الدرر السنية فى الفتاوى النكدية
فتاوى واستشارات
بسم اللــه الرحمــن الرحـــيم
يحسب العامة من الذين يزعمون أنهم على شيء من العلم أن التاريخ الإسلامي وبخاصة في دوره الأول قد جاء صحيحا لا ريب فيه ، وأن رجاله جميعا ثقات لا يكذبون، وهم - من أجل ذلك - يصدقون كل خبر جاء عن هذه الفترة ، ويشدون أيديهم على تلك الأحاديث والفتاوى التي شحنتute; شحنت بها الكتب المشهورة في الحديث ، تلك التي حملت الصحيح القليل ، والموضوع الكثير.
وقد بلغ من ثقتهم بأحاديث هذه الكتب ، أن من يشك في حديث منها يعد في رأيهم فاسقا وإذا كان الله قد آتاهم عقولا ليفهموا بها ، فإنهم يعطلون هذه المواهب استمساكا بالتقليد الأعمى ، والتعبد لمن سلف وإذا أنت بصرتهم بالحق ، وبينت لهم الحجة الواضحة ، لووا رؤوسهم ، وأصروا على معتقداتهم واستكبروا استكبارا.
وليتك تسلم من ألسنتهم ، بل يرمونك بشتائمهم وسبابهم ، ويسلقونك بألسنتهم ومن عجيب أمر هؤلاء الذين يقفون في سبيل الحق حتى لا يظهر ، ويمنعون ضوء العلم الصحيح أن يبدون ، أنهم لا يعلمون مقدار ما يجنون من وراء جمودهم ، وأن ضرر هذا الجمود لا يقف عند الجناية على العلم والدين فحسب ، بل يمتد إلى ما وراء ذلك.
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (22:72
فإن الناشئين من المسلمين وغير المسلمين الذين بلغوا بدراستهم الجامعية العلمية إلى أنهم لا يفهمون إلا بعقولهم ، وما وصلوا إليه بعلمهم ، قد انصرفوا عن الإسلام لما بدا لهم على هذه الصورة المشوهة التي عرضها هؤلاء الشيوخ عليهم.
من أجل ذلك كله كان من الواجب الحتم على العلماء المحققين الذين حرروا أعناقهم من أغلال التقليد ، وعقولهم من رق التعبد للسلف أمثال الدكتور أحمد منصور وجميع كتاب موقع أهل القرءآن بدون إستثناء وغيرهم ، أن يشمروا عن سواعد الجد ، ويتناولوا تاريخنا بالتمحيص ، وأن يخلصوه من شوائب الباطل والعصبيات ، ولا يخشون في ذلك لومة لائم.
والحق أن السعي لتقريب المسلمين بعضهم من بعض ، والجهاد في سبيل إعادة حياة إسلامية ، والقيام بالبحث والتحقيق في تاريخ الإسلام ، فإنه لا يتمكن من إقامة مجتمع إسلامي دون فهم لقرآنه بمنظار قرءآنى ، كما لا يتأتى التآخي الصحيح إلا بالإيمان بوجوب إعادة حياة إسلامية ، وإلا فعلى ما يجتمع المسلمون ؟ وما الذي يوحد كلمتهم ؟
كما لا يتأتى التآخي أيضا إلا بترويض المسلمين أنفسهم على سماع آراء بعضهم بعضا ومناقشتها مناقشة من يطلب الحق ليتبعه ، ليصدق عليهم قول الله سبحانه : " ..ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ .. " (18) سورة الزمر) ، وهذا ما ندعو إليه ، ونسأل الله أن يوفقنا جميعا إلى الاهتداء به.
قبل الدخول على فتاوى جديدة فى هذا المقام أود أن أطرح بعض الأسئلة والملاحظات من خلال تدبرى لكتاب اللــه السميع العليم.
من له حق التشريع؟ كيف كان الرسول الكريم يفتى، ومن أين كان عليه السلام يأتى بالإجابات؟
الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها الكثير، يجب أن نرجع إلى كتاب اللــه سبحانه ونغوص فى أعماق النص القرءآنى ونستنبط منه الإجابات.
يقول اللــه سبحانه فى محكم آياته: " ...... ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّشَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ".
نلاحظ فى هذه الآية الكريمة كلمة " شيئ " ومعنى ذلك أن كلمة شيئ تشيرإلى عالم الأشياء، فكل عالم الخلق هو أشياء، فالآية تقول فى كتاب اللــه العليم كل ما نريد ان نعلمه عن أى شيئ فى هذا العالم المخلوق نجده فى كتاب اللـــه المنزل. ولكن طبيعة الإنسان كما قال عنه خالقه أنه أكثر شيئا جدلا ويقول "وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ "ويقول أيضا فى وصفه لبنى آدم بصفة العموم التكذيب بآيات اللــه. يأتى بعد ذلك من يقول أين كذا وكذا فى كتاب اللــه؟ وبذلك يقع صاحب هذه المقولة فى حرج شديد مع اللـــه سبحانه حين يكذب يآيات اللــه الكريمات ولا يرضى بأى تعليل أو تبيين الحقيقة من القرءآن الكريم وحده واللــه سبحانه يقول فى سورة العنكبوت " أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ". فلنترك القرءآن الكريم يُجيب على هذه الأسئلة:
من له الحق فى التشريع؟
أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "(42:21
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ 42:13
كيف كان الرسول الكريم يفتى، ومن أين كان عليه السلام يأتى بالإجابات؟
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا " 4:127
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " 4:176
ومن أين كان عليه السلام يأتى بالإجابات؟
إن نظرنا إلى كتاب اللـــه السميع العليم وتدبرنا آياته نجد أن قى القرءآن 332 آية تبدأ بكلمة سأل ومشتقاتها وآيتان فقط تبدأ بكلمة يستفتونك، والإجابة تأتى بكلمة قل فى جميع هذه الآيات بما فيها يستفتونك ما عدا آية واحدة والتى تشير ان لا يوجد وسيط بين العبد وربه فلم يقل فيها للرسول كلمة "قل" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ". ماذا يعنى هذا، يعنى أن الرسول عليه السلام إن سُئل لا يجاوب من عنده كشخص أو كنبى أو حتى كرسول إلا بعد أن يأذن اللــه له بالإجابة وعلى ذلك تكون الإجابة دائما من القرءآن الكريم وخاصة فى التشريع. ونستنتج أيضا ان لا مُشرع إلا اللـــه سبحانه وتعالى معنى ذلك أن حق التحريم والتحليل من خصوصية اللــه تعالى ولم يعطها لأحد من البشر. بناءا على ذلك كيف يأتى من هو دون اللــه سبحانه ودون الرسول الكريم وياتى بتحليل أو تحريم موضوع ما وينسبه للرسول الكريم وبالتبعية يُنسب إلى اللـــه العلى القدير واللــه سبحانه يقول فى محكم كتابه: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ " 16:116
وهذا يقودنى إلى القول بأن من يفعل ذلك لا يرتضى باللـــه الواحد ربا ولا يرتضى بالقرءآن وكفى كتابا من عند المولى عز وجل فتنطبق عليه الآية الكريمة وغيرها كثير: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " 39:45
وفى المقابل يقول سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "6:2
فإذا ذكرت لهم آية قرءآنية كريمة يقولون قال فلان عن فلان سمع من فلان وقال كذا وكذا ، فإذا كان (كما يزعمون) أن الحديث دُوِّن فى عهد الرسول فما معنى (حدثنى فلان حدثنى فلان وقال فلان عن عن... )، معنى ذلك أنهم لا يحكمون كلام المولى عز وجل وحده بصفته الإله والرب والملك ولكن لا بد من جعل مع آيات اللــه شريكا فى حكمه ويقول رب العزة: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ " 32:22
لقد حذر اللـــه سبحانه وتعالى اليهود والنصارى من الغلو فى الدين ولكن أمة الإسلام أو قوم محمد لم يتعظوا وتغلغلوا فى الغلو بشكل يوحى أنهم بهذا الغلو أقرب إلى عبادة الرجال الذى حذرنا سبحانه وتعالى من الوقوع فى هذا الشرك الشيطانى الكاذب. وقد تناسوا مسؤليتهم فيما يوعظون به القوم ونسوا أنهم سوف يُسألون يقول تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ " 44و43:43
من الملاحظ فى كتب الصحاح (كما يزعمون):
عند قراءة أى حديث فى كتب ما يسمونه بالصحيح، نجد إذا جاء إسم الرسول محمد عليه السلام تجد دائما بدون إستثناء عبارة " اللهم صلى عليه وعلى آله وسلم " ولكن إذا ذكر إسم اللـــــه لا نجد أى تعظيم أو توقير أو تسبيح قط. ما معنى هذا الآسلوب، يعنى أنهم لم يقدروا اللـــه حق قدره وأيضا يدخل الشك فى أنهم ما يقرب من عبادة الرسول الكريم والذى سوف يُسألون عنها يوم القيامة. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (39:67
علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
السؤال:
هل يجوز لي أن أقصر شعري؟ وما حدود التقصير؟
الجواب:
نعم يجوز لك أن تقصري شعرك كما تشائين وليس في ذلك حدود معينة، بشرط أن يكون ذلك بموافقة الزوج وألا يكون فيه شهرة أو تشبهٌ بالكافرات أو الفاسقات أو الرجال، كما ينبغي على المرأة ألا تتشبه في قصات شعرها بالحيوانات.
ومن صور التشبه بالكافرات أن تعمد إلى أن تقص قصة (ديانا) مثلاً
ومن صور التشبه بالفاسقات أن تعمد إلى أن تقص شعرها كقصة المطربة أو الممثلة فلانة.
ومن صور التشبه بالرجال أن تقصر شعرها جداً كشعر الرجال.
ومن صور التشبه بالحيوانات أن تقص شعرها كقصة الأسد وقصة ذيل الحصان وما شابه ذلك.
والله أعلم
السؤال:
ما حكم صبغ المرأة أعلى الحاجب وأسفلهوهو ما يسمى بالتشقير علماً أن لونه يكون مطابقاً للون البشرة بحيث يظهر كأنه نمص؟
الجواب:
الأصل في صبغ الشعر الإباحة ما لم يأت النهي بذلك كصبغ الشيب بالسواد، لكن بشرط ألا يكون في هذا الصبغ شهرة أو تشبه بالكافرات أو الفاسقات، والتشقير كما في السؤال هو صبغ وليس نمصاً لكن لما كان النمص محرماً ومن عمل الفاسقات والتشقير فيه نوع تشبه بهن فالذي أراه هو أن تبتعد الفتاة المسلمة عنه، خاصة إن كانت ممن يُقتدى بها لأن الناظر إليه قد يظنه نمصاً.لكني لا أجزم بتحريمه. واللــه أعلم. أين فى كتاب اللـــه هذا التحريم
السؤال
ما حكم إسبال الثياب بدون خيلاء فقد سمعت أحد المشايخ يقول إنه جائز؟ وهل هناك فرق بين الثوب والبنطلون والسراويل؟
الجواب
الحمد لله
اتفق العلماء على حرمة إسبال الثوب خيلاءًواختلفوا إذا لم يكن ذلك من باب المخيلة والتكبر على قولين
هل اللـــه سبحانه وتعالى أعطاهم خصوصية التحريم والتحليل...
الأول: الجواز مع الكراهة وهو قول أغلب أتباع المذاهب الأربعة
الثاني: التحريم مطلقاً وهو رواية عن الإمام أحمد خلاف المشهور عنه، قال ابن مفلح في (الآداب الشرعية 3/492): (قال أحمد رضي الله عنه أيضاً: ما أسفل من الكعبين في النارلا يجر شيئاً من ثيابه. وظاهر هذا التحريم)أ.هـ واختاره القاضي عياض وابن العربي من المالكية، ومن الشافعية الذهبي ومال إليه ابن حجر، وهو أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية وهو قول الظاهرية وبه قال الصنعاني ومن المعاصرين ابن باز والألباني وابن عثيمين وغيرهم وهو ما تؤيده الأدلة، والواجب فيما ما يتنازع فيه الناس أن يرد إلى الكتاب والسنة، قال الله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء/59
هنا لى أعناق الآية وما يشابهها من آيات الذكر الحكيم فإن تعبير "فردوه إلى اللــه والرسول " = القرءآن الكريم، ومن يطع (الرسول) القرءآن فقد أطاع اللـــه.
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ .... " 5:48
والأدلة على التحريم واضحة وصريحة منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) رواه البخاري، وحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : (أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بعضلة ساقي أو ساقه فقال: هذا موضع الإزار فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين)رواه أحمدوالترمذي وهو حديث صحيح، وغيرها من الأحاديث
وسبب صرف هذه الأدلة الصريحة الواضحة عن التحريم عند من لا يقول به وجود أحاديث علقت التحريم بالخيلاء كحديث: (لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء) رواه البخاري ومسلم، فقالوا تلك أحاديث مطلقة وهذه مقيدة فحملوا المطلق على المقيد،
وهذا غير صحيح لأن حمل المطلق على المقيد إنما يكون إذا اتحدا في السبب والحكم وأما إذا اختلفا فيمتنع حمل أحدهما على الآخر.
ونتأمل فى التعبيرات التى جائت فى هذا الحديث: والأدلة على التحريم واضحة وصريحة منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: والأجدى أن يأتوا بآيات من القرءآن الكريم ولكن عدم إعتقادهم بأن القرءآن هو الحكم الأول والأخير أشركوا معه أحاديث حتىلأبىهريرة الدوسى. معنى ذلك أن الحديث من أى من كان طالما أنهم يعتمدون على السند فإنه يحمل نفس القدسية كالقرءآن الكريم فى التحليل والتحريم . فهل هذا يُعقل يا أصحاب العقول النيرة ؟
الإسبال وعقوبته النار
الجرّ - وهو قدر زائدٌ عن الإسبال- وعقوبته ألا ينظر الله إليه.... فلنرى من هم الذين لا ينظر اللــه سبحانه إليهم يوم القيامة: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (3:77). فهؤلاء يشترون بعهد اللــه وايمانهم ثمنا قليلا.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/264): ( وحاصله : أن الإسبال يستلزم جرَّ الثوب، وجرُّ الثوب يستلزم الخيلاء ، ولو لم يقصداللابس الخيلاء ، ويؤيده : ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه : ( وإياك وجر الإزار ؛ فإن جر الإزار من المَخِيلةوقال تعقيباً على حديث أم سلمة رضي الله عنها لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ حيث فهمت أن الزجر عن الإسبال مطلقاً ولو من غير خيلاء: (ويستفاد من هذا الفهم التعقيب على من قال إن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء ... ووجه التعقيب أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقا سواء كان عن مخيلة أم لا) (فتح الباري 10/259
وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (3/234) : رداً على من يسبل إزاره ويقول لا أفعل ذلك خيلاء: (وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فَرَجِيَّة (ثوب واسع فضفاض كان ملبوس العلماء والقضاة) تحت كعبيه ، وقيل له : قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) ، يقول : إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء ، وأنا لا أفعل خيلاء ؛ فتراه يكابر ، ويبرئ نفسه الحمقاء .
أنظر كيف يتعامل العلماء مع غيرهم، فيوصفه بالكبر وانه أحمق فهل هذا من باب الخلق الحسن والتحاور بالتى هى أحسن فلا يدهشنى أن نسمع سباب وشتائم لكل من يعترض عليهم فللــه الأمر كله سبحانه وتعالى.
ويعمد إلى نص مستقل عام ، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري؛ فقال : ( لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء ) !فقلنا : أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولاً ، بل كان يشده فوق الكعب ، ثم فيما بعد يسترخي . وقد قال عليه السلام : ( إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين ) ، فمثل هذا في النهي من فصّل سراويل مغطيا لكعابه ، ومنه طول الأكمام زائدا، وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس) انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تعقيباً على من جعل الإسبال هو السدل: (وإن كان الإسبال والجرمنهياً عنه بالاتفاق والأحاديث فيه أكثر، وهو محرم على الصحيح، لكن ليس هو السدل.) (اقتضاء الصراط المستقيم 1/130)
وقال الصنعاني في مقدمة كتابه (استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال): (وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار ، وهو يفيد التحريم ، ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه ، وهو دال على التحريم ، وعلى أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه. الآية التى سبق ذكرها 3:77. ، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء..
والخلاصة
أن إسبال الثوب ومثله البنطال والسراويل إلى ما دون الكعبين محرّم بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله خيلاء يزيده حرمة
هنا لى وقفة قصيرة مع " محرّم بنص حديث رسول الله"
من البداية وتدبُرنا لهذه العبارة ، والتى جائت فى معظم كتب الصحاح وغيرهم الكثير، وإن وضعنا هذه المقولة فى ميزان مع الآية الكريمة التى تقول " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ۚ ..." نستنتج أنهم وضعوا الرسول الكريم فى شراكة مع اللــه فى التشريع. من تدبرنا فى أيات اللــه الكريمات نجد ان فى القرءآن الكريم يثبت لنا بشكل جازم أن ليس للرسول أو أى فرد مهما كانت مكانته بين الناس أن يكون له حق التشريع فيقول عز من قائل: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (66:1
أيها العلماءالأفاضل والمشايخ المعتبرين وكل من يقول بمثل هذا، ما رأيكم فى هذه الاية الكريمة التى نرى فيها أن الرسول الكريم ليس له حق التشريع حتى مع أزواجه وحتى فيما يخص أهل بيته، فكيف تفترون على الرسول الكريم وتضعونه فى موقف مع اللــه بالمسائلة يوم الحساب. إتقوا اللــه يأهل العلم الفاسد الذى جعلتم هذه الأمة أحط الأمم ودم المسلم أرخص من دم الحيوانات وإنتشر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس وأنتم وعامة المسلمين مشتركين فى كل هذا والحساب يوم الحساب، اليوم الذى لا خلة ولا شفاعة فإعتبروا يا أولى الباب إن كان لكم من الألباب شيئ.
ويقول سبحانه فى موضع آخر ولسبب آخر " عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ "9:43
حكم الضرب بالدف والطبل
السؤال
ما حكم سماع الدف والطبل في المناسبات؟ وما الفرق بينهما؟ وهل هناك فرق بين الضرب بالدف وبين سماعه؟ وهل هناك فرق بين الرجل والمرأة في ذلك؟ وما حكم سماعه من أشرطة الكاسيت. نرجو الإجابة بشيء من التفصيل لأن الكلام كثر حول هذا الموضوع واختلفت فيه الآراء.
الجواب
الحمد لله
الأصل في جميع أنواع المعازف تحريم سماعها واستخدام آلاتها للرجال والنساء معاً لحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً: ((لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخَمْرَ والمَعَازِفَ))؛أخرجه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم.
ولحديث عامر بن سعد البجلي قال: ((دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود وجوار يضربن بالدف ويغنين فقالوا قد رُخِّصَ لنا في اللهو عند العرس)) (حديث حسن رواه النسائي وغيره) والرخصة لا تكون إلا بعد أمر محظور أو محرم
والدف والطبل من هذه المعازف قطعاً، قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر: (العزف: اللعب بالمعازف وهي الدفوف وغيرها مما يضرب به)
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1/ 484) : (وآلات المعازف: من اليراع والدف والأوتار والعيدان)
و قال ابن حجر في الفتح (10/46) : (وفي حواشي الدمياطي، المعازف: الدفوف وغيرها مما يضرب به)
فالدف والطبل لغة وشرعاً من المعازف التي ورد النص بتحريمها.
أيها الأكابر أى نص تتحدثون عنه وهل هذه النصوص مأخوذة من القرءآن الكريم أم من غيره وأى شيئ غيره فهو من دونه فلما تأخذوا الذى من دونه وتتركوا الحق ويقول اللــه سبحانه وتعالى:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (47:2
والفرق بينهما على الراجح أن الدف مفتوح من أحد طرفيه وليس له جلاجل أما الطبل فمغلق من الجهتين، قال الحافظ ابن حجر: (الدف الذي لا جلاجل فيه فإن كانت فيه جلاجل فهو المزهر) (الفتح 2/440)
إذا علمت هذا الأصل فاعلم أنه قد جاءت أحاديث مستثنيةً استخدامَ الدُّفِّ للنساء والصغار فقط وبقي الرجال على الأصل، وليس هناك حديث عنرسول الله صلى الله عليه وسلم أو اثر عن صحابي أو تابعي أن رجلاً ضرب بالدف أو ضرب أمامه رجل
هنا يتضح جليا من له الحق فى التشريع بزعمهم وبناءا عن أئمتهم وأكابرهم فأعطوا الحق للرسول والصاحبى وتابع الصحابى، كل هؤلاء شركاء مع اللــه سبحانه فى التحليل والتحريم. أليس هذا الشرك بعينه؟
ومما يدل أيضاً على أن الأصل في الضرب بالدف التحريم إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه في نعته للدف بمزمور الشيطان عندما سمعه من الجويريات، وهذا النعت لم يأت إلا نتيجة لما استقر في ذهن أبي بكر رضي الله عنه من التحريم العام للمعازف، ومنها الدف، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لـه أن الدف أبيح استثناءً للجويريات في يوم العيد، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه نسبه إلى الشيطان بقوله:((إن الشيطان ليخاف منك يا عمر)) لما ألقت الجارية الدف عند مقدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلو كان في أصله مباحاً ما نسبه للشيطان
والخلاصة
أن الطبل محرم في أي حال وعلى كل أحد لأنه من المعازف التي لم تُستثن من الأصل، وأما الدف فهو من المعازف المحرم على الرجال الضرب بها على أي حال وفي أي مناسبة ورُخِّص فيه للنساء وللصغيرات خاصة، أما سماعه للرجال من الصغيرات فهو مباح في الأعراس والأعياد فقط، وعليه فسماعه رجالاً أو نساءً من أشرطة الكاسيت أو غيرها في غير هاتين المناسبتين محرم لا يجوز.
والله أعلم
حكم شراء وإهداء ما يسمى البطاقة العائلية للنبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
انتشر في بعض البلدان والأسواق كتيب على أنه البطاقة العائلية للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه معلومات مفيدة عن حياته، فهل اطلعتم عليه؟ وما حكم شرائه وإهدائه؟
الجواب
الحمد لله
لا شك أن مقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في نفوس المؤمنين مقامٌ عظيمٌ جليل، وكلُّ مؤمن يفديه بنفسه وماله ويجب أن يكون العالم كله محباً ومجلاً ومعظماً له صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتختلف أساليب الناس في التعبير عن هذا الحب، فمنهم من يؤلف كتاباً مطولاً في سيرته ومنهم من يختصر، ولكن الذي فاجأ العالم الإسلامي هو تدني أسلوب البعض في التعريف به صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى درجة السخف والسماجة حيث انتشر بين الناس هذا الكتيب الصغير والذي يشبه جواز السفر وكأنه بطاقة عائلية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجُعل لون الجواز وشكله يشبه جوازات السفر المستخدمة حالياً، وجُعل لهذا الجواز رقماً عالمياً، وعليه ختم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم المعروف "محمد رسول الله"، والكتيب مكون من 32 صفحة تتضمن معلومات شخصية عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعن أفراد أسرته، بل وفيه أيضاً فصيلة الدم وهي : (ن و ر) من الله، ودُوِّن فيه تاريخ التسجيل "قيود ونفوس" الرسول صلى الله عليه وسلم وتاريخ ولادته في الثاني عشر من ربيعٍ الأول، وفي هذه الوثيقة أيضا التوثيق التالي:
إصدار: أمين سجل يثرب
مسؤول الإحصاء: حذيفة بن اليمان
هذا ملخص ما في الكتيب والذي سموه بجواز سفر الرسول وزعموا أنه طريقة عصرية للتعريف به والناظر إلى هذا الكتيب يجد فيه كثيراً من المغالطات والتي منها:
تسمية المدينة بيثرب والنبي سماها المدينة يقولون يثرب، وهي المدينة،
زعمهم أن حذيفة كان مسؤول الإحصاء في عهد النبي وهذا غير صحيح بل كان صاحب سر رسول الله ،
زعمهم أن زمرة (أي: فصيلة) دم النبي هي: (ن و ر) من الله ، وهذا من عقائد غلاة الصوفية الذين يعتقدون أنه خلق من نور الله وهذا باطل،
إثباتهم لتاريخ ولادة النبي وأنها في الثاني عشر من ربيع الأول، مع العلم أن فيها خلافاً مشهوراً والصواب عدم معرفتها بالتحديد.
هذا قول الشيخ يوسف القرضاوي عن هذا الكتيب: (إنه من عجائب ما ولدته الليالي، مما لا يفهم له غرض، ولا يفقه له معنى، ولا يعرف له فائدة، إلا أنه من (تقاليع) الفارغين، الذين فرغت عقولهم من العلم، وقلوبهم من الآلام والآمال، فشُغلوا بهذه التوافه، التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولا قام عليها من العقل أو النقل برهان. وأقلَّ ما يُقال في هذا: إنه من البدع المرفوضة في الدين، أو من التقاليع المذمومة في الدنيا. ومن المقرَّر أن "كلَّ بدعة ضلالة"، وكلَّ ضلالة في النار. ثم إنه لم يحسن أن يعرِّف به أدنى تعريف، وقد وضع مبتدع الجواز المزعوم للنبي صلى الله عليه وسلم مقابل صفحة الجواز: صفحة أخرى، يبدو أن المقصود منها: الدعوة إلى رسالة محمد، وتعاليم محمد صلى الله عليه وسلم، وكنا نتخيَّل أن تشتمل هذه الصفحة على أساسيات الرسالة، والمبادئ العامة لعقيدة الإسلام وشريعته وأخلاقه وقِيَمه، والمقاصد الكلية لهذا الدين. ولكن خاب أملنا، حيث لم نجد فيها دعوة إلى التوحيد، ولا إلى الإيمان بالآخرة، ولا الإيمان بكتب الله ورسله، ولا إلى العبادات والشعائرية الكبرى: من الصلاة والزكاة والصيام والحج، ولا إلى مكارم الأخلاق التي بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليتمِّمها) أ.هـ
ولا شك أن مثل هذا الفعل ليس فيه توقيرٌ للنبي صلى الله عليه وسلم والله سبحانه وتعالى يقول: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح: 9]قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الصارم المسلول على شاتم الرسول): التعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه، والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار. اهـ
وقد أمر الله تعالى المسلمين أن لا يخاطبوا نبيهم كما يخاطبون بعضهم بعضاً فقال: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63] قال ابن كثير: فهذا كله من باب الأدب في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم والكلام معه.أ.هـ وهؤلاء جعلوه كغيره من البشر
فليس من الأدب ولا التوقير صناعة مثل هذه الأشياء ونسبتها إلى نبي الأمة وعظيمها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمسلم عليه أن يتعالى عن مثل هذه السفاهات، فأيُّ فائدة في صناعة مثل هذا، مع وجود البدائل الكثيرة والكثيرة جداً مما يتفق العلماء والعقلاء على جوازه وحسنه: كطباعة ونشر الكتب، والكتيبات، والمطويات، وإلقاء الدروس، والمحاضرات، وتوزيع الأشرطة، وغير ذلك مما فيه الحديث عن سيرته وشمائله صلى الله عليه وسلم، ثم إن جواز السفر المعروف اليوم لا يحصل عليه الفرد إلا بعد انتسابه وتجنسه بجنسية بلد معين فليت شعري إلى أي بلد ينتسب خليل الله وبأي جنسية يريد هؤلاء العابثون أن يجنسوه بها حاشاه بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
وعليه فلا يجوز شراء مثل هذا الكتيب ولا بيعه ولا نشره ولا توزيعه، والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. إنتهى قول الشيخ القرضاوى.
السؤال
ما رأيكم في هذين البيتين؟ وهل يجوز الاستشهاد بهما وتردادهما في المناسبات وغيرها؟
أدمِ الصلاة على النبي محمد فقبولها حتما بغير تــردد
أعمالنا بين القبول و ردهـا إلا الصلاة على النبي محمد
الجواب
الحمد لله
أما صدر البيت الأول: (أدم الصلاة على النبي محمد)، فهو حق إن شاء الله ففيه الحث على مداومة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة
وكذا صدر البيت الثاني: (أعمالنا بين القبول وردها) حقٌ كذلك، فكل عمل يعمله المرء فهو بين القبول وعدمه فما كان خالصاً لله وموافقاً للسنة فهو مقبول عند الله وما كان غير ذلك فهو مردود
وأما عجز البيت الأول والثاني فهو من أباطيل الصوفية المغالين في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد جعلوها أعظم من التهليل والتسبيح بل أعظم من الصلاة نفسها بسجودها وركوعها، لأنهم يقولون كل هذه الأعمال بين القبول والرد إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا خطأ بل كل العبادات بين القبول والرد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وقربة يتقرب بها العبد إلى الله عزَّ وجلَّ تفتقر إلى النية والمتابعة كغيرها من العبادات،أما هذا الغلو في النبي والصلاة عليه وجعلها مقبولة حتى لو كانت رياءً أو مُبْتَدعةً فهو مرفوض في ميزان الشريعة، والصوفية يزعمون ذلك حتى يبرروا ما يفعلونه في احتفالات المولد وغيره فبعضهم إذا أنكر عليهم مُنكر ردَّ عليه قائلاً: هب أن ما نفعله بدعة لكن بما أننا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فهو مقبول عند الله، ويستشهد بهذين البيتين
أدم الصلاة على النبي محمد فقبولها حتما بغير تـردد
فأعمالنا بين القبول و ردهـا إلا الصلاة على النبي محمد
وكأنهما آية أو حديث يُحتج به، ويقول بعض علمائهم: (إن الصلاة على النبي لا يدخلها الرياء ولا بأس أن يسِرّ المرء بها أو أن يعلنها . فهيتأدية حق له واجب علينا وليس تكرما منا عليه) وهذا خطأ أيضاً .
والله أعلم
ما صحة القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية؟
السؤال
هل ثبت أن الإمام الشافعي كان يفتي في العراق بفتاوى ولما ذهب إلى مصر أصبح يفتي بخلاف ذلك لاختلاف البيئة بين مصر والعراق وبالتالي أصبحت له فتاوى تناسب أهل العراق وفتاوى تناسب أهل مصر؟ هكذا ذكر أحد المشايخ على قناة فضائية واستدل بفعل الشافعي على تغير الفتاوى بتغير المكان.
الجواب
الحمد لله
لا، لم يثبت أنه كان للإمام الشافعي رحمه الله فتاوى تناسب أهل العراق وأخرى تناسب أهل مصر، ولكن المقرر في كتب المذهب الشافعي هو أن الإمام الشافعي كان له مذهبان مذهب في العراق وهو المذهب القديم تلقاه عنه تلاميذه هناك وألَّف فيه كتباً ثم إنه عندما انتقل إلى مصر مروراً بمكة التقى بعدد من العلماء ونقلة الأحاديث وتراجع عن كثير مما كان عليه بالعراق، وهو ما أصبح يُعرف بالمذهب الجديد، ولم يكن آنذاك يُعرف بمذهب العراق ومذهب مصر. وهذا المذهب الجديد قيل إنه تشكَّل قبيل مغادرته العراق إلى مكة، وقيل قبل مغادرته مكة، لكن من المقطوع به أنه كتبه وأصَّله في مصر، فهو إذن لا علاقة له بكونه في مصر أو في العراق
ومما يدل على ذلك
أنه لو كان الأمر مجرد فتاوى تناسب كل بلد لما أمر رحمه الله بشطب كتبه التي ألَّفها في العراق وحرَّم على الناس روايتها، فقد كان يقول: (ليس في حلٍّ من روى عني القديم) (البحر المحيط) للزركشي (4/584)، بل لجعل لكل بلد فتاواه التي تناسبه.
ولو كان الأمر كما يزعم هؤلاء لأفتى أصحابه بالعراق بأقواله القديمة والواقع خلاف ذلك
أن أئمة المذهب الشافعي والذين هم أدرى به لم يذكر أحدٌ منهم هذا السبب، فهل هؤلاء المتأخرون أعلم بذلك منهم؟!. بل عندما اختار بعضهم شيئاً من أقواله القديمة لم ينسبوها إليه، بل اختاروها لرجحان أدلتها من وجهة نظرهم
أن أئمة المذهب الشافعي صرَّحوا بأنه لا يجوز تقليد الشافعي في مذهبه القديم ولو كان المقلِّد من أهل العراق، فكيف يزعم هؤلاء أن السبب اختلاف البيئة واختلاف المكان
5- لو صح أن سبب تغيير الإمام الشافعي لمذهبه في مصر اختلاف المكان لما قلَّده الشافعية في غير مصر والمعلوم لدى طلاب العلم أن أئمة الشافعية أين ما كانوا قد أخذوا بمذهبه الجديد الذي أسسه في مصر حتى أهل العراق أنفسهم، وكتاب الأم وهو العمدة في المذهب الشافعي إلى الآن؛ ألَّفه في مصر، لذلك قال النووي في المجموع (1/66): (كل مسألة فيها قولان للشافعي رحمه الله قديم وجديد، فالجديد هو الصحيح وعليه العمل)، وقال (1/68): (ليس للمفتي ولا للعامي المنتسب إلى مذهب الشافعي رحمه الله في مسألةِ القولين أو الوجهين أن يعمل بما شاء منهما بغير نظر بل عليه في القولين العمل بآخرهما) ولم يفرق بين كون هذا المفتي في العراق أو مصر أو غيرهما
والعجيب في الأمر أن الذين يزعمون أنه غيَّر مذهبه لتغير عوائد الناس وطبائعهم إنما يريدون بهذا الزعم إصدار فتاوى تيسر على الناس ولو خالفت الدليل زاعمين أن الإمام الشافعي أفتى بفتاوى تناسب أهل مصر تيسيراً عليهم، وجهل أولئك أن فتاوى الإمام حسب أصوله في مصر أشد من فتاواه في العراق، ومذهبه في العراق أقرب إلى التيسير، وأنه بنى مذهبه الجديد على الاحتياط، وعدم القول بالمصالح المرسلة التي يدندن حولها القوم، ولا عبرة بالعرف عنده بل العبرة بالنص والالتزام بظاهر النصوص كما سيظهر ذلك من خلال بعض الأمثلة التي سأوردها لك بعد قليل، ولا توجد مسألة واحدة تراجع عنها الإمام لتغير الظروف بين مصر والعراق، والبينة على المدعي، وهيهات
ومن أمثلة الفتاوى التي أفتى بها في مصر وكان رأيه فيها أشد من رأيه في العراق كما هو مبثوث في كتب الشافعية
استعمال أواني الذهب والفضة، في القديم: يكره كراهة تنزيه، وفي الجديد: يكره كراهة تحريم
يقول اللــه سبحانه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (7:32)
المسح على الخفّ المخرق، في القديم: إن كان الخرق لا يمنع المشي عليه جاز، وفي الجديد: إن ظهر من الرِّجل شيء لم يجز
ترك الفاتحة نسياناً، في القديم: تسقط عنه القراءة بالنسيان، وفي الجديد: لا تسقط
الغسل من ولوغ الكلب، في القديم: لا يجب غسله، وفي الجديد: يغسل ستاً
ترك الترتيب في الوضوء ناسياً، في القديم: صحيح، وفي الجديد: باطل
النوم في الصلاة، في القديم: لا ينقض الوضوء، و في الجديد: ينقض
امرأة المفقود، في القديم: تتربص أربع سنين من وقت انقطاع خبره،ثم تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشرة أيام، وفي الجديد: لا تعتد ولا تنكح أبداً حتى يأتيها يقين وفاته، فأخذ في القديم بقول ابن عباس رضي الله عنهما الأيسر، وأخذ في الجديد بقول علي رضي الله عنه الأشد .....
هذا قول أحد كبار أئمة المسلمين، فماذا يقول اللــه سبحانه وتعالى:
فى العدة: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (2:342)
فى وصية اللــه: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ۚ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240
والأمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها في مظانها، ويلاحظ أنه لا أثر لاختلاف المكان والبيئة في اختلاف قولي الإمام الشافعي القديم والجديد في هذه المسائل كلها، وإنما يرجع سبب الاختلاف إلى إحكام مذهبه وضبطه بالأدلة الشرعية كما قال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لما قيل له: (ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أحب إليك أم التي عند المصريين؟، قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذلك).(مناقب الإمام الشافعي للبيهقي 1/263
فهذا تلميذه وأعرف الناس به أرجع سبب تغير مذهب إمامه إلى الإحكام والضبط، ولو كان للبيئة والمجتمع سبب في ذلك لذكره
فالقول بأن هذا هو السبب قول باطل وعري عن الصحة ولا يستقيم مع التحقيق العلمي ولا يقوله إلا جاهل أو صاحب هوى
والله أعلم
هنا وقفة لنتابع هذا المقطع: فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذلك).(مناقب الإمام الشافعي للبيهقي 1/263
إن تم الحكم على شخص ما إستنادا على فتوى فى العراق وتم تنفيذ هذا الحكم فى المتهم (كما زعموا وقتها) ثم غير المفتى رأيه فى نفس المسألة بعد فترة فكانت النتيجة أن العقوبة التىنفذت فى السابق غير صحيحة، فمن المسؤول أمام اللــه عن هذا الهراء.
قسم البحث العلمي
ومراجعة المشرف العام
السؤال
ما حدود عورة المرأة على المرأة؟ وما الذي يجوز أن تبديه المرأة لبنات جنسها؟
الجواب
الحمد لله
أما عورة المرأة بالنسبة للمرأة فلا تخلو المرأة من أن تكون إما مسلمة وإما كافرة، والمسلمة إما عفيفة أو فاجرة
فأما عورة المرأة المسلمة أمام المرأة المسلمة فللعلماء فيها قولان
القول الأول: وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاءإلى أنها من السرة إلى الركبة، وإليه ذهب المالكية والشافعية والحنابلة وهو الأصح عند الحنفية [المبسوط للسرخسي 10/254، مواهب الجليل 2/180، المجموع شرح المهذب 3/167،الروض المربع 1/332] ويرى بعض أهل العلم وهو رواية عن أبي حنيفة أن المرأة تنظر من المرأة ما يراه الرجل من محارمه، وهو مواضع الزينة [البحر الرائق 8/219] فتنظر إلى الرأس والوجه والعنق والعضد والساق
ومما استدل به الجمهور........ما معنى " إستدل به الجمهور " ما المقصود بالجمهور وهل للجمهور حق التشريع؟ وإن كان المقصود بالجمهور هو جمهور الفقه فلماذا لم يكن الكلام صريحا ونقول هذا رأى جمهور الفقهاء أو هذا راى أكثر العلماء.
وهناك تعبير آخر " إجماع أهل العلم " هل هناك فارق بينهما؟
أنه ليس في نظر المرأة إلى المرأة خوف إثارة للشهوة أو الوقوع في الفتنة كما في نظر الرجل إلى الرجل، فنظر الجنس إلى الجنس أخف لانعدام الشهوة غالبا لوجود المجانسة، والغالب كالمتحقق
كذلك من أدلتهم إجماع أهل العلم على جواز قيام المرأة بتغسيل المرأة كما يغسل الرجل الرجل، فكما للرجل الاطلاع على ما فوق السرة ودون الركبة من الرجل حياً و ميتاً، فيجوز إذاً أن تُظهر المرأة للمرأة ما فوق السرة ودون الركبة لوجود المجانسة التي تبيح ذلك، فالناظر والمنظور إليه كلاهما من النساء.
وأجيب عن الأول بأن ما ذكروه غير مضطرد فالأمرد من جنس الرجال ومع ذلك اعتبره جمهور الفقهاء في حق نظر الرجال إليه بالمرأة، ولم يعتبروه بجنسه
وأما الثاني فلا حجة فيه؛ لأن الغسل ليس فيه إباحة إطلاق النظر، فضلاً عن أن يكون فيه جواز تعرية المرأة، فالمشروع في الغسل أن يكون من فوق الثوب،وهذا إذا قيل بالتساوي بين حالتي الحياة والموت. والآية (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ...) تخاطب المرأة بالنهي عن إبداء الزينة الخفية بالاختيار إلا لمن ذكر فيها ومن في حكمهم بالقدر المعروف شرعاً وعرفاً
وأما كشف ما فوق السرة لغير الزوج في حال ضرورة، أو ظهور شيء من بدن المرأة سواء كان ذلك في حال الضرورة أو عدم التكليف فليس من هذا الباب
ولعل الراجح هو القول الثاني وذلك لأن الله تعالى قال: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن- إلى قوله- أو نسائهن}
والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق، وقد جمعت الآية بين محارم المرأة ونسائهن، وساوت بينهم فيما ينظرون إليه وهو مواضع الزينة من بدنها
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(المرأة عورة) أخرجه الترمذي (1173) وصححه غير واحد من أهل العلم، فلا يجوز لها أن تبدي إلا ما ثبت استثناؤه، ومن ذلك ما جاء في (صحيح البخاري) (251) -واللفظ له- ومسلم (320) عن أبي سلمة قال: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة رضي الله عنها فسألها أخوها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب . ففيه رؤية رأسها من قبل أخيها وابن أختها أبي سلمة؛لأنَّ أمَّ كلثوم أختَها أرضعته.
فسألها أخوها عن غسل رسول اللــه، فكيف تريه كيفية غسل رسول اللــه وبينها وبينه حجاب لا يرى إلا رأسها فقط؟
ولا نعلم عن أحد من السلف خبرا ذكر فيه تكشف النساء وإظهارهن شيئا من أبدانهن فيما بينهن سوى مواضع الزينة ، ولو وقع ذلك لنقل عنهم كما نقل غيره مما هو دونه
وكذلك فإن المرأة لا تحتاج في قيامها بعملها إلى كشف ما زاد عن مواضع زينتها، والظهر والبطن وما أشبههما- مما ليس موضعا للزينة- لا تحتاج لكشفه عند مزاولة المهنة في البيت. حتى فى بيتها لا يجوز كشف أى شيئ من بدنها هل هذا تعسف ضد المرأة؟
أمَّا قول جمهور الفقهاء بأن عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما بين السرة إلى الركبة فهو مما لا دليل عليه، وليس معناه أن المرأة تجلس بين النساء كاشفة عن جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة، كما هو حال بعض النساء في الأعراس وغيرها لا يبالين بكشف ما فوق السرة وما تحت الركبة، بل ربما أكثر من ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلا ينبغي أن يساء فهم قول جمهور الفقهاء، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وحدود عورة المرأة عند المرأة ما بين السرة والركبة...فيجب أن نعرف الفرق بين العورة وبين اللباس، اللباس لابد أن يكون سابغاً بالنسبة للمرأة، أما العورة للمرأة مع المرأة فهي ما بين السرة والركبة). (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين12/268
فعلى ذلك لا يجوز للمرأة أن تلبس الملابس الضيقة التي تبين تفاصيل أعضائها، ولا أن تلبس ما يشف فيبدي مفاتنها، ولا الملابس العارية، فكل ذلك يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (كاسيات عاريات) أخرجه مسلم (2128) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة) أخرجه مسلم (338
أما حدود نظر المرأة الكافرة إلى المسلمة
فللعلماء فيه قولان
الأول: ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والأصح من مذهب الشافعية ورواية عن أحمد أن المسلمة يجب عليها أن تحتجب عن غير المسلمة إلا لحاجة أو ضرورة [حاشية ابن عابدين6/371، بلغة السالك1/192، مغني المحتاج3/131، المغني 7/464
والثاني: أن حكم غير المسلمة في النظر كحكم المسلمة وهذا القول وجه عند الشافعية ورواية عن أحمد وهو المشهور في المذهب الحنبلي [روضة الطالبين 7/25، المغني الموضع السابق]
والراجح- والله أعلم - هو القول الأول فلا يحل للمرأة الكافرة أن تنظر من المرأة المسلمة سوى الوجه والكفين، ومن الأدلة قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن) [النور:31]
السؤال
من هم أهل الحديث؟ وهل هناك فرق بينهم وبين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية؟
الجواب
أهل الشيء أخص الناس به، ولقد جاء في اللغة: أهل الرجل أخص الناس به
- فأهل الحديث: هم أخص الناس به وأكثرهم تمسكاً به، واتباعاً له قولاً وعملاً في الأخلاق والسلوك والعبادة والمعاملة، وفي الاعتقاد ظاهراً وباطناً، ويدخل فيهم دخولاً أولياً من كان مشتغلاً به سماعاً وجمعاً وكتابةً وتعليماً، رواية ودراية، تصحيحاً وتضعيفاً.
وأهل الحديث هم أهل السنة والجماعة فالحديث هو السنة والجماعة هي الحق ولو كنت وحدك، ومن كان متبعاً للحديث فهو على الحق
يقول اللـــه سبحانه: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (47:1وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ 47:2 ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (47:3
-وأهل الحديث هم الفرقة الناجية فمن لم ينج باتباع الحديث فبما ينجو؟! (أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (مجموع الفتاوى 3/347)
يقول سبحانه وتعالى : الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ (53:32
- وأهل الحديث هم الطائفة المنصورة بالحق فمن لم ينتصر بالحديث فبم ينتصر؟! قال الإمام أحمد: عن الطائفة المنصورة: (إن لم يكن هم أصحاب الحديث فما أدري من هم!) (فتح الباري 1/85
فلننظر إلى قول اللــه السميع العليم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) سورة محمد
قال شيخ الإسلام (رحمه الله) : (ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه، أو كتابته أو روايته، بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهراً وباطناً، واتباعه باطناً وظاهراً) (مجموع الفتاوى4/95)
- و (أهل الحديث هم السلف من القرون الثلاثة ومن سلك سبيلهم من الخلف) (مجموع الفتاوى6/355)
وأهل الحديث هم أهل النبي وإن *** لم يصحبوا نفسَه، أنفاسه صحبوا
فى الختام أريد أن أوجه نداء إلى أهل الحديث كما تم تعريفه سابقا:
أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62-59 سورة النجم
وفى النهاية أقول واللـــــــــــــه أعلم .