سؤالان

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠١ - ديسمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول : نحن النساء السافرات نريد أمثلة أخرى من السيدات المشهورات في القرن الأول الهجرى لأنها موضوعات شيقة جدا ومفيدة ، وغير معروفة . ونشكرك كثيرا على علمك وفضلك . السؤال الثانى من الأستاذة المحامية علياء راشد : ( أريد أن أعرف بايجاز من حضرتك التشريعات القرآنية الخاصة بالأرملة ، وما هو الفرق بين الأرملة و ( الأيامى ) في آية ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32 ) النور )
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال الأول :

بطلة قصتنا اليوم هي السيدة الفاضلة فاطمة بنت الحسين بن على بن أبى طالب ، حفيدة السيدة فاطمة الزهراء . مات زوجها ، وكانت حسناء جميلة ، بعد وفاة زوجها إبن عمها قررت الإمتناع عن الزواج والتفرغ لتربية إبنيها . كان الوالى المعين على الحجاز ( مكة والمدينة ) هو عبد الرحمن بن الضحاك . أراد أن يتزوجها جاء اليها خاطبا فرفضت . قالت ( ما أريد النكاح ولقد قعدت على بني هؤلاء. فألح عليها وقال: لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر بنيك في الخمر ) ، يعني عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي . كان هذا الوالى غشوما ظالما ، فبعثت تستغيث بالخليفة الأموى في دمشق ( يزيد بن عبد الملك ). كتبت رسالة أرسلتها مع إبن هرمز كاتب الديوان في الحجاز . قبل أن يسافر إبن هرمز زار السيدة فاطمة بنت الحسين يودعها ويسألها إن كانت تريد شيئا ، قال لها ( هل من حاجة ؟ ) فقالت: ( تخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحاك وما يتعرض مني) لم تكتف بذلك ، بل أرسلت من عندها رسولا آخر للخليفة بنفس الشكوى . وقدم الكاتب ابن هرمز على الخليفة يزيد بن عبد الملك :(  فاستخبره عن المدينة وقال: هل من مغربة خبر؟ فلم يذكر شأن فاطمة. فقال الحاجب ليزيد: بالباب رسول من فاطمة بنت الحسين. فقال أبن هرمز: إنها حملتني رسالة إليك. وأخبره بالخبر. فنزل من فراشه وقال: لا أم لك! عندك هذا ولا تخبرنيه؟ فاعتذر بالنسيان؛ وأذن لرسولها فأدخله ، وأخذ الكتاب فقرأه ، وجعل يضرب بخيزران في يده ويقول: لقد اجترأ ابن الضحاك، هل من رجل يسمعني صوته في العذاب؟ قيل له: عبد الواحد بن عبد الله النضري. فكتب بيده إلى عبد الواحد: قد وليتك المدينة فاهبط إليها واعزل عنها ابن الضحاك وأغرمه أربعين ألف دينار وعذّبه حتى أسمع صوته وأنا على فراشي.) ، ( وسار البريد بالكتاب ولم يدخل على ابن الضحاك، فأخبروا ابن الضحاك، فأحضر صاحب البريد وأعطاه ألف دينار ليخبره خبره، فعرف عزله ،  فسار ابن الضحاك مجداً فنزل على مسلمة بن عبد الملك فاستجار به، فحضر مسلمة عند أخيه الخليفة يزيد ، يتوسّط له ، فقال الخليفة  : كل حاجة فهي لك إلا ابن الضحاك. فقال: هي والله ابن الضحاك. فقال: والله لا أعفيه أبداً. )، وقع عذاب شديد على إبن الضحاك . تقول الرواية ( فعذّبه ولقي شراً، ثم لبس جبة صوف يسأل الناس.) أي بعد العذاب أصبح متسولا في الشارع . ( عقبال السيسى )!!!

تولى مكانه النضرى في شوال عام  104 . فسار في الناس أحسن سيرة فأحبوه . تقول الرواية : ( وكان ابن الضحاك قد آذى الأنصار طراً، فهجاه الشعراء وذمه الصالحون، ولما وليهم النضري أحسن السيرة فأحبوه، وكان خيراً يستشير فيما يرد فعله) .

انتهت الرواية وبقى ما نستنتجه منها :

1 ـ كانت الخصومة الدموية مشتعلة بين الأمويين والهاشميين ، ومن أبرزها مذبحة كربلاء ومقتل الحسين ومعظم أهله . وكان الهاشميون والأمويون أبناء عمومة ، ينتمون الى جد واحد هو عبد مناف . لذا كانوا يتعصبون لبنى هاشم أبناء عمومتهم في الشئون الاجتماعية ، مثل هذه الحالة للسيدة فاطمة بنت الحسين . وكانت السيدة فاطمة تعرف ذلك فاستغاثت بابن عمها الخليفة يزيد بن عبد الملك .

2 ـ السيدة فاطمة بنت الحسين كانت مشهورة بجمالها ، سافرة الوجه ، تقابل الناس ، وجاءها إبن الضحاك خاطبا فاستقبلته ورفضته ، وإستقبلت إبن هرمز الكاتب ، وبعثت برسالة أخرى مع شخص آخر. كان هذا هو الوضع السائد ، حتى مع الطبقة العليا من المجتمع

إجابة السؤال الثانى :

أولا :

كلمة ( أرملة ) لا توجد في تشريعات القرآن الكريم مطلقا . التعبير هو ( زوج / أزواج ، نساء ) . القرينة هي التي تحدد المقصود هل الرجل أم المرأة . وهذا في حدّ ذاته أروع دليل على المساواة بين الزوجين . ويتجلى هذا في قوله جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 21 ) الروم ) ، فالزوج الرجل مخلوق لزوجه الأنثى والزوج الأنثى مخلوقة لزوجها الذكر . وقد كتبنا في هذا كثيرا . جدير بالذكر إنه أيضا لم ترد في القرآن الكريم مطلقا كلمة ( زوجة ) . الأيامى تعنى التي لا زوج لها ، إما أن تكون عانسا ، أو مطلقة أو توفى عنها زوجها .

ثانيا :

عن تشريعات من توفى عنها زوجها ، قال جل وعلا :

في العدة : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 234 ) البقرة ). تنتظر أربعة اشهر وعشرة أيام . إذا كانت حاملا تنتهى عدتها بوضع الحمل . حتى لو وضعت بعد ساعة من وفاة الزوج . قال جل وعلا : ( وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ( 4 ) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا(5)الطلاق )

في المُتعة

كما للمطلقات متعة طلاق فلمن مات عنها زوجها متعة أيضا . قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( 240 ) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(242)البقرة ), أي لها ان تظل في بيتها الذى عاشت فيه مع زوجها عاما كاملا . يحرم إخراجها من هذا البيت الذى كان لها قبل مرور العام . ثم لها ان تتزوج بعد إنقضاء عدتها.

في الميراث

لها ربع تركة زوجها المتوفى إن لم يكن له ولد ذكر أو أُنثى ، فإن كان له ولد فلها الثُّمن . قال جل وعلا : ( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ( 12 ) النساء )

 ودائما : صدق الله العظيم .!

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 556