آحمد صبحي منصور
في
الخميس ٢٧ - مارس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
إجابة السؤالين معا :
أولا :
1 ـ هناك فرق بين الآيتين :
1 / 1 : الآية 133 من آل عمران ( وَسَارِعُوا ) أى التعجيل زمنيا بالتوبة ليكون لديكم وقت كاف لعمل الصالحات ، فتفوزا بالغفران يوم الحساب . الآية 21 من سورة الحديد : ( سابقوا ) أى التسابق فى الخيرات لدخول الجنة ، وفى هذا فليتنافس المتنافسون . قال جل وعلا : ( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ (26) المطففين ).
1 / 2 : الآية 133 من آل عمران : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ) هنا اسلوب حقيقى تقريرى بأن الجنة عرضها ( السماوات والأرض ). الآية 21 من سورة الحديد : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) فيها اسلوب مجازى بالتشبيه ( كعرض ) . ولم يقل السماوات بل السماء . والسماء هو كل ما يعلو ، فالغلاف الجوى يُطلق عليه ( السماء ) مثل قوله جل وعلا :( أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً )(17) الرعد)
ثانيا :
1 ـ المادة فى عالمنا الآن هو طول وعرض وارتفاع ، ثم الزمن الضلع الرابع . فى عوالم البرزخ حيث الملائكة والجن والشياطين تتعدد الأبعاد ، وتتضاعف السرعات بحيث تخترقنا مخلوقات البرزخ ، فترانا ولا نراها : ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) (27) الأعراف )، ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر ). أجنحة كناية عن السرعات للملائكة .
2 ـ فى اليوم الآخر حيث الخلود لا يمكن تخيل الزمن ، ولا يمكن تخيل المكان من حيث العرض والطول ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ). ستكون سماوات نقيضة للسماوات فى هذا العالم ، وستكون الأرض نقيضة لهذه الأرض فى هذا العالم . ولا يمكن أن نتخيّل ذلك ، لأن تخيّلاتنا تأتى من مدركاتنا المحكومة بعالمنا . فليس لنا سوى أن نتدبر فى القرآن الكريم لنصل الى بعض الفهم .
3 ـ الجنة ستكون فى الأرض وفى السماوات . أما النار فسيؤتى بها بعد الحساب ،وبينما يكون أهل الجنة فى ( عليّين ) يكون أهل النار عن ربهم محجوبين ، وأهل الجنة نوعان : السابقون المقربون أى القريبون من ربهم ، وأصحاب اليمين دونهم فى المنزلة ، ولكن فى الجنة أيضا .
ثانيا :
نسترشد بالآيات القرآنية . قال جل وعلا :
1 ـ ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) (40) الاعراف ). هذا عن إستحالة دخولهم الجنة . وهى تعلوهم لأنها فى ( السماء )، لها أبواب لكنها مغلقة فى وجوههم .
2 ـ ( كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) المطففين ) أهل النار عن ربهم جل وعلا محجوبون . أما الأبرار فهم فى عليّين قرب رب العالمين ، يتمتعون برحمته ( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الاعراف ).
3 ـ ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105) الأنبياء). فالجنة يوم القيامة تشمل الأرض .
4 ـ ( كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) (23) الفجر ). أى إنّ جهنم سيؤتى بها ، وتبرز ظاهرة لأهلها : ( وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) النازعات ) ، ( وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) الشعراء )
5 ـ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) (75) الزمر ).
هنا ترتيب ما سيحدث يوم القيامة : قيام الساعة بتدمير السماوات والأرض الحالية بالنفخة الأولى او الانفجار الأول ، ثم يكون البعث بالنفخة الثانية ، حيث يقوم الناس لرب العالمين .وتأتى أرض جديدة تشرق بنور ربها ، ويوضع كتاب الأعمال ، ويبدا الحساب فيؤتى أولا بالأنبياء والشهداء على أقوامهم ، ثم ببقية البشر . بعدها يُساق الكافرون الى جهنم جماعات ، ويؤنّبهم ملائكة النار يسألونهم إستنكارا عن الحق الذى كذّبوا به فيعترفون ، ويقال لهم أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها . ويُساق المتقون من الأنبياء والشهداء والصالحين لدخول الجنة ،ويرون أبوابها مفتوحة لهم وتبشرهم ملائكة الجنة بالخلود فيها ، ويحمدون الله جل وعلا الذى صدقهم وعده وأورثهم أرض الجنة يتنقلون فيها حيث يشاءون . ومفهوم من هذا أن لا فرق بين أرض الجنة وسمائها ، فالأرض فى الجنة هى حيث تطأ أقدامهم ، والسماء أعلاها ، وهم يتنقلون بين هذا وذاك . والجنة مُفتّحة أبوابها ( جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الأَبْوَابُ (50) ص ) والملائكة تدخل عليهم من كل باب تحييهم ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد ) أما الجحيم فهى على أهلها مؤصدة ( عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) البلد )، وكلما أردوا الخروج منها أُعيدوا فيها : ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج ) ( وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة )
أخيرا
قال جل وعلا عن الكافرين وهو ينطبق على المحمديين : ( بَلْ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمِينَ (66) النمل ).
ودائما : صدق الله العظيم .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )