من المقاصد الكلية في التشريع الإسلامي التيسير ورفع الحرج ، يقول تعالي " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر: 2/185"
ويقول تعالي " يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا 4/28"
ويقول تعالي " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج : 5/6"
ويقول تعالي " وما جعل عليكم في الدين من حرج:22/78"
وأغلب اجتهادات الفقهاء في المعاملات استفادت بذلك التوجيه السامي من رب العزة فاتجهت لليسر والسهولة وابتعدت عن الحرج والتعقيد ويتجلى ذلك في فسخ البيع .
فقبل أن يتم البيع هناك مرونة للبائع والمشتري تتيح لكليهما أن يرجع قبل انفاذ الصفقة ، وذلك ما يعرف في الفقه بالخيار..
والخيار هو حق الطرفين في إمضاء الصفقة أو إلغائها بعد كتابة العقد طالما ظلا في المجلس قبل أن يفترقا .
ومغزى التيسير هنا أنه قد يحدث أن يتسرع أحد الطرفين في الإيجاب والقبول ثم يبدو له الخطأ وأن مصلحته تقتضي الرجوع في الصفقة وهنا له الحق في الخيار " خيار المجلس " وقد يشترط علي أن له الخيار مدة معلومة يشاور فيها نفسه ، وذلك خيار الشرط.
والمهم أن باب الخيار نوع من أنواع التيسير ورفع الحرج عن كاهل طرفي العقد .. بعد إمضاء العقد وتوقيعه .
فإذا نفذ البيع وأصبح العقد لازما للطرفين وقام كل منهما بما اشتري وبما باع فهناك فرصة أخري لكل منهما إذا رأي أن مصلحته تتعارض مع تلك الصفقة وهنا تأتي له رخصة الإقالة أو فسخ البيع .
فقد يحدث أن تشتري شيئا ثم يظهر لك أنك غير محتاج له ويمكن أن تبيع شيئا ثم تكتشف أنك محتاج له وفي الحالين لك الحق أن تطلب الإقالة أو فسخ العقد وحين يري الطرف الآخر يأخذ المشتري الثمن ويأخذ البائع السلعة والتراضي شرط أساسي في عقود المعاملات وتحقيق شرط التراضي لا يريح المتعاملين فقط ولكن يريح الفقهاء أيضا إذ تقل خلافاتهم الفقهية طالما تراضي المتعاملون فيها بينهم علي الفسخ وشروطه وآثاره الجانبية .
أما إذا حدث خلاف فإن المتاعب تنتقل منهم إلي الفقهاء الذين لم ينتظروا حدوث خلاف بين المتبايعين وسؤالهم للفتوى إذ أسرع الفقهاء فوضعوا الأحكام مسبقا لكثير من الحالات مما يدل علي ثراء عقلي واجتهاد واسع داخل في التفصيلات وأفاض فيها إلي درجة الاستقصاء ومن أمثلة ذلك الاجتهاد الأحكام الخاصة بتلف بعض المباع عند الفسخ ، والاختلاف بين المتبايعين عند الفسخ في زيادة الثمن أو نقصه ومتي يعتبر الفسخ بيعا أو شراء جديدا ومتي لا يكون وعلاقة الفسخ بالشفعة وتداخلها مع السلم .
واتسعت أبواب الفقه في المعاملات لتلك الأحكام وهي بلا شك زاد لباحثي القانون التجاري ومجتهدي التشريع المدنى في عصرنا .
ويمتد الفسخ من السلعة العادية إلي العقار والشركات المختلفة ..
ولا يخلو من فائدة كل المكتوب فى فقه المعاملات التجارية فى الفقه، المهم أن يتم إسناده الى القائلين به و ليس الى حديث نبوى بالكذب و البهتان ، فنسبته الى قائله من الفقهاء يجعله رايا بشريا وليس جزءا من الدين .
وبهذا المعيار نجد الكثير من الرؤى الفقهية الصائبة التى يمكن الاستفادة بها فى فقه المعاملات