يموت الإنسان ولا يموت فعله
يموت الإنسان ولا يموت فعله

رمضان عبد الرحمن في الخميس ٠٣ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

يموت الإنسان ولا يموت فعله

 

ليس تقليل من دور الدين وليس تقليل من دور علماء الدين المخلصين الذين يسعون إلى أصلاح المجتمع من داخل الدين نفسه، هذا أمر يجب أن نشكر كل إنسان يسعى إليه، ولكن حين  يصبح المجتمع لا يستجيب إلى الإصلاح الديني وأصبح الدين عند الأغلبية عبارة عن شعار أو يتخذ البعض من الناس الدين لكي يربحون منه، أو أن السطحية تكون هي المسيطرة على تدين الناس، هنا يفقد الكثير من الناس حقوقهم ويصبح المجتمع هش وغير قابل للتقدم بخداع بعضهم البعض باسم الدين، وطالما أن المجتمع أصبح يفعل عكس ما يحض عليه الدين من عدل ومحافظة على حقوق الآخرين، ولكن يبدو أن عدم ظلم الناس والحفاظ على حقوقهم أصبح أمر لا وجود له إلا في الكتب فقط، وما يحدث على أرض الوقع أكبر دليل، ذلك بفعل كل ما يخالف أي دين من ظلم وتميز ومحسوبية ضد النسبة الأكبر في الدولة، هنا لا بد أن نتوقف قليلا ونبحث عن استراتيجية جديدة تقف بجانب، الدين الذي يمارس عند الكثير من الناس كوظيفة أو تأدية حركات.

وقد يقول قائل هل أنت تعلم ما في قلوب الناس؟!.. أنا لا أعلم ما في قلوب الناس ولكن أقول حين يصبح المجتمع قائم على الظلم وينتشر في المجتمع الفقر والفرق في الطبقات بين الناس بهذا الشكل هذا أمر لا يحتاج إلى العلم بما في قلوب الناس، وما في قلوب الناس الواقع يشرحه ولا يحتاج إلى شرح من أحد، وهذا لا يعني أن نقلل من دور الدين، أو يتوقف دعاة الإصلاح الديني في المجتمع، ربما ينصلح حالهم وأشك أن ينصلح حالهم وأكبر دليل علي ذلك أن أغلبية الناس تتعامل مع الدين تحصيل حاصل، ونحن هنا لسنا أوصياء على أحد وسواء إن صلحت الناس أم لا هذا أمر يخص كل إنسان ولكن كيف يأخذ كل مصري حقوقه مثل غيره؟!.. هذا ما نسعى من أجله، سواء أكان يعبد الله أم يعبد حجر لا شأن لنا بهذا، المهم أن يعلم كل مصري يولد على أرض مصر ويحمل الجنسية المصرية أن له حقوق وعليه واجبات، ونتوقف هنا لنعلم من الذي يؤدي الواجبات تجاه الوطن؟!.. سوف نجد الذين يؤدون كل ما عليهم دون تردد يخدمون في الجيش والشرطة في مصر هم الجنود الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية   والفلاحين والعمال الذين يعملون في المصانع والمزارع، أي بمعني أوضح الفقراء هم الذين يؤدون الواجبات تجاه الوطن ومع الأسف لا يأخذون حقوقهم.

وعلى النقيض تجد من يأخذون حقوقهم في كل شيء ويميزون أنفسهم في كل شيء والواجب الوحيد الذين يقوم به هؤلاء تجاه الوطن هو أكل حقوق من يقومون بتأدية الواجب الفعليين، كيف ولماذا يأكلون حقوق الضعفاء؟!.. لا نعلم، وما لا يعلمه الساسة في مصر أن نظرية حكم الشعب عن طريق التجويع والترويع هذه نظرية فاشلة ومن الممكن وفي أي لحظه يحدث انفجار بسبب الجوع وليس بسبب آخر غير الجوع، أي إذا اخذ الشعب حقوقه أو شيء من هذه الحقوق لن يفكر في السياسة ولا في غير السياسة وسوف ينشغل الشعب كيف يتمتع بالحياة ولن يكون هناك انتقادات تذكر للنظام الحاكم في البلاد، بل أن الشعب سوف يساند هذا النظام بالصدق وليس بالنفاق طالما أنهم يأخذون حقوقهم، ثم أنه من العار على كل مسؤول في الدولة كبير كان أو صغير ويقبل على نفسه أن يشترك في حكم دولة مثل مصر، أغلب سكانها يستحقون الصدقة، مصر التي كان يأتي له الهاجع والناجع ومن كل مكان وكانت تأوي الغرباء  أصبح أهلها الآن يعيشون في هوان، والله لو أن هؤلاء الذين يحكمون في مصر الآن ويتسابقون على الحكم من جديد هم وغيرهم لو شعروا بفقراء مصر في يوم من الأيام لتسابقوا على الموت أفضل وأكرم وأشرف لهم من أن يتسابقوا على حكم شعب يعد من الأموات من الفقر والجوع والمرض وهم السبب في ذلك، وما لا يدركه المسؤولون والذين يتسابقون على السلطة أن الذكرى الحسنة أو السيئة لا تموت ولا يموت من فعل بالناس الخير أو الشر  فتتذكر الناس من قام بفعل الخير لديهم، وتترحم عليهم وتتذكر الناس أيضا الذين أمضوا حياتهم في فعل الشر في حق المجتمع واللعن عليهم، بل أن الأجيال تورث بعضها على لعن هؤلاء، أي يموت الإنسان ولا يموت فعله.

 

اجمالي القراءات 9758