خلود النفس

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٣٠ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال : هل النفس البشرية خالدة ؟
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال   :

أولا :

1 ـ ( النفس ) فى القرآن الكريم هى ( الفؤاد ) و ( القلب ) و ( ذات الصدور ) .

2 ـ ( الخلود ) هو زمن لا نهائى ، ولكن يظلُّ زمنا مخلوقا لأن الذى خلقه هو الرحمن جل وعلا وهو فوق الزمن .

3 ـ النفس البشرية ـ بمفهوم الخلود ـ هى خالدة .

ثانيا :

 عن النفس قبل وجودنا المادى :

1 ـ  خلق الله جل وعلا الأنفس البشرية وصوّرها قبل خلق آدم وزوجه ، قال جل وعلا : (  وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) الأعراف ) .

2 ـ وأخذ عليهم العهد والميثاق ، وحذرهم من أن يأتوا يوم القيامة يتعللون بالغفلة أو متابعة ما وجدوا عليه آباءهم .   قال جل وعلا : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) الأعراف ).

3 ـ وهى الفطرة التى يمكن تغييرها بعبادة غير الله جل وعلا مع عبادته جل وعلا ، ولكن يستحيل تبديلها بإنكار الخالق جل وعلا . عن الفطرة قال جل جلاله : (  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30)  الروم ) .

3 ـ ومهما يبلغ كفر الانسان فإن نفسه عند الشّدّة ترجع الى فطرتها فيستغيث بالرحمن جل وعلا ـــ أكفر الناس ــ  وهو فرعون موسى الذى زعم الربوبية العليا عادت اليه فطرته فأعلن إسلامه فى الوقت الضائع . قال جل وعلا : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس )

  عن النفس فى وجودنا المادى من آدم الى قيام الساعة :

1 ـ كل نفس محدد لها الزمن الذى تلتحم فيه بالجنين الخاص بها ، ومحدد لها الوقت الذى ستخرج فيه طفلا  . قال جل وعلا : ( أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)   المرسلات ).

2 ـ ويحمل الطفل صورة نفسه المحددة سلفا ، وتطورها . قال جل وعلا : (  هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)  آل عمران ).

3 ــ وبمرور كل ثانية أو دقيقة من عُمر النفس فى جسدها يتم تسجيلها فى كتاب أعماله ، أى لكل نفس وعاءان : وعاء العمر ووعاء كتاب عملها ، وكل ثانية أو دقيقة تنزلق من وعاء العمر لتنزل الى وعاء كتاب العمل . وعندما يصل العمر الى نهايته أو توفيته يكتمل وعاء كتابة عمل هذه النفس ، وهى ( الوفاة ). نرجو تدبر قوله الله جل وعلا : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر ) .

4 ـ بهذه الوفاة يكون موت النفس أى أن تنفصل عن جسدها الأرضى ليذوب فى الأرض بينما تعود النفس الى البرزخ الذى جاءت منه ــ والذى لا تشعر فيه بالزمن ـ  تعود اليه تحمل كتاب أعمالها الذى يسجّل كل شىء . ففى البرزخ توجد الأنفس الذى لم يأت موعد إلتحامها بالجنين ، والأنفس التى دخلت فى إختبار الدنيا ، وماتت وعادت للبرزخ الذى جاءت منه .

النفس فى الآخرة :

1 ـ وفى الآخرة سيتعرف الفرد على من عايشهم فى الدنيا ، أى ستكون أنفسهم بنفس الملامح التى كانت عليها فى الدنيا . قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس ) . وسيتذكرون حياتهم الدنيوية كأنها ساعة من نهار . قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45) يونس )

2 ـ وستأتى كل نفس يوم الحساب تدافع عن نفسها ، وستكون التوفية الأخيرة للعمل . قال جل وعلا : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل ).

3 ـ وبعده تدخل الأنفس إمّا الى خلود فى الجنة أو خلود فى النار .

أخيرا :

 بإيجاز : الأنفس خالدة ؛ كانت قبل الدنيا ، ثم فى الدنيا ، ثم ستكون خالدة فى الآخرة . 

اجمالي القراءات 612