د.الشافعي بشير يكتب من نيويورك: جمال مبارك رئيساً.. أو لبن العصفور!

في الخميس ٢٠ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

د.الشافعي بشير يكتب من نيويورك: جمال مبارك رئيساً.. أو لبن العصفور!

طباعة ارسال لصديق


 

 

شاهدنا لقاء الرئيس مبارك مع الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما.. واستمعنا لجميع كلمات الرئيس لوسائل الإعلام العالمية حول برنامج الإصلاح الذي ركز عليه الرئيس مبارك بقوله: إنه تعهد في برنامج انتخابه عام 2005 بأن يجري إصلاحاً داخلياً بتعديل العديد من نصوص الدستور ومازالت أمامه سنتان لاستكمال الإصلاح.

وصحيح أن الرئيس مبارك عدّل الكثير من نصوص الدستور، لكنها تعديلات لا تصب في مصلحة الشعب وإنما تتجه مباشرة لتأكيد توريث رئاسة الجمهورية لشخص معين لا ينافسه فيها شخص آخر كما خطط علي الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية بألا يقدر عليها إلا جمال مبارك.. فالذي يقدم طلب ترشيحه لرئاسة الجمهورية يجب أن يحصل مقدماً علي موافقة 250 عضواً علي الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب ومجلس الشوري والمجالس الشعبية المحلية بأربع عشرة محافظة.. فمن يستطيع أن يفعل ذلك إلا جمال مبارك؟
 

 

ونصت المادة 76 العجيبة علي تشكيل لجنة انتخاب رئيس الجمهورية علي مقاس الحزب الوطني الحاكم، إذ يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا الذي عينه رئيس الحزب الوطني علي خلاف كل التقاليد القضائية، فقد عين المستشار مرعي لرئاسة تلك المحكمة رغم أنه لم يجلس يوماً علي كرسي مستشاريها، ثم رقاه الرئيس وزيراً للعدل، وعين خلفاً له النائب العام السابق ولم يكن له أي تاريخ في المحكمة الدستورية العليا، وعندما خرج علي المعاش، وقدم مستشارو المحكمة الدستورية رجاء للرئيس بأن يختار رئيس المحكمة الدستورية من بين مستشاريها ضرب الرئيس مبارك عرض الحائط بذلك الرجاء وعين مستشاراً أدني درجة من نواب رئيس المحكمة الدستورية حتي يكون هو بالذات رئيس لجنة انتخاب رئيس الجمهورية القادم ويدير دفة الترشيحات والانتخابات نحو شراع سفينة ابن الرئيس جمال مبارك.. إذ لا يستطيع أي مواطن أن يرشح نفسه لانتخاب رئيس الجمهورية، وإنما يقدم طلباً للجنة المذكورة التي تتكون من عشرة أعضاء يهيمن عليهم الحزب الوطني الذي يرشح خمسة منهم يختارهم مجلسا الشعب والشوري، والذي يُعد تلك الترشيحات هو مكتب رئيس مجلس الشعب ومكتب رئيس مجلس الشوري.. أي أن اللجنة تصبح مثل لجنة الأحزاب السياسية، أحد فروع الحزب الوطني برئاسة الرئيس مبارك.. فمن في مصر بطولها وعرضها يستطيع أن ينال موافقة تلك اللجنة علي قبول ترشيحه غير جمال مبارك؟!

وأرجو ألا يرد أحد بالقول بأن المادة 76 من الدستور تفسح للأحزاب السياسية بأن تقدم مرشحاً لانتخاب رئيس الجمهورية منافساً لجمال مبارك، فالكل يعرف ما جري في آخر انتخابات لرئاسة الجمهورية عام 2005، فقد رأينا رئيس حزب يرشح نفسه ويقول مقدماً إنه سوف يعطي صوته للرئيس مبارك ورأينا رئيس حزب الغد الدكتور أيمن نور يتشجع ويرشح نفسه.. وكان ما كان مما يعرفه الجميع حتي يكون عبرة لغيره.. وحتي يحكم ترزية الدستور قبضة الحزب الوطني علي الترشيحات والانتخابات الرئاسية فقد حصنوا لجان انتخابات الرئيس ضد كل طعن علي أعمالها وأعطوها سلطات واسعة كما لو كانت من زمن الحكم الإلهي المباشر.. وهو نظام ملكي قديم ولَّي وانتهي كما يظن فقهاء القانون والدستور، ولكن يطل علينا في مصر من خلال أعجب مادة دستورية في التاريخ.. فلقد أحصينا عدد كلمات المادة 76 من الدستور فوجدناها تزيد علي ستمائة كلمة لا نظير لها في أي دستور في العالم.

يضاف إليها العجب العجاب في باقي التعديلات الدستورية التي قال عنها الرئيس مبارك في واشنطن هذا الأسبوع بأن إجراءها للإصلاح في الداخل، فإذا بها أكبر معول لهدم كل إصلاح وصلاح في الحياة الدستورية والتشريعية المصرية، فقد مضت التعديلات الدستورية التي أدخلها الرئيس مبارك علي فتح الباب واسعاً لتزوير الانتخابات الرئاسية، إذ جلعت انتخاب الرئيس الجديد في يوم واحد فقط دون إشراف قضائي علي كل صندوق انتخابي، كما أمرت المحكمة الدستورية في حكم شهير لها حتي تضمن نزاهة الانتخابات التي لن تكون نزيهة بأي حال طالما أن لجنة انتخاب رئيس الجمهوير يرأسها شخص خارج كل المعايير القضائية التي وضعتها الأمم المتحدة عام 1994 تحت عنوان «الانتخابات الحرة النزيهة» ومعه عدد من الأعضاء من ترشيح واختيار الحزب التابع لرئيس الجمهورية والد المرشح المنتظر الذي صاحبه في رحلة هذا الأسبوع للولايات المتحدة الأمريكية لعل وعسي أن يجتاز البوابة الملكية الأمريكية إلي انتخابات رئاسة الجمهورية المصرية القادمة بعد أن تهيأت له كل أسباب اجتياح بوابة خارطة الطريق الثالث بعد أن انتهي الطريق الأول بالموت وانتهي الطريق الثاني بالاغتيال، فابتدع المبتدعون طريقاً ثالثاً لأبدية الحكم الرئاسي عن طريق التوريث.

فهل يصل هذا الطريق لمبتغاه؟، هذا في علم الله سبحانه وتعالي، وما علي الرافضين للتوريث إلا أن يختموا صلاتهم بالآية الكريمة «والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون» صدق الله العظيم

 

 

اجمالي القراءات 1525