سؤالان

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول : كيف يقول موسى لقومه ( فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) 54) البقرة ؟ هذا أمر لهم بالانتحار الجماعى. انا فقط أريد أن أفهم . السؤال الثانى : أنت ذكرت في بحثك عن الاسناد أن العقل والتعقل هو سبب نزول القران الكريم وضح لنا ذلك؟ وما الفرق بين 1/ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ من سورة يوسف- آية (2) 2/ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ من سورة الزخرف- آية (3) .
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال الأول :

سبق لنا مقال منشور هنا فى تحليل شخصية موسى عليه السلام ومكانته . وفيه أن موسى بسبب نشأته فى قصر الفرعون وإنتمائه لبنى إسرائيل الذين يضطهدهم الفرعون ـ كان يعيش فى خوف دائم ، ويتوقع الخطر لذا كان يندفع دفاعا أو غضبا . وجئنا بأدلة كثيرة ، منها غضبه على قومه وأخيه هارون ، بعد رجوعه من ميقات ربه فى جبل الطور لأنهم عبدوا العجل . نسينا أن نستشهد بقوله جل وعلا : ( وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) البقرة ). قوله لهم ( فاقتلوا أنفسكم ) يدخل ضمن تسرّعه فى الغضب . وفى كل الأحوال فليس ما يذكره رب العزة فى القصص القرآنى يكون تشريعا ، وإلا كانت مقالات فرعون تشريعات .

إجابة السؤال الثانى :

 1 ـ ليس فى القرآن كلمة ( عقل ) ولكن فيه ( تعقلون / يعقلون ) أى إستعمال العقل . العقل غير الذكاء . هناك نصّاب شديد الذكاء ، ولكنه ليس عاقلا مهتديا . هناك تاجر شديد الذكاء ويعرف كيف ينفق ماله وكيف يستثمره ، ولكنه يفقد عقله حين يضع أمواله فى صندوق التبرع لمحتالين بالدين أو فى قبر مقدس . هناك عبقرى فى الذرة والكيمياء والأفلاك السماوية ، ولكنه فاقد لعقله إذ يتحدث عن الطبيعة ناسيا خالق الطبيعة ، وقد يتبرك بتمثال للعذراء .

( تعقلون ، يعقلون ) تعنى الهداية ، وأولو التعقل هم أولو الألباب ، ومن صفاتهم التفكر ، قال جل وعلا : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)آل عمران ) .

ونقيض التعقل هو إتّباع الهوى ، ومن يتبع الهوى فهو أضل سبيلا من الأنعام . قال جل وعلا : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44)  الفرقان ). ولهذا نزل القرآن الكريم لنا لنهتدى أى لنتعقل ونتفكر ونتفقه ونتبصّر ونتذكر، وكلها مرادفات وبمعنى واحد .

2 ـ فى سورة يوسف أنزل الله جل وعلا قرآنا عربيا لعلنا نتعقل ونهتدى . فى سورة الزخرف جعله الله جل وعلا قرآنا عربيا لعلنا نتعقل ونهتدى . خصوصية كلمة ( جعلناه ) نفهمها من سياق الآيات يقول جل وعلا : ( حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) ). ( أم الكتاب ) الذى هو لدى الله جل وعلا هو الأصل الذى جاءت منه كل الرسالات الالهية ، من رسالة نوح الى القرآن الكريم ، وكل رسالة تنزل باللسان الذى يتحدث بها الرسول . قال جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) (4)  ابراهيم ). الرسالة الخاتمة هى النهائية ، وموقعها فى ( أم الكتاب ) موقع علىُّ حكيم ، وقد ( جعلها ) الله جل وعلا باللسان العربى المبين . ونتذكر قوله جل وعلا عن القرآن الكريم : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) فصلت ). لم يشأ الله جل وعلا أن ( يجعله ) أعجميا ، بل جعله عربيا ، وقال للعرب:( لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (10) الأنبياء ). كانوا أُمّة أُمّية لم يأتهم كتاب فبعث الله جل وعلا رسولا منهم : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2) الجمعة ) . كانوا على هامش العالم ولا يأبه بهم أحد وقتها ، فنزل القرآن الكريم وفيه ذكرهم لعلهم يعقلون . فكذّب به أغلبهم . قال جل وعلا : ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) الأنعام )

اجمالي القراءات 628