اربعة أسئلة

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٨ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
سؤالان مرتبطان : السؤال الأول : ما معنى ( خلائف )؟ السؤال الثانى : مات بابا الله يرحمه وتركنا خمسة اولاد وبنات وانا اكبرهم وقامت امى برعايتنا وهى ممرضة فى مستشفى وكانت تستيقظ من الفجر تجهز لنا الافطار والغذاء وتطمئن على دخولنا المدرسة وتعود من عملها من المستشفى تشرف على مذاكرتنا . أمى هى الأم المثالية بحق وحقيق . هى حياتنا وإحنا حياتها . أنا الآن طالبة فى نهائى كلية الحقوق ، وأخواتى الأولاد والبنات فى الثانوى والاعدادى . ومشيت امورنا عادى وامنا فى وسطنا ، ثم أصابها المرض الخبيث فجأة . وبقى السؤال واحنا حول سريرها هنعمل ايه بعدها ؟ ومعقول مش حنشوفها بعد ما .. الموضوع صعب جدا علينا . المشكلة مش فى الفلوس ، إحنا حالتنا معقولة بس إزاى نعيش بعد ماما . ؟ السؤال الثالث : تزعم انك باحث تاريخى ولكنك تجرؤ على إنكار أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو يخطب على منبر رسول الله فى المدينة صاح ( يا سارية الجبل ) ، ينادى على ( سارية بن زنيم الكنانى ) الذى كان يقاتل الفرس على أبواب نهاوند عام 23 هجرية ، وسمعها سارية وهو هناك فاحتمى من جيش الفرس ، انتصر عليهم . كيف تنكر هذا يا حضرة الباحث التاريخى ؟ السؤال الرابع : ( نوم الظالم عبادة ) هل هذا حديث ؟
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤالين الأول والثانى :

1 ـ من يموت يا إبنتى لا يعود .

1 / 1 : يسرى هذا على الأمم والأقوام ، فنحن ( خلائف ) أى يخلف بعضنا بعضا . جعلنا الله جل وعلا أجيالا ، جيل يخلف جيلا من آدم ثم نوح ..وحتى الآن والى أخر الزمان .

قال جل وعلا :

1 / 1 / 1 : ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (95) الأنبياء ) ( 30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (31) يس  ) .

1 / 1 / 2 : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ )  (39)  فاطر )

1 / 1 / 3 :(  وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ ) (165) الانعام )

1 / 1 / 4 :( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) يونس )

1 / 1 / 5 :( فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) يونس  ).

1 / 2 : ويسرى على الأفراد . والدك مات ولن يرجع اليكم . وآباء والدك الى آدم ماتوا ولم ولن يرجعوا . كل فرد له فترة من الحياة الدنيا يعيشها ثم يموت بلا رجوع الى هذه الدنيا . هذه الحياة الدنيوية القصيرة قطار متحرك نحو الأمام ، لا يتوقف ولا يتمهل الى أن تقوم  الساعة بتدمير هذا الكون . كل منا يركب هذا القطار فى محطة الولادة ويغادره فى محطة الوفاة والموت .

2 ـ إحمدوا ربكم جل وعلا أن أنعم عليكم بهذه الأم المثالية ، وحاولوا التخفيف عنها وإسعادها فيما تبقّى لها من عمر ، ولا باس أن تتطلعوا لوجهها تنقشونه فى قلوبكم أثرا غير قابل للمحو . ولكن تذكروا أن الحياة تمضى الى الأمام ، وستستمر بكم بعدها ، كما ستستمر بذريتكم بعدكم .

3 ـ إن تقبُّل الموت ـ  القادم حتما والاستعداد له بالتقوى والعمل الصالح ـ ممّا يعين على مقاومة الآلام النفسية والأحزان البشرية .

إجابة السؤال الثالث :

1 ـ هذه القصة رواها الطبرى فى تاريخه ونقلها عنه من جاء بعده . وبخبرة نصف قرن فى البحث التاريخى أؤكد بطلانها . وهى تعبّر بصدق عمّا أشاعه السنيون من مناقب لعمر بن الخطاب ردّا على تكفير الشيعة له. أحاديث كثيرة فى أن كلام عمر يأتى الوحى موافقا له ، ومنها ما يرفعه فوق النبى نفسه . وهذه القصة الكسيحة تجعل عمر بن الخطاب يعلم الغيب ، ويصل بصوته من المدينة الى فارس ، ويرى من مكانه ـ وهو يخطب ـ أخطارا تحيق بقائد إسمه سارية بن زنيم ، فيناديه يحذره ، ويسمعه سارية فينجو ثم ينتصر. هذه الأكذوبة المخترعة فى القرن الثالث الهجرى كانت أرضية للكرامات أو المعجزات الصوفية التى إنتشرت وسادت فى القرون التالية ، وبها تم تخليد إسم سارية الى درجة أن جعلوا له قبرا مقدسا فى القاهرة المملوكية حمل إسم سارية الجبل، أى نسبوه للجبل وتناسوا إسمه : سارية بن زنيم . ( ملاحظة : ( زنيم ) جاء فى القرآن الكريم : (  عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)  القلم ) . والزنيم هو أبن الزنا اللئيم الشّرير .

2 ـ الذين يؤمنون بهذه الخرافات هم نوع من الأبقار البشرية الأنيقة فاقع لونها لا تسرُ الناظرين . أرجو ألّا تكون منهم .

 3 ـ دعنا نتندّر على هذه الرواية باختراع روايات من نفس النوع . منها أن سارية بعثه عمر بن الخطاب بجيش الى المكسيك فالتقى فى جبل فى البرازيل بجيش من الهنود الحمر ، وأحاطوا به ، ورآهم عمر بن الخطاب وهو فى سمرقند فبعث لهم بتيكسيت ماسيج : يا سارية الجبل ، وفى رواية أنه كلمهم بالموبايل ، ورواية أخرى أن سارية الجبل كان مضطجعا يشرب الشيشة فقرأ الايميل من عمر بن الخطاب فقال : طُظ فيك يا أمير المؤمنين ، واستمر يشرب الشيشة ..وأشياء أخرى .

4 ـ السخرية من هذا الإفك عمل مشروع .

إجابة السؤال الرابع :

1 ـ ( نوم الظالم عبادة  ) ليس من أحاديث السنيين . هو مثل شعبى مصرى نابع من كراهية عريقة وعميقة للظلم عمرها سبعون قرنا من الزمان .

2 ـ لا يمكن أن يكون النوم عبادة ، سواء كان النائم من الظالمين أم من المتقين .  

اجمالي القراءات 241