سورة فصلت
سميت كذلك لذكر كلمة فصلت بقوله "كتاب فصلت آياته ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات عدل إلقاء من النافع المفيد قرآن بينت أحكامه كلاما واضحا لقوم يعقلون مخبرا أى مبلغا فكفر معظمهم فهم &ae;هم لا يطيعون،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم تنزيل كتاب فصلت آياته من الرحمن الرحيم والمراد آيات عادلة ايحاء قرآن بينت أحكامه من النافع المفيد وهذا يعنى أن القرآن نزل كل مجموعة آيات عادلة مفرقة عن الأخرى وقد فصلت أى بينت أى أحكمت آياته وهى أحكامه مصداق لقوله بسورة هود"أحكمت آياته"والكتاب هو قرآن عربى أى حديث أى حكم واضح مفهوم مصداق لقوله بسورة الرعد"وكذلك أنزلناه حكما عربيا"وقد نزل لقوم يعلمون بشيرا أى نذيرا والمراد وقد نزل لناس يطيعون مبلغا أى مخبرا فكانت النتيجة أن أعرض أكثرهم فهم لا يسمعون والمراد أن كذب به أغلبهم فهم لا يعقلون أى لا يطيعون أحكامه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"بل أكثرهم لا يعقلون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه وفى أذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فإعمل إننا عاملون "المعنى وقالوا نفوسنا فى حواجز مما تنادوننا له أى فى أسماعنا ثقل أى من بيننا وبينك حاجز فحافظ إننا محافظون ،يبين الله أن الكفار قالوا للرسول(ص)قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه والمراد نفوسنا بها حواجز تمنعها من طاعة الذى تنادوننا لطاعته وفسروا هذا بقولهم وفى آذاننا وقر والمراد وفى أسماعنا مانع يمنعها من سماع كلامكم وفسروا هذا بقولهم ومن بيننا وبينك حجاب والمراد ومن بيننا وبين كلامك حاجز يمنعنا من طاعته فإعمل إننا عاملون والمراد فحافظ على دينك إننا محافظون على ديننا .
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين "المعنى قل إنما أنا إنسان شبهكم يلقى إلى أنما ربكم رب واحد فأطيعوه أى عودوا لدينه والعذاب للكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :إنما أنا بشر مثلكم أى إنسان شبهكم وهذا يعنى تساويه معهم فى كل شىء ،يوحى إلى أى يلقى إلى وهذا هو الفرق بينه وبين الناس والوحى يقول :إنما إلهكم إله واحد والمراد إنما خالقكم خالق واحد فاستقيموا إليه والمراد فأسلموا له مصداق لقوله بسورة الحج"فإلهكم إله واحد فله أسلموا"وهذا يعنى أن يطيعوا حكمه وفسر هذا بقوله واستغفروه أى توبوا إلى دينه وويل للمشركين والمراد والعذاب للمكذبين لدين الله مصداق لقوله بسورة المرسلات"ويل يومئذ للمكذبين "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون "المعنى الذين لا يعملون الحق وهم بالقيامة هم مكذبون ،يبين الله أن المشركين هم الذين لا يؤتون الزكاة والمراد الذين لا يصنعون العدل وهم بالآخرة وهى القيامة هم كافرون أى مكذبون بها .
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون"المعنى إن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم ثواب غير مقطوع ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات لهم أجر غير ممنون أى ثواب غير مقطوع وهو ثواب كبير مصداق لقوله بسورة فاطر"وأجر كبير ".
"قل أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربع أيام سواء للسائلين "المعنى قل هل إنكم لتكذبون بحكم الذى أنشأ الأرض فى يومين وتخلقون له شركاء ذلك إله الكل ووضع فيها جبال من أعلاها وقدس منها وحدد فيها أرزاقها فى أربعة أيام سيان للطالبين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس أإنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين والمراد هل تكذبون بدين الذى أبدع الأرض فى يومين؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بحكم الله الذى خلق الأرض فى يومين ويقول للناس وتجعلون له أندادا والمراد وتخترعون له شركاء فى ملكه مصداق لقوله بسورة الرعد"وجعلوا لله شركاء"ويبين لهم أن ذلك وهو الخالق هو رب العالمين أى خالق الكل ،ويقول لهم وجعل فيها رواسى من فوقها والمراد وألقى فيها جبال من أعلاها مصداق لقوله بسورة لقمان"وألقى فى الأرض رواسى "وهذا يعنى أن الجبال موجودة فى الطبقة العليا من الأرض فقط وهو بارك فيها أى وقدس بعضها وهذا يعنى أنه جعل فيها بعض الأماكن المقدسة وهى المباركة وهو قدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين والمراد وهو حدد فيها أى خلق فيها أرزاق مخلوقاتها فى أربعة أيام سيان للطالبين وهذا يعنى أن خلق الأقوات وهى الأرزاق تم فى مدة قدرها أربعة أيام وهى تكفى الجميع مهما زاد عددهم بشرط تساويهم فى المقدار وهو الواجب فعله فى الواقع بين الناس.
"ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين "المعنى وأوحى إلى السماء وهى أبخرة فقال لها وللأرض أطيعا حبا أو بغضا قالتا جئنا محبين ،يبين الله للناس على لسان نبيه (ص)أن الله استوى إلى السماء والمراد أن الله قال للسماء وهى دخان أى على شكل بخار متصاعد فقال لها وللأرض :ائتيا طوعا أو كرها والمراد أطيعا حكمى رغبة أو جبرا فكان ردهما :أتينا طائعين والمراد أطعنا راغبين فى طاعتك والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .
"فقضاهن سبع سموات فى يومين وأوحى فى كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم "المعنى فخلقهن سبع سموات فى يومين وألقى فى كل سماء حكمها وجملنا السماء القريبة بنجوم وحماية ذلك صنع الغالب الخبير ،يبين الله للكفار على لسان رسوله (ص)فيقول :فقضاهن أى "فسواهن سبع سموات"كما قال بسورة البقرة والمراد فبناهن سبع سموات فى مدة يومين وهما نفسهما اليومين اللذين خلق فيهما الأرض ،وأوحى فى كل سماء أمرها والمراد ووضع فى كل سماء حكمها وهو قوانينها الحاكمة لها وزينا السماء الدنيا بمصابيح والمراد وجملنا السماء القريبة لكم بكواكب أى نجوم مصداق لقوله بسورة الصافات"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب "وحفظا أى وحماية لها من الشياطين مصداق لقوله الملك "بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين "ويبين أن ذلك وهو القضاء والوحى والتزيين هو تقدير أى فعل العزيز وهو الغالب على أمره العليم أى الخبير بكل شىء .
"فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون "المعنى فإن كذبوا فقل أخبرتكم هلاك شبه هلاك عاد وثمود حين قالت لهم الأنبياء فى حاضرهم ومستقبلهم ألا تطيعوا سوى الرب قالوا لو أراد إلهنا لأرسل لنا ملائكة فإنا بما بعثتم به مكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن أعرضوا أى كفروا بحكم الله فعليه أن يقول لهم أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود والمراد أخبركم بإصابتكم بهلاك شبه هلاك عاد وثمود وهذا يعنى أنه يحذرهم من عذاب يهلكهم ،إذ جاءتهم الرسل والمراد عندما قالت لهم الأنبياء (ص)من بين أيديهم والمراد فى وقتهم الذى كانوا فيه ومن خلفهم والمراد وفى وقتهم الباقى من حياتهم فى المستقبل :ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تطيعوا حكم سوى حكم الله فقالوا للرسل (ص)لو شاء ربنا لأنزل ملائكة والمراد لو أراد إلهنا عبادته وحده لأرسل لنا ملائكة بهذا وليس بشرا فإنا بما أرسلتم به كافرون والمراد فإنا بالذى بعثتم به وهو حكم الله مكذبون والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار .
"فأما عاد فاستكبروا فى الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون"المعنى فأما عاد فبغوا فى البلاد بغير العدل وقالوا من أعظم منا بأسا؟ أو لم يعلموا أن الرب الذى أنشأهم هو أعظم منهم بأسا وكانوا بأحكامنا يكفرون فبعثنا عليهم ريحا مؤذية فى أيام مؤذيات لنعرفهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى ولعقاب القيامة أذل وهم لا يرحمون،يبين الله لنبيه (ص)أن عاد استكبروا فى الأرض بغير الحق والمراد أن عاد عملوا فى البلاد بغير العدل وهو الظلم وقالوا :من أشد منا قوة والمراد من أعظم منا بطشا ؟وهذا يعنى أنهم ظنوا أن لا أحد يقدر على إضرارهم ،ويسأل الله أو لم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة والمراد هل لم يعلموا أن الرب الذى أبدعهم هو أعظم منهم بأسا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن عاد علموا من رسولهم أن الله أقوى منهم ولكنهم تركوا العمل بهذه المعرفة ،ويبين له أنهم كانوا بآياتنا يجحدون والمراد أنهم كانوا بأحكام الله يكفرون فكانت النتيجة أن أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات والمراد أن بعثنا عليهم هواء مؤذيا فى أيام حسومات أى مستمرات فى الأذى مصداق لقوله بسورة الحاقة "سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أياما حسوما "والسبب فى إرسالها أن نذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا والمراد أن نعلمهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى وعذاب الآخرة أخزى والمراد وعقاب القيامة أشد وأبقى والمراد أشد ذلا مصداق لقوله بسورة طه"ولعذاب الآخرة أشد وأبقى"وهم لا ينصرون والمراد "وهم لا ينظرون"كما قال بسورة البقرة والمراد لا يرحمون فى القيامة .
"وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "المعنى وأما ثمود ففضلوا الكفر على الإيمان فأهلكتهم صيحة العقاب المذل بما كانوا يكفرون وأنقذنا الذين صدقوا بحكمنا وكانوا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن ثمود استحبوا العمى على الهدى والمراد فضلوا الكفر وهو حب متاع الدنيا على الإيمان وهو العمل لنيل متاع الآخرة مصداق لقوله بسورة النحل"استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة"فأخذتهم صاعقة العذاب الهون والمراد فدمرتهم صيحة العقاب المذل وهى الطاغية مصداق لقوله بسورة الحاقة"فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية "والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون مصداق لقوله بنفس السورة "بما كانوا يعملون"ويبين له أنه نجى الذين آمنوا وكانوا يتقون والمراد وأنقذ من العذاب الذين صدقوا حكمه وكانوا يطيعون حكمه والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار .
"ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون "المعنى ويوم يساق كارهوا الرب إلى جهنم فهم يقسمون حتى إذا ما وصلوها أقر عليهم سمعهم وعيونهم وأعضاءهم بما كانوا يكسبون،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشر أعداء الله إلى النار والمراد أن يوم يساق عصاة حكم الله إلى جهنم مصداق لقوله بسورة الزمر"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"فهم يوزعون أى يقسمون أفواجا ليدخل كل فوج من باب مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب جزء مقسوم"حتى إذا ما جاءوها أى وصلوا لسور النار حدث التالى شهد عليهم بما كانوا يعملون أى اعترف عليهم بالذى كانوا يكسبون سمعهم و أبصارهم و جلودهم وهذا يعنى أن أعضاء السمع والبصر والإحساس تقر كل منها بما أمره صاحبه أن يعمله فى الدنيا وهذا يعنى وجود مسجلات فيها تسجل عملها حتى تقر به فى الآخرة والخطاب وما بعده للنبى.
"وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون "المعنى وقالوا لأعضاءهم لماذا اعترفتم علينا ؟قالوا أنطقنا الرب الذى أنطق كل مخلوق وهو أنشأكم أسبق مرة وإليه تعودون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا لجلودهم وهى أعضاء أجسامهم التى يغطيها الجلد وهى كل ما يعمل الخطايا :لم شهدتم علينا والمراد لماذا أقررتم بكفرنا ؟فأجابت الأعضاء :أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء والمراد جعلنا نتحدث الذى جعل كل مخلوق يتحدث وهذا يعنى أن الله هو الذى أعطاهم القدرة على الكلام بالحق الذى علموه ،وهو خلقكم أول مرة والمراد وهو أنشأكم أسبق مرة فى الدنيا وإليه ترجعون والمراد وإلى عقاب الله تدخلون.
"وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين "المعنى وما كنتم تتوقعون أن يقر عليكم سمعكم ولا عيونكم ولا أعضائكم ولكن اعتقدتم أن الرب لا يعرف كثيرا مما تصنعون ذلكم اعتقادكم الذى اعتقدتم بإلهكم أهلككم فأصبحتم من المعذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول على لسان الملائكة للكفار :وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم والمراد وما كنتم تنتظرون أن يعترف بكفركم سمعكم وهو آذانكم ولا أبصاركم وهى عيونكم ولا جلودكم وهى بقية أعضائكم التى عملت الخطايا وهذا يعنى أنهم يظنون أن الأعضاء ملكهم وحدهم وأنها لا تعرف شىء عنهم ،ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون والمراد ولكن اعتقدتم أن الرب لا يعرف كثيرا من الذى تصنعون وهذا يعنى أنهم اعتقدوا أن الله لا يعلم الخفاء ومن ثم كانوا يعملون فى الخفاء الخطايا اعتقادا منهم بأنه لن يعرف بها ومن ثم لن يعاقبهم عليها ،ذلكم ظنكم والمراد هذا اعتقادكم الخاطىء الذى ظننتم بربكم الذى اعتقدتم فى إلهكم أرادكم أى أهلككم والمراد أدخلكم النار فأصبحتم من الخاسرين وهم المعذبين والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين "المعنى فإن يتحملوا فجهنم مقام لهم وإن يعتذروا فما هم من المقبولين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إن يصبروا أى يتحملوا الألم فالنار مثوى أى مكان لإقامتهم وإن يستعتبوا والمراد وإن يعتذروا عن كفرهم فما هم من المعتبين والمراد فما هم من المقبولين عذرهم وهذا يعنى أن الإعتذار لا ينفعهم مصداق لقوله بسورة الروم"فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ".
"وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين "وخلقنا فيهم شهوات فحسنوا لهم ما أمامهم وما وراءهم وصدق عليهم الحكم فى جماعات قد مضت من قبلهم من الجن والبشر إنهم كانوا معذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قيض للناس قرناء والمراد خلق لهم أصحاب سوء هم شهوات أنفسهم فزينوا لهم ما بين أيديهم والمراد فحسنوا لهم سيئاتهم فى الوقت الحاضر وما خلفهم وحسنوا لهم سيئاتهم فى المستقبل وهو بقية حياتهم فى الدنيا فحق عليهم القول والمراد فصدق فيهم حكم الله فى أمم وهى جماعات قد خلت من قبلهم والمراد قد مضت من قبل وجودهم من الجن والإنس وحكم الله هو أنهم كانوا خاسرين أى معذبين فى الدنيا والآخرة .
"وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون "المعنى وقال الذين كذبوا لا تطيعوا لهذا الحكم وحرفوا فيه لعلكم تنتصرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لبعضهم :لا تسمعوا لهذا القرآن والمراد لا تتبعوا حكم هذا الوحى والغوا فيه والمراد وغيروا فيه أى حرفوه لعلكم تغلبون أى لعلكم تنتصرون على المسلمين والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذى كانوا يعملون "المعنى فلندخلن الذين كذبوا عقابا مهينا أى لنسكننهم عقاب الذى كانوا يفعلون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه يذيق الذين كفروا عذابا شديدا والمراد أنه يدخل الذين كذبوا بحكم الله عقابا أليما مصداق لقوله بسورة النساء"عذابا أليما"وفسر هذا بأنه يجزيهم أسوأ الذى كانوا يعملون والمراد يدخلهم عقاب الذى كانوا يصنعون فى الدنيا .
"ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا يجحدون "المعنى ذلك عقاب عصاة حكم الله جهنم لهم فيها دوام العذاب عقاب بما كانوا يكفرون،يبين الله لنبيه (ص)أن النار وهى جهنم هى جزاء أعداء الله والمراد هى عقاب عصاة دين الله لهم فيها دار الخلد والمراد لهم فيها دوام الألم وهذا جزاء أى عقاب سببه ما كانوا يجحدون أى يكفرون أى يكذبون بأحكام الله .
"وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين "المعنى وقال الذين كذبوا إلهنا أشهدنا الذين أبعدانا من الجن والإنس نضعهما أسفل أرجلنا ليصبحا من الأذلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا الحق قالوا فى النار لله :ربنا أى خالقنا :أرنا الذين أضلانا والمراد عرفنا الذين أبعدانا عن الحق من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا والمراد نضعهما أسفل أرجلنا ليكونا من الأسفلين والمراد ليصبحا من الأذلين ،وهذا يعنى أنهم يريدون تعذيب المضلين لهما بأنفسهم عن طريق دهسهما بالأرجل وهم لا يعلمون أنهم من أضلوا أنفسهم وليس الأخرين والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون "المعنى إن الذين قالوا إلهنا الله ثم أطاعوا توحى لهم الملائكة ألا تخشوا أى لا تغتموا وافرحوا بالحديقة التى كنتم تخبرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين قالوا ربنا الله أى إلهنا الله وحده ثم استقاموا أى أطاعوا حكم الله وحده ،يحدث لهم التالى عند الموت تتنزل عليهم الملائكة أى تستقبلهم الملائكة فى البرزخ فتقول لهم :ألا تخافوا أى لا تحزنوا أى لا تخشوا أذى وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون والمراد وتمتعوا بالحديقة التى كنتم تخبرون فى الدنيا على لسان الرسل (ص)والخطاب منه للمؤمنين.
"نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم "المعنى نحن أنصاركم فى المعيشة الأولى وفى القيامة ولكم فيها ما تحب أنفسكم أى لكم فيها ما تطلبون عطاء من نافع مفيد،يبين الله لنبيه (ص)أن الملائكة تقول للمسلمين عند الموت:نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا والمراد نحن أنصاركم فى المعيشة الأولى وفى الآخرة وهى الجنة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم وفسروها بأن لهم فيها ما يدعون والمراد ولكم فيها ما ترغب أنفسكم أى ما تطلبون نزلا أى ثوابا من غفور رحيم أى نافع مفيد مصداق لقوله بسورة آل عمران"ثوابا من عند الله "والخطاب من النبى(ص)للمؤمنين كسابقه.
"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين "المعنى ومن أفضل حديثا من الذى نادى إلى الرب وفعل حسنا وقال إننى من المطيعين لله ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأحسن قولا والمراد أن الأفضل دينا مصداق لقوله بسورة النساء"ومن أحسن دينا"ممن دعا إلى الله والمراد من الذى نادى إلى طاعة الله وعمل صالحا أى وفعل حسنا وقال إننى من المسلمين وهم المطيعين لحكم الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم "المعنى ولا تتساوى النافعة ولا الضارة اعمل التى هى أفضل فإذا الذى بينك وبينه كراهية كأنه ناصر مؤيد ،يبين الله لنبيه (ص)أن الحسنة لا تستوى مع السيئة والمراد أن العمل الصالح لا يتساوى فى الأجر بالعمل الفاسد السيىء ويطلب الله منه أن يدفع بالتى هى أحسن والمراد أن يتعامل بالتى أفضل مع العدو ويبين له النتيجة وهى أن الذى بينه وبينه عداوة أى كراهية يصبح كأنه ولى حميم أى صديق مخلص وهو هنا يبين له أن المعاملة الحسنة فى مقابل إساءة الغير تجعله يغير رأيه فيه فينقلب من عدو لمحب ناصر له .
"وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم"والمعنى وما يدخلها إلا الذين أطاعوا أى ما يسكنها إلا صاحب طاعة مستمرة ،يبين الله لنبيه (ص)أن الجنة ما يلقاها إلا الذين صبروا والمراد ما يسكنها سوى الذين اتبعوا حكم الله وفسر هذا بأنه لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم والمراد لا يدخلها إلا صاحب اتباع دائم لحكم الله .
"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم "المعنى وإما يمسنك من الهوى وسواس فاحتمى بالرب إنه هو الخبير العارف ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن ينزغه من الشيطان نزغ والمراد إن يصيبه من الشهوات وسواس فعليه أن يستعذ بالله والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الله من الوسواس والسبب أنه هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذى خلقهن إن كنتم إياه تعبدون "المعنى ومن مخلوقاته الليل والنهار والشمس والقمر لا تعبدوا الشمس ولا القمر واعبدوا الله الذى أبدعهن إن كنتم إياه تطيعون ،يبين الله للناس أن من آياته وهى مخلوقاته كل من الليل والنهار والشمس والقمر ويطلب من الناس ألا يسجدوا للشمس أى للقمر والمراد ألا يعبدوا الشمس أو القمر ويطلب منهم أن يسجدوا لله الذى خلقهن والمراد أن يعبدوا أى يطيعوا حكم الله الذى أنشأهم إن كانوا إياه تعبدون والمراد إن كنتم لثواب الله ترغبون وهو الجنة والخطاب للناس وما بعده على لسان النبى(ص) .
"فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون "المعنى فإن أعرضوا فالذين لدى خالقك يطيعونه فى الليل والنهار وهم لا يفترون،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن استكبروا أى كفروا والمراد"فإن أعرضوا "كما قال بنفس السورة فيجب أن يعلم أن الذين عند ربه والمراد الذين لدى كرسى عرش الله يسبحون له أى يطيعون حكمه بالليل والنهار وهم لا يسئمون أى لا يملون والمراد لا يفترون أى لا يضعفون عن الطاعة مصداق لقوله بسورة الأنبياء"يسبحون الليل والنهار لا يفترون ".
"ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحى الموتى إنه على كل شىء قدير"المعنى ومن براهينه أنك تشاهد الأرض ميتة فإذا أسقطنا عليها المطر تحركت ونمت إن الذى بعثها لباعث الهلكى إنه لكل أمر يريده فاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن من آيات وهى براهين الله الدالة على قدرته أنه يرى الأرض خاشعة والمراد يشاهد الأرض ميتة أى هامدة مصداق لقوله بسورة الحج"وترى الأرض هامدة"فإذا أنزلنا عليها الماء والمراد فإذا أرسلنا لها المطر اهتزت أى تحركت وربت أى ونمت وهذا يعنى أن علامة الحياة الأولى الحركة ثم الربا وهو النمو أى انتفاخ حبيبات التراب بالماء ويبين الله أن الذى أحياها أى بعث الأرض والمراد أعاد لها الحركة هو محى الموتى أى باعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"والمراد أنه معيد الحياة للهلكى مرة ثانية وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده للناس منه.
"إن الذين يلحدون فى آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى فى النار خير أم من يأتى آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير "المعنى إن الذين يحرفون فى أحكامنا لا يغيبون عن علمنا ،فهل من يعذب فى جهنم أفضل أم من يجىء يوم البعث سعيدا ؟ افعلوا ما أردتم إنه بالذى تفعلون عليم ،يبين الله لنبيه (ص)والمؤمنين أن الذين يلحدون فى آيات الله لا يخفون عليه والمراد أن الذين يحرفون فى أحكام الله لا يغيبون عن علمه فهو يعرفهم فردا فردا ،ويسأل الله أفمن يلقى فى النار خير أم من يأتى آمنا يوم القيامة والمراد هل من يدخل فى الجحيم أحسن أم من يعيش فرحا يوم البعث ؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن الآمن وهو داخل الجنة السعيد أفضل حالا من داخل النار المعذب ويطلب الله من الناس أن يعملوا ما شاءوا والمراد أن يفعلوا ما أرادوا فى الدنيا فهو بما يعملون بصير والمراد فهو خبير أى عليم بما يفعلون مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون "ومن ثم سيحاسبهم عليه بالحق .
"إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد"المعنى إن الذين كذبوا بالعدل لما أتاهم وإنه لحكم منتصر لا يدخله الظلم فى حاضره ولا مستقبله وحى من قاض شاكر ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم والمراد أن الذين كذبوا بالحق وهو آيات الله لما أتاهم سيصليهم الله نارا مصداق لقوله بسورة النساء"إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا"ويبين لنا أنه كتاب عزيز أى حكم محفوظ فى الصحف فى الكعبة حتى لا يتم تحريفه أبدا أى وحى دائم لا يأتيه الباطل أى لا يدخله الريب وهو التحريف مهما كان مصداق لقوله بسورة البقرة "ذلك الكتاب لا ريب فيه "سواء من بين يديه وهو وقت نزوله أو من خلفه وهو الوقت بعد نزوله وهو المستقبل وهو تنزيل من حكيم حميد والمراد إلقاء من عند قاض عادل شاكر لمن يطيع حكمه والخطاب للنبى(ص).
"ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم "المعنى ما يوحى لك إلا ما قد أوحى للأنبياء(ص)من قبلك إن إلهك لصاحب رحمة وصاحب عذاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أنه يقال له ما قد قيل للرسل من قبله والمراد أنه يوحى له الذى قد أوحى للأنبياء(ص)من قبل وجوده مصداق لقوله بسورة الشورى "كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك"والوحى الواحد هنا هو إن ربك لذو مغفرة والمراد إن إلهك لصاحب رحمة مصداق لقوله بسورة الأنعام"وربكم ذو رحمة واسعة"للمؤمنين وذو عقاب أليم والمراد صاحب عذاب شديد أى "ذو انتقام "من الكفار كما قال بسورة المائدة والخطاب للنبى(ص)وما بعده له ومنه للناس.
"ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمى وعربى قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون فى أذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد"المعنى ولو قلناه حكما غامضا لقالوا هلا أتت أحكامه غامضة ومعروفة قل هو للذين صدقوا نفع أى فائدة والذين لا يصدقون فى قلوبهم حاجز أى هو لهم ضلال أولئك يدعون من موضع قصى ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو جعل أى أنزل الوحى قرآنا أعجميا أى كلاما غامضا غير مفهوم المراد منه أى حمال وجوه ومعانى لقال الكفار :لولا فصلت آياته أعجمى وعربى والمراد لولا أنزلت أحكامه غامضة وواضحة وهذا يعنى أنهم يريدون بعض الأحكام غامضة غير محدد المراد منها وبعضها واضح مفهوم وذلك حتى يفسروا الغامضة على أهوائهم ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول هو أى القرآن للذين آمنوا أى صدقوا به هدى أى شفاء والمراد نافع أى فائدة حيث يدخلهم الجنة والذين لا يؤمنون وهم الذين لا يصدقون بالقرآن فى أذانهم وقر والمراد فى قلوبهم كفر أى هو عليهم عمى والمراد هو لهم ضرر حيث يدخلهم عصيانه النار أولئك ينادون من مكان بعيد والمراد أولئك يدعون من مكان قصى هو النار ليدخلوها
"ولقد أتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم وإنهم لفى شك منه مريب "المعنى لقد أوحينا لموسى (ص)الهدى فكذب به ولولا حكم مضى من إلهك لفصل بينهم وإنهم لفى تكذيب له عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أتى الكتاب والمراد أوحى الهدى وهو التوراة لموسى (ص)مصداق لقوله بسورة غافر"ولقد أتينا موسى الهدى"فكانت النتيجة أن اختلف فيه والمراد كذب به ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم والمراد وبسبب حكم الفصل فى القيامة الذى مضى من خالقه لحكم الله بينهم فيما هم فيه يختلفون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة يونس"لقضى بينهم فيما كانوا فيه يختلفون "والكفار فى شك من الوحى مريب والمراد فى تكذيب له عظيم .
"من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد"المعنى من فعل حسنا فلمنفعته ومن كفر فعليه عقابه وما إلهك بمنقص حق الخلق،يبين الله لنبيه (ص)أن من عمل صالحا أى من فعل حسنا أى شكر فلنفسه أى فلمصلحته فى القيامة مصداق لقوله بسورة النمل "من شكر فإنما يشكر لنفسه"ومن أساء فعليها أى ومن ضل فعقابه عليه مصداق لقوله بسورة الزمر"ومن ضل فإنما يضل عليها "وما ربك بظلام للعبيد والمراد وما إلهك بمنقص حق الناس والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركاءى قالوا أذناك ما منا من شهيد وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص "المعنى له تأتى معرفة القيامة وما تنبت من منافع من طلعها وما تحبل من امرأة ولا تلد إلا بمعرفته ويوم يدعوهم أين مقاسمى قالوا علمك ما منا من مقر وتبرأ منهم الذى كانوا يعبدون من قبل واعتقدوا ما لهم من مهرب ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يرد إليه علم الساعة والمراد أن الرب توجد عنده معرفة موعد القيامة بالتحديد كما يوجد فى معرفته ما تخرج من ثمرات من أكمامها والمراد الذى تنبت من المنافع من منابتها وهى مطالعها ويوجد فى معرفته وهو علمه ما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه والمراد متى تحبل كل امرأة ومتى تلد وكل هذا بعلمه أى فى معرفته المسجلة فى أم الكتاب ويوم يناديهم أين شركاءى والمراد ويوم يسألهم أين مقاسمى فى الملك فقالوا أذناك ما منا من شهيد والمراد العلم علمك ما منا من مقر بهم وهذا يعنى كفرهم بآلهتهم المزعومة وضل عنهم ما كانوا يدعون أى تبرأ منهم الذى كانوا يعبدون من قبل وهذا يعنى أن الذين ادعوا أنهم آلهتهم أعلنوا براءتهم من عبادتهم وظنوا ما لهم من محيص والمراد واعتقد الكفار ما لهم من مصرف أى مهرب من العذاب مصداق لقوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"والخطاب للنبى(ص)
"لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط "المعنى لا يمل المرء من طلب النفع وإن أصابه الضرر فقنوط ملول ،يبين الله لنبيه (ص)أن الإنسان وهو الكافر لا يسأم من دعاء الخير والمراد لا يمل من طلب النفع فى الدنيا وهذا يعنى أنه يستزيد من الرزق باستمرار وإن مسه الشر فيئوس قنوط والمراد وإن أصابه الأذى وهو الضرر فهو كافر ظالم بحكم الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولئن أذقنا الإنسان رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لى وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ "المعنى ولئن أعطينا الكافر رزقا منا من بعد أذى أصابه ليقولن هذا ملكى وما أعتقد أن القيامة قادمة ولئن عدت إلى إلهى إن لى لديه للجنة فلنخبرن الذين كذبوا بما صنعوا ولندخلنهم فى عذاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن أذاق الإنسان رحمة منه والمراد إذا أعطى الكافر نعمة أى نفع من عنده مصداق لقوله بسورة هود"ولئن أذقناه نعمة "من بعد ضراء مسته والمراد من بعد أذى أصابه يقول الكافر هذا لى أى هذا ملكى بعلمى ،وما أظن الساعة قائمة والمراد وما أعتقد أن القيامة واقعة فى المستقبل وهذا يعنى أنه لا يؤمن بالبعث ،ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى والمراد ولئن عدت أى رددت بعد الموت إلى جزاء خالقى إن لى لديه للجنة وهى خير منقلب مصداق لقوله بسورة الكهف"ولئن رددت إلى ربى لأجدن خير منها منقلبا "،ويبين لله له أنه ينبأ الذين كفروا بما عملوا والمراد أنه يبين للذين كذبوا بما صنعوا فى الدنيا من اختلاف مصداق لقوله بسورة النحل"وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون"وذلك عن طريق تسليمهم الكتب المنشرة ،ولنذيقنهم من عذاب غليظ والمراد ولندخلنهم فى عذاب شديد مصداق لقوله بسورة فصلت "فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا"هو النار.
"وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأ بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض "المعنى وإذا تفضلنا على الكافر كفر أى بعد بنفسه وإذا أصابه الأذى فصاحب نداء مستمر، يبين الله لنبيه (ص)أنه أذا أنعم على الإنسان والمراد إذا تفضل على الكافر بنعمه أعرض أى كفر وفسر هذا بأنه نأ بجانبه والمراد بعد بشهوته عن الحق وإذا مسه الشر والمراد وإذا أصابه الضرر وهو الأذى مصداق لقوله بسورة الزمر"وإذا مس الإنسان ضر"فذو دعاء عريض والمراد فصاحب نداء مستمر وهذا يعنى أنه يكثر من طلب إزالة الضرر والخطاب للنبى(ص)وما بعده له ومنه للناس.
"قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم من أضل ممن هو فى شقاق بعيد"المعنى قل أعلمونى إن كان من لدى الرب ثم كذبتم من أخسر ممن هو فى نار دائمة ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :أرأيتم إن كان من عند الله والمراد عرفونى إن كان الوحى من لدى الرب ثم كفرتم أى كذبتم بالوحى من أضل ممن هو فى شقاق بعيد والمراد من أخسر من الذى فى ضلال أى عذاب مستمر مصداق لقوله بسورة إبراهيم "أولئك فى ضلال بعيد".
"سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شىء قدير "المعنى سنعرفهم مخلوقاتنا فى الجهات وفى ذواتهم حتى يظهر لهم أنه الصدق ،هل لم يكف بإلهك أنه على كل مخلوق رقيب ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه سيرى الناس آياته والمراد سيعرف الناس مخلوقاته الدالة على قدرته وصدقه فى القرآن فى الآفاق وهى الجهات وفى أنفسهم وهى ذواتهم حتى يتبين لهم أنه الحق أى حتى يظهر لهم أنه الصدق مصداق لقوله بسورة النمل"وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها"ويسأل أو لم يكف بربك أنه على كل شىء قدير والمراد هل لم يثبت ألوهية إلهك أنه بكل مخلوق رقيب؟والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أنه يكفى لإثبات ربوبية الله علمه وهو شهادته على كل شىء والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ألا إنهم فى مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شىء محيط"المعنى ألا إنهم فى تكذيب لجزاء إلههم ألا إنه بكل أمر عليم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار فى مرية من لقاء ربهم والمراد أن الكفار فى شك من جزاء خالقهم وهو البعث والحساب وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل مخلوق عليم مصداق لقوله بسورة النساء"أن الله كان بكل شىء عليما ".