اضاءات قرآنية -3
المرأة , والزوج(الزوجة) , في القرآن الكريم.
القرآن الكريم نبع من الكنوز اللغوية لا ينضب.كل كلمة في القرآن الكريم لها معانيها ودلالاتها على أرض الواقع .هذه الدلالات اللغوية لها وجودها وحضورها في موقعها من الآية, لها دلالة ومعنى ,لا ينطبق إلا على هذا الموقع من الآية.
يقول الله تعالى عز وجUacute;ز وجل في القرآن الكريم .
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" الروم -21
الآية الكريمة ,هي من الآيات العظيمة التي أسست للحياة الزوجية كما أرادها الله عز وجل.والحياة الزوجية هي أساس تكوين العائلة المؤلفة من الوالد ,والوالدة ,والأولاد ....ذكوراً كانوا أم إناثاُ.هي أساس استمرار النسل والجنس البشري.وهي أساس المجتمعات البشرية التي يتكون منها عالم الجنس البشري على مدى العصور,وحتى نهاية العالم.
من تدبر الآية الكريمة ,نجد أن مشيئة الخالق وإرادته ,كونه عز وجل خلق لنا من أنفسنا أزواجاً .,خلق للذكر من نفسه زوجها ,وخلق للأنثى من نفسها زوجها .أي أن النفس هي الأساس الذي خلقت منها الأزواج. ولا معنى في هذا المقام لخلق المرأة من ضلع الرجل الأيسر والأقصر.وهذه كلها تأويلات إسرائيلية بعيدة كل البعد عما جاء في كتاب الله المهيمن .
وقد وصف الخالق عز وجل ,الحياة الزوجية بأنها سكن للطرفين ,وجعل بين طرفي الحياة الزوجية مودة ورحمة ...وهذه المودة والرحمة متبادلة بينهما لا كما جاء في بعض كتب التفسير أنها فقط من جانب الرجل إلى المرأة التي هي بحاجة للمودة ورحمة الرجل .وكأن الرجل في غنى عن هذه المودة والرحمة من قبل الزوجة.
لهذا اخترت نموذجين من تأويلات السلف جزاهم الله خيراً.
:
ابن كثير
قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا " أَيْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسكُمْ إِنَاثًا تَكُون لَكُمْ أَزْوَاجًا " لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا " كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " يَعْنِي بِذَلِكَ حَوَّاء خَلَقَهَا اللَّه مِنْ آدَم مِنْ ضِلْعه الْأَقْصَر الْأَيْسَر . وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ بَنِي آدَم كُلّهمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثهمْ مِنْ جِنْس آخَر مِنْ غَيْرهمْ إِمَّا مِنْ جَانّ أَوْ حَيَوَان لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَاف بَيْنهمْ وَبَيْن الْأَزْوَاج بَلْ كَانَتْ تَحْصُل نُفْرَة لَوْ كَانَتْ الْأَزْوَاج مِنْ غَيْر الْجِنْس ثُمَّ مِنْ تَمَام رَحْمَته بِبَنِي آدَم أَنْ جَعَلَ أَزْوَاجهمْ مِنْ جِنْسهمْ وَجَعَلَ بَيْنهمْ وَبَيْنهنَّ مَوَدَّة وَهِيَ الْمَحَبَّة وَرَحْمَة وَهِيَ الرَّأْفَة فَإِنَّ الرَّجُل يُمْسِك الْمَرْأَة إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لَهَا أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا بِأَنْ يَكُون لَهَا مِنْهُ وَلَد أَوْ مُحْتَاجَة إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاق أَوْ لِلْأُلْفَةِ بَيْنهمَا وَغَيْر ذَلِكَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
:الطبري:
"الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ حُجَجه وَأَدِلَّته عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا خَلْقه لِأَبِيكُمْ آدَم مِنْ نَفْسه زَوْجَة لِيَسْكُن إِلَيْهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ حَوَّاء مِنْ ضِلْع مِنْ أَضْلَاع آدَم . كَمَا : 21269 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } خَلَقَهَا لَكُمْ مِنْ ضِلْع مِنْ أَضْلَاعه .
وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
وَقَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنكُمْ مَوَدَّة وَرَحْمَة } يَقُول : جَعَلَ بَيْنكُمْ بِالْمُصَاهَرَةِ وَالْخُتُونَة مَوَدَّة تَتَوَادُّونَ بِهَا , وَتَتَوَاصَلُونَ مِنْ أَجْلهَا , وَرَحْمَة رَحِمَكُمْ بِهَا , فَعَطَفَ بَعْضكُمْ بِذَلِكَ عَلَى بَعْض
انتهى الاقتباس.
وبالعودة إلى العنوان الأساس ,نجد أن الله عز وجل وصف الأنثى التي هي طرف في العلاقة الزوجية بلفظ – امرأة- ,وفي مواقع أخرى وصفها عز وجل بالزوج. فهل هناك ترادف وتطابق في المعنيين ...معاذ الله
من تدبر الآيات القرآنية التي ورد فيهما اللفظين ,نلاحظ أن الله عز وجل قد استخدم لفظ –زوج- للزوجة ,إذا كانت العلاقة بين الزوجين علاقة مودة ورحمة , انسجام وتشابه ,وكونها تحقق وظيفتها في عملية الإنجاب.و مخلصة لزوجها حافظة لفرجها.
بينما استخدم لفظ- امرأة- ,في حالة الخلل في العلاقة الزوجية ,وذلك يتجلى في عدم إخلاص الزوجة لزوجها ,أو في عدم قدرتها على الإنجاب .أو عدم الانسجام والتشابه.
دعونا نستعرض في البداية بعض الآيات الكريمة التي ورد فيها لفظ -زوج- أو- إمرأة-.
قال عز من قائل : "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ"
وفي هذه الآية, نلاحظ أن حواء مثلت العلاقة المثالية كما أرادها الخالق في الحياة الزوجية.وأيضاُ كان في علمه .أنها ستنجب الأولاد الذين هم بداية الذرية البشرية بعد هبوطهما من الجنة.بذلك تكاملت شروط هذه العلاقة الزوجية .لهذا جاء وصف حواء بلفظ –جوزك-
وقوله تعالى :
"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا
مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"
في هذه الآية استخدم لفظ أزواجنا ....لأن قصد الدعاء _هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ....."وهذا لن يتم إلا بوجود علاقة زوجية تحقق ما أراده الله من الانسجام والتوافق والتشابه والأخلاص..
وقوله تعالى
: " في قوله تعالى :
"النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ"
استخدم عز وجل لفظ- أزواجه -,لأن في حياة الرسول مع أزواجه حققت علاقة الانسجام والتوافق والتشابه.
أما عندما استخدم لفظ امرأة ....كما هو واضح في الآيات التالية.
يقول الله عز وجل :
"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَ" .
في هذه الآية نجد أن العلاقة الزوجية هي علاقة غير سوية ,كون الزوجة في هذه العلاقة مارست فعل الخيانة ,لذلك نعتها الله عز وجل في إطار العلاقة الزوجة بلفظ- امرأة-.
في قوله تعالى
"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ"
وفي هذه الآية ,استخدم الله عز وجل لفظ- امرأة -كون العلاقة الزوجية بين فرعون وزوجه , كانت علاقة الظالم والمتكبر ,مع الزوجة المؤمنة القانتة
وقال تعالى على لسان زكريا :
"وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًافَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا"
في هذه الآية نجد أن الخالق استخدم لفظ –إمرأتي عاقراً- رغم أن زوج زكريا كانت من المؤمنين ,لكنها لم تحقق هدف الإنجاب في الحياة الزوجية
بيما قال تعالى :
"وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَه"
وجاءت هذه الآية لتؤكد ما ذهبنا إليه ,من حيث أن الله عز وجل استخدم لفظ زوجه بعد أن تم أصلاحها ,وصارت رغم كبر سنها قادرة على الإنجاب.
لهذا وتمثلاً بآداب القرآن ,يجب أن نقول زوجتي ,وليس أمرأتي أو مراتي.