الكل باطل

ابراهيم عيسى في الإثنين ١٣ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

الذين يقفون في المظاهرات تأييدًا لحق السيدة كاميليا في إعلان إسلامها والذين يهتفون كل يوم من أجل حرية كاميليا في اختيار دينها هم أول من يطالب بحل دم وإزهاق حياة أي مسلم يشكك في رواية حديث نبوي شريف أو يدعو لتفسير عصري للقرآن الكريم، وهم أول من يتهم مخالفيهم بالردة ويؤمنون بوجود حد الردة في الإسلام ويطالبون بتطبيقه علي المفكرين والمجتهدين ويهاجمون أي شخص يقول إن الإسلام يكفل حق الخروج منه حيث من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فيكفرونه فورًا ويرمونه بالردة ويسعون لقتله تطبيقًا للحد!

إذن ليست هذه مظاهرات مؤمنين بحرية العقيدة.

ولا هذه وقفات ناس مدافعة عن حرية الرأي وحق اختيار الدين.

بل هي مظاهرات ووقفات تضم في معظمها متعصبين لدينهم يرون أن انضمام امرأة إليه نصرًا يزيدهم قوة وفضلاً وينتقص من دين المسيحيين ويشكك في قوته، هذه مظاهرات تضم كثيرين ممن يعتقدون أن الكنيسة المصرية باتت دولة داخل الدولة وأنها صارت تتحكم في مصائر الأقباط، وتمنع بعضهم عن إشهار الإسلام وأن نفوذها تصاعد وتفاقم، ومن هنا نفهم ظهور لافتات لأول مرة موجهة ضد البابا شنودة ضمن حملة الهجوم !

علي الناحية الأخري فالأقباط الذين يحبسون كاميليا عن الظهور الحر والكلام الواضح والحديث عن دينها المفترض، هم الذين يصدعوننا يوميًا بالثرثرة حول المواطنة وحق المواطن في اختيار عقيدته وعن المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الدين والعرق والنوع، هؤلاء الذين يدعون إيمانًا بالحرية وبالمواطنة هم الذين يرفضون تحول زوجة كاهن عن دينها بنفس التعصب والتطرف كما رفضوا حكمًا مدنيًا صدر عن القضاء رغم مزاعمهم بالانتصار للحكم المدني !

الكل باطل إذن وقبض ريح ولكن الغريب العجيب أن الفريق الذي يطالب بنصرة كاميليا وحقها في إشهار إسلامها مهاجمًا الكنيسة وسيدها هو الفريق نفسه الذي إذا هب فيه مخبر أو أمين شرطة ارتدع وتراجع وهو الفريق الذي يروج فتاوي الانصياع للحاكم والخضوع له ويدعو للرئيس ويروج للصبر علي الحاكم والسكوت عن الظالم درءًا للفتنة وشق عصا الجماعة، وهو الفريق السلفي الذي يحرص أشد الحرص علي الاستئذان من مباحث أمن الدولة في أي خطوة يخطونها أو كلمة يذيعونها أو موقع علي الإنترنت يفتحونه أو محطة تليفزيون يؤسسونها!

والعجيب الغريب أن علي الطرف الآخر داخل الكنيسة الذي يدافع عن حقه في منع كاميليا من الظهور الحر حابسًا لها ومانعًا إياها من حق المواطنة هو الذي يذكر الرئيس ونجله أكثر مما يذكر السيدة مريم ونجلها، وهو الذي يتحدث عن تعاليم الرئيس وابنه أكثر مما يتكلم عن يسوع وتعاليمه وهو الذي يروج كل يوم لتوريث الحكم كأنه موجود عندهم في التوراة والإنجيل !

السلفيون والكنيسة جناحا الحكم وقلب وعقل وذراع مؤسسات الرئيس الدينية هي التي تتعارك !

ويمكرون ويمكر الله ونحن نعرف قطعًا أن الله خير الماكرين !

اجمالي القراءات 11104