هذه آخر ندوة في فترة إدارتي للرواق والتي بدأت أول يناير 2010 وانتهت آخر يونية الحالي حيث أننا نقوم بتغيير مدير الرواق كل ستة أشهر ، ولأن الثلاثاء القادم ستكون الاحتفالية السنوية بإعادة افتتاح مركز ابن خلدون وجاءت الندوة على النحو التالي :
احمد شعبان
هذا هو لقاؤنا الأخير مع سلسلة ندوات تمحورت برؤى للإصلاح
قدمنا من خلالها 19 ندوة كل منها قدمت رؤية إصلاحية من وجهة نظر مقدمها .
ثم عرجنا بسلسلة موائد مستديرة إلى الأسس التي قامت عليها الحضا&Ntil;ارة الغربية المعاشة .
ومن اللافت للنظر أن وجدنا كل مقومات الإصلاح الموجودة في كافة الرؤى والأسس تصطدم بالشأن الإسلامي التراثي .
لذا كان حري بنا أن نبحث هذا الشأن الإسلامي من خلال مصدره الأساسي " القرآن الكريم " متعاملين معه بالمناهج العلمية المتعارف عليها .
فكانت هذه المائدة المستديرة لعرض هذا المنهج والتي تشرف بأن يدير حوارها الأستاذ الدكتور / عبد الله شلبي ، فليتفضل مشكورا .
الدكتور / عبد الله شلبي
أتقدم بالشكر لدعوتي لتنظيم هذا اللقاء ، في الحقيقة يوجد نوع من الحيوانات مع احترامي لحضراتكم نسميها الحيوانات المجترة ، تخزن الطعام ثم تعيده ثانية لتمضغه ، ويبدوا لي أننا كعرب من هذا النوع ، أننا كائنات مجترة .
أتصور إذا ما رجعنا مئة سنة الوراء بالنسبة لجماعات المثقفين أو المعنيين بالشأن العام سنجدهم يتحدثون في الموضوعات التي نتحدث فيها اليوم ، وإذا ما رجعنا مأتي سنة أي في نهايات القرن ال 18 وهو بداية الاصطدام مع الحضارة الغربية الحديثة التي وفدت مع الحملة الفرنسية والقضايا والإشكاليات التي أثارها هذا الاصطدام سنجدها نفس القضايا التي أثيرت والتي دعي إليها العزيز احمد شعبان ، أو القضايا التي تحدث فيها السادة الذين جاؤوا إلى هذا السيمينار وتحدثوا فيه ، وما أراه يجعلني أرى أن الزمن العربي راكد إلى حد كبير ، وموجودين داخل دائرة نجتر نفس القضايا ونفس الاشكاليات ، والثمه الأساسية هي غياب الحسم في هذه القضايا الجوهرية التي دائما ما نعكف على إثارتنا والجدل والنقاش حولها وكأننا نراوح مكاننا ولا نتحرك إلى الأمام إلى المستقبل وكأننا مثل ما جاء بالمسرحية الكومودية لمحمد صبحي في شخصية عم أيوب حينما قالت له الممثلة ما تيجي يا عم أيوب فقال لها مانا جاي أهوه وهو واقف مكانه لا يتحرك ويقول لها أنني أمشي أولا داخل الحذاء .
لذا لا أرى أننا لا نراوح مكاننا وما يحدث هو تنمية للتخلف الذي لم نستطع أن نحسم أمرنا منه منذ عصر النهضة مع قدوم الحملة الفرنسية في نهاية القرن ال18 وبداية ال 19
اليوم الأستاذ احمد شعبان يقدم نفسه كباحث ومفكر إسلامي مهموم بشئون دينه وبشئون وطنه ويقول أنه صاحب رؤية خاصة وهذه الرؤية تنطوي على كثير من النقد للمشروعات الفكرية التي تدعوا إلى النهضة على أسس إسلامية ودائما يوجه النقد لأصحاب المشروعات الفكرية بأسمائها المعروفة في حياتنا الثقافية على مستوى مصر والعالم العربي أيضا .
واليوم سنستمع إلى رؤيته وهو يرفض تعبير الإصلاح الديني في ضوء الحوارات الممتدة بيننا ويقول أن الدين ليس في حاجة إلى إصلاح إنما الذي في حاجة إلى إصلاح هو الفكر الديني .
لا أريد الإطالة عليكم وسأمنح الأستاذ احمد شعبان بحكم السلطة المخولة لى لإدارة الجلسة : نصف ساعة بالضبط وبعده سيكون لي تعقيب لمدة عشر دقائق ثم نفتح باب النقاش ثم نعطي الأستاذ احمد المداخلة الأخيرة للرد على التعقيبات ، تفضل أستاذ / احمد
احمد شعبان
إصلاح الفكر الإسلامي
هل هذا التعبير يعني وجود فساد في الفكر الإسلامي ؟ .
الإجابة : نعم
والتردي الذي نعيشه طوال تاريخنا دليلنا على هذا الفساد .
وأين نجد هذا الفساد تحديدا ؟
نجده في " استقرار/ ثبات " النتائج المتعارضة والمتناقضة في التفاسير ، والتي أدت إلى قتل المسلم لأخيه المسلم لمجرد أنه يخالفه في الطائفة أو المذهب أو الفرقة .
وما السبب في خروج هذه النتائج المتناقضة والمتعارضة ؟ .
فساد المناهج هو الذي أخرج التناقض في النتائج .
وما العمل للخروج من هذا المأزق ؟ .
وجوب التعامل بالمناهج العلمية الصارمة مع النص الديني الأساسي " القرآن الكريم " .
والهدف : إيجاد قاعدة " منهج لا يختلف عليه عاقل " للتعامل مع القرآن الكريم يحقق وحدة المسلمين .
والسؤال الهام : هل ستنجح هذه المحاولة ؟ .
المعول على نجاح هذه الفكرة هو مناقشتها بجدية ، وأن تتوافق مع طموحات كافة التيارات الفكرية ، ثم العمل للوصول إلى قبول اجتماعي لها .
في مثل هذه الأيام من سبع سنوات كانت الاحتفالية الأولى بإعادة افتتاح مركز ابن خلدون ، قدم لنا فيها كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة رؤية التاريخ لإصلاح أحوالنا قائلا :
التاريخ يخبرنا بأنه في بعض الأحيان يمكن فقط للرؤى الراديكالية جدا أن تتخطى العقبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وأفاد أيضا :
بأنه قد آن الأوان للمنطقة العربية أن تمتلك مثل هذه الرؤية ، بل ووعد :
بأن الأمم المتحدة ستظل شريكا لصيقا لتحقيق هذه الرؤية .
والرؤية الراديكالية حسب ما جاء بالقواميس تعني الجذرية / الأصلية / الفطرية / الثورية .
وقد رأيت أن ما أقدمه للحضور الكريم من منهج يتمتع بتلك الصفات ، لأن منطلقه ديني وبالتالي فهو جذري وأصلي وفطري وثوري على الأخطاء التي نعيشها .
بداية القصة
اكتشاف عن طريق ملاحظة بوجود تطابق غاية في الدقة بين وصف آية قرآنية كريمة ووصف أجهزة ما يعرف بأشعة الليزر .
ومن المفيد أن أشرح لحضرتكم كيف رأيت هذا التطابق .
فقد قرأت في نهاية عام 1978 كتاب بعنوان قصة الليزر تعرفت من خلاله على أجهزة الليزر ونظرية العمل التركيبية لهذه الأجهزة ، وبعد فترة قصيرة حين كنت استمع إلى المصحف المرتل وكان الترتيل للآية 35 من سورة النور وكنت استمع إليها حينئذ وكأنها تصف جهاز من تلك الأجهزة التي قرأت عنها بالكتاب المذكور بألفاظها السلسة والتي لا يوجد أدنى التباس في معناها .
فتوقفت مندهشا ومتعجبا أكاد لا أصدق لحوالي الشهرين ، وفي أثناء وفيما بعد ذلك كنت أحاول التحقق من كافة المصادر والتي منها بالطبع كتب التفسير فوجدتها جميعا تبتعد عن معنى ألفاظ الآية التي لا نعرف غيرها لعجز التصور وتأخذ بالتأويل والمجاز الذي أبعدها عن الرؤية لمثل هذا الاكتشاف - وهنا يجب أن ألفت النظر إلى منهج ابن رشد " التأويل والمجاز " - .
وفي أثناء تلك الفترة نوه الدكتور ذكي نجيب محمود في أحد مقالاته بالأهرام عن أهم مبادئ ارسطو والذي هو تحديد معاني الألفاظ بدقة بحيث يكون للفظ الواحد في جميع السياقات معنى واحد مهما تعددت دلالات هذا اللفظ أو ذاك ، وقال ذكي نجيب محمود عن ذلك بأنه صعب التنفيذ لذا يتم إهماله .
وكنت قبلا قد تحديت هذه الصعوبة دون أن أدري أثناء بحثي مع آية النور وأشعة الليزر باعتمادي هذا الفرض واختباره أمام الألفاظ القرآنية فقط محاولا تكذيبه لكنه صمد .
وهكذا كانت الركيزة الأساسية للمنهج .
وباستخدام هذا المنهج توصلت " لموضوع الاختلاف " والذي يعتبر قاعدة البناء ، وقد نشرت هذه الرؤية في ربيع 2002 بمجلة الديمقراطية ردا على د حسن حنفي أي قبل ما يقدم كوفي عنان تهنئته للمركز .
وهذا المنهج العلمي يقوم على فرض يتم تجريبه ومشاهدة نتيجة هذا التجريب ثم الوصول إلى الاستنتاجات .
وهذا ما فعلته مع كامل القرآن الكريم بالنسبة لقضية الاختلاف ، فتوصلت بما لا يدع مجال للشك أن الفرقة والاختلاف تساوي بل هي كفر ، وعليه كان وجوبا على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها القضاء على هذه الآفة " الاختلاف " فيما بيننا .
والذي يعني ثبات التباين " الساكن " ، أما التباين المتحرك الساعي للتكامل فهو ظاهرة صحية يجب العمل على اتساعها للاستفادة منها .
أي أن المشكلة في الجمود الفكري .
وعليه يمكن أن نعتبر المحاور التالية أعمدة البناء لهذا المنهج :
1 – تحديد معاني ألفاظ القرآن الكريم بدقة ، وذلك بتجميع كل الآيات القرآنية التي ورد بها اللفظ المراد معرفة معناه .
والقيام بوضع فرض بالمعنى المحتمل ومحاولة تجريبه مع كامل النصوص التي ورد بها فإن استقام المعنى مع كامل السياقات اعتبر هذا المعنى صحيحا ، أما إذا حاد المعنى أو شذ ولو في آية واحدة مهما كانت كثرة السياقات الوارد بها اعتبر هذا المعنى غير صحيحا وتعاد محاولة وضع افتراضات أخرى حتى نصل إلى المعنى الذي يتماشى مع جميع السياقات .
2 – تحديد الموضوعات بتجميع الآيات الوارد بها الموضوع مثار البحث ، على اعتبار أن كل آية تحدد وجها من الموضوع ، وبتجميع كافة الأوجه تكتمل كافة جوانب الموضوع مثل المنظور الهندسي .
3 – الدين يأمرنا بالعرف فيجب مراعاة الأعراف وعنصري الزمان والمكان والخصوصية وملابسات الأحداث .
ويجدر في هذا المجال أن أنوه على أن من يتصدى للتعامل القرآن يجب أن يتمتع بأربعة قدرات وهى التجريد ، التفكير المنظم ، التجريب ، التعاون .
وسنوالي حضراتكم بالتعقيبات والرد عليها في المقالة القادمة بإذن الله .