إسمحوا لي أن أضع بين أيديكم سلسلة لبحث مهم قام به أحد يكتم إيمانه وانت

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الإثنين ٠٥ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

 

أعزائي القراء ورواد موقع أهل القرآن تحية من عند الله عليكم،

إسمحوا لي أن أضع بين أيديكم سلسلة لبحث مهم قام به أحد يكتم إيمانه وانتمائه لأهل القرآن خوفا على نفسه، وهذا من حقه ومن الواجب عليه أن لا يلقي بنفسه إلى التهلكة، إن كان يعلم أن من حوله لن يسلم من مكرهم.

لقد بعث مشكورا بهذا البحث الرائع إلى أخي الحبيب الدكتور أحمد، وكلفني بنشره على صفحتي على حلقات، فأرجو منكم أعزائي مناقشة البحث بقلوب سليمة مؤمنة بوحداني&Eaiacute;ة الله تعالى، رافضة كل ما يخالف كتاب الله سبحانه مما كتبت أيدي البشر، ومهما كان اسم كاتبه مشهورا أو مقدسا، أو أن الأكثرية تقول به، فذلك لا يغني من الحق شيئا، (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)(36). يونس. لأن الذين كتبوا كتبا أطلقوا عليها اسم ( كتب الصحاح) فأوهموا المؤمنين أن ما بين دفتيها هو وحي من عند الله تعالى، وقد أخبرنا المولى تعالى في الكتاب المبين أنها من عند غير الله لِوجود الاختلاف الكثير فيها، فلو نظرنا فيها بقلوب مفتَّحة وعقول سليمة فإننا فعلا نجد فيها الاختلاف الكثير والتناقض مع بعضها البعض، فعلمنا أنها من عند غير الله تعالى. يخبرنا المولى سبحانه ويقول: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا(82). النساء. لاحظوا أعزائي لم يقل المولى تعالى ( أفلا يتدبرون الحديث) بل ركَّز سبحانه على ( القرآن) فقال : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ). هذا أكبر دليل على أن القرآن هو الذي يجب أن نستمسك ونعتصم به وكفى، لأنه هو السبيل والصراط المستقيم.

 

فإليكم الحلقة الأولى من هذا البحث الذي قام به أحد المخلصين العبادة لله وحده، وقدمه لموقع أهل القرآن ليشد أزرهم ويعينهم على البِر والتقوى. والله ولي التوفيق.

 

 

أخي الدكتور أحمد صبحي منصور، تحية الله اليكم وطابت أوقاتكم بكل خير

بعدما قرأت ما ورد من آخر الاخبار حول "البخاري" أو ما يسمى بصحيحه! ثم المأزق الذي وقع فيه "الأزهر" لإيجاد حلّ أو مخرج من هذا المستنقع الضَبابي البُخاري الغُباري! ثم قراءتي لمقالكم العَسَلاوي(السّم الهارى فى تنقية البخارى)ألفيتُ من الضروري أن أبعث الى الموقع هذا البحث الرائع والسلسلة الممتعة حول هذه "الالهة المقدسة" لدى الأزهر والسنيين!!

والذي كُتب من قبل باحث فذّ (مجهول الهوية) لم أعرف هُويته حتى الآن؟؟

جزاه الله خير الجزاء لما بذله من هذا الجهد الجهيد الجاد في سبيل كلمة الله 

كُلي أملٌ نشر تناقضات البخاري "الالهة المزيّفة!" مع كلمات الله المقدسة في حقل أو خانة (كُتّاب أهل القرءان)..  

أنتظر ردكم الكريم واعلامي بذلك

وافر تقديري وتوقيري

 

أخوكم في الله

وصديق موقع "أهل القرءان" بالتعليقات بين الفينة والاخرى

وداد وطنــــي

3/7/10

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تناقض أحاديث البخاري مع ايات القران

(1)

حكايا محرّمة في البخاري

) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) الفرقان 30

إن القصص التي أنا بصدد روايتها ليست من اختراعي أو من تأليفي ، ستكون ردّة فعل القارئ بالتأكيد – وأتحدّث هنا عن القارئ العربي الذي تعوّد على دروس الوعظ التلفزيّة عبر قنوات أتباع البخاري المأجورة  ، والمداوم على الذهاب الى صلاة الجمعة الساكتة أسبوعيّاً عن إيضاح الحق والحقيقة - ، ستكون ردّة فعله مملوءة بمشاعر الغضب ، الانزعاج ، العجز والنذر القليل من الشك و الريبة أيضاً ، فهو سيسأل قطعاً ( هل هذا حقاً موجودٌ في البخاري !؟ ؟ ) ، خصوصاً إذا علمنا أن البيت العربي يخلو تماماً من هذا الكتاب غالي الثمن – يبلغ سعر الكتاب في المكتبات العربية أربعين دولارا بعد التخفيض، وسعر صحيح مسلم الضعف ثلاث مرّات ، هذا في حال وُجد كلاهما أصلاً - ! !؟ ، والذي يُعتبر حسب النص الفقهي لمذاهب السنّة المصدر التشريعي الثاني الأقرب في صحّته للقرآن الكريم (ونقول حاشا و كلاّ أن يكون البخاري أو أي كتابٍ آخر في موقع المقارنة بالقرآن الكريم ، فالقرآن الذي لا يأتيه الباطل لا من أمامه و لا من خلفه لن تنجح خدعة المقولة التي تقول أن أصح الكتب بعده هما مسلم و البخاري في وضع مقارنةٍ مريبٍ و مثيرٍ للشك) .

 

إن من يقرأ البخاري دون أن يعترض على ما يرد فيه هو رجلٌ أكثر بؤساً مما يمكن أن نعتقد ، فهذا الكتاب الأسود يحوي بين صفحاته نصوصاً ليست أحاديث أصلاً ، و لسنا بصدد الحديث عن سندها ، و الذي برع فيه كمٌ من الفقهاء في البحث و الغوص في أسبار البحث في علومٍ لا تمت للعلم بصلةٍ ، كعلم رجال الحديث الذي لا يعني شيئاً البتّة مادام يعتمد على نصوص الإسلام التاريخي المشوبة بالشكوك كمرجعيّةٍ ضبابيّةٍ انتقائيّة القراءة (فسادتنا ذبحوا سادتنا) ،  خصوصاً ما دمنا نتحدّث عن أحاديث و قصص منسوبةٍ للرسول تناقض القرآن بالدرجة الأولى ،  و تناقض نفسها أيضاً ، فكما سيرد لاحقاً سنجد مجموعة من الأحاديث – و هي التي سنعرضها أولاً ـ لا تمت لصفة الحديث بصلةٍ لأن الحديث هو ما نقل عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير، بينما نجد أن النص لم يقله الرسول ولم ينطق به بل روي عن أناسٍ تحدّثوا (عن) الرسول و هذه ليست أحاديث قطعاً.

 

نبدأ رحلتنا عبر قصص البخاري بقصّةٍ هامشيّةٍ تضع التساؤل حول حقيقة كل المعلومات الواردة في ( الإسلام التاريخي ) ، و التي مفادها أن أول من أسلم من الرجال هو ( أبو بكر الصديق ) ، نقرأ في ( كتاب التعبير ، باب أول ما بدئ به رسول الله من الوحي، الرؤيا الصالحة ) : ( .... فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك، قال ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى؟ ، فأخبره النبي خبر ما رأى، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك  ، قال رسول الله : ( أو مخرجي هم ) ، قال ورقة : نعم ، لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي ، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا. .. ) .

 

هنا حقيقةٌ هامشيّةٌ حقيقةً ، لا مجال أو فائدة ترجى من تصديقها أو رفضها أيضاً مفادها أن ورقة ابن نوفل هو أول من أسلم من الرجال ، لا أبا بكر ، و في واقع الأمر فإن بدايتنا هذه لن تؤلم أعين أحدٍ ما دمنا لم نصل الى نهاية ذات الحديث ، و هو الجزء الذي يسكت عنه الفقيه وفق خيانةٍ مرفوعة الرأس دون أن يجرأ على إكمال القصّة التي أصبح نصفها فقط مشهوراً لدى العوام، وهي قصة بداية الوحي وعودة الرسول الى خديجة قائلاً (زمّلوني ، زمّلوني)، و فيه اتهامٌ صريحٌ للرسول بنيّة فعل ما حرّمه الله ، ألا و هو ( قتل النفس التي حرّم الله )  : (  ... وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي  ، فيما بلغنا ، حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدَّى له جبريل ، فقال : يا محمد ، إنك رسول الله حقا ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقرُّ نفسه، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل تبدَّى له جبريل فقال له مثل ذلك).

 

رغم أنف الفقيه، لا مجال للتراجع أمام هول الصدمة، ففي النص اتهامٌ صريحٌ للرسول بأنه (مجنونٌ) ذو نزعاتٍ انتحاريّةٍ ، ما يعرف في لغة الطب( Bipolar Disorder ) ، و هو مرض ثنائي القطبيّة ، مزيجٌ بين العته ، الاكتئاب و الإحباط تصاحبه نزعاتٌ انتحاريّة في مجمل الحالات ، و حاشا أن يكون الرسول كذلك ، فهو  الذي شهد له النص بأنّه ( لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم  4 ، و شهادة الخُلقِ هذه تثبت رجاحة العقل ، و سلامة المنطق ، كما شهد له في أكثر من آيةٍ  بإنّه ليس بمجنونٍ ، ولا شاعرٍ و ليس أيضاً بمسحورٍ ، و هذا ما لم يعجب البخاري في قصصه المحرّمة قطعاً ، يرد في باب السحر : ( .... سحر الرسولَ رجل من بني زُرَيق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله.

 

وفي هذا تناقضٌ صريح للنص الذي ذكر اتهامات الكفار للرسول بأنه مسحورٌ نافيّاً لا مؤكداً إيّاها : ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً ) الفرقان 8 ، و في حال صدّقنا نفي العصمة عن الرسول ( كونه سُحر من قِبلِ هذا اليهودي الأسطوري ) ، فإننا مطالبون قطعاً بتصديق بقيّة الاتّهامات الواردة في النص ، كون الرسول شاعرٌ ، حالمٌ و مجنونٌ ( و حاشا لله أن نفعل )  : ( وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) الحجر 6 ، ( قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ) الشعراء 27 ، ( بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ) الأنبياء 5.

 

ونرى هنا مدّى قوّة تأثير الإرث التاريخي الممزوج بالأكاذيب على هذا النص الذي تحوّل بفضل سلطة الفقهاء من تحوّلوا الى قوّادين للسلاطين و دكتاتوريي الدول الإسلاميّة على امتداد التاريخ الموصل للحالة اليوم ، تحوّل الى مصدرٍ تشريعيٍّ من ينكره يصبح مهدّداً بقطع رقبته ، يرد في باب هبة الرجل لامرأته : ( ... قالت عائشة : لما ثقل النبي واشتد به وجعه ، استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي ، فأذن له، فخرج النبي بين رجلين ، تخط رجلاه في الأرض ، بين عباس ورجل آخر ، قال عبيد الله : فأخبرت عبد الله بن عباس ، فقال : أتدري من الرجل الآخر ؟ ، قلت : لا ،  قال : هو علي  ) .

 

وفي هذا النص إشارةٌ عجيبةٌ لكون عائشة زوج النبي لا تعرف عليّاً ، و هذا احتمالٌ غير واردٍ أصلاً ، ما يجعلنا نقفز الى الاستنتاج كون عائشة لا تريد نطق اسم عليٍّ بسبب ( بغض ) تكنّه له ، و هذا ما تؤكده نصوص الإسلام التاريخي ، عبر القصة التاريخيّة عن العداء الذي وصل درجة القتال بين الاثنين ، في تناقض صريحٍ للنص الذي أمر زوجة الرسول بأن تبقى في بيتها ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) الأحزاب 33 ، لكن القصص المفبركة التي تبدأ بقصة الإفكالتي يستند عليها أمر تشتت الأمة كنواةٍ للنزاع و الانفجار الداخلي والذي بدأ من نواة الدولة الإسلاميّة ( بيت الرسول الكريم ) ، رغم كون قصّة الإفك لا تمت في واقع الأمر لزوج الرسول ، لعدّة أسبابٍ نذكرها بعد سرد النص القرآني و مقارنته بالنص البخاري ، والذي يرد في باب ( تعديل النساء بعضهن بعضاً) ، ووضع تحليلٍ منطقيٍّ للواقعة المنسوبة لعائشة : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النور 11.

قالت عائشة :  كان رسول الله إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فأقرع بيننا في غزاة غزاها، فخرج سهمي فخرجت معه ، بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول من غزوته تلك وقفل ، ودنونا من المدينة ، آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني ، أقبلت إلى الرحل ، فلمست صدري ، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه ، فأقبل الذين يرحلون لي ، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ، ولم يغشهن اللحم ، وإنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد ، فأممت منزلي الذي كنت به ، فظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكوانيمن وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم فأتاني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه ، حين أناخ راحلته ، فوطئ يدها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك ، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة .. )

نقرأ هنا حقائق يقرّها النص القرآني، ويتجاهلها البخاري كما يفعل الفقيه قطعاً:

 

أولاً :النبي لا يُخرج زوجاته وإيّاه في الغزوات ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) آل عمران 121.

 

ثانياً :سورة النور نزلت في المدينة ، و فيها تشريعاتٌ اجتماعيّةٌ تخصّ مجتمع الدولة الإسلاميّة، وهو الواضح في آية سورة النور بخصوص الإفك ، فهو ليس خاصاً بأحد نساء الرسول ، بل عامٌ للمؤمنين جميعاً ، والمظلومون في الآية جماعةٌ لا فرداً واحداً بعينه (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ) النور 12.

 

ثالثاً :الخطاب القرآني كان دائماً خاصاً و شديد التوضيح لخصوصيّة مخاطبة الرسول، والآيات التي تخص الرسول أو آل بيته معروفةٌ بقطعيّتها و صريح دلالتها، و هذا ما لا يوجد في آية سورة النور، فالنص القرآني نصٌ تشريعيٌّ عامٌ لا يحوي داخله قصصاً محتكرةً على حالةٍ خاصةٍ خلاف توجيه الرسول بصريح النص ، يقول المولى عزّ و جلّ ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف 185.

 

نصل الى نتيجةٍ مفادها أن الأحاديث الثالثة السابقة (حديث بدء الوحي، السحر، مرض الرسول وحديث الإفك) ليست أحاديث أصلاً لأنها لم تُنقل باللفظ عن الرسول و لم تحدث في المطلق بل أنّ هنالك جزءٌ مسكوتٌ عنه في تاريخ الأمّة قطعاً ، كعادة المؤرخيّن من يملكون صفة الفقهاء في عالمنا الإسلاميّ المليء بالفوضى و المتاعب ، كما أنّها تناقض القرآن مما يجعل أمر تركها غير معتمدٍ على براعة فقيهٍ أو شيخٍ بعباءة قسّيس يعلمنا أنّه أمضى عمره و هو يبحث في نَسبِ من نُسب لهم نقل الحديث ،  إنّها أكذوبةٌ يصعب ابتلاعها ، فعبر هذا الكتاب تحدّث المؤلف بلغة الساحر تارةً ، لغة المكبّل بمشاعر الشبق تارةً أخرى ، يرد في باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام : (...ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار...) وهذا القول لا يقوله رسولٌ ، فليس الرسول يكذب ، لأنه لم يحدث أن رفع رجلٌ رأسه قبل الإمام و تحوّل الى حمارٍ على امتداد تاريخ الأمة الى يومنا هذا ، و لن يحدث هذا قطعاً إلا عبر عقل رجلٍ مريضٍ ، أمّا في حال قال الفقيه أن الحديث تشبيهٌ فإن هذا أسوأ من ذلك على جانبين ، فبقصد تبرئة الرسول من تهمة الكذب عبر نصٍ أكذوبةٍ ، نتهمّه بالخداع و الغش، تلك والله أعظم من تلك!!، أمّا الجانب الآخر هو كون الفقيه ينسب المجاز لحديث الرسول، ذاته الفقيه الذي ينفي المجاز عن القرآن ( كما هو حال ابن تيمية و تابعيه فقهاء أتباع البخاري) في انتقائيّةٍ غريبةٍ  لا مجال للفرار منها إلا بالضحك !! ؟.

 

لا يقف البخاري هنا ، بل يستمر في الحديث بلغة الروائي و الأسطوري، يرد في كتاب الآذان : (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل .. )، هنا الشيطان يصدر ( ريحاً )، و في حديثٍ آخر في احد أبواب التهجّد : ( ذكر عند النبي رجل، فقيل: ما زال نائما حتى أصبح ، ما قام إلى الصلاة، فقال: ( بال الشيطان في أذنه )، وفي حديثٍ آخر مشهورٌ: يملك شعرةً يداعب بها مؤخرّة المصلي كي يشكّ في وضوءه وهلم جراً، في لغةٍ شبيهةٍ بلغة العرافين والسحرة، رغم كون القرآن قد وضّح خصائص وأفعال الشيطان في أكثر من خمسين موقعاً في القرآن، ليس منها إطلاق الريح، البول أو إثارة مؤخرة المصلّين:

 

-1    عدو مبين للإنسان : ( إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) البقرة 209.

 

 -2    يعدُ بالفقر ويأمر بالفحشاء (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة 268.

 

3   - يوقع العداوة والبغضاء : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) المائدة  91.

 

 -4   يزين سوء الأعمال : ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) الأنعام 43.

 

 -5   وسوسة الشيطان للناس : ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا ) الأعراف 29.

 

-6   فتنة الشيطان: ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ) الأعراف 27.

 

 -7النسيان : ( وَقَال لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) يوسف 42.

 

 -8إفساد الروابط الإنسانية : (  مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ  ) يوسف 100.

 

 -9الإضلال عن ذكر الله :  ( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا )  الفرقان 29.

 

لن يستطيع المسلم الهروب، لا مكان له للفرار من فوج الترّهات هذه إلا عبر عقله، فهو محاطٌ بكل أشكال التناقضات، عبر عقلين لا يلتقيان إلا عبر مجتمعٍ ( ساذجٍ )، فلقد استطاع الفقيه تمرير نصوص أقل ما يقال عنها أنّها مهينةٌ لشخص الرسول الكريم ، تعبّر عن حالة هيجانٍ و شبقٍ تجتاح من كتبها أولاً و أخيراً ، فالهوس الجنسي الذي يقرأه المسيحي و اليهودي في التوراة والإنجيل ، يقرأه المسلم وهو  يمر عبر نصوص يقراها في صحيح البخاري، ومنها في قصّةٍ مشابهةٍ لقصّة يهوذا وتامار الذي قال لها ( دعيني أدخل عليك ) في سفر التكوين، وفي حال أزلنا الاسمين ووضعنا بدلاً عنها محمدٌ و الجونيّة نقرأ ذات النص في البخاري مع فارق موافقة تامار مضاجعة يهوذا ورفض الجونيّة فعل ذلك مع الرسول، بطريقةٍ مسفّهةٍ لشخصه،يُسبُ فيها ويُلعن بعد وصفه بالسوقي من جاريةٍ دخل عليها في بيت أميمة بنت شراحيل!!؟، والغريب أن النص نقل نقلاً يوحي بوجود شخص ثالثٍ داخل الغرفة وهو ناقل النص الذي يأتي في آخر السند ( أبي أسيد)، في كتب الطلاق: ( ... خرجنا مع النبي حتى انطلقنا إلى حائط يقال له: الشوط ، حتى انتهينا إلى حائطين، فجلسنا بينهما، فقال النبي: ( اجلسوا ها هنا )، ودخل، وقد أتي بالجونية، فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ، ومعها دايتها حاضنة لها ، فلما دخل عليها النبي قال : ( هبي نفسك لي ) ، قالت : وهل تهب الملكة نفسها للسوقة ؟ ، قال : فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن ، فقالت : أعوذ بالله منك ، فقال : (قد عدت معاذ ) ، ثم خرج علينا فقال : (يا أبا أسيد ، اكسها رازقيتين وألحقها بأهلها.(

 

وقد ذكر البخاري نفس القصّة بعدها مباشرةً و بدلاً من الجونيّة كانت أميمة بنت شراحيل هي المرأة المقصودة ، وعن أبي أسيد نفسه الذي روى القصّة الأولى ( و هو مجهولٌ ) : (  تزوج النبي أميمة بنت شراحيل ، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها ، فكأنها كرهت ذلك ، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين ) ، و لسنا نعرف هل تكرّرت القصة مرّتين ، أم أن الأمر اختلط على الرجل و لم يعد يعرف من تلك و من تلك ! ؟ ، ثم ما الفائدة المرجوّة من سرد هذه القصّة المشينة ، و ما شانها و شأن ( الطلاق ) الذي هو عنوان الكتاب ، و نلاحظ أن مثل هذه الحالة تتكرّر كثيراً في كتاب البخاري إذ يقوم بوضع أحاديث يقوم بتبويبها بعناوين لا تمت لها بصلة مهما حاول الفقيه أن يعلن عن عبقريّته بُعيد اكتشاف الرابط العجيب ! !؟ ، و هذا يتكرّر على سبيل المثال في باب بعنوان ( لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا ) ، في قصّةٍ قتل فيها رعاةٌ راعٍ آخر ، و الأمر واضح في حال صدّقنا القصة ، لكن ما شانها و شأن الردّة التي لم ينزل في القرآن نصٌّ يقول بوجود حدٍّ يخصّها لا بالصريح وبالتلميح ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ) النساء 137 ، ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) البقرة 256 ، ( فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ) الكهف 29 ، و هذا هو نص الحديث الغريب العجيب : ( ... قدم رهط من عكل على النبي ، كانوا في الصُّفَّة ، فاجتووا المدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، أبغنا رِسْلاً ، فقال : ( ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله ) ، فأتوها، فشربوا من ألبانها وأبوالها ، حتى صحُّوا وسمنوا وقتلوا الراعي واستاقوا الذود ، فأتى النبي الصريخ ، فبعث الطلب في آثارهم ، فما ترجَّل النهار حتى أتي بهم ، فأمر بمسامير فأحميت ، فكحلهم ، وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم ، ثم ألقوا في الحرة ، يستسقون فما سقوا حتى ماتوا ، قال أبو قلابة : سرقوا وقتلوا وحاربوا الله ورسوله ... ) ، الملاحظ هنا طريق القتل الساديّة بالتنكيل ، و التي ينئ الرسول عن فعلها ، كما أن خاتمة النص تقول أن الرعاة ( حاربوا الرسول ) وهذا ما لا نقراه هنا البتّة، فهم مجرّد لصوصٍ قتلوا راعياً !!؟، إنّها حقّاً أبشع صورةٍ من صور الخداع.

 

وعبر سلسلةٍ من القصص المملوءة بمشاعر الشبق و الإيحاءات الجنسيّة ، ينسب البخاري للرسول أفعال لا مجال لقبولها البتة ، فمن الطواف على تسع نساء كل ليلة ( الطوفان الجنسي )، و كأنّه يقول أن لا شغل للرسول سوى ممارسة الجنس وزوجاته بعد أن أعطاه الله قوة فحولة ( أربعين رجلاً ) ، لدرجة أنه ( كما يرد في حديث الإفك ) لا يستطيع أن يخرج حتّى للقتال إلا و معه إحدى خليلاته ! !؟ ، و صولاً الى نصوص مجحفةٍ في حق المرأة التي لم يستطع البخاري إلا أن يولج نظرته الضيّقة لإنسانيّتها قائلاً : أن الشؤم في ثلاثة المرأة و الدار و الفرس، وأن المرأة كما الكلب و الحمار يقطعون صلاة المسلم إذا مروا من أمامه تارةً أخرى ، و هو ما تنكره عائشة في ذات الكتاب في باب الصلاة الى السرير ، إذ تقول : (  أعدلتمونا بالكلب والحمار ؟ ) ، معلنةً أن هذا القول ليس قول الرسول عندما قالت : ( أعدلتمونا ) ، و هذا أيضاً في حال صدّقنا مرغمين صحّة هذا النص صحبة كل النصوص المتناقضة الأخرى مجتمعةً مرغمين ، لكن الكارثة هي عندما يخبرنا البخاري أن الرسول كان ( يباشر الحائض في أكثر من نص ، و يغتسل و إيّاها في إناءٍ واحدٍ ، و يقبّلها و كل هذا و هو صائم ! !؟ ) في قصّةٍ جنسيّة الفحوى ، يرد في باب قبلة الصائم :  ( .... عن زينب بنت أم سلمة ، عن أمها قالت  : بينما أنا مع رسول الله في الخميلة، إذ حضت ، فانسللت ، فأخذت ثياب حيضتي ، فقال : ( ما لك أنفست ) ، قلت : نعم ، فدخلت معه في الخميلة ، وكانت هي و رسول الله يغتسلان من إناء واحد ، وكان يقبلها و هو صائم ... ) ، و في حديثٍ آخر في باب مباشرة الحائض يرد : ( ... عن عائشة قالت :  كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد ، كلانا جنب ، و كان يأمرني فأتزر، فيباشرني و أنا حائض ، و كان يخرج رأسه إلي و هو معتكف ، فأغسله وأنا حائض ... )  في تناقضٍ صريحٍ للنص : ( فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ ) البقرة 222.

 

إنّنا نعيش عالماً مليئاً بالترّهات ، عالماً مليئاً بكل عناصر الخداع ، هذه العناصر التي يستنزفها الفقيه في خدمة رأس ماله الأسطوري ، عبر متراكمات كتب الفقه المليئة بالمتاعب الجمّة ، متاعب تؤلم رأس الإنسان المسلم، والذي يقف مكتوف الأيدي مذ فقد صوته و حقّه في الاختيار ، منحازاً ناحية الصمت أمام جبل متراكمات الإسلام التاريخي، هذا الجبل الذي لن يهوي بنيانه إلا بعد أن يخرس الفقهاء، هؤلاء الذين صدق قول الحق فيهم (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت 51.

اجمالي القراءات 28472