إتهام الإمام محمد عبده بالخيانه!!
الإخوة الأحباء السلام عليكم
قرأت هذه المقالة فى جريدة المصريون وللأسف كان كاتبها هو رئيس التحرير محمود سلطان وفوجئت بانه يخفى الحقيقه ويدلس على القارئ ويسبح بمجد الوهابية رغم ان كل ما حل بالمسلمين كان جراء أتباعهم للفكر الوهابى
وحقيقة ان الدكتور منصور قد فند أصل الوهابية وفساد إعتقاداتها ولكن حتى الأن مازالت هناك أقلام تركع لإبن عبدالوهاب وتظهر فكره الارهابى على انه دين الله الحنيف الذى ارتضاه الله لنا
اتمنى من كل كتاب الموقع ان يردوا على هذا الكلام ويظهروا للعوام مرة أخرى حقيقة الفكر الوهابى الذى لايعلمه السواد الأعظم من الناس.
ثم ان الكاتب لم يكتفى بتقديس الوهابية بل تجرأ واتهم شرفاء العلماء المسلمين بالخيانه وتعاونهم مع المحتل الأوروبى لهدم دين الإسلام
هذا هو نص المقالة :
ما بعد "صدمة" فراج إسماعيل.. (رد الاعتبار لإمام السلفية الحديثة)
|
محمود سلطان | 19-07-2010 23:26
هذا المقال سبق أن نشرته هنا ـ مختصرا ـ منذ عدة أشهر وأرى أنه من الأهمية بمكان ان اختتم به ما كتبته منذ يومين عساه أن يثلج صدور الذين "تألموا" من مقالات الأستاذ فراج إسماعيل:
لم يعرف المجتمع السعودي مرحلة "الأوربة" تلك التي عرفتها مجتمعات عدة مثل المجتمع المصري ومنطقتي الشام والمغرب العربي، ولذلك لأسباب تتعلق بـ"جغرافيا المكان" من جهة، وبالصدام العسكري مع "الوكيل الفرنسي" في مصر "محمد علي" من جهة أخرى.
لقد خلفت المواجهة العسكرية بين الأخير، والحركة الوهابية مرارة في حلق سكان الجزيرة العربية، وأصلت لقطيعة نفسية عميقة، بين البلدين ترتب عنها "قطيعة معرفية"، جعلت الجزيرة بمنأى عن التغييرات الثقافية والفكرية والدينية التي خلفتها حملة نابليون على مصر، ما حفظ للجزيرة "نقائها الروحي"، فظل حراكها السياسي والديني والاجتماعي، مرتبطا لاستجابات داخلية، وليس رد فعل لضغوطات خارجية، ولعل حركة محمد بن عبد الوهاب (1703 ـ 1791 )، كانت آخر محطات "التجديد" الذي أفرزنه سياقات داخلية عفوية، غير مرتبطة بـ"أجندات خارجية"، وكانت نوعا من التواصل الحضاري مع "الداخل الإصلاحي" مثل ابن تيمية والعز بن عبد السلام.
ابن عبد الوهاب ولد و توفى قبل الحملة النابليونية، و تنقل ما بين العيينة من بلاد نجد، مكة، المدينة، البصرة بغداد، كردستان، همذان، أصفهان وقم. أي أن أصوله الفكرية كانت "إسلامية خالصة"، لم تختلط بنطف فكرية "غريبة حضاريا"، ولم تتعرض فطرته الدينية، لـ"الاغتصاب الحضاري" الذي تعرضت له النخب السياسية والفكرية في مصر، في بدايات القرن التاسع عشر. ولعل ذلك ما يحملنا على الاعتقاد بأن ابن عبد الوهاب يعد "نموذجا معياريا"، للتفريق بين "الإصلاح والإفساد" و"التجديد والتقليد".
وهذه النقطة بالغة الأهمية، لإعادة الاعتبار لمفهومي الإصلاح والتجديد، إذا ما حاولنا تكوين رؤية موضوعية لهذا الصخب الإعلامي الذي تشهده السعودية بين أطراف عدة و الكل يدعي لنفسه قصب السبق في عملية الإصلاح.
ما الفرق إذن بين محمد بن عبد الوهاب و"شيوخ الإصلاح" في مصر مثل الشيخ حسن العطار ورفاعة الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده والشيخ علي عبد الرازق؟، إذ إن كثيرا من المؤرخين يدرجهم معا في قائمة المصلحين أو المجددين. وهو إدراج في تقديري يخلط ما بين "المجدد" و"المقلد"، ولا يرى الفاصل بين الإصلاح والإفساد: فالأول -ابن عبد الوهاب- يمثل النموذج الذي ينشده الوطنيون الآن للإصلاح، وهو "الإصلاح من الداخل"، حيث ارتبطت حركة ابن عبد الوهاب بمعطى "داخلي - جاهلي"، وهي "ثقافة الخرافة" التي كانت سائدة في الجزيرة العربية، حيث كانت ثورته انتصارا للعقل على الخرافة، والعودة إلى الأصول لمواجهة البدع والخرافات، وإقالة العقل العربي من عثرته وكسله غيبوبته الحضارية.
كانت دعوة ابن عبد الوهاب، حركة مستقلة عن أية ضغوط دولية أو إقليمية، مهمومة فقط بتجديد الداخل وتأسيسه على "الخلق القرآني"، لم يكن عبد الوهاب معاصرا أو عارفا أو معجبا بالفكر الباريسي، الذي أفسد النخبة في مصر. فيما اتصلت الأخيرة بهذا الفكر، اتصالا بلغ مبلغ المعايشة، مثل الشيخ حسن العطار وتلميذه رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده. حتى في ذروة الاحتلال والشعور بالمهانة، كما فعل الجبرتي مثل تردده على منشآت الفرنسيين وقبوله المشاركة في "البرلمان الوطني" الذي أسسه الجنرال الفرنسي "مينو" على غرار مجلس الحكم المؤقت الذي أسسه الحاكم العسكري للعراق الأمريكي برايمر، ثم عاد واعتذر للمصريين عن ولائه للفرنسيين من خلال كتابه "مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس"، والذي أهداه إلى الوزير العثماني يوسف باشا، مجددا ولائه للدولة العثمانية من خلاله.
هذا الارتباط أو الاختلاط بـ"المحتل الغالب" والمنتصر والمتفوق عسكريا وتقنيا، أفرز ظواهر ثقافية ونخبا قرأت الداخل وفهمته بعيون وعقل الخارج، لقد كتب الطهطاوي في "تخليص الابريز" واصفا رد فعل الحكومة الفرنسية على سقوط الجزائر في أيديهم قائلا:" فبمجرد ما وصل هذا الخبر إلى رئيس الوزراء بوليناق، أمر بتسييب مدافع الفرح والسرور وصار يتماشى في المدينة كأنه يظهر العجب بنفسه، حيث إن مراده نفذ وانتصرت الفرنساوية في زمن وزارته على بلاد الجزائر. ومما وقع أن المطران الكبير لما سمع بأخذ الجزائر ودخل الملك القديم الكنيسة يشكر الله سبحانه وتعالى على ذلك، جاء إليه ذلك المطران ليهنيه على هذه النصرة، فمن جملة كلامه ما معناه أنه حمد الله سبحانه وتعالى على كون الملة المسيحية انتصرت نصرة عظيمة على الملة الإسلامية ولازالت كذلك".
كيف قرأ الطهطاوي الاعتداء الفرنسي الصليبي على الجزائر؟ يقول: "مع أن الحرب بين الفرنساوية وأهالي الجزائر، إنما هي مجرد أمور سياسية ومشاحنات تجارات ومعاملات ومشاجرات ومجادلات منشأها التكبر والتعاظم! ومن الأمثال الحكيمة: لو كانت المشاجرة شجرا لن تثمر إلا ضجرا".
هذا النص عمدت إلى ذكره في هذا السياق لأهميته ولأنه شديد التماثل مع تفسيرات "المصلحين الجدد" الآن للحملة الأمريكية على العالم الإسلامي منذ عام 2001، والتي يبررونها بمبررات "مادية" و"حرب مصالح" رغم تأكيدات بوش المتكررة بأنها حرب صليبية، وأن "الله أرسله لإنقاذ البشرية من الهمجية الإسلامية".
الطهطاوي هنا رغم أنه ينقل تفاصيل الاحتفالات الدينية والمدنية الفرنسية في باريس وإقامة القداس ابتهاجا بانتصار الملة المسيحية على الملة الإسلامية، إلا أن الطهطاوي الذي اعتبر نفسه سليل "الحضارة النابليونية"، وحاملها لـ"إصلاح الشرق"، لم يشأ إدانة باريس التي مثّلها فيما بعد في القاهرة، وقرأ الأحداث بنفس مادي واضح، في خطاب تضليلي، إذ ليس ثمة حرب صليبية، إنما هي مجرد "مشاحنات وتعاظم وتكابر" بين الطرفين: بين المعتدي الفرنسي والمُعتدى عليه الأعزل: الجزائري.
هذا هو الفارق بين ابن عبد الوهاب و الطهطاوي، ارتبط الأول بمشروع «إسلامي مستقل" يستند على "الإصلاح من الداخل"، فيما ارتبط الثاني بمشروع تغريبي يعتمد على فكرة "تقليد الخارج". وعلى ذات المنحى يمكن النظر إلى محمد عبده، و سبق لنا الإشارة إليه في الجزء الثاني من هذه المقدمة، ونجدد الإشارة هنا -في سياق التدليل على انتمائه للمدرسة التقليدية وليست الإصلاحية- إلى أن عبده كما كشف د. محمد عمارة في "الأعمال الكاملة"، قد شارك قاسم أمين في وضع كتاب "تحرير المرأة"، بل إن عماره ألمح إلى أن الكتاب ربما يكون عبده قد كتبه من ألفه إلى يائه.
ورغم أن سلوكيات الأفغاني مثل انتخابه رئيسا لمحفل "كوكب الشرق" الماسوني عام 1887 وشربه الدخان وتعاطيه "الكونياك" - الخمر كما ذكر رشيد رضا في "تاريخ الإسناد"، قد أثارت الكثير من اللبس حول شخصيته المثيرة للجدل، إلا أنه لا يخرج عن كونه ابن الصدمة الحضارية النابليونية، التي جعلته واحدا من ابرز رواد التقليدية الجديدة، مثل الطهطاوي وعبده وعلى عبد الرازق وغيرهم.
في الحالة السعودية فإن الجزيرة كما أشرنا في ما تقدم، لم تعرف ما عرفته مصر من أوربة، ولكنها مرت أيضا بمرحلتين شبيهتين: مرحلة ما قبل الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ، وهي المرحلة التي لم تكن فيها السعودية تحت ضغوط خارجية ملحة، وإنما دخلت في "جدل داخلي" فرضته عليها تساؤلات جديدة على رأسها الوجود الأجنبي في منطفة الخليج، والشراكة العربية الغربية في حرب "تحرير الكويت" عام (1990 ـ 1991)، واستهداف القاعدة للوجود الأمريكي في المنطقة وهي المرحلة التاريخية التي أفرزت طبيعيا قيادات إصلاحية عفوية، تعتبر امتدادا لعفوية ابن تيمية والعز بن عبد السلام ومحمد ابن عبد الوهاب، تمثلت في سفر الحوالي، سلمان العودة، ناصر العمر، وهو التيار الذي أدى تأثيره على الحراك السياسي والاجتماعي بالمملكة -"مظاهرات بريدة نموذجا"- إلى ابتلاء معظمهم بمحنة السجن (1994 ـ 1999 ).
المرحلة الثانية وهي مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، وتشبه إلى حد ما حملة نابليون بونابرت عام 1798م، إذ تشتركان في أنهما كانتا "حرب أفكار"، دخلت مصر في الثانية "عصر الأوربة" ودخل الخليج في الأولى "عصر الأمركة"، وفرضت أجندات خارجية للإصلاح، وهي المرحلة التي أفرزت نخبا تشبه وتتماثل مع تلك التي أفرزتها الحملة النابليونية على مصر، تتبنى مشاريع تغريبية، تعتمد على "جلد الذات" واحتقارها والإعلاء من قيم الغالب المنتصر —أمريكا- مثل منصور النقيدان، مشاري الذايدي وغيرهما. وهم امتداد طبيعي للمدرسة التقليدية في مصر مثل طه حسين، ومحمد أحمد خلف الله وعلي عبد الرازق، وجمال البنا وحسن حنفي وغيرهم.
|
|