يقول جل وعلا (وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ) ( الأنبياء 31)، أى بدون الجبال ستنهار بنا القشرة الأرضية لنغرق فى جوف الأرض الملتهب ،ويقول جل وعلا عن كروية الأرض ودور الجبال فى ارسائها:(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ)( الرعد 3) (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) ( ق :7 ) أى إن مصدر الجبال من غازات آتية من الفضاء الخارجى فتكثفت وتصلبت لتكون أوتادا للقشرة الملتهبة (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)( النبأ 6 : 7 )

ونختم بقوله جل وعلا فى تنظيم الكون وحفظ الأرض: (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) ( النازعات 27 : 33 )

ثالثا : موجز تدمير الكون وموته ثم بعثه واعادة خلقه وبعث البشر و حشرهم

كل هذا النظام المحكم سيتدمر وينهار حين يلتقى الكونان النقيضان بما فيهما من كواكب ونجوم ومجرات وسماوات ، ونوجز الاشارة فى الآتى :

1ـ  فى ايجاز يقول جل وعلا :(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةًتَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَفَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( يس 48 : 54 ): الانفجار الثانى صوت هائل يعبر عنه جل وعلا بالصيحة الناتجة عن تدمير الكون:(مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةًتَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ  ) والانفجار الثالث صوت ضخم (نفخ الصور)، وينتج عنه بعث البشر من القبور:(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ )،ثم انفجار رابع ينتج الحشر وحشد الناس وتسييرهم الى لقاء الله جل وعلا : (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَفَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون).

2 ـ ونعطى تفصيلات قرآنية :

صوت الانفجار الثانى الذى يتم به تدمير العالم : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) ( الحاقة 13 : 15 ) فى هذه النفخة الواحدة والتى تكون أول ما يسمع البشر الأحياء وقتها تندكّ الأرض وتقع الواقعة أى الساعة ، وتكون القيامة.

وبعد الانفجار الثانى وتدمير هذا العالم يتم خلق عالم جديد مصاحبا لصوت الانفجار الثالث بالبعث ثم الرابع بالحشر فى قوله جل وعلا: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ) ( الزمر 67 : 68 ). هنا يرتبط النفخ أو صوت الانفجار الثالث بالصعق ، وبالصعق يحدث البعث بالتحام الأنفس بأجسادها الجديدة المكونة من عملها فترتدى كل نفس عملها .وبعض الأنفس ماتت صغيرة بلا رصيد من عمل أو مسئولية ، لذلك لا يحدث لها صعق ،اى بعث بلا صعق، وهذا بمشيئته جل وعلا:(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللَّهُ)،لذا يقول جل وعلا عن المعاندين المكذبين بالبعث:(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (الطور 45 )

صوت الانفجار الرابع الذى يسمعه الناس فيحشرون والى ربهم يرجعون :( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ)،وعن هذه النفخة الأخيرة يقول جل وعلا:(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) ( النبأ 17 : 20 ). وتتميز النفخة الأخيرة أو صوت الانفجار الأخير بتعبيرات عميقة الدلالة مثل النقر فى الناقور(فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِفَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ  ) ( المدثر 8 : 10 )و(الصاخة) التى تأخذ بالسمع :(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ( عبس 33 ـ )

رابعا : بعض تفصيلات قرآنية فى تدمير النظام الكونى كله

1 ـ تدمير الجبال التى كانت رواسى الأرض ودك الأرض :

(إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا  ) ( الواقعة 4 : 6 )

(يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلا  ) ( المزمل 14 )

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ) ( طه  105 : 107) ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ)( القارعة 5 )

 

 2ـ مع تدمير الجبال فى الأرض تتحول بحارها الى لهب متفجر ، وتنشق السماء وتنفتح وينهار نظامها الكونى و تتفجر النجوم وتنتثر الكواكب  وتمور السماء بأصوات الانفجارات وتتلون باللوم الأحمر مثل وردة مدهونة :(يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا )( الطور 9 ، 10 )(يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) ( المعارج 8 : 9 )(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ) ( المرسلات 8 : 13 )(فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ  ) ( الرحمن 37 ) (وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا  ) ( النبأ 6 : 20 ) (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ)( التكوير 1 :   )(إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ) ( الانفطار  1 ـ  )

 وتأتى النهاية بموت هذا العالم بالانفجار الثانى .

اما تفاصيل البعث فى الانفجار الثالث فلها وقفة أخرى قادمة .

 

اجمالي القراءات 17291