ثلاثة أسئلة

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٠٥ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
سؤال من أخى الاستاذ أمين رفعت : ( استاذي الحبيب الدكتور منصور/ وردتني ثلاث اسئلة: 1. بخصوص تقسيم القرآن لأحزاب وأجزاء من قام بهذا التقسيم ومتى ولماذا لأنه من الواضح أن من قام به لا يفقه اللغة العربية حيث يقطع سياق الآيات في أكثر من موضع؟. 2. بخصوص أحكام تلاوة القرآن المتداولة مثل الغنة والقلقلة والوصل والإدغام وغيرها كيف وصلت لنا وما حكمها القراني؟ 3. في سورة النمل :قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ. ما هو هذا الكتاب وأين هو الآن؟ بارك الله جل وعلا فيك وشفاك وعافاك وزاد في علمك وعمرك وحفظكم من كل سوء. أخوك المحب أمين رفعت )
آحمد صبحي منصور

الاجابة :

شكرا أخى الحبيب استاذ أمين رفعت ، وجزاك الله جل وعلا خيرا على جهادك معنا فى سبيله جل وعلا ، وأقول :

أولا :

1ـ رسول الله محمد عليه السلام هو الذى كتب القرآن الكريم بنفسه ، وعاونه بعض أصحابة فى نسخ نسخ منه . فى الكفر الذى تسيد العصر العباسى ـ فى إتّخاذهم القرآن مهجورا ـ إخترعوا ودونوا الحديث والتفسير والقراءات وما يعرف ب ( التجويد ) وأحكام القراءة بزعمهم .

2 ـ فى العصر المملوكى إخترعوا التغنى بالقرآن أو الانشاد القرآنى وتكوين فرق غنائية موسيقية ، أو بتعبير الغص وقتها : ( جوق )، وكان هذا تبعا للدين الصوفى الذى تسيد المجتمع وقتها .

3 ـ أنشأ السلاطين والأمراء وكبار الموظفين ـ من المال السُّحت ـ مؤسّسات للتصوف والتعليم ، عرضنا لها بالتفصيل فى كتاب لنا عن أثر التصوف الاجتماعى والثقافى والمعمارى . كانت من المقررات الدراسية القراءات والتجويد ، وكانت قراءة القرآن من أنشطتها ، صحيح إنهم فى نسخ المصاحف إلتزموا بالكتابة القرآنية الفريدة ـ وقد تأكدت من هذا بنفسى أثناء تعاملى مع مخطوطات العصر المملوكى ، ولكنهم قاموا بتقسم المصاحف الى أجزاء لتسهيل الحفظ والتعلم ، خصوصا فى ( السبيل ) أو الكتاتيب الملحقة ببعض المؤسسات الصوفية لتعليم الأطفال ، وخصوصا الأيتام . وكانوا يسمونها ب ( الربعات الشريفة ) . وفى كل ( ربعة ) جرى تقسيم داخلى لأجزاء وأحزاب .

4 ـ حين جىء بالمطبعة الأميرية تم طبع نُسخ القرآن الكريم بهذا التقسيم الداخلى .

ثانيا :

فى سلسلة مقالات عن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم خصصنا مقالا عن داود وسليمان . وهذا هو الرابط :

https://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=2542

ومع هذا نقول بإختصار :

1 ـ فى فجر البشرية حيث كان يأجوج ومأجوج متحكمين فى الأرض وخطرا على البشرية ـ الضعيفة القليلة وقتها ـ  أرسل الله جل وعلا رسولا هو ذو القرنين ، وزوده بقدرات إستثنائية تمكن بها من حجز يأجوج ومأجوج فى باطن الأرض ، وبنى فوقهم سدّأ أو ردما . وهم لا يزالون فى موقعهم هذا الى أن تقترب الساعة فيخرجون الى سطح الأرض ويختلطون بالناس . ولنا مقالات فى هذا الموضوع . جاء الحديث عنهم فى سورتى الكهف والأنبياء . يهمنا فى الموضوع قول ذى القرنين ( آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96) الكهف ). ( زبر الحديد ) أى كتاب الحديد ، أى كتاب علمى ، وليس كتاب وحى مكتوب .

2 ـ نفس الحال مع داود عليه السلام . تميّز عمّن سبقه من الأنبياء بكتاب علمى ( تكنولوجى ) هو الزبور ، نتدبر قول الله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً (163) النساء ).

3 ـ كان هذا ضمن آيات ( معجزات) أخرى ، منها ما جاء فى قوله جل وعلا : (  وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20) ص ).

4 ـ تولى بعده إبنه سليمان الذى ورثه ، وورث منه هذه العلوم . نرجو تدبر قوله جل وعلا :

4 / 1 : ( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)  الأنبياء )

4 / 2 : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) النمل )

 4 / 3 وتمضى القصة القرآنية الى طلب سليمان نقل عرش ملكة سبأ . ( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) النمل ).

5 ـ المفهوم أن سليمان طلب إحضار عرش ملكة سبأ ، وعرض عفريت من الجن إحضاره فى أثناء الجلسة ، ولكن الذى عنده (علم من الكتاب ) أى كتاب الزبور قال إنه يمكنه بأسرع من سُرعة الضوء ( قبل أن يرتد اليه طرفه ، أى نظره ). وفعلا إستطاع فى أسرع من لمح البصر تحييد الجاذبية وإستحضاره الى المكان .

6 ـ هذا مبلغ علمنا ، وفوق كل ذى علم عليم . 

اجمالي القراءات 634