سورة الشورى
سميت بهذا لذكر الشورى فيها بقوله"وأمرهم شورى بينهم ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم عسق كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات عادلة كذلك يلقى إليك وإلى الذين من قبلك الرب الناصر القاضى بالحق ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم عسق أى آيات عادلة متفرقات كذلك يوحى أى بتلك الطريقة وهى نزول الوحى آيات متفرقات يلقى إليك الوحى وإلى الذين من قبلك والوحى يقول الله العزيز الحكيم والمراد الرب المنتصر القاضى بالعدل
"له ما فى السموات وما فى الأرض وهو العلى العظيم "المعنى لله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو العظيم الكبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله له ملك ما أى الذى فى السموات وما أى والذى فى الأرض وهو العلى العظيم والمراد وهو الكبير العلى والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم "المعنى تريد السموات يتشققن من أعلاهن والملائكة يعملون بأمر خالقهم ويستعفون لمن فى الأرض ألا إن الرب هو العفو النافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن السموات تكاد يتفطرن من فوقهن والمراد أن السموات تريد أن يتهدمن من أعلى الناس بسبب كفرهم ولكنها لا تفعل طاعة لأمر الله بالبقاء والملائكة يسبحون بحمد ربهم والمراد والملائكة يعملون بحكم إلههم ويستغفرون لمن فى الأرض والمراد ويستعفون لمن فى البلاد من الذين آمنوا مصداق لقوله بسورة غافر"ويستغفرون للذين آمنوا" ويبين الله له أن الله هو الغفور أى العفو أى المفيد الرحيم وهو النافع للمؤمنين .
"والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل "المعنى والذين عبدوا من سواه أنصار،الله وكيل عليهم وما أنت عليهم بحفيظ ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين اتخذوا من دونه أولياء والمراد أن الذين عبدوا من غير الله آلهة مصداق لقوله بسورة يس"واتخذوا من دون الله آلهة"الله حفيظ عليهم والمراد الرب حامى لهم فى الدنيا من عذابه حتى حضور وقت عذابهم والنبى (ص)ليس عليهم بوكيل أى بحفيظ أى حامى لهم من العذاب مصداق لقوله بسورة الأنعام"وما جعلناك عليهم حفيظا".
"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق فى الجنة وفريق فى السعير "المعنى وهكذا ألقينا لك حكما واضحا لتخبر أم البلاد ومن يحيط بها وتخبر يوم البعث لا ظلم فيه جماعة فى الحديقة وجماعة فى النار،يبين الله لنبيه (ص)أن كذلك والمراد بتلك الطريقة وهى الآيات المفرقات أوحى الله إليك قرآنا عربيا والمراد ألقى أى أنزل الله لك حكما واضحا مصداق لقوله بسورة الرعد"وكذلك أنزلناه حكما عربيا"والسبب لتنذر أم القرى والمراد لتخبر أهل أم البلاد ومن حولها والمراد وأهل من يحيط بها من البلاد وهم كل أهل الأرض وتنذر يوم الجمع والمراد وتخبر يوم البعث لا ريب فيه أى لا ظلم فى يوم القيامة مصداق لقوله بسورة غافر"لا ظلم اليوم"وهم ينقسمون إلى فريق فى الجنة والمراد جماعة فى الحديقة وفريق فى السعير والمراد وجماعة فى النار والخطاب للنبى(ص) وما بعده .
"ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء فى رحمته والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير "المعنى ولو أراد الرب لخلقهم جماعة متحدة ولكن يسكن من يريد فى جنته والكافرون ما لهم من منقذ أى منجى،يبين الله لنبيه (ص)أن الله لو شاء أى أراد لفعل التالى جعلهم أمة واحدة والمراد جمعهم جماعة متحدة على الهدى مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء الله لجمعهم على الهدى"ولكن يدخل من يشاء فى رحمته والمراد ولكن يسكن من يريد وهم المؤمنين فى جنته مصداق لقوله بسورة الفتح"ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات "والظالمون وهم الكافرون ما لهم من ولى أى نصير والمراد ليس لهم شفيع أى منقذ من العذاب مصداق لقوله بسورة السجدة"ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع "ينجيهم من النار.
"أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولى وهو يحى الموتى وهو على كل شىء قدير "المعنى هل عبدوا من سواه آلهة فالرب هو الإله وهو يبعث الهلكى وهو لكل أمر يريده فاعل،يسأل الله نبيه (ص)أم اتخذوا من دونه أولياء والمراد هل عبدوا من سواه آلهة مصداق لقوله بسورة يس"واتخذوا من دونه آلهة "والله هو الولى والمراد الإله وحده وهو يحى الموتى والمراد وهو يبعث الهلكى مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" والخطاب للنبى(ص).
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب"المعنى وما تنازعتم فيه من أمر فمرده إلى الرب ذلكم الله إلهى به احتميت أى لدينه أعود ، يبين الله للمؤمنين أن ما اختلفوا فيه من شىء والمراد أن ما تنازعوا فيه من حكم قضية فحكمه وهو قضاؤه أى أمره الفصل هو إلى الله والمراد فمرده إلى وحى الله المحفوظ فى الكعبة ويبين لهم أن ذلكم وهو الحاكم هو الله ربى أى إلهى عليه توكلت والمراد بطاعة حكمه احتميت من عذابه وفسر هذا بقوله وإليه أنيب والمراد وإلى دينه أعود دوما .
"فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير "المعنى خالق السموات والأرض خلق لكم من أنفسكم زوجات ومن الأنعام أفرادا يرزقكم منه ليس كشبهه شىء وهو العليم الخبير ،يبين الله للناس أن الله فاطر وهو خالق السموات والأرض ،جعل لكم من أنفسكم أزواجا والمراد خلق لكم من بعضكم زوجات وهذا يعنى أن الله أبدع من بعض الرجال زوجات لرجال أخرين ،وخلق من الأنعام أزواجا أى أفرادا يذرؤهم فيه أى يرزقهم منه ،ليس كمثله شىء والمراد ليس كشبهه شىء والمراد ليس كالله موجود فى أى شىء وهذا يعنى أن الإله وحده هو الله وغيره مخلوقات وهو السميع البصير أى العليم الخبير بكل شىء والخطاب وما قبله وما بعده للمؤمنين .
"شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب "المعنى وضع لكم من الحكم ما أمر به نوحا (ص)والذى ألقينا لك وما أمرنا به إبراهيم (ص)وموسى (ص)وعيسى (ص)أن أطيعوا الحكم ولا تتنازعوا فيه عظم على الكافرين ما تناديهم إليه ،الله يصطفى إليه من يريد ويرحم من يريد ،يبين الله للمؤمنين أنه شرع لهم من الدين والمراد وضع لهم من الحكم التالى ما وصى أى ما أمر به نوحا (ص)والذى أوحى إلى رسوله والمراد والذى ألقى إلى نبيه (ص)محمد وما وصى أى ما أمر به إبراهيم (ص)وموسى (ص)وعيسى (ص)وهو أن أقيموا الدين والمراد أن أطيعوا الإسلام ولا تتفرقوا فيه أى ولا تنازعوا والمراد ولا تكذبوا به ،ويبين له أن المشركين وهم الكفار كبر عليهم ما تدعوهم إليه والمراد ثقل عليهم طاعة الذى تبلغهم إياه ،ويبين له أن الله يجتبى إليه من يشاء والمراد يصطفى إليه من يريد وهم الملائكة ومن الناس مصداق لقوله بسورة الحج"الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس"ويهدى إليه من ينيب والمراد ويرحم عنده من يؤمن بحكمه .
"وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفى شك منه مريب "المعنى وما اختلفوا إلا من بعد ما أتتهم البينات ظلما بينهم ولولا حكم مضى من إلهك إلى موعد محدد لفصل بينهم وإن الذين أعطوا الوحى من بعدهم لفى تكذيب به عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم والمراد ما كذبوا أى ما اختلفوا إلا من بعد ما أتتهم البينات وهى حكم الله مصداق لقوله بسورة البقرة"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات"والسبب بغيا بينهم والمراد جورا منهم أى كفرا منهم أى رغبة فى التميز منهم عن الأخرين ،ويبين له أن لولا كلمة سبقت من الرب والمراد لولا حكم مضى من الله إلى أجل مسمى والمراد إلى موعد محدد عنده وهو ألا يموتوا قبل أجلهم لقضى بينهم أى لفصل الله بينهم بالحق ،ويبين له أن الذين أورثوا الكتاب وهم الذين أبلغوا حكم الله من بعد السابقين لفى شك منه مريب والمراد فى كفر به كبير والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير "المعنى فلذلك فأبلغ وأطع كما أوصيت ولا تطع ظنونهم وقل صدقت بالذى أوحى الرب من حكم وأوصيت لأحكم بينكم :الرب إلهنا وإلهكم لنا أفعالنا ولكم أفعالكم لا فاصل بيننا وبينكم ،الرب يحشرنا وإلى جزائه العودة ،يبين الله لنبيه (ص)أن لذلك وهو الكتاب عليه أن يدعو أى يبلغ أى ينادى لإتباعه وأن يستقيم كما أمر والمراد وأن يطيع حكم الله كما أوصى وهذا يعنى أن يعبد الله وحده مصداق لقوله بسورة الرعد"إنما أمرت أن أعبد الله "ولا تتبع أهوائهم والمراد ولا تطيع وساوسهم وهى خطوات الشيطان أى سبيل المفسدين مصداق لقوله بسورة النور "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"وقوله بسورة الأعراف"ولا تتبع سبيل المفسدين " وطلب منه أن يقول :آمنت بما أنزل الله من كتاب والمراد صدقت بالذى أوحى الله من حكم وأمرت لأعدل بينكم والمراد وأوصيت أن أحكم بينكم بالقسط مصداق لقوله بسورة المائدة"وإن حكمت بينهم فاحكم بينهم بالقسط"،الله ربنا وربكم والمراد الرب إلهنا وإلهكم ،لنا أعمالنا أى لنا أحكامنا التى نطيعها ولكم أعمالكم والمراد ولكم أحكامكم التى تطيعونها ،لا حجة بيننا وبينكم والمراد لا قاضى بيننا وبينكم فى الدنيا ما دمتم لا تعقلون ،الله يجمع بيننا والمراد الله يبعثنا كلنا ليفصل بيننا وإليه المصير والمراد وإلى جزاء الله المرجع مصداق لقوله بسورة المائدة "إلى الله مرجعكم "والخطاب له ومنه للناس.
"والذين يحاجون فى الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد"المعنى والذين يجادلون فى الرب من بعد ما أطيع حكمه دليلهم هالك عند خالقهم وعليهم عقاب أى لهم عقاب أليم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين يحاجون فى الله وهم الذين يجادلون فى آيات الله كما قال بسورة غافر"الذين يجادلون فى آيات الله"وهم الذين يكفرون بدين الله من بعد ما استجيب له والمراد من بعد ما أطيع حكمه من قبل المؤمنين حجتهم داحضة عند ربهم والمراد اعتذارهم مرفوض غير نافع لدى إلههم مصداق لقوله بسورة الروم"فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم "وعليهم غضب من ربهم والمراد ولهم اللعنة مصداق لقوله بسورة الرعد"أولئك لهم اللعنة "وفسر هذا بأن لهم عذاب شديد أى عقاب أليم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب أليم " والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الله الذى أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون فى الساعة لفى ضلال بعيد "المعنى الرب الذى أوحى الوحى بالعدل أى القسط والذى يعلمك إن القيامة واقعة يطالب بها الذين لا يصدقون بها والذين صدقوا بها خائفون منها ويعرفون أنها الصدق ألا إن الذين يكذبون بالقيامة لفى عذاب مستمر ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى أنزل الكتاب والمراد هو الذى أوحى الذكر مصداق لقوله بسورة النحل"وأنزلنا إليك الذكر"بالحق وفسره بأنه الميزان وهو العدل وهو حكم الله بين الناس مصداق لقوله بسورة النساء"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس"ويبين له أن الله ما يدريه لعل الساعة قريب والمراد الذى يعرفه أن القيامة واقعة فى المستقبل ويستعجل بها والمراد ويطالب بوقوعها الذين لا يؤمنون بها وهم الذين لا يصدقون بوقوعها والذين آمنوا مشفقون والمراد والذين صدقوا بوقوعها خائفون من عذابها مصداق لقوله بسورة المعارج"والذين هم من عذاب ربهم مشفقون"والمؤمنون يعلمون أنها الحق أى يعرفون أنها الصدق المتحقق مستقبلا والذين يمارون فى الساعة وهم الذين يكذبون بالآخرة فى ضلال بعيد أى فى عذاب مستمر مصداق لقوله بسورة سبأ"بل الذين لا يؤمنون بالآخرة فى العذاب والضلال البعيد".
"الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوى العزيز "المعنى الرب رحيم بخلقه يعطى من يريد وهو المتين الغالب ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله لطيف بعباده والمراد إن الرب نافع لخلقه يرزق من يشاء والمراد ينفع من يريد كثيرا أو قليلا وهو القوى العزيز أى المتين المنتصر لأمره والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له فى الآخرة من نصيب "المعنى من كان يطلب جنة القيامة نعطى له جنته ومن كان يطلب متاع الأولى نعطه منها وما له فى القيامة من متاع ،يبين الله لنبيه (ص)أن من كان يريد حرث الآخرة والمراد أن من كان يرجو أى يعمل لدخول جنة القيامة نزد له فى حرثه والمراد نعطى له مقامه فى جنته وأما من كان يريد حرث الدنيا والمراد وأما من كان يطلب متاع الأولى وهى العاجلة نؤته منها أى نعجل له أى نعطه من متاعها مصداق لقوله بسورة الإسراء"من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها "وما له فى الآخرة من نصيب والمراد وليس له فى الجنة من خلاق أى مقام مصداق لقوله بسورة البقرة"وما له فى الآخرة من خلاق".
"أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم "المعنى هل لهم آلهة وضعوا لهم من الحكم الذى لم يسمح به الرب ولولا حكم القضاء بينهم مستقبلا لحكم بينهم الآن وإن الكافرين لهم عقاب شديد، يسأل الله أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله والمراد هل لهم أرباب اخترعوا لهم من الأحكام الذى لم يحكم به الرب ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار ليس لهم شركاء شرعوا لهم الدين الذى يدعون أنهم عليه وإنما هم الذين اخترعوا أى سموا الدين من عند أنفسهم وهو ما لم يبيحه الله مصداق لقوله بسورة يوسف "إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان "،ويبين الله له أن لولا كلمة الفصل وهى حكم القضاء بين الناس فى القيامة لحدث التالى لقضى بينهم أى لفصل بينهم فى الدنيا ويبين له أن الظالمين وهم الكافرين بحكم الله لهم عذاب أليم والمراد لهم عقاب شديد مصداق لقوله بسورة فاطر"الذين كفروا لهم عذاب شديد"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات فى روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير "المعنى تشاهد الكافرين خائفين بسبب ما عملوا وهو مؤذى لهم والذين صدقوا وفعلوا الحسنات فى متاعات الحدائق لهم ما يريدون لدى إلههم ذلك هو الفوز العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه يرى الظالمين والمراد يشاهد يوم القيامة المجرمين مصداق لقوله بسورة الكهف"وترى المجرمين"مشفقين مما كسبوا والمراد خائفين من عقاب ما صنعوا فى الدنيا وهو واقع بهم والمراد وهو نازل بهم أى مصيب إياهم وأما الذين آمنوا أى صدقوا الوحى وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات فى روضات الجنات وهى متاعات الحدائق يتمتعون لهم ما يشاءون عند ربهم والمراد لهم ما يشتهون فى جنة خالقهم مصداق لقوله بسورة فصلت"ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم "ذلك هو الفضل الكبير أى الفوز العظيم مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير".
"ذلك الذى يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور "المعنى ذلك الذى يخبر الله خلقه الذين صدقوا وفعلوا الحسنات قل لا أطالبكم عليه نفعا إلا الرغبة فى الجنة ومن يعمل صالحا نعطى له صالحا إن الرب عفو حميد ،يبين الله لنبيه (ص)أن ذلك وهو الجنات هو الذى يبشر الله عباده والمراد هو الذى يعد الله خلقه الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات فى القيامة،ويطلب منه أن يقول لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة من القربى والمراد لا أطالبكم عليه بنفع إلا الحب فى الجنة وهذا يعنى أن النبى (ص)يطلب من المؤمنين أجر ممثل فى المودة فى القربى وهو الرغبة فى دخول الجنة عن طريق طاعة حكم الله ،ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا والمراد ومن يعمل إسلاما نعطى له بسببه متاعا دائما إن الله غفور شكور والمراد إن الرب نافع حميد لمن يطيع حكمه والخطاب للنبى(ص)ومنه لهم
"أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور "المعنى هل يزعمون نسب إلى الرب باطلا فإن يرد الله يطبع على نفسك ويزيل الرب الكذب ويثبت العدل بأحكامه إنه خبير بنية النفوس ،يسأل الله أم يقولون افترى على الله كذبا والمراد هل يزعمون تقول على الرب باطلا ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن النبى(ص)لم ينسب باطلا إلى الله ،ويبين له أنه إن يشأ يختم على قلبه والمراد أنه إن يرد يطبع على نفسه فيكون كافرا ولكنه لم يرد ويبين له أن الله يمح الباطل والمراد أن الرب ينسخ أى يزيل أحكام الشيطان ويحق الحق بكلماته والمراد ويثبت العدل بآياته وهى أحكامه مصداق لقوله بسورة الحج"فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته "ويبين له أنه عليم بذات الصدور والمراد أنه خبير بنية النفوس ويحاسب عليها والخطاب للنبى(ص).
"وهو الذى يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون "المعنى وهو الذى يرضى العودة من خلقه أى يغفر الذنوب ويعرف الذى تعملون،يبين الله للناس على لسان نبيه (ص)أن الله هو الذى يقبل التوبة من عباده والمراد هو الذى يرضى العودة لدينه من خلقه بعد إذنابه وفسر هذا بأنه يعفو عن السيئات أى يغفر أى يترك العقاب على ذنوب التائب مصداق لقوله بسورة آل عمران"يغفر لكم ذنوبكم "ويعلم ما تفعلون والمراد ويعرف الذى تكسبون وهو ما تعملون مصداق لقوله بسورة الأنعام"ويعلم ما تكسبون " والخطاب منه للناس.
"ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد "المعنى ويطيع الذين صدقوا وفعلوا الحسنات ويعطيهم من رزقه والمكذبون لهم عقاب أليم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات يستجيبون أى يعملون حكم ربهم ولذا يزيدهم من فضله والمراد يمدهم من رحمته أى يعطيهم من رزقه فى القيامة والكافرون أى الظالمون وهم المكذبون بحكم الله لهم عذاب شديد أى عقاب أليم مصداق لقوله بسورة الشورى "والظالمين لهم عذاب أليم "أى مهين والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير "المعنى ولو زاد الرب النفع لخلقه لطغوا فى البلاد ولكن يعطى بحسب ما يريد إنه بخلقه عليم محيط ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله لو بسط الرزق لعباده والمراد أن الرب لو أكثر العطاء لخلقه لحدث التالى لبغوا فى الأرض أى لطغوا أى لأفسدوا فى البلاد ولذا فهو ينزل بقدر ما يشاء والمراد فهو يعطى بحسب ما يريد وهذا يعنى أنه جعل لكل واحد مقدار محدد من الرزق كثيرا أو قليلا فى كل يوم وإنه بعباده خبير بصير والمراد وإنه بخلقه عليم محيط بكل شىء .
"وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وهو الولى الحميد"المعنى وهو الذى يسقط المطر من بعد ما يأسوا وهو الناصر الشكور ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله هو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا والمراد الذى يرسل المطر إلى الأرض من بعد ما يأس الناس من رحمة الله والله هو الولى أى الناصر لمطيعيه الحميد أى المثيب أى الشاكر لمطيعيه .
"ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيها من دابة وهو على جمعهم إذ يشاء قدير "المعنى ومن براهينه إنشاء السموات والأرض وما خلق فيهما من نوع وهو على بعثهم إذ يريد قادر،يبين الله لنبيه (ص)أن من آياته وهى براهينه الدالة على ألوهيته وحده خلق وهو إبداع السموات والأرض وما بث فيهما من دابة والمراد والذى خلق فيهما من مخلوق وهو على جمعهم أى بعثهم إذ يشاء قدير أى وقت يريد فاعل وهذا يعنى أن الجمع وهو البعث واقع لكل الخلق والخطاب للنبى(ص).
"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير وما أنتم بمعجزين فى الأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير"المعنى وما مسكم من أذى فبما فعلت أنفسكم ويتجاوز عن عديد وما أنتم بغالبين فى الأرض وما لكم من سوى الله من منقذ ولا منجى ،يبين الله للناس أن ما أصابهم من مصيبة والمراد ما مسهم من ضرر أى عذاب فسببها ما كسبت أيديهم أى ما قدمت أى ما عملت أنفسهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"بما قدمت أيديكم "والله يعفوا عن كثير والمراد والله يترك عقاب السيئات التى تاب صاحبها مصداق لقوله بسورة الشورى "ويعف عن السيئات"ويبين لهم أنهم ما هم معجزين فى الأرض والمراد ما هم منتصرين فى البلاد وهذا يعنى أنهم لا يهربون من عذاب الله وما لهم من الله من ولى ولا نصير والمراد ليس لهم من منقذ أى منجى أى شفيع مصداق لقوله بسورة السجدة"ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع ".
"ومن آياته الجوار فى البحر كالأعلام إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير "المعنى ومن براهينه السائرات فى الماء كالرايات إن يرد يوقف الريح فيقفن ثابتات على سطحها إن فى ذلك لبراهين لكل طائع متبع أو يحركهن بما عملوا ويتجاوز عن عديد،يبين الله للناس أن من آياته وهى براهينه الدالة على قدرته الجوار فى البحر كالأعلام والمراد السائرات فى المياه كالرايات وهو إن يشأ يسكن الريح والمراد وهو إن يرد يوقف الهواء المتحرك فيظللن رواكد على ظهره أى فيقفن ثابتات على سطحه وهذا يعنى أنه إذا أراد إيقاف السفن عن الحركة فإنه يأمر الهواء المتحرك بالسكون وفى ذلك وهو إيقاف وتحريك السفن لآيات لكل صبار شكور والمراد لبراهين يفهمها كل طائع متبع لحكم الله ويبين لهم أنه يوبقهم بما كسبوا والمراد أنه يحرك السفن بما عملوا والمراد أنه يحرك السفن عن طريق عمل الناس سواء بالأيدى أو بالمخترعات وهو يعف عن كثير والمراد وهو يتجاوز عن عقاب السيئات العديدة مصداق لقوله بسورة الشورى "ويعفو عن السيئات"والخطاب وما قبله للناس على لسان النبى (ص).
"ويعلم الذين يجادلون فى آياتنا ما لهم من محيص فما أوتيتم من شىء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون "المعنى ويعرف الذين يحاجون فى أحكامنا ما لهم من منقذ فما أعطيتم من رزق فنفع المعيشة الأولى وما لدى الرب أحسن وأدوم للذين صدقوا وبطاعة خالقهم يحتمون ،يبين الله أن الذين يجادلون فى آيات الله وهم الذين "يحاجون فى الله "كما قال بنفس السورة والمراد أن الذين يكذبون بأحكام الله يعلمون أى يعرفون الحقيقة التالية ما لهم من محيص أى ليس لهم مصرف أى مهرب أى منقذ مصداق لقوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"ويبين للناس أن ما أوتوا من شىء والمراد ما أعطوا من رزق فهو متاع الحياة الدنيا والمراد فهو نفع المعيشة الأولى وما عند الله وما لدى الرب وهو الجنة خير أى أفضل أى أحسن وأبقى أى وأدوم للذين آمنوا وهم الذين صدقوا الوحى وعلى ربهم يتوكلون والمراد وبطاعة حكم خالقهم يحتمون من عذابه والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون "المعنى والذين يتركون أفعال الجريمة أى الذنوب وإذا ما ثاروا هم يعفون والذين أطاعوا خالقهم أى اتبعوا الدين وحكمهم مشترك بينهم وما أوحينا لهم يعملون والذين إذا مسهم الظلم هم يغلبون ،يبين الله أن الذين آمنوا هم الذين يجتنبون كبائر الإثم والمراد الذين يتركون أفعال الجريمة وفسرها بأنها الفواحش وهى الخطايا أى الذنوب وهم إذا غضبوا هم يغفرون والمراد وهم إذا ثاروا بسبب ظلمهم هم يعفون عن الظالم رغم قدرتهم عليهم ،وهم الذين استجابوا لربهم والمراد وهم الذين أطاعوا حكم إلههم وفسرهم بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بنفس السورة "أن أقيموا الدين "وأمرهم شورى بينهم والمراد وحكمهم مشترك بينهم وهذا يعنى أن أى قرار يجب أن يتخذه المسلمون يجب أن يشتركوا فيه حسب نظام الرأى وهو فى المسائل التى جعل الله فيها عدد من الإختيارات المباحة ،ومما رزقناهم ينفقون والمراد ومن الذى أوحينا لهم يعملون ،والذين إذا أصابهم البغى والمراد والذين إذا مسهم الضرر وهو الإعتداء هم ينتصرون والمراد هم يتغلبون على المعتدين والخطاب للنبى (ص) .
"وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم "المعنى وعقاب عدوان عدوان شبهه فمن ترك وأحسن فثوابه من الرب إنه لا يرحم المعتدين ولمن غلب بعد قهره فأولئك ما عليهم من عقاب إنما العقاب للذين يعتدون على الخلق بغير العدل أولئك لهم عقاب شديد،يبين الله لنا أن جزاء سيئة سيئة مثلها والمراد أن عقاب العدوان عدوان شبهه مصداق لقوله بسورة البقرة "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "فمن عفا أى ترك الكفر وفسر هذا بأنه أصلح أى أسلم فأجره وهو ثوابه من الله ويبين لنا أنه لا يحب الظالمين والمراد لا يرحم الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين "ويبين لنا أن من انتصر من بعد ظلمه والمراد أن من غلب ظالمه بعد نقصه حقه والمراد من أخذ حقه بعد أخذ الظالم للحق منه فأولئك ما عليهم من سبيل والمراد ليس عليهم عقاب فى الإسلام وأما السبيل وهو العقاب فعلى الذين يظلمون الناس بغير الحق والمراد فعلى الذين يعتدون على الخلق بغير العدل وهو عقابهم على جرائمهم أولئك لهم عذاب أليم والمراد لهم عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأولئك لهم عذاب عظيم "والخطاب للنبى (ص).
"ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور "ولمن أطاع أى رحم إن ذلك من واجب الأحكام ،يبين الله لنا أن الجنة هى نصيب من صبر أى أطاع حكم الله وفسره بأنه غفر أى ترك الباطل وذلك هو عزم الأمور والمراد وذلك وهو طاعة حكم الله وترك الباطل هو واجب الأحكام عند الله والخطاب للنبى(ص)وما بعده وما بعده .
"ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل "المعنى ومن يعذب الرب فما له من منقذ من بعده وتشاهد الكافرين لما شاهدوا العقاب يقولون هل إلى عودة من طريق ؟،يبين الله لنبيه (ص) أن من يضلل أى من يعاقب بإدخاله النار ما له من ولى والمراد ما له من هاد أى منقذ من العقاب من بعده مصداق لقوله بسورة الزمر"ومن يضلل الله فما له من هاد"ويبين له أنه يرى الظالمين أى يشاهد الكافرين لما رأوا العذاب والمراد لما شاهدوا العقاب يقولون :هل إلى مرد من سبيل والمراد هل إلى العودة للدنيا من طريق ؟والغرض من السؤال هو الرغبة فى العودة للدنيا للهروب من العذاب ولكن هيهات.
"وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفى وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين فى عذاب مقيم وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل"المعنى وتشاهدهم يعذبون فيها أذلاء من الهوان يبصرون من عين باطنة وقال الذين صدقوا إن المعذبين الذين أهلكوا ذواتهم وأسرهم يوم البعث ألا إن الكافرين فى عقاب مستمر وما كان لهم من أنصار ينقذونهم من سوى الرب ومن يعاقب الرب فما له من منقذ ،يبين الله لنبيه (ص)أنه يراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل والمراد أنه يشهدهم يعاقبون فى النار مستسلمين بسبب الهوان وهم ينظرون من طرف خفى والمراد وهم يرون من جانب باطن وهذا يعنى أن رؤيتهم تكون دائما من أسفل ،وقال الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ساعتها :إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة والمراد إن الهالكين الذين أهلكوا ذواتهم وعائلاتهم يوم البعث ،ألا إن الظالمين فى عذاب مقيم والمراد ألا إن الكافرين فى عقاب دائم ،ويبين لهم أن الكفار ما كان لهم من أولياء أى أنصار ينصرونهم أى ينقذونهم من عذاب الله مصداق لقوله بسورة المائدة"وما للظالمين من أنصار"ويبين له أن من يضلل الله ما له من سبيل والمراد أن من يعذب الرب فما له من منقذ أى هاد مصداق لقوله بسورة الكهف"ومن يضلل الله فما له من هاد".
"استجيبوا لربكم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير "المعنى اتبعوا إلهكم من قبل أن يقع يوم لا مانع لوقوعه من الرب و ما لكم من مسكن والذى لكم من عقاب،يطلب النبى(ص)من الناس أن يستجيبوا لربهم والمراد أن يطيعوا حكم خالقهم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله والمراد من قبل أن يحضر يوم لا مانع لحضوره من الله وهذا يعنى أن لا أحد يقدر على منع القيامة من الوقوع وفى هذا اليوم لا يكون للناس ملجأ أى مسكن يحتمون فيه من العذاب والذى لهم هو النكير وهو العقاب أى العذاب من الله والخطاب للناس على لسان النبى(ص).
"فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان لكفور"المعنى فإن كفروا فما بعثناك لهم حاميا إن عليك إلا التوصيل وإنا إذا أعطينا الكافر منا نفع سر به وإن يمسهم أذى بما عملت أنفسهم فإن الفرد لمكذب ،يبين الله لنبيه (ص)إن أعرضوا أى تولوا أى كذبوا حكم الله فعليه أن يعلم أن الله ما أرسله عليهم حفيظا والمراد أن الله ما بعثه لهم وكيلا أى منقذا مصداق لقوله بسورة الإسراء"فما أرسلناك عليهم وكيلا"وأن يعلم أن الواجب عليه هو البلاغ أى توصيل الوحى كاملا للناس ،ويبين له أنه إذا أذاق الإنسان رحمة منه والمراد إذا أعطى الفرد نعمة من عنده فرح بها والمراد سر بها أى تمتع بها مصداق لقوله بسورة هود"ولئن أذقناه نعماء "وإن تصبهم سيئة والمراد وإن يمسهم شر وهو الضرر مصداق لقوله بسورة فصلت "وإن مسه الشر "بما قدمت أيديهم والمراد بسبب الذى عملت أنفسهم فإن الإنسان وهو الفرد كفور أى مكذب لحكم الله أى قنوط يئوس مصداق لقوله بسورة فصلت "وإن مسه الشر فيئوس قنوط"والخطاب للنبى(ص).
"لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما "المعنى لله ميراث السموات والأرض يبدع ما يريد يعطى لمن يريد بناتا ويعطى لمن يريد بنينا أو يعطيهم بناتا وبنينا ويخلق من يريد عاقرا ،يبين الله لنبيه (ص)أن لله ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران وهو يخلق ما يشاء أى ينشىء ما يريد من المخلوقات وهو يهب لمن يشاء إناثا والمراد يعطى من يريد من الأزواج أطفالا بناتا ويهب لمن يشاء ذكورا والمراد ويعطى لمن يريد من الزواج بنينا أو يزوجهم ذكرانا وإناثا والمراد ويعطى لمن يريد من الأزواج بنينا وبناتا وهو يجعل من يشاء عقيما والمراد ويخلق من يريد من الخلق عاقرا لا ينجب بناتا أو بنينا أو هما معا والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء إنه على حكيم"المعنى وما كان لإنسان أن يحدثه الرب إلا إلقاء أى من خلف حاجز أو يبعث مبعوثا فينزل بأمره ما يريد إنه كبير قاض،يبين الله لنبيه (ص)أن ما كان لبشر والمراد لإنسان أن يكلمه أى يحدثه الله والمراد يفهمه الله ما يريد إلا عن طريقين :وحيا أى إلقاء مباشر بوسيط غير جبريل(ص)وهو الملك وفسر هذا بأنه من وراء حجاب أى من خلف حاجز والمراد أن الله لا يحدثه حديثا مباشرا كحديث الرجل أمام الرجل وإنما الله يحدثه بوسيط لا يتكلم كالبشر مثل الشجرة التى كلمت موسى(ص)،أو يرسل رسولا والمراد أو يبعث مبعوثا هو جبريل(ص) فيوحى بإذنه ما يشاء والمراد فيلقى فى قلب النبى بأمر الله ما يريد الله أن يفهمه إياه ،ويبين له أنه على أى عظيم أى صاحب الكبرياء وهو العلو وهو الحكيم أى القاضى بالحق .
"وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم صراط الله الذى له ملك ما فى السموات وما فى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور "المعنى وهكذا ألقينا لك كتابا من لدينا،ما كنت تعلم ما الحكم أى القرآن ولكن وضعناه هدى نرشد به من نريد من خلقنا وإنك لترشد إلى دين عادل دين الله الذى له ميراث الذى فى السموات والذى فى الأرض ألا إلى الله ترجع المخلوقات ،يبين الله لنبيه (ص)أن كذلك والمراد بتلك الطرق وهى طرق كلام الله للرسل (ص)أوحينا لك روحا من أمرنا والمراد أنزلنا لك كتابا أى حكما من لدينا مصداق لقوله بسورة العنكبوت"كذلك أنزلنا إليك الكتاب"،ويبين له أنه ما كان يدرى ما الكتاب الذى فسره بأنه الإيمان والمراد أنه ما كان يعلم ما القرآن وهو حكم الله لأنه كان ضالا كما قال بسورة الضحى "ووجدك ضالا فهدى "ويبين له أن الكتاب هو نور أى هدى يهدى به من يشاء من عباده والمراد نفع ينفع الله به من يريد من خلقه،ويبين له أنه يهدى إلى صراط مستقيم والمراد أنه يرشد إلى طريق عادل أى خلق عظيم أى دين عادل مصداق لقوله بسورة الأحقاف"يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم "وقوله بسورة القلم "وإنك على خلق عظيم "وهو صراط أى دين الله الذى له ملك أى حكم أى ميراث ما أى الذى فى السموات وما أى الذى فى الأرض ،ويبين له أن الأمور وهى المخلوقات تصير إلى الله والمراد ترجع إلى جزاء الله ثوابا أو عقابا مصداق لقوله بسورة الحج"وإلى الله تصير الأمور "والخطاب للنبى(ص).