الشعب السعودي والتراقص على طريقة

وداد وطني في الإثنين ٠٦ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 11

الشعب السعودي والتراقص على طريقة

"شارلي شابلن"

 

سأطلق سراح بنات أفكاري لأجعلهن يصرخن في وجه الصمت المدقع...

الصمت الذي سكت عن أمور كثيرة ولعقود طويلة..

الصمت الذي جعلنا نتراقص ونضحك على حالنا في سكون ودون شعور..

دون وعي منا أو إلمام بحال مجتمعنا وثقافة العرف والتقليد..

 

هذا المشهد الكوميدي الصامت الذي أبدعنا في أدائة أفضل من "شارلي شابلن" نفسه!!

نترنم طربا..

إرفع راسك انت سعودي

دون أن نعي مشاكلنا وأوجه النقص فينا!!

في وقت نرى دولة مثل ماليزيا تتباهى بتصنيع أول سيارة من انتاجها نناقش فيه نحن "قيادة المرأة"!!

ونتراقص إرفع رأسك انت سعودي...

 

في وقت ترى فيه تسابق الدول لحصد براءات الإختراع العلمية تترنح جامعاتنا في ذيل التصنيف العالمي للجامعات!!

ونترنم إرفع راسك انت سعودي...

 

في حين تعقد المؤتمرات العالمية و ورش العمل العلمية في أنحاء العالم نعقد نحن "الأمسيات الشعرية" حتى أصبح نصف شعبنا شعراءً والنصف الآخر ملـهـِمات!!

ارفع راسك انت سعودي...

 

في حين يشاهد العالم أجمل ألومبياد لآسيا بدولة صغيرة مثل قطر نتابع نحن ما حدث في كلية اليمامة من قيام (عرابجة) المطاوعة بإيقاف مسرحية (وسطي بلا وسطية) والتعدي على طاقمها المسرحي!!

ونغني ارفع راسك انت سعودي...

أنها أمثلة فقط وليست معايير ولو أخذنا بالمعايير لكانت الطامة الكبرى.

 

ويعلم الله أن ما قلته ليست سخرية يا اخوان.. فهذا وطني..

ولا أساوم في محبتي لوطني..

ولكن غيرتي عليه هي التي تجعلني أقول ذلك.. بل وأتمنى أن يكون وطني في مصاف الدول المتقدمة.. إن لم يكن أولها..

وهذا لن يكون سهل المنال أو سائغ المشرب وإنما يتطلب أولا الإعتراف بالخلل والإشارة إليه حتى لو كان يحتمي وراء من كان..

 

عزيز القارئ...

 

سأبدأ من حيث ولدت {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه}.

ومن حيث نسكن ثانيا {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}.

من الأم.. من الأخت.. من الزوجة.. الإبنة.. "من المرأة"..

سمها ما شئت فستجدها أمامك اينما إرتحلت.. كقدرك المحتوم..

فالجنس البشري مكون من شقين متكاملين يكمل بعضهما الآخر..

ولم يجعل ربنا ذلك عبثا.. سبحانه وتعالى (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) بل وأقسم بهما (وما خلق الذكر والإنثى)..

ولكن...

من ينظر لوضع المرأة بعـمق وحـياد في مجتمعنا السعودي الكريم.. يجد أن الـمرأة لا تتـساوى مع الرجل اطلاقا..

لا "شرعا"..!

ولا  "عرفا"..!

وأنـها فى النسق الثانى المختبئ دومًا والمتخفي وراء الستار!!

فما إن تجوب عيناك شوارعنا وطرقاتنا وتتغلغل داخل أسوار مجتمعنا الشائك الملئ بالقيود لتتلمس خشونة ذلك المكان..

وما إن تقودك أقدامك لمؤسسات الحكومة والقضاء والشركات حتى الباعة بالأسواق "يا إلاهي... حتى من يبيع ملابس النساء الداخلية"!!

كلهم رجال!!

لا وجود للمرأة إطلاقا!!

وحين أقول "وجود " أعنيها تماما.. فحراك المجتمع كله رجالا...

فالقاضي رجلا والمحامي رجلا والوزير رجلا  والشرطي والسائق والبائع و..و.. كل الشارع رجال!!

فتتكشف لك جليا ملامح ذلك التغييب القصري للمرأة..

وستجدها مسلوبة الحقوق..

مُهمَّشة.. مستعبدة ومستبعدة عن القضايا الأساسية والأمور الهامة بالمجتمع..

بالرغم من كل أساليب التلميع والتخريجات والتبريرات التى يتبناها السادة العلماء الأفاضل!!

علمًا أن الله - عزّ و جلّ- قد كرّمها فى كتابه العزيز وهو ما سأحاول تناوله لاحقا بمشيئة الله..

والحقيقة التى يتوجب عليّ ذكرها- بكل جرأة هنا- أن دعاة المسلمين على اختلاف مستوياتهم قد نجحوا بزرع عقدة النقص والدونيّة فى المرأة المسلمة!!

لدرجة أنها أصبحت تدخل فى جيناتها الوراثية!!

أقنعوها بأن تلك "المتلازمة المرَضية" هى ميزة تتمتع بها الأنثى "المسلمة" دون غيرها من نساء الأرض!!

كيف لا وهي "الدرة المصونة"!!

جعلوها مُنَظِّرَة فى الاحتقار الذاتى والدونية "بملء إرادتها" وكامل وعيها وتصميمها...

حتى أنك تجد المعلِّمة والمهندسة والطبيبة وعالمة الذرّة تقر بأن الرجل أفضل منها وأن له القوامة عليها وإن كان يفتقر إلى الحد الأدنى من العلم والثقافة؟!

ولسان حالها يردد قول الشاعرة الدكتور سعاد الصباح:

 لا تنتقد خجلى الشديد فإننى *** درويشة جدًا وأنت خبير

خذنى بكل بساطتى وطفولتى *** أنا لم أزل أحبو وأنت كبير

يا واضع التاريخ تحت سريره *** يا أيها المتشاوف المغرور

يا ثابت الأعصاب إنك ثابت *** وأنا على ذاتى أدور وأدور

الأرض تحتي دائما محروقة *** والأرض تحتك مخمل وحرير

فرق كبير بيننا يا سيدى *** فأنا محافظة وأنت جسور

وأنا مقيدة وأنت تطير *** وأنا محجبة وأنت بصير

فرق كبير بيننا يا سيدى *** فأنا الحضارة والطغاة ذكور

أحبتي ..

 

إن من المعضلات توضيح الواضحات..

ومن المؤسف أن يكون الوأد قدر المرأة الأبدي..

قد كانت توأد جسدا والآن توأد هويةً وفكراً..

وما حادثة منع النساء من الصلاة داخل صحن الكعبة المشرفة عنا ببعيد..

وكم أشعر بالأسى عندما تثار قضية في مجتمعنا طرفها امرأة لا حول لها ولا قوة فالمطالب بحقها رجلا والمعطي رجلا والمانع رجلا!!

في الحقيقة لا أعلم مبررا واحدا ليجعلوا المرأة عائقا تصطدم به كل محاولات التقدم والتطور؟

 

كلمة أخيرة أهمسها في أذنك أنت أيتها المرأة التى أحبها..

أحبها لأنها أمى وأختى وزوجتى وابنتى:

عليكِ أن تطالبى بحقكِ الذى وهبكِ إياه المولى - عزّ وجلّ - واغتصبه منكِ أصحاب الفكر الذكورى..

خمسة مصطلحات غير موجودة في كتاب الله: (الشرف/ المروءة/ العرض/ النخوة/ الشهامة) فهي مصطلحات عربية ليس لها أصول دينية.. عليكِ أن تعملى وتتعبي وتجتهدي للحصول على ذلك.. واعلمى أن صاحب الحق هو الأولى بتحصيل حقه..

وتذكرى أن نيل المطالب لا يكون بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.. وتذكري أيضا أن الأم التى تعشق رضيعها وتدفع حياتها للحفاظ عليه قد تسهو عنه وتنساه إذا لم يشعرها هو بحاجاته عبر بكائه وصراخه!

 

وبالطبع لا أعتقد هنا أن الطفل أفضل منك في المطالبة بحقه...

اجمالي القراءات 11200