أبى ظلم عمى وعماتى

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠١ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
دكتور أحمد أرجو ان ترى حلا لمشكلتى أنا موظف ادارى فى أحد الكليات االاقليمية فى الصعيد. ومن اسرة غنية و كبيرة . والى حد هنا ولا توجد مشكلة . المشكلة بدأت حين وقعت عينى بالصدفة على ملف تبين أن الطالبة صاحبته هى ابنة عمى . عمى هو الأخ الاصغر لوالدى ، وبينه وبين أبى عدة أخوات . وعشت لم اتقابل مع عمى هذا منذ أكثر من عشرين عاما ، وكرهته من كثرة هجوم أبى عليه. ابى كان يكرهه كراهية عمياء ويؤكد أن عمى طماع و ندل وأنانى . وهذه هى فكرتى عن عمى الأخ الوحيد لأبى . كنت أعلم أن لعمى ثلاث بنات ، وكان أبى يقول ان الله انتقم من عمى فحرمه من خلفة الولد بسبب طمعه و سوء خلقه .وفى هذا الجو لم تتح لى فرصة زيارة عمى و لا رؤية بناته . وحين تزوجت كان الفرح كبيرا و عزم أبى كل الجيرة ولكن لم يدع عمى ولا اسرته للفرح . وحاولت عماتى الصلح بين ابى وعمى فكان ابى هو الذى يرفض . وسألت مرة عمتى الكبيرة فبكت وسكتت . لما وقع هذا الملف لابنة عمى فى يدى قرأته متلهفا لأعرف ما فيه . وعرفت أن عمى بعد ان خرج على المعاش انتقل لعاصمة المحافظة التى اعمل انا فيها بعد أن كان يعيش فى القاهرة ، وان عنوان شقته بعيد جدا عن الشقة التى اعيش فيها والتى اشتراها لى أبى لاعيش فيها مع زوجتى قرب مكان عملى فى الجامعة ، وان عمى يعيش فى حى شعبى فقير . وتعجبت لأننى أعرف أن عمى استطاع بالتحايل ان يأخذ أكثر من حقه فى الميراث ، وأنه ارغم ابى ان يشترى كل نصيبه فى الأرض لأبى بأعلى السعر و أرغم ابى على الاستدانة لأن أبى رفض كصعيدى أن يشترى غريب أرض العائلة وميراث جدى . وفهمت ان عمى اضاع كل هذه الاموال فى القاهرة ، وافتقر فجاء الى عاصمة المحافظة ليستر حاله . انشغلت بموضوع عمى فقابلت بنت عمى و قدمت لها نفسى ، وكشرت لى عندما عرفتنى . وفى النهاية تحدثنا ، وفوجئت بها أيضا تتهم أبى بنفس الصفات الأنانية و الطمع وأن ابى أكل حق عمى فى الميراث ، وانه اشترى حق أبى بتراب الفلوس ، وان أبى لم يكن موافقا على زواج عمى من زميلته فى الكلية ، وأن أبى كان يغير من عمى ويحقد عليه لأن أبى لم يستطع الحصول على الثانوية العامة وظل يسقط فيها الى أن يأس فترك التعليم ، بينما كان عمى من المتفوقين و دخل الكلية وعاش فى مصر ، وأن جدى كان يعاير أبى بسقوطه فى التعليم ، ويفخر بعمى و ينفق على تعليمه ببذخ . ولما مات جدى تحكم ابى فى البيت والأرض وطرد عمى وزور اوراقا فيها أن جدى كتب معظم الميراث بيع وشراء له ، ولم يأخذ عمى الا أقل القليل ، واضطر لبيعه لأبى حتى يتزوج من أسرة قاهرية برغم معارضة أبى . لم اصدقها لأن المستحيل أن يفعل ابى ذلك . وقررت مقاطعة الموضوع نهائيا . ولكن بالصدفة رأيت عمتى الكبيرة تسير فى صحبة بنت عمى . كنت فى سيارتى فى إشارة مرور ورايتهما . حاولت اللحاق بهما ولكن لم استطع. رجعت بسرعة الى مكتبى وبحثت عن الملف وأخذت منه عنوان عمى . وركبت سيارتى الى هناك . طرقت الباب ففتحت الباب فتاة صغيرة . سألت عن فلان (إسم عمى ) وكان باب الشقة يفتح مباشرة على الصالة فسمعت صوت عمتى . فتحت الباب بسرعة وانا أنادى على عمتى. ودخلت . وكان اخطر موقف فى حياتى . تأكدت أن عمى هو المظلوم وان أبى هو الظالم . وأن عمتى هى أيضا وبقية عماتى الأربعة لم يأخذوا حقهم من الميراث سوى بعض الاموال ، ووهذه عادتنا فى الصعيد فى أكل حق البنت فى الميراث . ولكن يختلف الأمر مع عمى وهو الصغير. ولكن أبى عامله كما لو كان ضمن البنات واكل حقه وطرده وشوّه سمعته ، وشوه سمعة زوجته و اصهاره ايضا.. وعرفت ان عمتى الكبيرة لانها ميسورة تساعد عمى سرا ، وهى التى نصحته بالانتقال من القاهرة الى عاصمة المحافظة ليكون بالقرب منها بعد خروجه على المعاش . وأن عمى مهموم بتجهيز بنته الكبرى بعد خطوبتها فالمعاش لا يكفى مصاريف البيت . وكان هذا هو موضوع النقاش . قلت لعمى ان كل تكليف جهاز بنت عمى ساقوم به . خاف عمى وخافت عمتى لأنه لو عرف أبى ستكون مصيبة ، فأكّدت لهم ان ابى لن يعرف . وفى اليوم التالى سحبت كل مدخراتى وأعطيتها لعمى ، ولم اقل اى شىء لزوجتى . الان انا متاكد أن أبى ربانى من مال حرام لأنه أكل حق عمى وحق عماتى . وأريد أن أكفر عن هذا ببيع الأراضى الزراعية التى كتبها أبى باسمى بيع وشراء ليحرم اخواتى البنات المتزوجات من الميراث. واعطى الثمن لعمى وعماتى حسب الشرع ، فلا أريد أن يعيش أولادى من الحرام . ولكن المشكلة فى ان ابى لا بد انه سيعرف واخشى الصدام معه ، وأنا احترمه وأحبه . ماذا أفعل ؟
آحمد صبحي منصور
أولا :
شكرا لك على أخلاقك الكريمة ، وهى نتيجة ايجابية تحسب لأبيك انه رباك أحسن تربية . وتعبيرا عن اعجابى بأخلاقك قمت باعادة صياغة لما كتبته وصححت ما فيها من أخطاء وكانت كثيرة جدا .
ثانيا :
من حقك قانونا أن تتصرف فى الأرض المكتوبة باسمك كيف تشاء بالبيع والرهن والايجار ، ويمكنك ان تبيعها لعمك وعماتك بيعا صوريا ولكن رسميا ومسجلا فى الشهر العقارى، ويكون هذا سدادا لحقوقهم الشرعية فى الميراث ، ومع اتفاق ألا يصل العلم بذلك لأبيك طالما تخشى من إغضابه . وفى هذه الحال تكون لهم الملكية القانوية المكتوبة ،وتظل الأرض تحت يدك ، و تقوم أنت باعطائهم ايراد تلك الأراضى حسب نصيب كل منهم . ويظل الأمر سرا ، ثم تقوم بتسليمهم حقوقهم بعد موت والدك . مع مراعاة ألا تحرم أخواتك من حقوقهن . وبالتاكيد ستفعل ذلك .
ثالثا :
ولكن الأفضل هو المواجهة الصريحة مع ابيك حرصا على أبيك نفسه .
هو متاكد انك تحبه ، ومن حبك له أن يلقى الله جل وعلا وقد تاب عن ظلمه لأخيه وأخواته . قل له أنك لا تريد له أن يدخل النار خالدا مخلدا فيها حتى يعطيك ـأنت ولده الوحيد ـ ميراثا ظالما ، وانت لا تريد لنفسك هذا الميراث الحرام ولا تريد لأبيك ألأن يدخل النار خالدا مخلدا بسبب التعدى على حدود الله جل وعلا فى الميراث.
إقرأ له قوله جل وعلا بعد أن ذكر تفصيلات الميراث : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) ( النساء 13 : 14).
هو محتاج لوعظك ، ولتقرن الوعظ بتصميم على أنك ستتنازل عن الأرض التى باعها لك ـ ستتنازل عنها لعمك وعماتك لأنها حقوقهم وليست حقا لك أو لأبيك ، وأنه لا بد من اعادة توزيع ميراث جدك ، وةلا بد من إعطاء عمك وعماتك حقوقهم فى ايراد تلك الأرض طيلة المدة التى حرمهم أبوك منها .
عظ اباك بانه فى نهاية العمر وانه حان وقت التوبة حتى لا يموت ظالما لنفسه وظالما لاقرب الناس اليه : أخيه الوحيد واخواته البنات . وأن المفروض على الأخ الأكبر أن يرعى أخوته وأخواته الصغار ، لا أن يأكل حقوقهم ويظلمهم .
بتصميمك على موقفك ستنجح ، ليس فقط فى رد الحقوق لأصحابها ، وليس فقط فى جمع شمل أبيك وعمك وهما فى الكهولة، ولكن أيضا فى إنقاذ أبيك من الخلود فى النار.
بارك الله جل وعلا فيك ، وأكثر من أمثالك .


اجمالي القراءات 15598